كيف أصبحت مدينة سوفيتية قاتمة عاصمة للفنون في آسيا الوسطى؟
أعادت العديد من المدن في مختلف أنحاء العالم تعريف نفسها خلال السنوات الأخيرة، ولكن لم تكن أي منها أكثر نجاحاً من ألماتي.
ومنذ انهيار الاتحاد السوفيتي، تطورت أكبر مدينة في كازاخستان من مدينة سوفيتية قاتمة إلى نجمة حضرية في آسيا الوسطى.
وطورت المدينة واحدة من أجمل أنظمة المترو في العالم، ونمت لتصبح مركزًا مزدهرًا للمصارف والتمويل، واستكملت أسواقها القديمة بالبوتيكات الفاخرة ومراكز التسوق الحديثة، وأعادت تشكيل فن الطهي التقليدي إلى مطبخ جديد يجذب إشادات من عشاق الطعام في جميع أنحاء العالم.
وتتطور ألماتي أيضًا لتصبح مركزا للثقافة والفن في آسيا الوسطى، وتملك بالفعل العديد من المتاحف ذات المستوى العالمي ومركز ثقافي جديد مبهر من المقرر افتتاحه في أوائل العام المقبل.
افتُتحت كاتدرائية الصعود الأرثوذكسية الروسية المزخرفة في عام 1907
ويقول دينيس كين، المقيم الأمريكي منذ فترة طويلة، وهو مناصر للحفاظ على التراث التاريخي ومؤسس "Walking Almaty": "إنها مدينة صالحة للعيش بشكل لا يصدق. خضراء ونظيفة. لا تحتاج فيها إلى سيارة، إذ أن وسائل النقل العام هنا رائعة. وهي مركز الفن المعاصر والطعام في آسيا الوسطى".
ازدهرت مدينة قديمة قريبة خلال العصور الوسطى كمحطة على طريق الحرير، لكنها اختفت بحلول الوقت الذي غزت فيه الإمبراطورية الروسية المنطقة في منتصف القرن التاسع عشر.
كانت هذه القلعة أشبه بحصن أنشأه جنود القيصر لدعم الاحتلال الروسي، وتطورت إلى مدينة صغيرة بنظام شبكي من الشوارع يتجه شمالا وجنوبا وشرقا وغربا مع أشجار وفيرة.
وقد بنى الروس كاتدرائية الصعود المزخرفة ذات القبة البصلية، التي تعد واحدة من الرموز المعمارية الأيقونية للمدينة. بخلاف ذلك، هناك القليل من بقايا العصر القيصري في الوقت الحاضر.
وبعد بضع سنوات من الاستقلال عن الاتحاد السوفيتي في عام 1991، نقلت العاصمة الوطنية إلى أستانا. وكان فقدان هذه المكانة الموقرة بمثابة جرس إنذار للمدينة. وبدلاً من التذمر إزاء هذا الإجراء، وجد زعماء وسكان ألماتي أرضية مشتركة لإعادة ابتكار المدينة، ولو لسبب واحد فقط وهو إثبات أنها لا تزال متفوقة على أستانا.
وتوضح جاما نوركالييفا، وهي مديرة مركز "Tselinny" الجديد للثقافة المعاصرة: "أصبحت ألماتي الآن مدينة لرجال الأعمال والفنانين".
وتضيف: "جلبت هذه الحرية روح الإبداع، والإمكانيات، والتأمل، والمناقشة الفريدة. لذا فلا عجب أننا نتمتع باقتصاد ضخم وأكبر مشهد فني في المنطقة. هذا هو المكان المناسب للعديد من المبدعين، وليس فقط الفنانين".
كما أخذ الطهاة على عاتقهم تحدي ابتكار مفهوم جديد تمامًا ترتبط جذوره في ماضي كازاخستان.
يقدم مطعم "Auyl" الفاخر في ألماتي المأكولات البدوية الجديدة.
وقد أطلقوا عليه اسم المطبخ البدوي الجديد، وهو مزيج من تقنيات الطهي الحديثة والتقديم باستخدام المكونات التراثية التي يستخدمها البدو الذين ما زالوا يسكنون المراعي حول ألماتي.
وقال سات نورماش، المدير العام لمطعم "Auyl" الراقي في المدينة: "نستمد الإلهام من التقنيات البدوية التقليدية مثل تدخين اللحوم أو طهيها على نار مفتوحة أو دفن اللحوم وطهيها على أحجار ساخنة".
ولكن هنا تنتهي أوجه التشابه، حيث تتبل اللحوم بأعشاب وتوابل خاصة، وتطهى ببطء على نار هادئة، ويستغرق تحضيرها وتقديمها كأطباق رئيسية مدة يومين.
وتتضمن الأطباق الموجودة في قائمة تذوق "Auyl" المكونة من 7 أطباق، نودلز دونجان مع البط الحار، وسمبوسة لحم الخيل، و"بيشبارماك" مع صدر البقر المدخن وساق الضأن، وحساء "تشالوب" (حليب الخيل الحامض) البارد، وألسنة الضأن مع الرمان.
ويحظى مطعم "Auyl" أيضًا بإشادات كبيرة بتصميمه المستوحى من الخيام المنغولية، وقد تم اختياره من بين المطاعم المتأهلة الـ 16 النهائية في مسابقة "Prix Versailles" لأجمل المطاعم في العالم.
ومع ذلك، ليس كل شيء من القرن الحادي والعشرين. وتأسس السوق الضخم "Zeleny Bazaar" (السوق الأخضر) في عام 1868، وهو مليء بالأكشاك التي تبيع الفاكهة الطازجة اللذيذة، والكورت (كرات الجبن الحامضة)، والشوبات (حليب الإبل)، وغيرها من الأطعمة المحلية الشهية. هناك قسم كامل لأنواع مختلفة من لحوم الخيول، بما في ذلك النقانق التي تُعد لذيذة بشكل مدهش.
يضم متحف أبيلخان كاستييف الحكومي للفنون أكثر من 20 ألف عمل فني
يُعد متحف أبيلخان كاستيف الحكومي للفنون، الذي يتوج بهرم زجاجي يشبه متحف اللوفر، المعرض الرئيسي للإبداعات الكازاخستانية، من اللوحات والمنحوتات إلى الفنون الزخرفية مثل السجاد، والمجوهرات، والأعمال الخشبية.
تشمل المجموعات الفنية الأخرى متحف إهلاس للآلات الموسيقية الشعبية (في قصر خشبي على الطراز الروسي بُني عام 1908) والتحف الإثنوغرافية لمتحف ألماتي.
ويلف الغموض "متحف سري" في المدينة، حيث يقع تحت الأرض في الطابق السفلي من البيت الفرنسي، وهو مركز تسوق فاخر في شارع "فورمانوف" أمام نسخة طبق الأصل من برج إيفل.
ويُعد صاحب المجموعة الخاصة مجهولا أيضا، ويُقال إنه أحد الأثرياء المحليين الذي يجمع التحف بشغف ويفخر بشدة بمسقط رأسه. ولا توجد رسوم دخول، لكن الحجز إلزامي.
محطة مترو Zhibek zholy في ألماتي
ويتضمن المتحف ما يصفه المرشدون المحليون بأنه "أهم مجموعة من الفنون والتحف المحلية في كازاخستان".
وتعرض العشرات من الغرف مجموعة مذهلة من العناصر مثل أدوات التعذيب القديمة وأحزمة العفة (الذكورية) في العصور الوسطى، والأزياء البدوية، إلى أجهزة الراديو والتلفاز المبكرة، والملصقات من العصر السوفيتي، وتذكارات رواد الفضاء. وهناك أيضًا غرف تضم قطع أثرية إسلامية، ومسيحية، ويهودية، وبوذية نشأت في كازاخستان. ويتبعك القائم على رعاية المتحف طوال الوقت للتأكد من عدم التقاط الصور أو لمس أي من المقتنيات.
ومنذ انهيار الاتحاد السوفيتي، تطورت أكبر مدينة في كازاخستان من مدينة سوفيتية قاتمة إلى نجمة حضرية في آسيا الوسطى.
وطورت المدينة واحدة من أجمل أنظمة المترو في العالم، ونمت لتصبح مركزًا مزدهرًا للمصارف والتمويل، واستكملت أسواقها القديمة بالبوتيكات الفاخرة ومراكز التسوق الحديثة، وأعادت تشكيل فن الطهي التقليدي إلى مطبخ جديد يجذب إشادات من عشاق الطعام في جميع أنحاء العالم.
وتتطور ألماتي أيضًا لتصبح مركزا للثقافة والفن في آسيا الوسطى، وتملك بالفعل العديد من المتاحف ذات المستوى العالمي ومركز ثقافي جديد مبهر من المقرر افتتاحه في أوائل العام المقبل.
افتُتحت كاتدرائية الصعود الأرثوذكسية الروسية المزخرفة في عام 1907
ويقول دينيس كين، المقيم الأمريكي منذ فترة طويلة، وهو مناصر للحفاظ على التراث التاريخي ومؤسس "Walking Almaty": "إنها مدينة صالحة للعيش بشكل لا يصدق. خضراء ونظيفة. لا تحتاج فيها إلى سيارة، إذ أن وسائل النقل العام هنا رائعة. وهي مركز الفن المعاصر والطعام في آسيا الوسطى".
تاريخ متقلب
رغم أن الناس عاشوا في المنطقة لآلاف السنين، إلا أن غالبيتهم كانوا من البدو الذين جابوا السهوب الشاسعة بين الصين وأوروبا.ازدهرت مدينة قديمة قريبة خلال العصور الوسطى كمحطة على طريق الحرير، لكنها اختفت بحلول الوقت الذي غزت فيه الإمبراطورية الروسية المنطقة في منتصف القرن التاسع عشر.
كانت هذه القلعة أشبه بحصن أنشأه جنود القيصر لدعم الاحتلال الروسي، وتطورت إلى مدينة صغيرة بنظام شبكي من الشوارع يتجه شمالا وجنوبا وشرقا وغربا مع أشجار وفيرة.
وقد بنى الروس كاتدرائية الصعود المزخرفة ذات القبة البصلية، التي تعد واحدة من الرموز المعمارية الأيقونية للمدينة. بخلاف ذلك، هناك القليل من بقايا العصر القيصري في الوقت الحاضر.
وبعد بضع سنوات من الاستقلال عن الاتحاد السوفيتي في عام 1991، نقلت العاصمة الوطنية إلى أستانا. وكان فقدان هذه المكانة الموقرة بمثابة جرس إنذار للمدينة. وبدلاً من التذمر إزاء هذا الإجراء، وجد زعماء وسكان ألماتي أرضية مشتركة لإعادة ابتكار المدينة، ولو لسبب واحد فقط وهو إثبات أنها لا تزال متفوقة على أستانا.
وتوضح جاما نوركالييفا، وهي مديرة مركز "Tselinny" الجديد للثقافة المعاصرة: "أصبحت ألماتي الآن مدينة لرجال الأعمال والفنانين".
وتضيف: "جلبت هذه الحرية روح الإبداع، والإمكانيات، والتأمل، والمناقشة الفريدة. لذا فلا عجب أننا نتمتع باقتصاد ضخم وأكبر مشهد فني في المنطقة. هذا هو المكان المناسب للعديد من المبدعين، وليس فقط الفنانين".
كما أخذ الطهاة على عاتقهم تحدي ابتكار مفهوم جديد تمامًا ترتبط جذوره في ماضي كازاخستان.
يقدم مطعم "Auyl" الفاخر في ألماتي المأكولات البدوية الجديدة.
وقد أطلقوا عليه اسم المطبخ البدوي الجديد، وهو مزيج من تقنيات الطهي الحديثة والتقديم باستخدام المكونات التراثية التي يستخدمها البدو الذين ما زالوا يسكنون المراعي حول ألماتي.
وقال سات نورماش، المدير العام لمطعم "Auyl" الراقي في المدينة: "نستمد الإلهام من التقنيات البدوية التقليدية مثل تدخين اللحوم أو طهيها على نار مفتوحة أو دفن اللحوم وطهيها على أحجار ساخنة".
ولكن هنا تنتهي أوجه التشابه، حيث تتبل اللحوم بأعشاب وتوابل خاصة، وتطهى ببطء على نار هادئة، ويستغرق تحضيرها وتقديمها كأطباق رئيسية مدة يومين.
وتتضمن الأطباق الموجودة في قائمة تذوق "Auyl" المكونة من 7 أطباق، نودلز دونجان مع البط الحار، وسمبوسة لحم الخيل، و"بيشبارماك" مع صدر البقر المدخن وساق الضأن، وحساء "تشالوب" (حليب الخيل الحامض) البارد، وألسنة الضأن مع الرمان.
ويحظى مطعم "Auyl" أيضًا بإشادات كبيرة بتصميمه المستوحى من الخيام المنغولية، وقد تم اختياره من بين المطاعم المتأهلة الـ 16 النهائية في مسابقة "Prix Versailles" لأجمل المطاعم في العالم.
ومع ذلك، ليس كل شيء من القرن الحادي والعشرين. وتأسس السوق الضخم "Zeleny Bazaar" (السوق الأخضر) في عام 1868، وهو مليء بالأكشاك التي تبيع الفاكهة الطازجة اللذيذة، والكورت (كرات الجبن الحامضة)، والشوبات (حليب الإبل)، وغيرها من الأطعمة المحلية الشهية. هناك قسم كامل لأنواع مختلفة من لحوم الخيول، بما في ذلك النقانق التي تُعد لذيذة بشكل مدهش.
الفن فوق وتحت الأرض
يضم متحف أبيلخان كاستييف الحكومي للفنون أكثر من 20 ألف عمل فني
يُعد متحف أبيلخان كاستيف الحكومي للفنون، الذي يتوج بهرم زجاجي يشبه متحف اللوفر، المعرض الرئيسي للإبداعات الكازاخستانية، من اللوحات والمنحوتات إلى الفنون الزخرفية مثل السجاد، والمجوهرات، والأعمال الخشبية.
تشمل المجموعات الفنية الأخرى متحف إهلاس للآلات الموسيقية الشعبية (في قصر خشبي على الطراز الروسي بُني عام 1908) والتحف الإثنوغرافية لمتحف ألماتي.
ويلف الغموض "متحف سري" في المدينة، حيث يقع تحت الأرض في الطابق السفلي من البيت الفرنسي، وهو مركز تسوق فاخر في شارع "فورمانوف" أمام نسخة طبق الأصل من برج إيفل.
ويُعد صاحب المجموعة الخاصة مجهولا أيضا، ويُقال إنه أحد الأثرياء المحليين الذي يجمع التحف بشغف ويفخر بشدة بمسقط رأسه. ولا توجد رسوم دخول، لكن الحجز إلزامي.
محطة مترو Zhibek zholy في ألماتي
ويتضمن المتحف ما يصفه المرشدون المحليون بأنه "أهم مجموعة من الفنون والتحف المحلية في كازاخستان".
وتعرض العشرات من الغرف مجموعة مذهلة من العناصر مثل أدوات التعذيب القديمة وأحزمة العفة (الذكورية) في العصور الوسطى، والأزياء البدوية، إلى أجهزة الراديو والتلفاز المبكرة، والملصقات من العصر السوفيتي، وتذكارات رواد الفضاء. وهناك أيضًا غرف تضم قطع أثرية إسلامية، ومسيحية، ويهودية، وبوذية نشأت في كازاخستان. ويتبعك القائم على رعاية المتحف طوال الوقت للتأكد من عدم التقاط الصور أو لمس أي من المقتنيات.
اسم الموضوع : كيف أصبحت مدينة سوفيتية قاتمة عاصمة للفنون في آسيا الوسطى؟
|
المصدر : السياحة العالمية