-
- إنضم
- 2 يونيو 2024
-
- المشاركات
- 3,933
-
- مستوى التفاعل
- 2,309
-
- العمر
- 41
-
- الإقامة
- في عالم موازي
- مجموع اﻻوسمة
- 10
سلسلة « لك أن تتخيل»
هناك لحظاتٌ تتجاوز الوصف… لحظاتٌ لا يشبهها زمن ولا يُقارن بها شعور،
لحظاتٌ تشعر فيها أن الكلمات تضيق، وأن النفس تُساق إلى الحقيقة سوقًا.
وأعظم هذه اللحظات: لحظة الوقوف بين يدي الله؛
اللحظة التي ينكشف فيها كل ما حاولت أن تخفيه…
وتظهر فيها حقيقتك كما هي، بلا تبرير، بلا تهذيب، بلا ظلّ يحميك.
🩶 تخيّل المشهد ببطءٍ يخلخل روحك:
أرضٌ واسعة كأنها صفحةٌ بيضاء،
سماءٌ ساكنة لا يحملها سحابٌ ولا ريح،
وجموعٌ لا آخر لها… لكن لا أحد يرى الآخر،
لأن كل إنسان مشغول بقلبه:
كيف سيقابل ربّ العالمين؟
الجسدُ يتحرّك في صمت،
والأنفاس ثقيلة،
والقلب ينبض كأنه يعتذر عن عمرٍ ضيّعه.
ثم يُقال:
«وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ»
كلمة واحدة… لكنها تفصل بين حياتين:
حياةٍ عبرت كما يعبر الغبار،
وحياةٍ تُكشف الآن لحظة بلحظة.
– تلك النظرة التي جرحت بها قلبًا ثم نسيتها.
– تلك النية التي خبّأتها عن الناس ولم تستطع إخفاءها عن الله.
– تلك الكلمة التي قلتها في غضبٍ فكسرت روحًا ضعيفة.
– تلك اللحظة التي تباهيت فيها بعملٍ كان ينبغي أن يكون خالصًا.
وتظهر أيضًا الأعمال التي حسبتها عابرة… فإذا بها أعظم ما في صحيفتك:
– توبة قلتها وأنت تترنح من العجز.
– استغفار خرج منك كسهمٍ يكسر جدار الذنب.
– دمعة نزلت في سجدة لم ينتبه لها أحد… لكنها لم تغب عن الله.
– صدقة يسيرة دفعتها، لكنك دفعتها من قلبٍ يثق بالله أكثر مما يثق بجيبه.
– كلمة ثبّتّ بها قلبًا يائسًا، فكتبها الله لك في ميزان لا يضيع فيه شيء.
الله لا يسأل عن مقدار الخطوات…
بل عن الوجهة.
ولا يزن كثرة الأعمال…
بل صدق القلب حين فعلها.
ولا ينظر إلى ما رأه الناس…
بل إلى ما حاولت إخفاءه عنهم.
ليس عذابه… بل ندمه.
الندم على دقيقة كان يستطيع أن يجعلها نورًا فلم يفعل،
وعلى سجدة كان يمكن أن تُغيّر مصيره فتركها،
وعلى لحظة صدقٍ كان يمكن أن يقترب بها… فانشغل بما لا يساوي شيئًا.
أن الله يُنادي عبدًا بعملٍ ظنّ أنه لا قيمة له:
“أتذكر تلك اللحظة؟
حين قلت: يا رب، إني لا أملك شيئًا إلا قلبي؟
أنا لم أنسها.”
وفي هذه اللحظة…
لا يبكي الإنسان خوفًا،
بل يبكي لأنه أدرك أن الله كان قريبًا منه في أشدّ لحظات ضعفه،
وأنه حفظ له ما توهّم أنه ضاع.
🩵 فاستعد لهذه اللحظة من الآن…
ليس بكثرة ما تعمل،
بل بصدق ما تعمل.
بلحظة تقول فيها لله وحده:
“يا رب… اجعل عملي خالصًا، واجعل قلبي طاهرًا، واجعل خاتمتي نورًا.”
اجمع لنفسك من الآن ما يقف معك حين تقف وحدك،
واجعل في عمرك لحظاتٍ لا تُنسى في السماء…
ولو نسيها الناس على الأرض.
ويبقى ما كان لله.
وهناك، بين يديه، ستعرف أن لحظة صدقٍ واحدة…
كانت أغلى من الدنيا كلها.
اسم الموضوع : سلسلة « لك أن تتخيل»
|
المصدر : قسم الغابة الاسلامي

