تواصل معنا

في الشواهد العقلية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اعلم أن المطلوب من هذا الباب معرفة فضيلة العلم ونفاسته وما لم تفهم الفضيلة في نفسها ولم...

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
14,809
مستوى التفاعل
9,368
مجموع اﻻوسمة
9
بيان فضيلة العلم و التعليم

في الشواهد العقلية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اعلم أن المطلوب من هذا الباب معرفة فضيلة العلم ونفاسته وما لم تفهم الفضيلة في نفسها ولم يتحقق المراد منها لم يمكن أن تعلم وجودها صفة للعلم أو لغيره من الخصال فلقد ضل عن الطريق من طمع أن يعرف أن زيداً حكيم أم لا وهو بعد لم يفهم معنى الحكمة وحقيقتها
والفضيلة مأخوذة من الفضل وهي الزيادة فإذا تشارك شيئان في أمر واختص أحدهما بمزيد يقال فضله وله الفضل عليه مهما كانت زيادته فيما هو كمال ذلك الشيء كما يقال الفرس أفضل من الحمار بمعنى أنه يشاركه في قوة الحمل ويزيد عليه بقوة الكر والفر وشدة العدو وحسن الصورة فلو فرض حمار اختص بسلعة زائدة لم يقل إنه أفضل لأن تلك زيادة في الجسم ونقصان في المعنى وليست من الكمال في شيء والحيوان مطلوب لمعناه وصفاته لا لجسمه فإذا فهمت هذا لم يخف عليك أن العلم فضيلة إن أخذته بالإضافة إلى سائر الأوصاف كما أن للفرس فضيلة إن أخذته بالإضافة إلى سائر الحيوانات بل شدة العدو فضيلة في الفرس وليست فضيلة على الإطلاق والعلم فضيلة في ذاته وعلى الإطلاق من غير إضافة فإنه وصف كمال الله سبحانه وبه شرف الملائكة والأنبياء بل الكيس من الخيل خير من البليد فهي فضيلة على الإطلاق من غير إضافة.
واعلم أن الشيء النفيس المرغوب فيه ينقسم إلى ما يطلب لغيره وإلى ما يطلب لذاته وإلى ما يطلب لغيره ولذاته جميعاً فما يطلب لذاته أشرف وأفضل مما يطلب لغيره والمطلوب لغيره الدراهم والدنانير فإنهما حجران لا منفعة لهما ولولا أن الله سبحانه وتعالى يسر قضاء الحاجات بهما لكانا والحصباء بمثابة واحدة
والذي يطلب لذاته فالسعادة في الآخرة ولذة النظر لوجه الله تعالى
والذي يطلب لذاته ولغيره كسلامة البدن فإن سلامة الرجل مثلاً مطلوبة من حيث إنها سلامة للبدن عن الألم ومطلوبة للمشي بها والتوصل إلى المآرب والحاجات وبهذا الاعتبار إذا نظرت إلى العلم رأيته لذيذاً في نفسه فيكون مطلوباً لذاته ووجدته وسيلة إلى دار الآخرة وسعادتها وذريعة إلى القرب من الله تعالى ولا يتوصل إليه إلا به وأعظم الأشياء رتبة في حق الآدمي السعادة الأبدية وأفضل الأشياء ما هو وسيلة إليها ولن يتوصل إليها إلا بالعلم والعمل ولا يتوصل إلى العمل إلا بالعلم بكيفية العمل فأصل السعادة في الدنيا والآخرة هو العلم فهو إذن أفضل الأعمال وكيف لا وقد تعرف فضيلة الشيء أيضاً بشرف ثمرته وقد عرفت أن ثمرة العلم القرب من رب العالمين والالتحاق بأفق الملائكة ومقارنة الملأ الأعلى هذا في الآخرة وأما في الدنيا فالعز والوقار ونفوذ الحكم على الملوك ولزوم الاحترام في الطباع حتى إن أغبياء الترك وأجلاف العرب يصادفون طباعهم مجبولة على التوقير لشيوخهم لاختصاصهم بمزيد علم مستفاد من التجربة بل البهيمة بطبعها توقر الإنسان لشعورها بتمييز الإنسان بكمال مجاوز لدرجتها هذه فضيلة العلم مطلقاً ثم تختلف العلوم كما سيأتي بيانه وتتفاوت لا محالة فضائلها بتفاوتها.
وأما فضيلة التعليم والتعلم فظاهرة مما ذكرناه فإن العلم إذا كان أفضل الأمور كان تعلمه طلباً للأفضل فكان تعليمه إفادة للأفضل وبيانه أن مقاصد الخلق مجموعة في الدين والدنيا ولا نظام للدين إلا بنظام الدنيا فإن الدنيا مزرعة الآخرة وهي الآلة الموصلة إلى الله عز وجل لمن اتخذها آلة ومنزلاً لمن يتخذها مستقراً ووطناً وليس ينتظم أمر الدنيا إلا بأعمال الآدميين
وأعمالهم وحرفهم وصناعاتهم تنحصر في ثلاثة أقسام:
أحدها أصول لا قوام للعالم دونها وهي أربعة:
الزراعة وهي للمطعم
والحياكة وهي للملبس
والبناء وهو للمسكن
والسياسة وهي للتأليف والاجتماع والتعاون على أسباب المعيشة وضبطها.
الثاني: ما هي مهيئة لكل واحدة من هذه الصناعات وخادمة لها كالحدادة فإنها تخدم الزراعة وجملة من الصناعات بإعداد آلاتها كالحلاجة والغزل فإنها تخدم الحياكة بإعداد عملها.
الثالث: ما هي متممة للأصول ومزينة كالطحن والخبز للزراعة وكالقصارة والخياطة للحياكة وذلك بالإضافة إلى قوام أمر العالم الأرضي مثل أجزاء الشخص بالإضافة إلى جملته فإنها ثلاثة أضرب أيضاً:
إما أصول كالقلب والكبد والدماغ.
وإما خادمة لها كالمعدة والعروق والشرايين والأعصاب والأوردة.
وإما مكملة لها ومزينة كالأظفار والأصابع والحاجبين.
وأشرف هذه الصناعات أصولها.
وأشرف أصولها السياسة بالتأليف والاستصلاح ولذلك تستدعي هذه الصناعة من الكمال فيمن يتكفل بها ما لا يستدعيه سائر الصناعات ولذلك يستخدم لا محالة صاحب هذه الصناعة سائر الصناع.
والسياسة في استصلاح الخلق وإرشادهم إلى الطريق المستقيم المنجي في الدنيا والآخرة على أربع:
مراتب الأولى: وهي العليا سياسة الأنبياء عليهم السلام وحكمهم على الخاصة والعامة جميعاً في ظاهرهم وباطنهم.
والثانية: الخلفاء والملوك والسلاطين وحكمهم على الخاصة والعامة جميعاً ولكن على ظاهرهم لا على باطنهم.
والثالثة: العلماء بالله عز وجل وبدينه الذين هم ورثة الأنبياء وحكمهم على باطن الخاصة فقط ولا يرتفع فهم العامة على الاستفادة منهم ولا تنتهي قوتهم إلى التصرف في ظواهرهم بالإلزام والمنع والشرع.
والرابعة: الوعاظ وحكمهم على بواطن العوام فقط.
فأشرف هذه الصناعات الأربع بعد النبوة إفادة العلم وتهذيب نفوس الناس عن الأخلاق المذمومة المهلكة وإرشادهم إلى الأخلاق المحمودة المسعدة وهو المراد بالتعليم، وإنما قلنا إن هذا أفضل من سائر الحرف والصناعات لأن شرف الصناعات يعرف بثلاثة أمور:
إما بالالتفات إلى الغريزة التي بها يتوصل إلى معرفتها كفضل العقول العقلية على اللغوية إذ تدرك الحكمة بالعقل واللغة بالسمع والعقل أشرف من السمع.
وإما بالنظر إلى عموم النفع كفضل الزراعة على الصياغة.
وإما بملاحظة المحل الذي فيه التصرف كفضل الصياغة على الدباغة إذ محل أحدهما الذهب ومحل الآخر جلد الميتة وليس يخفي أن العلوم الدينية وهي فقه طريق الآخرة إنما تدرك بكمال العقل وصفاء الذكاء والعقل أشرف صفات الإنسان كما سيأتي بيانه إذ به تقبل أمانة الله وبه يتوصل إلى جوار الله سبحانه.
وأما عموم النفع فلا يستراب فيه فإن نفعه وثمرته سعادة الآخرة.
وأما شرف المحل فكيف يخفى والمعلم متصرف في قلوب البشر ونفوسهم وأشرف موجود على الأرض جنس الإنس وأشرف جزء من جواهر الإنسان قلبه والمعلم مشتغل بتكميله وتجليته وتطهيره وسياقته إلى القرب من الله عز وجل فتعليم العلم من وجه عبادة لله تعالى ومن وجه خلافة لله تعالى وهو من أجل خلافة الله فإن الله تعالى قد فتح على قلب العالم العلم الذي هو أخص صفاته فهو كالخازن لأنفس خزائنه ثم هو مأذون له في الإنفاق منه على كل محتاج إليه فأي رتبة أجل من كون العبد واسطة بين ربه سبحانه وبين خلقه في تقريبهم إلى الله زلفى وسياقتهم إلى جنة المأوى جعلنا الله منهم بكرمه وصلى الله على كل عبد مصطفى.
♕ إحياء علوم الدين
 
التعديل الأخير:

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
14,809
مستوى التفاعل
9,368
مجموع اﻻوسمة
9
بيان فضيلة العلم و التعليم
الباب الثاني ..
في العلم المحمود والمذموم وأقسامهما وأحكامهما.

وفيه بيان ما هو فرض عين.
وما هو فرض كفاية.
وبيان أن موقع الكلام والفقه من علم الدين إلى أي حد هو.
وتفضيل علم الآخرة.
بَيَانُ الْعِلْمِ الَّذِي هُوَ فَرْضُ عَيْنٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( طَلَبُ العلم فريضة على كل مسلم)
وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم:( اطلبوا العلم ولو بالصين)
واختلف الناس في العلم الذي هو فرض على كل مسلم فتفرقوا فيه أكثر من عشرين فرقة ولا نطيل بنقل التفصيل ولكن حاصله أن كل فريق نزل الوجوب على العلم الذي هو بصدده.
فقال المتكلمون: هو علم الكلام إذ به يدرك التوحيد ويعلم به ذات الله سبحانه وصفاته.
وقال الفقهاء: هو علم الفقه إذ به تعرف الْعِبَادَاتُ وَالْحَلَالُ وَالْحَرَامُ وَمَا يُحَرَّمُ مِنَ الْمُعَامَلَاتِ وما يحل وعنوا به ما يحتاج إليه الآحاد دون الوقائع النادرة.
وقال المفسرون والمحدثون: هو علم الكتاب والسنة إذ بهما يتوصل إلى العلوم كلها.
وقال المتصوفة: المراد به هذا العلم.
فقال بعضهم: هو علم العبد بحاله ومقامه من الله عز وجل.
وقال بعضهم: هو العلم بالإخلاص وآفات النفوس وتمييز لمة الملك من لمة الشيطان.
وقال بعضهم: هو علم الباطن وذلك يجب على أقوام مخصوصين هم أهل ذلك وصرفوا اللفظ عن عمومه.

وقال أبو طالب المكي: هو العلم بما يتضمنه الحديث الذي فيه مباني الإسلام، وهو قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) ( 1 ) إلى آخر الحديث، لأن الواجب هذه الخمس فيجب العلم بكيفية العمل فيها وبكيفية الوجوب.
والذي ينبغي أن يقطع به المحصل ولا يستريب فيه ما سنذكره: وهو أن العلم كما قدمناه في خطبة الكتاب ينقسم إلى:
علم معاملة.
وعلم مكاشفة.
وليس المراد بهذا العلم إلا علم المعاملة، والمعاملة التي كلف العبد العاقل البالغ العمل بها ثلاثة:
اعتقاد.
وفعل.
وترك.
فإذا بلغ الرجل العاقل بالاحتلام أو السن ضحوة نهار مثلاً فأول واجب عليه تعلم كلمتي الشهادة وفهم معناهما، وهو قول لا إله إلا الله محمد رسول الله، وليس يجب عليه أن يحصل كشف ذلك لنفسه بالنظر والبحث وتحرير الأدلة بل يكفيه أن يصدق به ويعتقده جزماً من غير اختلاج ريب واضطراب نفس. وذلك قد يحصل بمجرد التقليد والسماع من غير بحث ولا برهان إذ اكتفى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجلاف العرب بالتصديق والإقرار من غير تعلم دليل ( 2 )
فإذا فعل ذلك فقد أدى واجب الوقت وكان العلم الذي هو فرض عين عليه في الوقت تعلم الكلمتين وفهمهما وليس يلزمه أمر وراء هذا في الوقت بدليل أنه لو مات عقيب ذلك مات مطيعاً لله عز وجل غير عاص له، وإنما يجب غير ذلك بعوارض تعرض وليس ذلك ضرورياً في حق كل شخص بل يتصور الانفكاك وتلك العوارض:
إما أن تكون في الفعل.
وإما في الترك.
وإما في الاعتقاد.

أما الفعل فبأن يعيش من ضحوة نهاره إلى وقت الظهر فيتجدد عليه بدخول وقت الظهر تعلم الطهارة والصلاة، فإن كان صحيحاً وكان بحيث لو صبر إلى وقت زوال الشمس لم يتمكن من تمام التعلم والعمل في الوقت بل يخرج الوقت لو اشتغل بالتعلم فلا يبعد أن يقال: الظاهر بقاؤه فيجب عليه تقديم التعلم على الوقت.
ويحتمل أن يقال: وجوب العلم الذي هو شرط العمل بعد وجوب العمل فلا يجب قبل الزوال، وهكذا في بقية الصلوات.
فإن عاش إلى رمضان تجدد بسببه وجوب تعلم الصوم، وهو أن وقته من الصبح إلى غروب الشمس، وأن الواجب فيه النية والإمساك عن الأكل والشرب والوقاع.
وأن ذلك يتمادى إلى رؤية الهلال أو شاهدين.
فإن تجدد له مال أو كان له مال عند بلوغه لزمه تعلم ما يجب عليه من الزكاة ولكن لا يلزمه في الحال إنما يلزمه عند تمام الحول من وقت الإسلام. فإن لم يملك إلا الإبل لم يلزمه إلا تعلم زكاة الإبل.
وكذلك في سائر الأصناف.
فإذا دخل في أشهر الحج فلا يلزمه المبادرة إلى علم الحج مع أن فعله على التراخي فلا يكون تعلمه على الفور ولكن ينبغي لعلماء الإسلام أن ينبهوه على أن الحج فرض على التراخي على كل من ملك الزاد والراحلة إذا كان هو مالكاً حتى ربما يرى الحزم لنفسه في المبادرة فعند ذلك إذا عزم عليه لزمه تعلم كيفية الحج ولم يلزمه إلا تعلم أركانه وواجباته دون نوافله فإن فعل ذلك نفل فعلمه أيضاً نفل فلا يكون تعلمه فرض عين.
وفي تحريم السكوت عن التنبيه على وجوب أصل الحج في الحال نظر يليق بالفقه.
وهكذا التدريج في علم سائر الأفعال التي هي فرض عين.

وأما التروك:
فيجب تعلم علم ذلك بحسب ما يتجدد من الحال،
وذلك يختلف بحال الشخص إذ لا يجب على الأبكم تعلم ما يحرم من الكلام، ولا على الأعمى تعلم ما يحرم من النظر، ولا على البدوي تعلم ما يحرم الجلوس فيه من المساكن فذلك أيضاً واجب بحسب ما يقتضيه الحال.
فما يعلم أنه ينفك عنه لا يجب تعلمه.
وما هو ملابس له يجب تنبيهه عليه، كما لو كان عند الإسلام لابساً للحرير أو جالساً في الغصب أو ناظراً إلى غير ذي محرم. فيجب تعريفه بذلك.
وما ليس ملابساً له ولكنه بصدد التعرض له على القرب كالأكل والشرب فيجب تعليمه حتى إذا كان في بلد يتعاطى فيه شرب الخمر وأكل لحم الخنزير فيجب تعليمه ذلك وتنبيهه عليه وما وجب تعليمه وجب عليه تعلمه.
وأما الاعتقادات وأعمال القلوب فيجب علمها بحسب الخواطر، فإن خطر له شك في المعاني التي تدل عليها كلمتا الشهادة فيجب عليه تعلم ما يتوصل به إلى إزالة الشك
فإن لم يخطر له ذلك ومات قبل أن يعتقد أن كلام الله سبحانه قديم وأنه مرئي وأنه ليس محلاً للحوادث إلى غير ذلك مما يذكر في المعتقدات فقد مات على الإسلام إجماعاً، ولكن هذه الخواطر الموجبة للاعتقادات بعضها يخطر بالطبع وبعضها يخطر بالسماع من أهل البلد فإن كان في بلد شاع فيه الكلام وتناطق الناس بالبدع فينبغي أن يصان في أول بلوغه عنها بتلقين الحق فإنه لو ألقى إليه الباطل لوجبت إزالته عن قلبه وربما عسر ذلك كما أنه لو كان هذا المسلم تاجراً وقد شاع في البلد معاملة الربا وجب عليه تعلم الحذر من الربا وهذا هو الحق في العلم الذي هو فرض عين ومعناه العلم بكيفية العمل الواجب فمن علم العلم الواجب ووقت وجوبه فقد علم العلم الذي هو فرض عين.

وما ذكره الصوفية من فهم خواطر العدو ولمة الملك حق أيضاً ولكن في حق من يتصدى له فإذا كان الغالب أن الإنسان لا ينفك عن دواعي الشر والرياء والحسد فيلزمه أن يتعلم من علم ربع المهلكات ما يرى نفسه محتاجاً إليه، وكيف لا يجب عليه وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ شُحٌّ مُطَاعٌ وَهَوًى مُتَّبَعٌ وَإِعْجَابُ المرء بنفسه) ( 3 )
ولا ينفك عنها بشر.

وبقية ما سنذكره من مذمومات أحوال القلب كالكبر والعجب وأخواتها تتبع هذه الثلاث المهلكات، وإزالتها فرض عين، ولا يمكن إزالتها إلا بمعرفة حدودها، ومعرفة أسبابها، ومعرفة علاماتها، ومعرفة علاجها، فإن من لا يعرف الشر يقع فيه.
والعلاج هو مقابلة السبب بضده، وكيف يمكن دون معرفة السبب والمسبب، وأكثر ما ذكرناه في ربع المهلكات من فروض الأعيان وقد تركها الناس كافة اشتغالاً بما لا يعنى
ومما لا ينبغي أن يبادر في إلقائه إليه، إذا لم يكن قد انتقل عن ملة إلى ملة أخرى الإيمان بالجنة والنار والحشر والنشر حتى يؤمن به ويصدق، وهو من تتمة كلمتي الشهادة فإنه بعد التصديق بكونه عليه االصلاة و السلام رسولا ينبغي أن يفهم الرسالة التي هو مبلغها، وهو أن من أطاع الله ورسوله فله الجنة ومن عصاهما فله النار فإذا انتبهت لهذا التدريج علمت أن المذهب الحق هو هذا، وتحققت أن كل عبد هو في مجاري أحواله في يومه وليلته لا يخلو من وقائع في عبادته ومعاملاته عن تجدد لوازم عليه، فيلزمه السؤال عن كل ما يقع له من النوادر ويلزمه المبادرة إلى تعلم ما يتوقع وقوعه على القرب غالباً فإذا تبين أنه عليه الصلاة والسلام إنما أراد بالعلم المعرف بالألف واللام فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( طَلَبُ العلم فريضة على كل مسلم) علم العمل الذي هو مشهور الوجوب على المسلمين لا غير فقد اتضح وجه التدريج ووقت وجوبه والله أعلم.
_________

( 1 ) حديث بني الإسلام على خمس الحديث متفق عليه من حديث ابن عمر
( 2 ) حديث اكتفى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجلاف العرب بالتصديق والإقرار من غير تعلم دليل مشهور في كتب السير والحديث فعند مسلم قصة ضمام بن ثعلبة
( 3 ) حديث ثلاث مهلكات شح مطاع الحديث أخرجه البزار والطبراني وأبو نعيم والبيهقي في الشعب من حديث أنس بإسناد ضعيف.

♕ إحياء علوم الدين
 
Comment

هدوء

مستشار اداري
نائب المدير العام
إنضم
24 مارس 2022
المشاركات
26,255
مستوى التفاعل
30,367
مجموع اﻻوسمة
11
بيان فضيلة العلم و التعليم
IMG_7714.jpeg
 
Comment

سمارة

مشرفة القسم العام
الاشراف
إنضم
8 مارس 2023
المشاركات
15,468
مستوى التفاعل
17,851
مجموع اﻻوسمة
12
بيان فضيلة العلم و التعليم
جزاك الله كل آلخير
استاذي جاروط
جعله الله فى ميزان حسناتك
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
14,809
مستوى التفاعل
9,368
مجموع اﻻوسمة
9
بيان فضيلة العلم و التعليم
Comment

كاسيوبيا

❥غــجــريـة الــمــجــرة❥
مستشار الادارة
إنضم
14 أبريل 2023
المشاركات
47,640
مستوى التفاعل
54,350
الإقامة
مجرة أندروميدا
مجموع اﻻوسمة
20
بيان فضيلة العلم و التعليم
~

جزاك الله خير الجزاء
عمي الغالي جاروط @جاروط
أحببت ما كتبت 🌺🌺
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
14,809
مستوى التفاعل
9,368
مجموع اﻻوسمة
9
بيان فضيلة العلم و التعليم
~

جزاك الله خير الجزاء
عمي الغالي جاروط @جاروط
أحببت ما كتبت 🌺🌺
حباك نبيك ـ صلى الله عليه وسلم
و رزقك زيارته في الدنيا
و رفقته ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الآخرة
 
Comment
أعلى