تواصل معنا

فتاة المترو : الجزء الأول ترقب الجميع ظهور ذلك المارد العملاق ليخرج من النفق المظلم بضجيجه المعهود ، وهو يبطئ من سرعته حتى يتوقف تماما أمام الركاب . ثم...

مؤيد

نجوم المنتدي
إنضم
22 يونيو 2022
المشاركات
817
مستوى التفاعل
203
العمر
20
الإقامة
عالم الخيال
فتاة المترو

فتاة المترو : الجزء الأول

ترقب الجميع ظهور ذلك المارد العملاق ليخرج من النفق المظلم بضجيجه المعهود ، وهو يبطئ من سرعته حتى يتوقف تماما أمام الركاب .
ثم انفتحت أبوابه على المصراعين ، ودارت المعركة الأبدية بين الطرفين . المغادرون والفريق الآخر ممن أراد أن يستقل المترو ، وهم يتحركون بأقصى سرعتهم للمحاولة بالفوز بمقعد داخل ذلك التابوت المتحرك .
وانتظرت أنا كعادتي ، حتى انطلقت الصفارة التي تعلن اقتراب إغلاق الأبواب وقفزت قفزة رشيقة لأقف بجانب الباب وأضع يدي في جانب البنطال وأنا أقف في هدوء وأنظر إلى ساعتي الجميلة التي أهدتها لي إحدى صديقاتي الفتيات للتو ، وأحسب ما تبقى لي حتى أصل إلى محطتي الأخيرة بجانب منزلي .
كان الجو حارا أكثر من المعتاد ، لكني معتاد أن أتعايش في درجات حرارة عالية بفضل نشأتي خارج البلاد . وأخرجت السماعات الخاصة بي في ضجر ، وأوصلت طرفها في هاتفي المحمول لأستمع إلى بعض الموسيقى الهادئة لعلها تقصر المسافة التي سأنتظرها داخل التابوت الساخن .

فتاة المترو : الجزء الثاني

وانسابت الموسيقى ناعمة في أذني لترخي عضلات جسدي تدريجيا وأسدلت رأسي على باب المترو وأنا أتذكر رحلتي الأخيرة في صمت ثم لاحت ابتسامة من الشاب الواقف أمامي وهو يهمس إلى ذلك الآخر الذي يقف إلى جواره ، ويشير بإشارة خفية إلى نقطة بعيدة عن بصري ، فلم أكترث ، فهذه هي عادة المراهقين في التعليقات على كل كهل متصاب ، أو على فتاة مبهرجة .
وشيئا فشيئا بدأت ألاحظ أن أنظار الجميع تتجه إلى هذه النقطة حتى اشتعل الفضول في أعماقي .
لكني كنت على يقين أن الأمر لا يستحق حتى مجرد النظرة حتى وجدت تلك السيدة التي تجلس واضعة يدها على خدها وتنظر في نفس الاتجاه وتعتريها ملامح الحسرة والضيق ، تقدمت منها في صمت وخفوت ، فلم ألحظ أي شخص انتبه إلى حركتي فوقفت في بساطة لأمد يدي بحركة تلقائية وأنزع السماعات من أذني ، وكان يجب علي أن أنظر بشكل طبيعي إلى تلك البقعة وأنا أمسك بيدي اليمنى السماعة وأنا أخلعها من أذني اليمنى أيضا ، لأنظر إلى اليسار وتجمدت يداي وأنا أنظر إلى تلك الفتاة تقف في نهاية العربة ، وهي تعير ظهرها إلى الجميع ممسكة بمقبض الباب وتنظر باتجاه النافذة .
ولكن لم يكن هذا هو سبب اندهاش الجميع ، فقد كانت شبه عارية وهي تقف غير معيرة أي اهتمام وكأن الأمر لا يعنيها ، وذلك الفستان الخفيف الضيق على صدرها يكاد أن يتمزق وينسدل في نعومة ليبرز تضاريس نصفها السفلي في وقاحة .

قصص قصيرة معبرة عن الحياة ( 3 )

فتاة المترو : الجزء الثالث

واشتعل الغضب في جسدي فجأة ، لكني لم أتحرك ، وزفرت في حنق واتجهت إلى الجهة البعيدة من العربة وأنا أترقب خروجها ، في أي محطة قبل أن أصرخ في وجهها . ولكنها انتظرت ، وانتظرت .
ولم يتبق سوى محطتين فقط على مغادرتي والجميع يتهامسون ويتلامزون من حولها .
وفجأة دخلت إلى العربة سيدة عجوز قصيرة ترتدي عباءة سوداء بسيطة وعلى وجهها علامات الذل والانكسار شدت انتباهي وهي تحمل كيسا تضع فيه عدة أدوية .
وبدأت تستعطف الراكبين بكلماتها الذليلة . ولم ينتبه إليها أحد على الرغم من شكواها بأن ابنتها مصابة بالسرطان فقد كانت الأنظار كلها متوجهة إلى تلك الفتاة فأخرجت مبلغا بسيطا لأعطيها إياه حتى أثبت أن هناك من يسمعها ، ويحاول أن يساعدها . حتى إنها لاحظت علامات الضيق على وجهي ورفعت يديها تدعو لي ، فابتسمت بالرغم عني وأنا أمسك يديها وأنزلها إلى جوارها متمتما بكلمات غير مسموعة ، فنظرت إلي في امتنان وأكملت طريقها داخل العربة تستعطف القلوب التي امتلأت بالغريزة وهم يحفرون صورة ذلك الجسد في أذهانهم . وأنا أراقب العجوز في صمت حتى وصلت إلى نهاية العربة لتحاول أن تأخذ شيئا من تلك الفتاة ، حتى مدت الفتاة يدها في حقيبتها الصغيرة لتخرج بعض النقود في يدها ، وتستدير إلى السيدة العجوز لترتسم عليها أقصى درجات الدهشة وهي تحدق في السيدة .
وساد الصمت في العربة بشكل غريب .
حتى سمع الجميع تلك الفتاة وهي تهتف بكلمة واحدة .
– أمي ؟!!
لترفع السيدة يدها وتنهال علي الفتاة بصفعة مدوية رجت فؤادها وفؤاد كل الحاضرين

 
اسم الموضوع : فتاة المترو | المصدر : قصص من ابداع الاعضاء

هدوء

مستشار اداري
نائب المدير العام
إنضم
24 مارس 2022
المشاركات
27,296
مستوى التفاعل
30,958
مجموع اﻻوسمة
12
فتاة المترو
1EE160C5-AB74-43F2-8BFD-5EE94632A443.jpeg
 
Comment

رحال

الصبر طيب
نجوم المنتدي
إنضم
5 يونيو 2022
المشاركات
35,904
مستوى التفاعل
9,025
مجموع اﻻوسمة
6
فتاة المترو
مؤيد
يسلمو على النقل
دمت بسعا ده
 
Comment
أعلى