تواصل معنا

دور الأحزاب الكرديّة العراقيّة في تهجير يهودِ العراق إلى الكيانِ الصهيونيّ أواخرَ ستينيّات القرن الماضي.[2] يكتب نفوت: "لقد زوَّدْنا أصدقاءَنا الأكرد...

الاستاذ

عضو
نجوم المنتدي
إنضم
11 أغسطس 2021
المشاركات
3,245
مستوى التفاعل
2,652
الإقامة
مصر
مجموع اﻻوسمة
2
الفرهود وتهجير اليهود العراقيين

دور الأحزاب الكرديّة العراقيّة في تهجير يهودِ العراق إلى الكيانِ الصهيونيّ أواخرَ ستينيّات القرن الماضي.[2] يكتب نفوت: "لقد زوَّدْنا أصدقاءَنا الأكرد بعناوينِ العائلات اليهوديّة في بغداد ومدنٍ عراقيّةٍ أخرى، حيث وصل الأكرادُ لهذه العائلات وأبلغوها بضرورة الاستعداد للمغادرة." ويُكمل قائلًا إنّ الأكراد قاموا "بنقل العائلات اليهوديّة في جِيبات [سيّارات جِيب] إلى الحدود العراقيّة-الإيرانيّة، ومن ثمّ إلى داخل إيران، ومنها إلى إسرائيل."[3]

كما أشار نفوت إلى دوره شخصيًّا في "تعزيز العلاقات الأمنيّة والاستخباريّة والاقتصاديّة بين إسرائيل وإيران تحت حكم الشاه."



Immigrants_1951.jpg


عائلات يهوديّة عراقيّة تُنقل عبر إيران إلى الكيان الصهيونيّ

***

أمّا الباحث في جامعة أكسفورد د. عباس شبلاق، فيذهب في كتابه، هجرة أمْ تهجير: ظروفُ وملابساتُ هجرة يهود العراق، إلى درجة القول بوجود تنسيقٍ بين الحكومة الملكيّة العراقية والكيانِ الصهيونيّ بهذا الخصوص. فهو يكتب مثلًا:

"حدث تطوّران كان لهما تأثيرٌ عميقٌ في التشجيع على حدوث هجرةٍ جماعيّةٍ لليهود العراقيّين: أوّلُهما، في 7 مايو 1950، حين عُقدت اتفاقيّةٌ لنقل اليهود بين توفيق السويدي، رئيسِ الحكومةِ العراقيّة آنذاك، وبين شلومو هليل، المبعوثِ الإسرائيليّ وأحدِ عملاء جهاز الموساد، وُضعتْ بموجبها عمليّةُ إجلاء اليهود في أيدي السلطات الإسرائيليّة؛ ثانيهما، بدأتْ سلسلةٌ من التفجيرات استهدفتْ أماكنَ يهوديّةً عامّةً في الوقت نفسِه الذي كان هليل يفاوض في بغداد بشأن صفقةِ إجلائهم. وأعلنت الحكومةُ العراقيّة في 26 يونيو 1951 عن اكتشاف خليّةِ تجسّسٍ في بغداد يديرها أجنبيّان ألقي القبضُ عليهما، وهما يهودا تاجر، ومواطنٌ بريطانيّ يدعى روبرت رودني كان عميلًا للموساد. وقد حقّقتْ تلك التفجيراتُ الغرضَ الذي توخّاه مَن كان وراءها. فبعد أوّل اعتداءٍ بالقنابل، أخذ الآلافُ من اليهود يصطفّون أمام مكاتب التسجيل للهجرة. وفي 5 يونيو 1951 وصل كلُّ أولئك الذين سُجّلوا، وعددُهم 105000 نسمة إلى إسرائيل. وبحسب الإحصاءات الإسرائيليّة، فإنّ 124646 يهوديًّا من مواليد العراق قدِموا خلال الفترة منذ تاريخ إقامة إسرائيل في 15 مايو 1948 وأواخر سنة 1953."[4]

***

أمّا الكاتبة الإسرائيليّة والأستاذة في جامعة نيويورك إيلا شوحَط، فقد تساءلتْ في دراسةٍ مطوّلة: "حتى لو أنّ أعدادًا متزايدةً من اليهود في بلدانٍ كالعراق عبّرتْ عن رغبتها بالذهاب إلى إسرائيل، فإنّ السؤالَ هو: لماذا، وبشكلٍ مفاجئ، وبعد ألف عامٍ من غياب مثلِ هذه الرغبة، يريد هؤلاء تركَ حيواتِهم في العراق والمغادرةَ بين عشيّةٍ وضُحاها؟"[5] وتضع شوحَط عدّةَ أسبابٍ لهجرة (أو تهجير) اليهود العراقيّين، يهمّنا أن نتوقّف عند التالية منها:

- الجهود التي بذلتْها الحركةُ الصهيونيّةُ السرّيّة في العراق.

- محاولات هذه الحركة "دقَّ إسفينٍ بين اليهود والمسلمين" في هذا البلد.

- اعتقال الشيوعيّين العراقيّين، وبينهم يهود، ممّن كانوا مناهضين للفكرة الصهيونيّة.

- الاتفاقات السرّيّة بين بعض القيادات الحكوميّة العراقيّة والإسرائيليّة على إجلاء اليهود إلى "إسرائيل."

وتسجِّل شوحَط إدانتَها لمحاولات الصهاينة دمجَ "المسألة العربيّة-اليهوديّة بالمحرقة؛ ومثالٌ على ذلك الحملةُ التي أُطلقتْ لإدخال الفرهود ضمن برامج متحف المحرقة التذكاريّ في الولايات المتحدة."[6] وتضيف أنّ إدانةَ العنف الذي مورِس ضدّ اليهود خلال الفرهود يجب ألّا يُستغلَّ "لمساواة العرب بالنازيّين، وتكريسِ السرديّة المزوّرة حول العداء الإسلاميّ الأبديّ للساميّة." وتمضي شوحَط أبعدَ من ذلك، فتتّهم الخطابَ الأورومركزيّ بإسقاط تجربة إبادة اليهود في أوروبا على ما حدث في العراق، مسجّلةً "أنّه خلال أعمال الفرهود حمى بعضُ المسلمين جيرانَهم من اليهود،" وأنّ أقلّيّةً من اليهود بقيتْ رغم الفرهود وبعد التهجير الجماعيّ في وطنهم العراق.

ومن أسباب بقاءِ هؤلاء، في رأي شوحَط، "أنّهم اعتبروا أنفسَهم عراقيّين أوّلًا وأساسًا، و/أو لأنّهم اعتقدوا بأنّ هذه عاصفةٌ ستمرّ، و/أو لأنّهم، ببساطة، لم يشاؤوا أن ينسلخوا عن حيواتهم."[7] وكمثالٍ على ذلك، تذْكر شوحَط عائلةَ كبير حاخاماتِ اليهود العراقيّين، الحاخام ساسون خضوري، إذ إنّ "أكثرَ أبنائه هاجروا إلى إسرائيل، فيما بقي بعضُهم الآخر في العراق،" وفي مقدّمتهم الحاخام خضوري نفسُه وابنُه شاؤول حتى وفاة الأوّل ببغداد سنة 1971. وقد أصدر الابن، حين هاجر إلى لندن سنة 1999، السيرةَ الذاتيّةَ لوالده الراحل، وفيها "فنّد بشدةٍ الصورةَ السلبيّةَ التي أُلصقتْ بالحاخام الذي طعنت السرديةُ الصهيونيّةُ بسمعته." الكتاب، وعنوانُه راعٍ ورعيّتُه، نشرتْه في القدس هيئةُ الأكاديميّين اليهود من العراق. ومؤلّفُه يناقش، "بحرارةٍ شديدةٍ،" أنّ الحاخام كان، من دون أدنى شكّ، "زعيمًا كرّس حياتَه لأبناء طائفته،" وأنّه "خشيةً منه على مصلحة الطائفة، بل على وجودِها نفسِه،" آثر الدفاعَ عنها "وسط ضغوطٍ شديدةٍ وثمنٍ شخصيٍّ مرتفع..."[8]

***

مقارنةً بما كتبته شوحيط، تبدو محاولةُ الشيوعيّ العراقيّ "السابق" كاظم حبيب، لمقاربة حدث الفرهود المأساويّ وتحليله، غيرَ متوازنة، وسطحيّةً، ولا تخلو من تملّق الكيان الصهيونيّ ومؤسّساتِه الإعلاميّةِ والسياسيّة. ولهذا بادرتْ وزارةُ الخارجيّة الصهيونيّة إلى نشر فقراتٍ ضافيةٍ من دراسته، ضمن مقالةٍ إطرائيّةٍ بقلمه أيضًا، حول مذكّرات الأديب الإسرائيليّ من أصل عراقيّ شموئيل موريه، وذلك على موقعها الرسميّ بتاريخ 25 نيسان (أبريل) 2013، وما تزال المقالةُ منشورةً هناك حتى الآن.[9]

كما برَّأ حبيب أطرافًا أخرى من مسؤوليّةِ ما تعرّضَ له اليهودُ العراقيّون من قمعٍ وتهجيرٍ قسريّ؛ ومن هذه الأطراف الأحزابُ الكرديّةُ وزعاماتُها. والحقّ أنَّ عنوانَ دراسة حبيب يقول كلَّ شيء منذ البداية: فالعنوان "حركة شباط - مايس 1941 الانقلابيّة والفرهود ضدّ اليهود"[10] يَرْبط مباشرةً أحداثَ الفرهود المدانةَ بحركة أيّار 1941 العسكريّة التي قادها رشيد عالي الكيلاني ورفاقُه الأربعة ضدّ النفوذ البريطانيّ. وهذه تبرئةٌ مسبَّقةٌ، وغيرُ معلَّلة، لمصلحة الصهاينة وأطرافٍ أخرى، وتلطيخٌ لصفحة وطنيّين عراقيّين مناهضين للاحتلال البريطانيّ بتهمة النازيّة.

ثمّ ينتقل حبيب إلى أحداث الفرهود والأفعال الإجراميّة التي تخلّلتهْا، ويرصِّع ما كتبه بشهاداتٍ فرديّةٍ وغيرِ موثَّقة غالبًا بشكلٍ عمليٍّ ودقيق. ومن التفاصيل المهمّة التي يتوقّف عندها محاولةُ تفنيده لخروج مجموعاتٍ من اليهود في تظاهرة استقبالٍ وابتهاجٍ بعودة الوصيّ على العرش إلى الحكم بطائرةٍ بريطانيّةٍ حطّت في مطار "الوشاش" بعد القضاء على حكومة الكيلاني وانقلابِه؛ وهو ما قال بعضُ المؤرّخين والكتّاب - من بينهم طارق الناصري - إنّه استفزّ العراقيّين المؤيّدين للكيلاني والمناهضين للاحتلال البريطانيّ، فبدأ الاعتداءُ على اليهود. غير أنّ تفنيدَ حبيب ومَن نقل عنهم يفتقد إلى الرصانة. ومفادُ هذا التفنيد أنّ اليهود قد خرجوا احتفالًا بعيدهم، "عيدِ نزول التوراة عند اليهود، وليس لأغراض الاستفزاز والاحتفاء بعودة الوصيّ على العرش." والمعلومة عن تصادُف عيد شفوعوت اليهوديّ مع هذه الأحداث صحيحة، ولكنْ هل يوجب الاحتفالُ بها الذهابَ الى المطار وإظهارَ البهجة في يومٍ اعتبره العراقيّون يومًا قاتمًا وهزيمةً للاستقلاليّين أمام القوّات البريطانيّة التي أعادت الوصيَّ عبد الإله الى الحكم، واعتبروه بدايةَ مطاردة مناهضي بريطانيا، انتهاءً بإعدام العقداء الأربعة وفرارِ الكيلاني إلى المملكة السعوديّة لاجئًا؟ ليس القصدُ من كلامي هنا تبريرَ أو تسويغَ حدثِ الفرهود في حدّ ذاته، وعمليّاتِ القتل المدانة ضدّ اليهود العراقيّين، حتى لو صحّ ما يُقال من خروج اليهود مبتهجين بعودة الوصيّ؛ فهذا التفصيل لا يبرِّر الجريمةَ التي حدثتْ.
 

Ali Almgdshi

نجوم المنتدي
إنضم
10 أغسطس 2021
المشاركات
362
مستوى التفاعل
428
الإقامة
Dhamar Governorate, Yemen
مجموع اﻻوسمة
2
الفرهود وتهجير اليهود العراقيين
دور الأحزاب الكرديّة العراقيّة في تهجير يهودِ العراق إلى الكيانِ الصهيونيّ أواخرَ ستينيّات القرن الماضي.[2] يكتب نفوت: "لقد زوَّدْنا أصدقاءَنا الأكرد بعناوينِ العائلات اليهوديّة في بغداد ومدنٍ عراقيّةٍ أخرى، حيث وصل الأكرادُ لهذه العائلات وأبلغوها بضرورة الاستعداد للمغادرة." ويُكمل قائلًا إنّ الأكراد قاموا "بنقل العائلات اليهوديّة في جِيبات [سيّارات جِيب] إلى الحدود العراقيّة-الإيرانيّة، ومن ثمّ إلى داخل إيران، ومنها إلى إسرائيل."[3]

كما أشار نفوت إلى دوره شخصيًّا في "تعزيز العلاقات الأمنيّة والاستخباريّة والاقتصاديّة بين إسرائيل وإيران تحت حكم الشاه."



Immigrants_1951.jpg


عائلات يهوديّة عراقيّة تُنقل عبر إيران إلى الكيان الصهيونيّ

***

أمّا الباحث في جامعة أكسفورد د. عباس شبلاق، فيذهب في كتابه، هجرة أمْ تهجير: ظروفُ وملابساتُ هجرة يهود العراق، إلى درجة القول بوجود تنسيقٍ بين الحكومة الملكيّة العراقية والكيانِ الصهيونيّ بهذا الخصوص. فهو يكتب مثلًا:

"حدث تطوّران كان لهما تأثيرٌ عميقٌ في التشجيع على حدوث هجرةٍ جماعيّةٍ لليهود العراقيّين: أوّلُهما، في 7 مايو 1950، حين عُقدت اتفاقيّةٌ لنقل اليهود بين توفيق السويدي، رئيسِ الحكومةِ العراقيّة آنذاك، وبين شلومو هليل، المبعوثِ الإسرائيليّ وأحدِ عملاء جهاز الموساد، وُضعتْ بموجبها عمليّةُ إجلاء اليهود في أيدي السلطات الإسرائيليّة؛ ثانيهما، بدأتْ سلسلةٌ من التفجيرات استهدفتْ أماكنَ يهوديّةً عامّةً في الوقت نفسِه الذي كان هليل يفاوض في بغداد بشأن صفقةِ إجلائهم. وأعلنت الحكومةُ العراقيّة في 26 يونيو 1951 عن اكتشاف خليّةِ تجسّسٍ في بغداد يديرها أجنبيّان ألقي القبضُ عليهما، وهما يهودا تاجر، ومواطنٌ بريطانيّ يدعى روبرت رودني كان عميلًا للموساد. وقد حقّقتْ تلك التفجيراتُ الغرضَ الذي توخّاه مَن كان وراءها. فبعد أوّل اعتداءٍ بالقنابل، أخذ الآلافُ من اليهود يصطفّون أمام مكاتب التسجيل للهجرة. وفي 5 يونيو 1951 وصل كلُّ أولئك الذين سُجّلوا، وعددُهم 105000 نسمة إلى إسرائيل. وبحسب الإحصاءات الإسرائيليّة، فإنّ 124646 يهوديًّا من مواليد العراق قدِموا خلال الفترة منذ تاريخ إقامة إسرائيل في 15 مايو 1948 وأواخر سنة 1953."[4]

***

أمّا الكاتبة الإسرائيليّة والأستاذة في جامعة نيويورك إيلا شوحَط، فقد تساءلتْ في دراسةٍ مطوّلة: "حتى لو أنّ أعدادًا متزايدةً من اليهود في بلدانٍ كالعراق عبّرتْ عن رغبتها بالذهاب إلى إسرائيل، فإنّ السؤالَ هو: لماذا، وبشكلٍ مفاجئ، وبعد ألف عامٍ من غياب مثلِ هذه الرغبة، يريد هؤلاء تركَ حيواتِهم في العراق والمغادرةَ بين عشيّةٍ وضُحاها؟"[5] وتضع شوحَط عدّةَ أسبابٍ لهجرة (أو تهجير) اليهود العراقيّين، يهمّنا أن نتوقّف عند التالية منها:

- الجهود التي بذلتْها الحركةُ الصهيونيّةُ السرّيّة في العراق.

- محاولات هذه الحركة "دقَّ إسفينٍ بين اليهود والمسلمين" في هذا البلد.

- اعتقال الشيوعيّين العراقيّين، وبينهم يهود، ممّن كانوا مناهضين للفكرة الصهيونيّة.

- الاتفاقات السرّيّة بين بعض القيادات الحكوميّة العراقيّة والإسرائيليّة على إجلاء اليهود إلى "إسرائيل."

وتسجِّل شوحَط إدانتَها لمحاولات الصهاينة دمجَ "المسألة العربيّة-اليهوديّة بالمحرقة؛ ومثالٌ على ذلك الحملةُ التي أُطلقتْ لإدخال الفرهود ضمن برامج متحف المحرقة التذكاريّ في الولايات المتحدة."[6] وتضيف أنّ إدانةَ العنف الذي مورِس ضدّ اليهود خلال الفرهود يجب ألّا يُستغلَّ "لمساواة العرب بالنازيّين، وتكريسِ السرديّة المزوّرة حول العداء الإسلاميّ الأبديّ للساميّة." وتمضي شوحَط أبعدَ من ذلك، فتتّهم الخطابَ الأورومركزيّ بإسقاط تجربة إبادة اليهود في أوروبا على ما حدث في العراق، مسجّلةً "أنّه خلال أعمال الفرهود حمى بعضُ المسلمين جيرانَهم من اليهود،" وأنّ أقلّيّةً من اليهود بقيتْ رغم الفرهود وبعد التهجير الجماعيّ في وطنهم العراق.

ومن أسباب بقاءِ هؤلاء، في رأي شوحَط، "أنّهم اعتبروا أنفسَهم عراقيّين أوّلًا وأساسًا، و/أو لأنّهم اعتقدوا بأنّ هذه عاصفةٌ ستمرّ، و/أو لأنّهم، ببساطة، لم يشاؤوا أن ينسلخوا عن حيواتهم."[7] وكمثالٍ على ذلك، تذْكر شوحَط عائلةَ كبير حاخاماتِ اليهود العراقيّين، الحاخام ساسون خضوري، إذ إنّ "أكثرَ أبنائه هاجروا إلى إسرائيل، فيما بقي بعضُهم الآخر في العراق،" وفي مقدّمتهم الحاخام خضوري نفسُه وابنُه شاؤول حتى وفاة الأوّل ببغداد سنة 1971. وقد أصدر الابن، حين هاجر إلى لندن سنة 1999، السيرةَ الذاتيّةَ لوالده الراحل، وفيها "فنّد بشدةٍ الصورةَ السلبيّةَ التي أُلصقتْ بالحاخام الذي طعنت السرديةُ الصهيونيّةُ بسمعته." الكتاب، وعنوانُه راعٍ ورعيّتُه، نشرتْه في القدس هيئةُ الأكاديميّين اليهود من العراق. ومؤلّفُه يناقش، "بحرارةٍ شديدةٍ،" أنّ الحاخام كان، من دون أدنى شكّ، "زعيمًا كرّس حياتَه لأبناء طائفته،" وأنّه "خشيةً منه على مصلحة الطائفة، بل على وجودِها نفسِه،" آثر الدفاعَ عنها "وسط ضغوطٍ شديدةٍ وثمنٍ شخصيٍّ مرتفع..."[8]

***

مقارنةً بما كتبته شوحيط، تبدو محاولةُ الشيوعيّ العراقيّ "السابق" كاظم حبيب، لمقاربة حدث الفرهود المأساويّ وتحليله، غيرَ متوازنة، وسطحيّةً، ولا تخلو من تملّق الكيان الصهيونيّ ومؤسّساتِه الإعلاميّةِ والسياسيّة. ولهذا بادرتْ وزارةُ الخارجيّة الصهيونيّة إلى نشر فقراتٍ ضافيةٍ من دراسته، ضمن مقالةٍ إطرائيّةٍ بقلمه أيضًا، حول مذكّرات الأديب الإسرائيليّ من أصل عراقيّ شموئيل موريه، وذلك على موقعها الرسميّ بتاريخ 25 نيسان (أبريل) 2013، وما تزال المقالةُ منشورةً هناك حتى الآن.[9]

كما برَّأ حبيب أطرافًا أخرى من مسؤوليّةِ ما تعرّضَ له اليهودُ العراقيّون من قمعٍ وتهجيرٍ قسريّ؛ ومن هذه الأطراف الأحزابُ الكرديّةُ وزعاماتُها. والحقّ أنَّ عنوانَ دراسة حبيب يقول كلَّ شيء منذ البداية: فالعنوان "حركة شباط - مايس 1941 الانقلابيّة والفرهود ضدّ اليهود"[10] يَرْبط مباشرةً أحداثَ الفرهود المدانةَ بحركة أيّار 1941 العسكريّة التي قادها رشيد عالي الكيلاني ورفاقُه الأربعة ضدّ النفوذ البريطانيّ. وهذه تبرئةٌ مسبَّقةٌ، وغيرُ معلَّلة، لمصلحة الصهاينة وأطرافٍ أخرى، وتلطيخٌ لصفحة وطنيّين عراقيّين مناهضين للاحتلال البريطانيّ بتهمة النازيّة.

ثمّ ينتقل حبيب إلى أحداث الفرهود والأفعال الإجراميّة التي تخلّلتهْا، ويرصِّع ما كتبه بشهاداتٍ فرديّةٍ وغيرِ موثَّقة غالبًا بشكلٍ عمليٍّ ودقيق. ومن التفاصيل المهمّة التي يتوقّف عندها محاولةُ تفنيده لخروج مجموعاتٍ من اليهود في تظاهرة استقبالٍ وابتهاجٍ بعودة الوصيّ على العرش إلى الحكم بطائرةٍ بريطانيّةٍ حطّت في مطار "الوشاش" بعد القضاء على حكومة الكيلاني وانقلابِه؛ وهو ما قال بعضُ المؤرّخين والكتّاب - من بينهم طارق الناصري - إنّه استفزّ العراقيّين المؤيّدين للكيلاني والمناهضين للاحتلال البريطانيّ، فبدأ الاعتداءُ على اليهود. غير أنّ تفنيدَ حبيب ومَن نقل عنهم يفتقد إلى الرصانة. ومفادُ هذا التفنيد أنّ اليهود قد خرجوا احتفالًا بعيدهم، "عيدِ نزول التوراة عند اليهود، وليس لأغراض الاستفزاز والاحتفاء بعودة الوصيّ على العرش." والمعلومة عن تصادُف عيد شفوعوت اليهوديّ مع هذه الأحداث صحيحة، ولكنْ هل يوجب الاحتفالُ بها الذهابَ الى المطار وإظهارَ البهجة في يومٍ اعتبره العراقيّون يومًا قاتمًا وهزيمةً للاستقلاليّين أمام القوّات البريطانيّة التي أعادت الوصيَّ عبد الإله الى الحكم، واعتبروه بدايةَ مطاردة مناهضي بريطانيا، انتهاءً بإعدام العقداء الأربعة وفرارِ الكيلاني إلى المملكة السعوديّة لاجئًا؟ ليس القصدُ من كلامي هنا تبريرَ أو تسويغَ حدثِ الفرهود في حدّ ذاته، وعمليّاتِ القتل المدانة ضدّ اليهود العراقيّين، حتى لو صحّ ما يُقال من خروج اليهود مبتهجين بعودة الوصيّ؛ فهذا التفصيل لا يبرِّر الجريمةَ التي حدثتْ.
كذا يا استاذي العزيز زادو ا الطين بلله لاخواننا الفلسطينيون في الاراضي العربية واستشعار الرسالة المشؤومة التي تعرف حاليا بوعد بلفور أوضح تعبير عن تعاطف بريطانيا مع مساعي الحركة الصهيونية لإقامة وطن لليهود في فلسطين حيث طلب فيها . الطاعة المطلقة من بعض الدول العربية
رحلوا اليهود بحمايات دولية من العراق كما ذكرت استاذنا الفاضل واليمن ودول المغرب العربي واخر تهجير لليهود من اليمن 2011 برعايات اممية
الله يعطيك العافية على موضوع جديرا بان لاننساهة الله ينور قلبك
 
Comment

امل مفقود

نجوم المنتدي
إنضم
5 مايو 2021
المشاركات
12,576
مستوى التفاعل
4,279
مجموع اﻻوسمة
2
الفرهود وتهجير اليهود العراقيين
مجهود رائع وطرح مميز
الله يعطيك العافيه
 
Comment
أعلى