تشرينيات...

[الجوري]

في المقهى الأدبي، لا نجلس فقط لنحتسي قهوة الخريف، بل لنصغي إلى ما يقوله هذا الشهر الذي يشبه مرآة قديمة؛ تكشف ملامحنا بقدر ما تكشف غبار الزمن. تشرين ليس مجرّد ورقة تتساقط من روزنامة العام، بل هو حالة وجودية كاملة: يجيء وفي يده مطر يلمّع الأرصفة، وفي الأخرى ريح تسرق أوراق الشجر، وفي قلبه خليط من حزنٍ نبيل وفرحٍ محتشم.

تشرين هو الشهر الذي نتذكّر فيه أن الحياة ليست بيضاء ولا سوداء، بل فسيفساء من ابتسامة موظف متعب، ودمعة أرملة على حافة ساعة، وحلم طفل يصرّ أن يطلق طائرة ورقية، حتى لو قالت السلطات إن الهواء لم يعد لنا.
هو شهر الأسئلة الثقيلة: ماذا خسرنا؟ ماذا ربحنا؟ وأيّ طقوس صغيرة ما زالت تحفظ لنا إنسانيتنا؟

هنا، نفتح دفتر تشرينيات ليكون ساحة بوح ومشاركة. دعونا نكتب معًا ما يبوح به تشرين لنا جميعًا:

ذكرياتكم مع هذا الشهر.

نصوص أدبية أو خواطر او مقالات أوومضات ولدت في برده وأمطاره.

صور أو قصائد أو حتى أحلام صغاركم حين رفعوا أعينهم إلى السماء.


فلنجعل من تشرينياتنا دفترًا جماعيًا، نخطّ فيه بالحبر والقهوة والأمل، أن الطائرة الورقية ستظل تبحث عن سماء، وأننا – رغم التعب – لم نتنازل بعد.

 

[الجوري]

الأول من تشرين الأول

هذا الشهر، يشبه موظفًا متعبًا يجلس خلف مكتبه، يوزّع أوراقًا مثقلة بالمنغصات، ويبتسم ابتسامة باردة كأنها أمرٌ إداري. في تشرين الأول، نشعر أن الحياة وقّعت عقد طلاقٍ مع السعادة، وأن الأيام تسير ببطء الأرامل، تبحث عن دفءٍ في حجور عقارب الساعة، فتجد نفسها دائمًا على هامش الموعد، متأخرة عن الفرح دقيقةً أو ألف عام.

لكننا، رغم هذا كله، نصمد. نتشبّث كما يتشبث توأم الجوزاء ببعضهما في سماءٍ لا تعرف الاستقالة. قد يجلدنا شهاب مارق بلعناته، أو يغطينا نجمٌ صاخب بأضوائه المبالغ فيها، لكننا باقون، لا نسقط بسهولة، ولا نبيع أرواحنا لأول ريح.

والأطفال؟ أولئك الذين لا يعرفون بعدُ معنى الهزيمة الكبرى، يمر ببالهم سؤالٌ بسيط: لمَ لا نطلق طائرة ورقية؟ ما المانع أن نحمل علمًا، أو فراشة، أو حتى رسمة لحقنة طبّية، ونتركها تعانق الهواء؟
لكن الجواب يأتي قاسيًا: الرفض. ليس رفضًا عاديًا، بل رفضٌ مزوّد بتقارير "فسيوجغرافية" جافة، تقنعك أن حتى الهواء لم يعد لنا.

هنا تكمن المفارقة التي يعرفها الكبار ولا يحتملها الصغار: أن البساطة جريمة، وأن الفرح يحتاج إلى تصريح رسمي، وأن الطائرة الورقية لا تطير إلا إذا أُجيز لها بالتحليق من سلطة لا تؤمن بالسماء.

في مثل هذا الشهر، ندرك أن العالم لم يعد يتسع لأحلام صغيرة. ومع ذلك، نتمسك بها، نخبئها تحت الوسادة أو في دفتر طفل. ليس لأننا أغبياء، بل لأننا نعلم أن من يتنازل عن الطائرة الورقية اليوم، سيتنازل عن السماء كلها غدًا.
الجوري ...

 

[هدوء]

:



ويطل علينا بهاء همسك كالنهر الجارف
ينقل معه قصص الأمس وحكايا اليوم ..
وعروس تشرين عندما تتحقق الاساطير ..
على صفحات الورق ..
عندما تفضحنا/
اصابع الشوق/
وعورات الشعور/
وتلك الذكريات القابعة في الوتين ،،




همس الجوري
هنا تنحني كل عذارى الأرض
وحكايات الف ليلة وليلة ..
حتى وإن استعصت اوردة النبض
أن تبوح ..



؛

كنت هنا وسأكون

 

[ندى الورد]

الله على مووضوعك جووري
تشرين الي هو اكتوبر يقولون
انه شهر الحب وانا اقول تشرين
وكل الشهور موووسم لكل احباببي

 

[ندى الورد]

يثبت

 

[هدوء]

القادم من نبض الماضي ..
حيث أنا وانت وحكاية ترويها فواصل الأيام
تشح الحروف حين اذكرهم بـ أول آلمسآء..
تبوحك الأشياء وتتحاور بك ،، حولي "
ووتعارك أحيان .،
بين مد الغياب ..
وجزر الاماني.،

كل الأيام تمر علينآ متشآبهه
سنه وسآعه وشهر
لكن كل يوم بمشآعر مختلفه !!
اتسائل :​

أين أنت ~
يامن توقض هذا التبلد بداخلي ،،
فلا زلت مابين سماء الأمل ،،
ورصيف الأماني ..!



()
إحدى حوانيت الإنتظار .. لا أكثر

 

[ندى الورد]

تشرين ليس شهرًا فحسب، بل مزاجٌ كامل من التأمل، والذكريات، والأحاديث الطويلة تحت غطاء المساء

 

[ندى الورد]

تشرين، شهر المطر الأول، حين تهمس السماء للأرض بأول حبّات الحنين، فتُغسَل الأرواح كما تُغسل الطرقات

 

[الجوري]

تشرين أشبه بممرّ طويل، تكسوه المرايا العمياء، حيث كل مرآة تعكس ظلًّا لا يجرؤ على أن يكون وجهًا كاملاً. الحكايا التي وُلدت على ضوء السهر لم تكن مجرد قصصٍ تُروى لتملأ فراغ العتمة، بل كانت كائنات حيّة تتنفس بين الشفاه، كطيورٍ من ورقٍ تُقلّبها الرياح في أروقة الليل. كانت تعزف لحنًا لا يُشبه أي لحنٍ آخر: خليط من حنينٍ صاخب وخوفٍ مكتوم، نغمة لقاءٍ لم يكتمل، كأنه وُلد كي يعيش في مساحة مؤقتة بين القلب والعدم.

لكن الزمن، يملك سطوة لا ترحم. هو السيّد القديم الذي جلس على عرشه قبل أن نعرف معنى الحكاية، وقبل أن نتعلّم لغة الشوق. وما من حكاية تستطيع أن تقاوم قوانينه إلا إذا كانت ممهورة بدمٍ أو دمعة. ومع مرور الأيام، بدأت تلك الحكايا تتساقط كما أوراق الخريف، لا بضجيج، بل بخفوتٍ يشبه الاعتراف الأخير قبل الموت. الورقة الأولى تسقط، فتظنها زلة ريح. الثانية تهوي، فتقول: ما زال في الشجرة حياة. الثالثة والرابعة... حتى تغدو الأرض سجادة من الذكريات اليابسة، والشجرة عارية، واقفة كهيكلٍ بلا روح.

حكايا تشرين حين تتساقط، لا تختفي. بل تظلّ راقدة في التربة، تتحلّل ببطء، وتغذّي شيئًا لا نراه. وربما لهذا السبب تبقى أرواحنا مشدودة إلى ليالٍ بعيدة، إلى لحظات كنا نظنها عابرة فإذا بها تُقيم فينا كما يقيم الغبار في زوايا البيوت القديمة. نحن لا نفقد الحكايا حقًا، بل نتحوّل نحن أنفسنا إلى مقبرة لها، نحملها في صدورنا كما يحمل البحر حطام السفن الغارقة في عمقه.

 

[الجوري]

ها هو الغياب، لا كجرحٍ عابر يُشفى مع الوقت، بل كحرارةٍ خامدةٍ تسكن الجلد، كحرقٍ من الدرجة الأولى: يبدو سطحيًّا للعين، لكنه يظل يلسع في الداخل. أحيانًا يسمّونه "فترة راحة" من العلاقة، لكن هل هي راحة فعلًا أم صكّ مؤجَّل للنهاية؟ طرفٌ واحد يطلب هواءً أوسع، ومساحةً يتنفّس فيها دون أن يُفكّر بما يتركه في صدر الآخر.

في هذا الابتعاد، يتوهّم أحدهم أنّ العودة ستكون سهلة، أن الباب سيبقى مواربًا. لكن المرأة، حين تعرف طعم الأرض التي غابت عنها شمس الحرية دهورًا، وتتحرر، لن تعود كما كانت. لن يكون الرجوع إليها بسيطًا، إلا إذا جاء الأول بلهفةٍ صادقة، عطشٍ يُشبه من يعود إلى أرضٍ عطشى للمطر.

أبحث عن الحقيقة في هذا كله، تحت أوراق الخريف المتساقطة. الربيع لا يجلب حقيقةً ولا يكشفها، هو مجرّد خدعة ألوان. الصيف وحده، بحرارته التي لا تُطاق، يفضح الأشياء، يكشف أن بعض الفواصل ليست استراحةً، بل قطيعة متخفّية. والخريف، بخطواتنا فوق أوراقه الهشّة، يعلّمنا أن كل غيابٍ، كل ابتعادٍ، يترك أثرًا لا يُمحى.

الحقيقة؟ ليست كل جروح الغياب تبرأ. بعضها يظلّ يعيش فينا، يغيّر خرائطنا الداخلية، ويحوّلنا إلى أناسٍ آخرين لا يعرفون العودة كما كانت.

 

[ندى الورد]

تشرين لا يبوح، بل يلمّح. لا يصرخ، بل يهمس. لا يُفرط في الحزن، لكنه لا يخلو من الشجن. فيه نكتشف الجمال في التغيّر، وفيه نفهم أن لكل شيء نهاية، لكن ليست كل نهاية حزينة.





هو شهر العودة إلى الذات… حين تفرغ الأرصفة وتُقفل النوافذ، وتبقى الأرواح مفتوحة على تأملٍ داخليّ لا ينتهي

 

[ندى الورد]

وفي مساء تشرين ، تصبح الأغاني أكثر صدقًا

، والحنين أكثر وضوحًا. تشرين لا يمنحنا حبًا جديدًا

دائمًا، لكنه يُعلّمنا كيف نُحب ما بقي، وكيف


نشتاق لما رحل، دون أن ننكسر