عاشق الكلمات
نزاري الحرف
الشاهد
![](https://arabfrst.com/xn/data/ThreadsStamp/1708669103-ThreadsStamp.gif)
في إحدى أحياء مدينة "ليفربول" الإنجليزية كان يقطن الدكتور "فريدريك توماسون". أو دكتور "توم" كما تعود أن ينادي . كان دكتور "توم" يعمل لدي شركة" فايتو سايت" لصناعة الأدوية بـ "لندن" حيث أنه كان حاصلا علي بكالوريوس الصيدلة من جامعة "فلوريدا" بالولايات المتحدة.
كل شئ كان يبدو طبيعيا جدا في هذا الحي فيما عدا منزل الدكتور "توم" الذي كان محاطا بعدد كبير من أفراد الأمن وكانت تقف أمام المنزل مباشرة سيارة سوداء أنيقة معلق عليها بادج"لجنة حماية الشهود".
لقد كان فعلا يوما مختلفا للغاية في حياة دكتور "توم"............
*********************
" توم انهض إنها السابعة صباحا " قالت "كارلا" وهي في طريقها لفتح نافذة الغرفة : "إنك لا تريد أن تتأخر علي عملك أليس كذ....ما هذا ؟!"
"ماذا يا "كارلا "؟" رد "توم" بصوت نعس قبل أن تفاجئه "كارلا" بجملتها" تعالي سريعا وألقي نظرة علي هذا".
انتفض" توم" من سريره واتجه بخطوات سريعة إلي النافذة ليفحص الأمر وما أن ألقي نظرة علي هذا المنظر حتى تنفس الصعداء ونظر إليها بابتسامة هادئة وهو يقول : "أهذا ما يزعجك,حبيبتي؟"
قطبت "كارلا"بين حاجبيها ونظرت إليه في دهشة بالغة قائلة : "ماذا ؟! إن الأمر يبدو طبيعيا جدا بالنسبة لك أليس كذلك؟ , "توم" بالله عليك أخبرني ماذا يحدث؟"
قال "توم" في هدوء :" كارلا" يا حبيبتي اهدئي قليلا وسوف أشرح لك كل شئ" .
أما الآن فاذهبي لكي توقظي "جولز" و"آمبر" كي نتناول الإفطار سويا. ثم غادر "توم" الغرفة تاركا وراءه "كارلا" التي لحقت به مسرعة وهي تصيح : " توم.....انتظر ....توووم......"
********************
في غرفة الطعام جلس كل من "توم" و"جولز" و"آمبر" في انتظار أن تفرغ "كارلا" من إعداد الطعام وما أن انتهت "كارلا" من وضع الطعام علي المائدة حتي نظرت إلي "توم" قائلة :" توم , هل ممكـ....."
قاطعها "توم" قائلا :" نعم يا عزيزتي سأشرح لك كل شئ الآن" ثم أمسك بجهاز التحكم والتفت إليها قائلا : "الآن سوف تشاهدين كل شئ....ها هي ذي قناة الأخبار "
"..............................و قد تم القبض علي كل من مدير و رئيس مجلس إدارة و صاحب شركة "فايتو سايت" بالإضافة إلي الدكتور "مارك بيوفرد" إثر بلاغ مقدم من الدكتور "فريدريك توماسون" والذي أكد فيه أن الشركة تقوم بإنتاج فيروس قاتل كما تنوي نشره بين المواطنين وذلك في محاولة رخيصة للربح عن طريق بيع أحد أدويتها الجديدة...... ومن أخبارنا أيضا ..........................................."
التفتت "كارلا" إلي "توم " قائلة : إذن سوف تكون شاهدا في هذه القضية بالتأكيد وبالتالي هؤلاء هنا لحمايتك أليس كذلك ؟
ردد "توم " :نعم لحمايتنا جميعا.
قالت "كارلا" متسائلة : ولكن ما السر في هذا الفيروس بالذات ؟! أليس هو مجرد فيروس عادي يمكن علاجه بواسطة أي مضاد حيوي مثلا؟
رد "توم" في اهتمام : لا يا عزيزتي ليس عادي أبدا فهذا الفيروس قد تم تخليقه في معامل الشركة ولا توجد أي فرصة للمصاب غير أن يشتري هذا الدواء و يتناوله في أقل من 20 ساعة وطبعا هذا الدواء لا يوجد إلا في شركة " فايتو سايت ".
قالت "كارلا" في دهشة : ولكن كيف علمت بكل هذه التفاصيل يا "توم" ؟
شرد "توم" عدة ثوان قبل أن يجيب "لأنه أنا من قمت باختراع هذا الفيروس"
تصلبت "كارلا" في مكانها وهي تحاول أن تستوعب ما سمعته للتو ثم رددت في قلق : إذن أنت لن تكون مجرد شاهد في هذه القضية بل....".
قاطعها "توم"بضحكة عالية قائلا : "حبيبتي أما تثقين بزوجك؟ إن الأمر كله حدث بالصدفة ".
رددت "كارلا" في غضب :" وكيف ذلك؟"
"حسنا , لقد كلفتني الشركة أنا وزميلي الدكتور "بيوفرد" بالعمل علي اكتشاف دواء جديد لإحدى الأمراض وفي طريقنا للبحث عن هذا الدواء قمنا باختراع فيروسا قاتلا وعندما علمت بذلك قمت بتدميره كلية حتي لا يحدث ما حدث"
قالت "كارلا" بشئ من السخرية : "عظيم , إذن من أين أتوا به مرة أخري؟"
أجاب "توم" :" من يستطع إجابتك علي هذا السؤال هو "بيوفرد" فبعد أن علمت الشركة بأمرنا أرسلت إلينا علي الفور ولأني كنت أعلم جيدا ما ينوونه فقد قمت بسرقة كل الأبحاث والأوراق واتجهت مباشرة إلي قسم الشرطة بينما وقع "بيوفرد" ضحية الإغراءات المادية التي عرضوها عليه وقام باختراع الفيروس والدواء مجددا بعد أن وعده صاحب الشركة بعدد كبير من الأسهم في حالة نجاحه في ذلك ".
قالت "كارلا" بعد أن خفت حدتها قليلا :" ومتي ستذهب للشهادة في هذه القضية ؟"
رد "توم" في بساطة :" بمجرد أن تتنهي من توضيب أغراضي يا عزيزتي"
صاحت "كارلا"في دهشة :" ماذا ؟هل ستذهب للمحاكمة اليوم ؟"
رد "توم" في هدوء: "لا المحاكمة بعد غد ولكني سأضطر للبقاء في لندن هذه الأيام لظروف أمنية حتي تنتهي المحاكمة ثم أعود بينما ستبقون أنتم هنا في حراسة دائمة حتي انتهاء القضية" ثم هدأ صوته أكثر وهو يحتضن "كارلا" بين ذراعيه قائلا " إنها أيام عصيبة يا حبيبتي وسوف تنتهي قريبا ونعود لحياتنا الهادئة مرة أخري"
تمتمت "كارلا" : أتمني ذلك يا حبيبي...
********************************
أخد دكتور "توم" حقائبه وانطلق إلي خارج المنزل متجها إلي السيارة السوداء التي كان سائقها بانتظاره وانطلقت السيارة ومن خلفها سيارة أخري والتي تضم طاقم الأمن في طريقهما إلي المطار حيث سيستقل الدكتور"توم" طائرته إلي "لندن".
نزل دكتور "توم" من السيارة وانطلق إلي داخل المطار ومن حوله خمسة من الرجال المكلفين بحمايته
وما أن دخل "توم" إلي ردهة المطار حتي راح يجوب المكان ببصره في توتر شديد مما أثار انتباه أحد أفراد الأمن والذي التفت إليه قائلا :" لا داع للقلق يا سيدي نحن هنا لحمايتك "
ردد "توم" في شرود : أكيد
ولم يتحرك "توم" بضع خطوات حتي لفت انتباهه سريعا رجل ممتلئ قليلا يتبعه باستمرار ويحمل في يده شنطة معدنية صغيرة .
بدأ"توم" يشعر بالقلق قليلا حيال ذلك الرجل و لكنه تجاهله ومضي في طريقه أو تظاهر بتجاهله لبعض الوقت إلي أن تأكد تماما أن هذا الرجل يتبعه بالتحديد . حينها بدأ "توم" يشعر بالرعب الشديد وبدأ فعلا يدرك مدي خطورة ما هو مقبل عليه
وصل التوتر بـ"توم" إلي ذروته من جراء مراقبة هذا الرجل المستمرة له فتوقف فجأة وراح يعمل عقله قليلا وغرق في تفكير عميق لعدة ثوان ثم التقط هاتفه فجأة وراح يضغط أزراره بعصبية .
"آلو فرانك , كيف حالك ؟ لا أنا ما زلت في المطار ولكني أريد أن أخبرك شيئا مهما فلتسمعني جيدا ....................................
*****************************
استقل "توم" الطائرة وجلس بالمقعد المجاور للنافذة وكان يحاول عبثا أن يخفي ذلك التوتر الذي يقتله بالنظر عبر النافذة. لم يكن يعلم إلام ينظر بالتحديد ولكنه كان يحاول فقط عدم التفكير في الموضوع .....المرعب جدا بالنسبة له .
وما أن التفت "توم" للجهة المقابلة حتي توقف الدم في عروقه فلقد وجده أمامه مباشرة.
نعم ذلك الرجل الذي أثار توتره منذ أن وطئت قدمه أرض المطار. كان الرجل يستعد للجلوس بجوار دكتور "توم" الذي ود لحظتها أن يقفز من الطائرة من كثرة رعبه.
"السيدات والسادة ...رجاء وضع الأحزمة لأننا سنقوم بالإقلاع في غضون دقيقتين..."
كان هذا الصوت هو أول صوت هادئ ومألوف يسمعه "توم" منذ أن ودع زوجته "كارلا" هذا الصباح.فبدأ "توم" يهدأ قليلا وحاول أن ينسي ولو للحظة كل هذه الأمور الغريبة .
وسكن "توم" قليلا ولم يقطع هذا السكون إلا صراخ الرجل الجالس بجواره"آآه ...النجدة ..لا أستطيع التنفس... أنزلوني من الطائرة فورا.."
انتفض "توم" من مقعده وهو يتمتم في حنق : " يا إلهي ما هذا اليوم ؟"
جاءت أحد المضيفات مسرعة إلي ذلك الرجل وهي تقول "ماذا بك يا سيدي ؟ هل أصابك مكروه ؟"
قال بعصبية : "نعم إنها أزمتي القلبية اللعينة . إنها تلاحقني باستمرار. أرجوك أنزليني من الطائرة الآن
"حاضر حاضر "قالت بتوتر وهي تحاول أن تفك حزامه ثم أسندته و زميلتها إلي خارج الطائرة حيث استقل سيارة الإسعاف و غادر المكان .
وما أن غادر الرجل الطائرة حتي سكنت روعة دكتور"توم" وتمتم قائلا : "يا له من رجل , لقد أراحني الله منه "
وما أن بدأت الطائرة في الإقلاع حتي راح دكتور "توم" يهدئ من نفسه شيئا فشيئا حتي أصبحت الطائرة في الجو .
ثم بدأ دكتور "توم" يسرح قليلا مع أفكاره وراح يحدث نفسه قليلا " يا إلهي ما هذا الذي ورطت نفسي فيه ,لست أدري إن كنت قد فعلت الصواب أم جلبت لنفسي الكثير بل الكثير جدا من المتاعب فلقد مررت اليوم بأشياء لم أمر بها في حياتي قط , والعجيب أن معركتي الحقيقية لم تبدأ بعد , لطالما سئمت هذه الحياة الروتينية المملة ولكن لو كنت أعرف أن هذا سيكون هو التغيير لما تمنيت قط أن أحظي بشئ من التغيير , أعتقد أن هذه التجربة سوف تعلمني أن أعشق الروتين والملل اللذان أحيا بهما دوما , لقد كدت أنهار بملاحقة ذلك الرجل لي هذا الصباح "ثم اعتدل في جلسته وهو يقول: "حقا لقد أراحني الله منه هو وتلك الشنطة السخيـفـ........"
وفي هذه اللحظة توقفت الكلمات في حلقه واتسعت عيناه عن آخرهما وتجمد الدم في عروقه وهو يتمتم في رعب : " يا إلهي... لقد تركها ...نعم لقد ترك تلك الشنطة ......تركها فوق رأسي مباشرة .....إذا لم يكن هذا الرجل مريضا... بل نزل عمدا من الطائرة بعد أن ترك هذه الشنطة فوق رأسي من المؤكد أنها .......يا إلهي.."
************************************
نظر جميع الركاب في دهشة بالغة إلي أسفل كرسي دكتور"توم" حيث سقط مغشيا عليه من أثر الصدمة.
هرع كل أفراد الأمن إلي دكتور"توم" بسرعة قبل أن يوقظه أحدهم ويجلسه علي مقعده . ويسأله في قلق : " ماذا بك يا سيدي ؟! أخبرني أرجوك ....ماذا حدث ؟
أشار "توم" إلي الشنطة فالتقطها هذا الرجل بسرعة وهو يتساءل : "ما بها ؟! "
قال له "توم" في حسرة "إنها.........إنها قنبلة "
*********************
هوت هذه الكلمة علي أذن رجل الأمن كالصاعقة الذي أصبح بدوره أشد توترا من دكتور"توم" في أسوأ حالاته ولكنه استعاد اتزانه بسرعة غريبة وذهب مباشرة إلي غرفة الطيار ومن خلفه باقي الرجال بخطوات سريعة .
" سيدي , إني آمرك بالتوقف في أقرب وقت و في أقرب مطار"قال أحد الرجال في حزم قبل أن يقاطعه الطيار في غضب شديد صائحا " ما هذا , ماذا تظن أنك فاعل يا هذا ؟أهذه عملية اختطاف ؟سوف أبلغ الأمن حالـ........"
قاطعه أحدهم في صرامة " سيدي الأمر ليس بهذه الصورة , نحن في مهمة رسمية لحماية أحد الشهود وهو مطلوب في قضية فساد كبري بعد غد وهو يجلس في الطائرة الآن وبجواره قنبلة لا نعلم متى ستنفجر "
قال الطيار وقد أصابه شئ من التوتر " لابد أن أتحقق من هذا بنفسي أولا "
قاطعه أحد الرجال قائلا " ليس لدينا وقت لهذا يا سيدي "
قال الطيار في توتر بعد أن أحس بجدية الأمر :" إن أقرب مطار من هنا يبعد حوالي 90 دقيقة"
رد أحدهم بسرعة "ولكن لا يمكن أن ننتظر كل هذا الوقت يا سيدي فلابد أن من صمم تلك القنبلة يعلم ذلك جيدا ومن المؤكد أنها ستنفجر قبل ذلك بكثير . عليك إيجاد حلا بديلا الآن يا كابتن"
قال الطيار متسائلا : "هل حاولتم إبطال مفعول تلك القنبلة ؟ "
رد أحدهم في يأس "لا يمكننا أن نجازف بذلك فبعض القنابل مصممة بحيث تنفجر تلقائيا عند أي محاولة لفتحها"
"إذن ليس هناك حل " قال الطيار في حسرة
وسادت لحظة طويلة من الصمت , كل يحاول أن يجد الحل لكن بلا فائدة .............
****************************
بعد دقائق قليلة خرج الرجال ومن خلفهم الطيار متجهين مباشرة إلي دكتور"توم"حيث بدأ الطيار في التحدث إلي الدكتور"توم"قائلا : "سيدي , هناك مطار يبعد حوالي 10 دقائق من هنا من الممكن أن نصل إليه قبل انفجار القنبلة..لكن......." لم يكد الطيار ينطق هذه الجملة حتي ساد الهلع والرعب بين ركاب الطائرة حيث لم ينتبه الطيار من كثرة توتره أن صوته كان عال نسبيا حيث سمعه كل من حوله تقريبا , ولكن المثير للدهشة أنه كان هناك راكبا واحدا لم تبد عليه أي من علامات الفزع بل ارتسمت علي شفتيه ابتسامة هادئة وهو يراقب ما يحدث في صمت .
التفت "توم" إلي ذلك الرجل ونظر إليه نظرة تكاد تخلو من أية تعبيرات , كان "توم" يعلم جيدا لم لم يزعج هذا الرجل فظل يحدق فيه لفترة قبل أن يتجه ببصره إلي الطيار ويقول " ولكن ماذا يا كابتن........؟"
رد الطيار في حسرة :ولكن يا سيدي هذا المطار ليس قيد الخدمة الآن , كل ما هناك هو ممر متهالك لست أدري إن كان جيدا بما فيه الكفاية أم لا ؟
رد "توم" بسرعة : ولكنه أملنا الوحيد أليس كذلك ؟ هيا يا كابتن خذنا إلي هناك بسرعة ؟
بخطوات سريعة أقرب إلي الجري اتجه الطيار إلي قمرة القيادة وبدأ بمحاولة الهبوط الاضطراري , في حين لم يعلم أحد علي الإطلاق أيهما سيحدث أولا , الهبوط , أم الانفجار ....
.
********************
بدأت الطائرة فعلا في الهبوط نسبيا في حين كان الممر المقصود علي مرمي البصر ولكنه كان سيئا للغاية و لكن الطيار البارع بدأ في الهبوط الآمن في حين كان "توم" يراقب الأحوال من النافذة وبينما هو ينظر من النافذة رأي شيئا لفت انتباهه بشدة , شيئا سيغير كل ما كان يخطط له , بل سيفسد كل شئ
"اللعنة" قالها "توم" بكل ما أوتي من قوة وبنبرة غضب عارمة صاح " لا لا يمكن أن يحدث ذلك أبدا"
أثارت كلمته انتباه ورعب كل الموجودين في الطائرة في حين قال له أحدهم مهدئا " لا تقلق يا سيدي , كل شئ علي ما يرام , فسوف تتوقف الطائرة في أقل من دقيقة "
لم يعر "توم" هذا الشخص اهتماما في حين أمسك بالشنطة المعدنية ثم قام "توم" وسط ذهول كل من حوله برفع الشنطة عاليا وقام برطمها في الأرض رطمة قوية محاولا فتحها "وهو يقول "اللعنة , كيف أكون بهذا الغباء كيف ؟! "
لم يفهم أحد قط ما كان يجول بخاطر"توم" هذه اللحظة بل ظن الجميع أنه قد فقد عقله نتيجة القلق والتوتر , ولكن لم يكن "توم" مهتما لهم حيث كان ممسكا بالشنطة في عصبية بالغة محاولا فتحها وسط مقاومة كل الحاضرين حتي تمكن منها و فتحها..
وبمجرد أن فتحها انطلق مهرولا إلي قمرة القيادة وهو يصيح " لا لا تهبط بالطائرة أقلع بها الآن هيا .."
رد الطيار في حيرة :" ولكن كيف يا سيدي لقد هبطت بها للتو بأعجوبة علي ذلك الممر ولن أجازف بالإقلاع مرة أخري , نحن هبطنا بسلام الآن ويمكنك مغادرة الطائرة الآن يا دكتور "
تمتم "توم"وهو يتجه إلي خارج القمرة في شرود : إنك لم تفهم بعد...............
*****************************************
نظر الكل في دهشة بالغة إلي الشنطة الملقاة علي الأرض وفي صمت رهيب ظل الكل يحدق في محتوياتها التي لم تكن سوي مجموعة من القصاصات الورقية التي تبعثرت علي أرضية الطائرة .
ظل الجميع علي ذلك الحال لفترة ثم اتجه "توم" مسرعا إلي سلم الطوارئ وقفز من الطائرة وخلفه كل الركاب.
وما أن وطئت قدمه أرض الممر حتي راح ينظر من حوله يمينا ويسارا حتي تسمر في مكانه حين وقعت عيناه عليه وقبل أن ينطق بكلمة أو يأتي بأي ردة فعل كانت الرصاصة قد انطلقت متجهة إلي جسد دكتور "توم" في مكان القلب مباشرة وألقته علي وجهه بعيدا وفر ذلك القناص هاربا........
**********منزل دكتور "توم" بعد مرور ثلاثة أيام ************
"..........وقد كان لشهادة دكتور"فريدريك توماسون" والمستندات التي قدمها للمحكمة كل الفضل في الإطاحة بالمتهمين إلي عقوبة السجن مدي الحياة ..كما............."
"أبي هل من الممكن أن تغلق ذلك التلفاز قليلا . لقد سئمت تلك الأخبار "
رد "توم" في هدوء : وأنا أيضا يا "آمبر" حقا لقد سئمت كل شئ بعد هذه التجربة .
flash back****
وصل التوتر بـ"توم" إلي ذروته من جراء مراقبة هذا الرجل المستمرة له فتوقف فجأة وراح يعمل عقله قليلا وغرق في تفكير عميق لعدة ثوان ثم التقط هاتفه فجأة وراح يضغط أزراره بعصبية :
"آلو فرانك , كيف حالك ؟ لا أنا ما زلت في المطار ولكني أريد أن أخبرك شيئا مهما فلتسمعني جيدا , اركب سيارتك الآن وانطلق بأقصى سرعة إلي المطار المهجور الـ........"
"جيد أنك تعلمه , وافيني هناك في غضون الساعة "
"لم يحدث شئ , افعل ما أقوله فحسب و سأخبرك كل شئ لاحقا "
"طبعا وهل هذا باليوم الذي أنسي فيه ارتداء سترتي الواقية "
"شكرا فرانك , مع السلامة "
*******************************
- "لكن يا أبي أود أن أسألك عن عدة أشياء "
- "هاتي ما عندك يا آمبر "
- "كيف عرفت أن ما بالشنطة لم تكن قنبلة ؟"
- "لأن ذلك الرجل عندما رأيته في المطار ظللت أراقبه جيدا وهو يمر من كل الأبواب بدون أي مشاكل فلو كانت تلك قنبلة حقيقية لما سمح له بالمرور هكذا ولكان في المعتقل الآن "
- "إذا وقد عرفت ذلك , فلماذا لم تدع الأمر يمر بسهولة وتصل لندن بسلام ؟"
- "لأن هؤلاء الأشخاص يا حبيبتي لم يكونوا يسمحوا لي بالوصول إلي المحكمة بأي طريقة كانت , فبالتأكيد كانت لديهم خطط أخري ينوون تنفيذها إذا ما فشلت تلك الخطة , فوددت أن أنهي اللعبة مبكرا "
- "ولم إذن تظاهرت بالرعب في الطائرة طالما أنك تعلم ذلك؟ "
- "لأن الرجل الذي كان يحمل الشنطة والذي تظاهر بالمرض كي ينزل من الطائرة رأيته وهو ينزل يكلم أحد الأشخاص كما لو كان يتفق معه علي شئ ثم نزل وترك ذلك الرجل فوددت أن أوحي إلي هذا الرجل أن خطتهم
تمشي بسلام حتي لا يشك في شئ , كما أن وجود ذلك الرجل أكد لي أكثر أن الشنطة لم تكن تحتوي علي قنبلة حقيقية وإلا ما بقي ذلك الشخص في الطائرة "
- "وكيف لم يشك حتي بعد أن رآك حيا بعد الهبوط ؟"
- "لأنه بعد سماع صوت الرصاصة ورؤيتي وأنا أسقط علي الأرض فر كل الموجودين هاربين فيما عدا أفراد الأمن الذين تظاهروا بحملي إلي الخارج بعد أن أخبرتهم بأمري حيثُ استقليت سيارة" فرانك" مع أحدهم
وانطلقنا إلي الفندق الذي اختفيت فيه حتي موعد المحاكمة "
- "سؤال أخير يا أبي........ ماذا لو أطلق هذا القناص علي رأسك؟ "
- "يكون هو القدر إذن يا صغيرتي "
كل شئ كان يبدو طبيعيا جدا في هذا الحي فيما عدا منزل الدكتور "توم" الذي كان محاطا بعدد كبير من أفراد الأمن وكانت تقف أمام المنزل مباشرة سيارة سوداء أنيقة معلق عليها بادج"لجنة حماية الشهود".
لقد كان فعلا يوما مختلفا للغاية في حياة دكتور "توم"............
*********************
" توم انهض إنها السابعة صباحا " قالت "كارلا" وهي في طريقها لفتح نافذة الغرفة : "إنك لا تريد أن تتأخر علي عملك أليس كذ....ما هذا ؟!"
"ماذا يا "كارلا "؟" رد "توم" بصوت نعس قبل أن تفاجئه "كارلا" بجملتها" تعالي سريعا وألقي نظرة علي هذا".
انتفض" توم" من سريره واتجه بخطوات سريعة إلي النافذة ليفحص الأمر وما أن ألقي نظرة علي هذا المنظر حتى تنفس الصعداء ونظر إليها بابتسامة هادئة وهو يقول : "أهذا ما يزعجك,حبيبتي؟"
قطبت "كارلا"بين حاجبيها ونظرت إليه في دهشة بالغة قائلة : "ماذا ؟! إن الأمر يبدو طبيعيا جدا بالنسبة لك أليس كذلك؟ , "توم" بالله عليك أخبرني ماذا يحدث؟"
قال "توم" في هدوء :" كارلا" يا حبيبتي اهدئي قليلا وسوف أشرح لك كل شئ" .
أما الآن فاذهبي لكي توقظي "جولز" و"آمبر" كي نتناول الإفطار سويا. ثم غادر "توم" الغرفة تاركا وراءه "كارلا" التي لحقت به مسرعة وهي تصيح : " توم.....انتظر ....توووم......"
********************
في غرفة الطعام جلس كل من "توم" و"جولز" و"آمبر" في انتظار أن تفرغ "كارلا" من إعداد الطعام وما أن انتهت "كارلا" من وضع الطعام علي المائدة حتي نظرت إلي "توم" قائلة :" توم , هل ممكـ....."
قاطعها "توم" قائلا :" نعم يا عزيزتي سأشرح لك كل شئ الآن" ثم أمسك بجهاز التحكم والتفت إليها قائلا : "الآن سوف تشاهدين كل شئ....ها هي ذي قناة الأخبار "
"..............................و قد تم القبض علي كل من مدير و رئيس مجلس إدارة و صاحب شركة "فايتو سايت" بالإضافة إلي الدكتور "مارك بيوفرد" إثر بلاغ مقدم من الدكتور "فريدريك توماسون" والذي أكد فيه أن الشركة تقوم بإنتاج فيروس قاتل كما تنوي نشره بين المواطنين وذلك في محاولة رخيصة للربح عن طريق بيع أحد أدويتها الجديدة...... ومن أخبارنا أيضا ..........................................."
التفتت "كارلا" إلي "توم " قائلة : إذن سوف تكون شاهدا في هذه القضية بالتأكيد وبالتالي هؤلاء هنا لحمايتك أليس كذلك ؟
ردد "توم " :نعم لحمايتنا جميعا.
قالت "كارلا" متسائلة : ولكن ما السر في هذا الفيروس بالذات ؟! أليس هو مجرد فيروس عادي يمكن علاجه بواسطة أي مضاد حيوي مثلا؟
رد "توم" في اهتمام : لا يا عزيزتي ليس عادي أبدا فهذا الفيروس قد تم تخليقه في معامل الشركة ولا توجد أي فرصة للمصاب غير أن يشتري هذا الدواء و يتناوله في أقل من 20 ساعة وطبعا هذا الدواء لا يوجد إلا في شركة " فايتو سايت ".
قالت "كارلا" في دهشة : ولكن كيف علمت بكل هذه التفاصيل يا "توم" ؟
شرد "توم" عدة ثوان قبل أن يجيب "لأنه أنا من قمت باختراع هذا الفيروس"
تصلبت "كارلا" في مكانها وهي تحاول أن تستوعب ما سمعته للتو ثم رددت في قلق : إذن أنت لن تكون مجرد شاهد في هذه القضية بل....".
قاطعها "توم"بضحكة عالية قائلا : "حبيبتي أما تثقين بزوجك؟ إن الأمر كله حدث بالصدفة ".
رددت "كارلا" في غضب :" وكيف ذلك؟"
"حسنا , لقد كلفتني الشركة أنا وزميلي الدكتور "بيوفرد" بالعمل علي اكتشاف دواء جديد لإحدى الأمراض وفي طريقنا للبحث عن هذا الدواء قمنا باختراع فيروسا قاتلا وعندما علمت بذلك قمت بتدميره كلية حتي لا يحدث ما حدث"
قالت "كارلا" بشئ من السخرية : "عظيم , إذن من أين أتوا به مرة أخري؟"
أجاب "توم" :" من يستطع إجابتك علي هذا السؤال هو "بيوفرد" فبعد أن علمت الشركة بأمرنا أرسلت إلينا علي الفور ولأني كنت أعلم جيدا ما ينوونه فقد قمت بسرقة كل الأبحاث والأوراق واتجهت مباشرة إلي قسم الشرطة بينما وقع "بيوفرد" ضحية الإغراءات المادية التي عرضوها عليه وقام باختراع الفيروس والدواء مجددا بعد أن وعده صاحب الشركة بعدد كبير من الأسهم في حالة نجاحه في ذلك ".
قالت "كارلا" بعد أن خفت حدتها قليلا :" ومتي ستذهب للشهادة في هذه القضية ؟"
رد "توم" في بساطة :" بمجرد أن تتنهي من توضيب أغراضي يا عزيزتي"
صاحت "كارلا"في دهشة :" ماذا ؟هل ستذهب للمحاكمة اليوم ؟"
رد "توم" في هدوء: "لا المحاكمة بعد غد ولكني سأضطر للبقاء في لندن هذه الأيام لظروف أمنية حتي تنتهي المحاكمة ثم أعود بينما ستبقون أنتم هنا في حراسة دائمة حتي انتهاء القضية" ثم هدأ صوته أكثر وهو يحتضن "كارلا" بين ذراعيه قائلا " إنها أيام عصيبة يا حبيبتي وسوف تنتهي قريبا ونعود لحياتنا الهادئة مرة أخري"
تمتمت "كارلا" : أتمني ذلك يا حبيبي...
********************************
أخد دكتور "توم" حقائبه وانطلق إلي خارج المنزل متجها إلي السيارة السوداء التي كان سائقها بانتظاره وانطلقت السيارة ومن خلفها سيارة أخري والتي تضم طاقم الأمن في طريقهما إلي المطار حيث سيستقل الدكتور"توم" طائرته إلي "لندن".
نزل دكتور "توم" من السيارة وانطلق إلي داخل المطار ومن حوله خمسة من الرجال المكلفين بحمايته
وما أن دخل "توم" إلي ردهة المطار حتي راح يجوب المكان ببصره في توتر شديد مما أثار انتباه أحد أفراد الأمن والذي التفت إليه قائلا :" لا داع للقلق يا سيدي نحن هنا لحمايتك "
ردد "توم" في شرود : أكيد
ولم يتحرك "توم" بضع خطوات حتي لفت انتباهه سريعا رجل ممتلئ قليلا يتبعه باستمرار ويحمل في يده شنطة معدنية صغيرة .
بدأ"توم" يشعر بالقلق قليلا حيال ذلك الرجل و لكنه تجاهله ومضي في طريقه أو تظاهر بتجاهله لبعض الوقت إلي أن تأكد تماما أن هذا الرجل يتبعه بالتحديد . حينها بدأ "توم" يشعر بالرعب الشديد وبدأ فعلا يدرك مدي خطورة ما هو مقبل عليه
وصل التوتر بـ"توم" إلي ذروته من جراء مراقبة هذا الرجل المستمرة له فتوقف فجأة وراح يعمل عقله قليلا وغرق في تفكير عميق لعدة ثوان ثم التقط هاتفه فجأة وراح يضغط أزراره بعصبية .
"آلو فرانك , كيف حالك ؟ لا أنا ما زلت في المطار ولكني أريد أن أخبرك شيئا مهما فلتسمعني جيدا ....................................
*****************************
استقل "توم" الطائرة وجلس بالمقعد المجاور للنافذة وكان يحاول عبثا أن يخفي ذلك التوتر الذي يقتله بالنظر عبر النافذة. لم يكن يعلم إلام ينظر بالتحديد ولكنه كان يحاول فقط عدم التفكير في الموضوع .....المرعب جدا بالنسبة له .
وما أن التفت "توم" للجهة المقابلة حتي توقف الدم في عروقه فلقد وجده أمامه مباشرة.
نعم ذلك الرجل الذي أثار توتره منذ أن وطئت قدمه أرض المطار. كان الرجل يستعد للجلوس بجوار دكتور "توم" الذي ود لحظتها أن يقفز من الطائرة من كثرة رعبه.
"السيدات والسادة ...رجاء وضع الأحزمة لأننا سنقوم بالإقلاع في غضون دقيقتين..."
كان هذا الصوت هو أول صوت هادئ ومألوف يسمعه "توم" منذ أن ودع زوجته "كارلا" هذا الصباح.فبدأ "توم" يهدأ قليلا وحاول أن ينسي ولو للحظة كل هذه الأمور الغريبة .
وسكن "توم" قليلا ولم يقطع هذا السكون إلا صراخ الرجل الجالس بجواره"آآه ...النجدة ..لا أستطيع التنفس... أنزلوني من الطائرة فورا.."
انتفض "توم" من مقعده وهو يتمتم في حنق : " يا إلهي ما هذا اليوم ؟"
جاءت أحد المضيفات مسرعة إلي ذلك الرجل وهي تقول "ماذا بك يا سيدي ؟ هل أصابك مكروه ؟"
قال بعصبية : "نعم إنها أزمتي القلبية اللعينة . إنها تلاحقني باستمرار. أرجوك أنزليني من الطائرة الآن
"حاضر حاضر "قالت بتوتر وهي تحاول أن تفك حزامه ثم أسندته و زميلتها إلي خارج الطائرة حيث استقل سيارة الإسعاف و غادر المكان .
وما أن غادر الرجل الطائرة حتي سكنت روعة دكتور"توم" وتمتم قائلا : "يا له من رجل , لقد أراحني الله منه "
وما أن بدأت الطائرة في الإقلاع حتي راح دكتور "توم" يهدئ من نفسه شيئا فشيئا حتي أصبحت الطائرة في الجو .
ثم بدأ دكتور "توم" يسرح قليلا مع أفكاره وراح يحدث نفسه قليلا " يا إلهي ما هذا الذي ورطت نفسي فيه ,لست أدري إن كنت قد فعلت الصواب أم جلبت لنفسي الكثير بل الكثير جدا من المتاعب فلقد مررت اليوم بأشياء لم أمر بها في حياتي قط , والعجيب أن معركتي الحقيقية لم تبدأ بعد , لطالما سئمت هذه الحياة الروتينية المملة ولكن لو كنت أعرف أن هذا سيكون هو التغيير لما تمنيت قط أن أحظي بشئ من التغيير , أعتقد أن هذه التجربة سوف تعلمني أن أعشق الروتين والملل اللذان أحيا بهما دوما , لقد كدت أنهار بملاحقة ذلك الرجل لي هذا الصباح "ثم اعتدل في جلسته وهو يقول: "حقا لقد أراحني الله منه هو وتلك الشنطة السخيـفـ........"
وفي هذه اللحظة توقفت الكلمات في حلقه واتسعت عيناه عن آخرهما وتجمد الدم في عروقه وهو يتمتم في رعب : " يا إلهي... لقد تركها ...نعم لقد ترك تلك الشنطة ......تركها فوق رأسي مباشرة .....إذا لم يكن هذا الرجل مريضا... بل نزل عمدا من الطائرة بعد أن ترك هذه الشنطة فوق رأسي من المؤكد أنها .......يا إلهي.."
************************************
نظر جميع الركاب في دهشة بالغة إلي أسفل كرسي دكتور"توم" حيث سقط مغشيا عليه من أثر الصدمة.
هرع كل أفراد الأمن إلي دكتور"توم" بسرعة قبل أن يوقظه أحدهم ويجلسه علي مقعده . ويسأله في قلق : " ماذا بك يا سيدي ؟! أخبرني أرجوك ....ماذا حدث ؟
أشار "توم" إلي الشنطة فالتقطها هذا الرجل بسرعة وهو يتساءل : "ما بها ؟! "
قال له "توم" في حسرة "إنها.........إنها قنبلة "
*********************
هوت هذه الكلمة علي أذن رجل الأمن كالصاعقة الذي أصبح بدوره أشد توترا من دكتور"توم" في أسوأ حالاته ولكنه استعاد اتزانه بسرعة غريبة وذهب مباشرة إلي غرفة الطيار ومن خلفه باقي الرجال بخطوات سريعة .
" سيدي , إني آمرك بالتوقف في أقرب وقت و في أقرب مطار"قال أحد الرجال في حزم قبل أن يقاطعه الطيار في غضب شديد صائحا " ما هذا , ماذا تظن أنك فاعل يا هذا ؟أهذه عملية اختطاف ؟سوف أبلغ الأمن حالـ........"
قاطعه أحدهم في صرامة " سيدي الأمر ليس بهذه الصورة , نحن في مهمة رسمية لحماية أحد الشهود وهو مطلوب في قضية فساد كبري بعد غد وهو يجلس في الطائرة الآن وبجواره قنبلة لا نعلم متى ستنفجر "
قال الطيار وقد أصابه شئ من التوتر " لابد أن أتحقق من هذا بنفسي أولا "
قاطعه أحد الرجال قائلا " ليس لدينا وقت لهذا يا سيدي "
قال الطيار في توتر بعد أن أحس بجدية الأمر :" إن أقرب مطار من هنا يبعد حوالي 90 دقيقة"
رد أحدهم بسرعة "ولكن لا يمكن أن ننتظر كل هذا الوقت يا سيدي فلابد أن من صمم تلك القنبلة يعلم ذلك جيدا ومن المؤكد أنها ستنفجر قبل ذلك بكثير . عليك إيجاد حلا بديلا الآن يا كابتن"
قال الطيار متسائلا : "هل حاولتم إبطال مفعول تلك القنبلة ؟ "
رد أحدهم في يأس "لا يمكننا أن نجازف بذلك فبعض القنابل مصممة بحيث تنفجر تلقائيا عند أي محاولة لفتحها"
"إذن ليس هناك حل " قال الطيار في حسرة
وسادت لحظة طويلة من الصمت , كل يحاول أن يجد الحل لكن بلا فائدة .............
****************************
بعد دقائق قليلة خرج الرجال ومن خلفهم الطيار متجهين مباشرة إلي دكتور"توم"حيث بدأ الطيار في التحدث إلي الدكتور"توم"قائلا : "سيدي , هناك مطار يبعد حوالي 10 دقائق من هنا من الممكن أن نصل إليه قبل انفجار القنبلة..لكن......." لم يكد الطيار ينطق هذه الجملة حتي ساد الهلع والرعب بين ركاب الطائرة حيث لم ينتبه الطيار من كثرة توتره أن صوته كان عال نسبيا حيث سمعه كل من حوله تقريبا , ولكن المثير للدهشة أنه كان هناك راكبا واحدا لم تبد عليه أي من علامات الفزع بل ارتسمت علي شفتيه ابتسامة هادئة وهو يراقب ما يحدث في صمت .
التفت "توم" إلي ذلك الرجل ونظر إليه نظرة تكاد تخلو من أية تعبيرات , كان "توم" يعلم جيدا لم لم يزعج هذا الرجل فظل يحدق فيه لفترة قبل أن يتجه ببصره إلي الطيار ويقول " ولكن ماذا يا كابتن........؟"
رد الطيار في حسرة :ولكن يا سيدي هذا المطار ليس قيد الخدمة الآن , كل ما هناك هو ممر متهالك لست أدري إن كان جيدا بما فيه الكفاية أم لا ؟
رد "توم" بسرعة : ولكنه أملنا الوحيد أليس كذلك ؟ هيا يا كابتن خذنا إلي هناك بسرعة ؟
بخطوات سريعة أقرب إلي الجري اتجه الطيار إلي قمرة القيادة وبدأ بمحاولة الهبوط الاضطراري , في حين لم يعلم أحد علي الإطلاق أيهما سيحدث أولا , الهبوط , أم الانفجار ....
.
********************
بدأت الطائرة فعلا في الهبوط نسبيا في حين كان الممر المقصود علي مرمي البصر ولكنه كان سيئا للغاية و لكن الطيار البارع بدأ في الهبوط الآمن في حين كان "توم" يراقب الأحوال من النافذة وبينما هو ينظر من النافذة رأي شيئا لفت انتباهه بشدة , شيئا سيغير كل ما كان يخطط له , بل سيفسد كل شئ
"اللعنة" قالها "توم" بكل ما أوتي من قوة وبنبرة غضب عارمة صاح " لا لا يمكن أن يحدث ذلك أبدا"
أثارت كلمته انتباه ورعب كل الموجودين في الطائرة في حين قال له أحدهم مهدئا " لا تقلق يا سيدي , كل شئ علي ما يرام , فسوف تتوقف الطائرة في أقل من دقيقة "
لم يعر "توم" هذا الشخص اهتماما في حين أمسك بالشنطة المعدنية ثم قام "توم" وسط ذهول كل من حوله برفع الشنطة عاليا وقام برطمها في الأرض رطمة قوية محاولا فتحها "وهو يقول "اللعنة , كيف أكون بهذا الغباء كيف ؟! "
لم يفهم أحد قط ما كان يجول بخاطر"توم" هذه اللحظة بل ظن الجميع أنه قد فقد عقله نتيجة القلق والتوتر , ولكن لم يكن "توم" مهتما لهم حيث كان ممسكا بالشنطة في عصبية بالغة محاولا فتحها وسط مقاومة كل الحاضرين حتي تمكن منها و فتحها..
وبمجرد أن فتحها انطلق مهرولا إلي قمرة القيادة وهو يصيح " لا لا تهبط بالطائرة أقلع بها الآن هيا .."
رد الطيار في حيرة :" ولكن كيف يا سيدي لقد هبطت بها للتو بأعجوبة علي ذلك الممر ولن أجازف بالإقلاع مرة أخري , نحن هبطنا بسلام الآن ويمكنك مغادرة الطائرة الآن يا دكتور "
تمتم "توم"وهو يتجه إلي خارج القمرة في شرود : إنك لم تفهم بعد...............
*****************************************
نظر الكل في دهشة بالغة إلي الشنطة الملقاة علي الأرض وفي صمت رهيب ظل الكل يحدق في محتوياتها التي لم تكن سوي مجموعة من القصاصات الورقية التي تبعثرت علي أرضية الطائرة .
ظل الجميع علي ذلك الحال لفترة ثم اتجه "توم" مسرعا إلي سلم الطوارئ وقفز من الطائرة وخلفه كل الركاب.
وما أن وطئت قدمه أرض الممر حتي راح ينظر من حوله يمينا ويسارا حتي تسمر في مكانه حين وقعت عيناه عليه وقبل أن ينطق بكلمة أو يأتي بأي ردة فعل كانت الرصاصة قد انطلقت متجهة إلي جسد دكتور "توم" في مكان القلب مباشرة وألقته علي وجهه بعيدا وفر ذلك القناص هاربا........
**********منزل دكتور "توم" بعد مرور ثلاثة أيام ************
"..........وقد كان لشهادة دكتور"فريدريك توماسون" والمستندات التي قدمها للمحكمة كل الفضل في الإطاحة بالمتهمين إلي عقوبة السجن مدي الحياة ..كما............."
"أبي هل من الممكن أن تغلق ذلك التلفاز قليلا . لقد سئمت تلك الأخبار "
رد "توم" في هدوء : وأنا أيضا يا "آمبر" حقا لقد سئمت كل شئ بعد هذه التجربة .
flash back****
وصل التوتر بـ"توم" إلي ذروته من جراء مراقبة هذا الرجل المستمرة له فتوقف فجأة وراح يعمل عقله قليلا وغرق في تفكير عميق لعدة ثوان ثم التقط هاتفه فجأة وراح يضغط أزراره بعصبية :
"آلو فرانك , كيف حالك ؟ لا أنا ما زلت في المطار ولكني أريد أن أخبرك شيئا مهما فلتسمعني جيدا , اركب سيارتك الآن وانطلق بأقصى سرعة إلي المطار المهجور الـ........"
"جيد أنك تعلمه , وافيني هناك في غضون الساعة "
"لم يحدث شئ , افعل ما أقوله فحسب و سأخبرك كل شئ لاحقا "
"طبعا وهل هذا باليوم الذي أنسي فيه ارتداء سترتي الواقية "
"شكرا فرانك , مع السلامة "
*******************************
- "لكن يا أبي أود أن أسألك عن عدة أشياء "
- "هاتي ما عندك يا آمبر "
- "كيف عرفت أن ما بالشنطة لم تكن قنبلة ؟"
- "لأن ذلك الرجل عندما رأيته في المطار ظللت أراقبه جيدا وهو يمر من كل الأبواب بدون أي مشاكل فلو كانت تلك قنبلة حقيقية لما سمح له بالمرور هكذا ولكان في المعتقل الآن "
- "إذا وقد عرفت ذلك , فلماذا لم تدع الأمر يمر بسهولة وتصل لندن بسلام ؟"
- "لأن هؤلاء الأشخاص يا حبيبتي لم يكونوا يسمحوا لي بالوصول إلي المحكمة بأي طريقة كانت , فبالتأكيد كانت لديهم خطط أخري ينوون تنفيذها إذا ما فشلت تلك الخطة , فوددت أن أنهي اللعبة مبكرا "
- "ولم إذن تظاهرت بالرعب في الطائرة طالما أنك تعلم ذلك؟ "
- "لأن الرجل الذي كان يحمل الشنطة والذي تظاهر بالمرض كي ينزل من الطائرة رأيته وهو ينزل يكلم أحد الأشخاص كما لو كان يتفق معه علي شئ ثم نزل وترك ذلك الرجل فوددت أن أوحي إلي هذا الرجل أن خطتهم
تمشي بسلام حتي لا يشك في شئ , كما أن وجود ذلك الرجل أكد لي أكثر أن الشنطة لم تكن تحتوي علي قنبلة حقيقية وإلا ما بقي ذلك الشخص في الطائرة "
- "وكيف لم يشك حتي بعد أن رآك حيا بعد الهبوط ؟"
- "لأنه بعد سماع صوت الرصاصة ورؤيتي وأنا أسقط علي الأرض فر كل الموجودين هاربين فيما عدا أفراد الأمن الذين تظاهروا بحملي إلي الخارج بعد أن أخبرتهم بأمري حيثُ استقليت سيارة" فرانك" مع أحدهم
وانطلقنا إلي الفندق الذي اختفيت فيه حتي موعد المحاكمة "
- "سؤال أخير يا أبي........ ماذا لو أطلق هذا القناص علي رأسك؟ "
- "يكون هو القدر إذن يا صغيرتي "
اسم الموضوع : الشاهد
|
المصدر : قصص من ابداع الاعضاء