كارثة عيد الحب.. كيف يتسبب يوم واحد في انهيار كثير من العلاقات العاطفية؟
![كيف يُسبّب يوم الحبّ التوتّر والانهيار لكثير من العلاقات العاطفية؟ كيف يُسبّب يوم الحبّ التوتّر والانهيار لكثير من العلاقات العاطفية؟](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2022/02/IMG_6247.jpg?resize=770%2C513)
عروض وخصومات، ومحلّات تكتسي باللون الأحمر، وإعلانات مدفوعة تظهر لكَ على حساباتك على منصّات التواصل الاجتماعي، مطاعم بحاجة إلى حجز مسبق، وأخرى منذ أسابيع عدّة قد امتلأت حجوزاتها لهذا اليوم. فيديوهات لأفكار ابتكارية، فُلان يُفاجئ عشيقته في المطار، وآخر يشتري دُمية ضخمة يحملها في الشارع ويمشي بها أمام المارّة، والنّاس يُصوّرونه ويكتبون اقتباسات عن الحب والعشق والهيام. ورود وصور لعشاء رومانسي، وفائض من التسويق التجاري حول أهمّية أن تُقدِّر شريكك الزوجي أو العاطفي، وحول الطريقة التي يجب أن تُعبِّر له بها عن حبّك وهيامك.
لكنّ أرقامًا وإحصاءات ومتابعات علمية متعدّدة تُشير إلى أنّ كثيرًا من حالات الانفصال العاطفي والمشكلات الزوجية تحدث خلال فترة يوم الحبّ، بما يسبقه بأسبوع، وما يليه من أسبوع، ففي إحدى الدراسات التي تتبّعت منشورات مُستخدمي الفيسبوك وتحديثاتهم لحالتهم العاطفية، وجد باحثون أنّ يوم الحب والفترة التي تسبقه وتليه تُمثّل قمّة موجة المُنحنى الذي يرصد المنشورات التي تتحدّث عن الانفصال (لقد انفصلتُ مُؤخّرًا عن شريكي، شريكتي، زوجي، زوجتي، بسبب…)، وهي الفترة التي تتحوّل الحالة العاطفية فيها إلى: أعزب أو Single.
هناك أسباب موضوعية وعلمية لحدوث هذا التصاعد في حالات الانفصال في المرحلة التي تسبق وتتبع عيد الحبّ، كما أنّ منحنى المنشورات يُشير إلى أيّام ومواسم أخرى تزداد فيها حالات الانفصال العاطفي، بما يشمل يوم كذبة أبريل، بداية الأسبوع، والفترة التي تسبق رأس السنة. قام الصحفي والمختصّ في عرض البيانات "ديفيد ماكاندليس"(1) بتمثيل حالات الانفصال بحسب تحديثات الفيسبوك وعرضها على خطّ زمني يُعبّر عن أشهر السنة ومواسمها كما يظهر في الصورة أدناه.
![كيف يُسبّب يوم الحبّ التوتّر والانهيار لكثير من العلاقات العاطفية؟ كيف يُسبّب يوم الحبّ التوتّر والانهيار لكثير من العلاقات العاطفية؟](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2022/02/أبرز-أوقات-الانفصال-01.png?w=770&resize=770%2C496)
عيد الحب.. لماذا تزداد فيه حالات الانفصال وفي المناسبات والأعياد؟
لَم تكن هذه الأرقام بمَعزِل عن ملاحظات علماء النفس والباحثين المختصّين في علم نفس العلاقات العاطفية والزوجية، فقد كان لدى الباحثين معلومات جيّدة من تجاربهم مع المُراجعين في العيادات النفسية حول توتّر العلاقات العاطفية خلال مواسم مُعيّنة وبفعل أيّام مُحدّدة مثل يوم الحب(5)، ولذلك فقد اقترح الباحثون من فترات بعيدة سبقت ما استطاع الفيسبوك إثباته بسهولة لاحقًا، بأنّ يومًا مثل عيد الحبّ قد يكون قنبلة موقوتة لتدمير كثير من العلاقات الحميمية وانهيارها بفعل عدد من العوامل سنأتي على ذكرها في هذا المقال.- أولًا: التوقّعات المرتفعة فخ لتدمير أي علاقة
- ثانيًا المقارنة الاجتماعية
![خلاف خلاف](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2022/02/pexels-keira-burton-6147235.jpg?w=770&resize=770%2C513)
في يوم الحبّ، يتداول النّاس على حسابات التواصل الاجتماعي صورًا وفيديوهات لأشكال المفاجئة العلنية في المحلّات التجارية الكُبرى وفي المطاعم والمقاهي، والهدايا التي يُقدِّمها العشّاق لبعضهم بعضًا، وهذا بدوره يخلق معرفة في ذهن المشاهدين لمقارنة أحوالهم الشخصية بمثل هذه التجارب الغيرية، وإعادة التفكير عمّا إذا كان زوجي أو زوجتي يُفكِّر بتقديم مفاجأة مماثلة لي؛ وهو ما يُسبّب الشعور بالخيبة وعدم الرضا وإعادة التفكير في مدى صحّة اختياراتنا وعلاقتنا.
- ثالثًا: تضخّم التقصير وكشف العيوب المسكوت عنها في العلاقة
ولأنّ طبيعة هذا اليوم تُسبّب نوعًا من الخلافات التدميرية، إذ بحسب الخبراء والباحثين في العلاقات الزوجية والذين تتبّعوا أسباب انتهاء العلاقات وأسباب استمرارها، وُجِدَ أنّ طبيعة الخلافات والأساليب التي يستخدمها الزوجان خلال الخلاف أو النقاش المحتدم تُؤثّر بشكل كبير على تدمير العلاقة أو بنائها(6)، ومن هذا المنطلق فإنّ الخلافات في عيد الحبّ ترتبط كثيرًا بإلقاء اللوم والإنكار وإشعار الآخر بالذنب، وهي أسوأ نوع من الأساليب النقاشية في العلاقات العاطفية، والتي ترتبط إحصائيًا بزيادة فُرَص ونِسَب الانفصال. وفيما يلي صورة توضّح أبرز الأساليب التي ترتبط علميًّا بتدمير العلاقات العاطفية(6).
![كيف يُسبّب يوم الحبّ التوتّر والانهيار لكثير من العلاقات العاطفية؟ كيف يُسبّب يوم الحبّ التوتّر والانهيار لكثير من العلاقات العاطفية؟](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2022/02/أساليب-تؤجج-الخلاف-01.png?w=770&resize=770%2C433)
- رابعًا: التسويق التجاري لمفهوم الحبّ
تُغفل هذه الصورة التسويقية شريحة عريضة من أبناء الطبقات المُتوسِّطة وما دون المتوسّطة، الذين يعملون في أنظمة وظيفية مختلفة تمامًا، بما يشمل العمل في المصانع والمستشفيات في نوبات عمل قد تستغرق يومًا بأكمله أو ليلتين متواصلتين، بحيث ينشغل الشخص تمامًا في عمله إلى الحدّ الذي يُنسيه نفسه، أو يعجز عن وجود فائض مادي أو زمني يستطيع به تدبير مفاجأة عن بُعد. وتتفاقم المشكلة بالمحدودية الزمنية لهذا اليوم، فخلال 24 ساعة أنتَ مطالب بفعل شيء ما، وغالب التوقّعات أن يكون شيئًا استثنائيًا لا يُشبه باقي الأيام، وهو ما يصير أشبه بمقصلة للحكم على الشخص الآخر خلال هذا اليوم عن طريق نجاحه أو فشله بإثبات حبّه وهيامه بطريقة استثنائية.
![كيف يُسبّب يوم الحبّ التوتّر والانهيار لكثير من العلاقات العاطفية؟ كيف يُسبّب يوم الحبّ التوتّر والانهيار لكثير من العلاقات العاطفية؟](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2022/02/valentine_shop.gif?w=770&resize=770%2C433)
بماذا ينصح علماء النفس لتجنّب مشكلات "عيد الحب"؟
- توقّعات واقعية وتفاهمات مشتركة
- البحث عن التفاصيل اليومية بدل المفاجآت الاستثنائية
- الامتنان للجيّد والمميّز بدلًا من السخط عن المفقود
![الامتنان الامتنان](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2022/02/pexels-katerina-holmes-5910935.jpg?w=770&resize=770%2C513)
تُعتَبر سلوكيات الامتنان من أكثر الممارسات التي ترتبط بالصحّة النفسية للأفراد، فالأشخاص الذين يتوقّفون في كل ليلة أو كل أسبوع لتأمّل أفضل ما جرى في حياتهم، والشعور بالامتنان لحصولهم على هذه العلاقات الطيّبة وهذه الظروف الحسنة؛ هُم أكثر صحّة نفسية وأكثر استقرارًا من غيرهم من الناحية النفسية. من هنا فإنّه من الصحّي أن يُقدِّر المرء موقعه في علاقته وفي حياته بمعزل عن مقارنتها بالآخرين، ومن الجيد أن يتمكّن أي امرئٍ من فهم ذاته دون وضعها في إطار ضيّق من المقارنات التي لا تورث إلّا الحسد والغيرة والإحباط. ومن الطرق الجيدة في هذا اليوم أن تخصّصوا وقتًا للحديث عن أجمل اللحظات التي قضيتموها معًا، وأكثر اللحظات التي شعرتم فيها بأنّكم على طبيعتكم دون تكلّف أو تخطيط.
- ساعد شريكك على التخطيط ليوم جيّد بدلًا من توقّع المفاجأة
اسم الموضوع : كارثة عيد الحب.. كيف يتسبب يوم واحد في انهيار كثير من العلاقات العاطفية؟
|
المصدر : الحياة الزوجية و الاسرية