تواصل معنا

وأخيرًا انتهى فهد من الملفات الرسمية الكثيرة التي كلفه بها المدير العام يحيى بك، بعد أن أخذ فيها قرابة السبع ساعات مراجعة وتدقيقًا، فخرج تقريره بكون العمل...

حـيـــــآة ❤

أنا اتنفس قوة، لا عليكم بأحزاني.🌸
نجوم المنتدي
إنضم
9 ديسمبر 2022
المشاركات
6,595
مستوى التفاعل
1,804
الإقامة
Alexanderia❤️
مجموع اﻻوسمة
4
لا تعجل (قصة)

وأخيرًا انتهى فهد من الملفات الرسمية الكثيرة التي كلفه بها المدير العام يحيى بك، بعد أن أخذ فيها قرابة السبع ساعات مراجعة وتدقيقًا، فخرج تقريره بكون العمل ممتازًا سليمًا خاليًا من الملاحظات، وأن الأستاذة أسماء تلك الموظفة الجديدة قد قامت به على أحسن ما يكون، ثم أخذ التقرير المكتوب، ليعرضه على المدير العام، فهو ينتظره منذ الصباح، وطرق باب يحيى بك؛ فسُمح له بالدخول بعد عدة طرقات خفيفة..


وبمجرد أن فتح فهد الباب؛ حتى تسمرت قدماه من ذلك المنظر المشيب الذي رآه؛ فذهب بمخيلته إلى أقاصي الشرق والغرب، مُستذكرًا كل الكلام الذي سمعه من زملائه عن السيد المدير العام، ومغامرته النسائية التي تشيب الجنين في بطن أمه.


تذكر فهد كلام زميله فضل حول كثرة النساء التي عرفها المدير العام، وكيف أنه لا يخلو مكتبه من واحدة أبدا، ولم لا وهو الوسيم الغني صاحب المنصب الرفيع الذي لا تُرد له كلمة، ولا يستطيع أحد كائنًا من كان أن يراجعه في أمر؛ اللهم إلا مدام سحر السكرتيرة، فهي الوحيدة التي ترده وتراجعه وتعلي صوتها عليه كذلك، ولا نعرف ما الأسباب وراء قوة شخصيتها عليه؛ وكأنها "مسكة عليه زلة".


الآن تأكدتُ من كل الكلام الذ دار خلال الشهور بل السنين الماضية، يا الله، كم كنتُ مغفلاً طيلة هذه السنين؟!
كيف لم أستطع طيلة هذه السنوات أن أعرف حقيقته، وأن أقف على الصورة الحقيقية لهذا الوجه الملائكي، وكيف لم أر كل تلك الأقنعة التي يلبسها ويخلعها كيفما شاء، لمن شاء؟
استدار فهد ليعاود أدراجه وخيبة أمله في مديره الذي خدم معه أكثر من خمس سنوات، أعطاه فيها كل شيء، متجهًا إلى مكتبه يلملم جراح عقله، وقلبه المعتصر ألمًا؛ سائرًا في ردهة الشركة، مستطبئًا الوقت والمكان..


تراه الأستاذة أسماء في هذه الحالة، فتسأله مبتسمة: مالك يا أستاذ فهد، ما لي أراك عدتَ بوجهٍ غير الذي ذهبتَ به؛ هو المدير لم يعجبه العمل في الملفات، يا سيدي ولا يهمك، سأعيده كله مرة أخرى إن سمحتَ لي؛ رغم أني متأكدة من عملي جدًا.


نظر إليها فهد متسائلًا في نفسه؛ متى يأتي دورك يا أسماء؟ ويا ترى ماذا يفعل معك يحيى بيه؟ وأنتِ ما يكون موقفك وقتها؟ هل سترضخين تحت وطأة احتياجك للوظيفة؟ أم ستضحين بها؟
لا أعتقد، بل قد تضحين بأكثر مما نظن؛ كما فعل البعض.


طال الوقت وفهد في عالم آخر، منطلقًا إلى ما بعد الواقع، مرافقًا عقله في رحلةٍ عبر الزمن مستوحيًا معالم المستقبل مما رآه؛ وفجأة لمعت عيناه، وانتفض من مكانه؛ ما ما ماذا؟!
رئيستي!!!!
مستحيل، هذا لن يكون.
تسأله أسماء في حيرة شديدة: ما هو المستحيل يا أستاذ فهد، مالك فيه إيه؟
ينظر إليها، ويردد مستحيل، مستحيل.
لن يكون، لن يكون.
ويترك أسماء في حيرتها، ويترك مكتبه؛ ويعود إلى بيته متجهمًا، متبعثرًا، تقابله زوجته المحبة، فتراه على ذاك الوضع؛ فتسأله في حنيه: هل أكلت؟
فيرد بلا تفكير: لا، وليس لي رغبة في أي شيء.
هيا استرح هنا عشر دقائق فقط، أجهز لك طعامك المفضل، فأنا منتظرة عودتك بشوق؛ فروحي كما تعلم تخرج معك، ولا تعود لي إلا بعودتك..
شكرًا لكِ يا حبيبتي.


وفي أقل من عشر دقائق، كان الجو الدافئ، والقلب الحنون، والطعام الرائق في انتظار فهد.. فأكلا معًا، ثم أعقبته بكوب من الشاي بالنعاع الذي يفضله زوجها.
وانتظرت حتى هدأ فؤاده، واستأنس بجو بيته الذي لا يرتاح إلا فيه؛ وسألته:
مالك يا عمري؟
فحكى لها، وكيف أنه انخدع في مديره، واتضح أن كل الحكايات والروايات التي قيلت فيه؛ صحيحه!
تسأله جميلة مستوضحة الأمر: وكيف تأكدت مما تقول، فيرد عليها بصوتٍ عالٍ:
أقول لك رأيته بعيني، في مكتبه، وأنتِ تسأليني كيف تأكدت؟!!
هدَّأته، ثم تساءلت: وماذا رأيت؟
كيف أصف لك ما رأيت، لا لا.. لن أستطيع؟!

لا أريد أن أعرف؛ ولكني أسألك: هل ما رأيت ما لا يحتمل أية وجوه أخرى؟
وجوه أخرى؟!! أمرك عجيب يا جميلة؛
لقد رأيتهما في وضع لا يحتمل وجوهاً أخرى!

تسأله زوجته معاتبة إياه: لماذا جال في خاطرك الظن السيء قبل الحسن؟! رغم أن ديننا يأمرنا بإحسان الظن؟
هل سألته من هي؟
هل استوضحت منه الموقف؟
وحتى لو كان الأمر كله خطأ؛ فهل نصحته كما يأمرنا ربنا في سورة العصر: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾!!
أنسيت موقف النبي صلى الله عليه وسلم؛ حين أعلنها صريحة مدوية «إنها صفية»؟!
وهنا سكت فهد، مستذكرًا المشهد كله، وكأنه يقول في نفسه؛ ألا يحتمل فعلًا أن يكون الأمر كذلك..
وماذا أفعل الآن؟
أكملت جميلة كلامها، قم الآن واتصل على مديرك، وسله بكل صراحة؛ من هي؟
أتصل عليه؟!!!
نعم، وفي كل الأحوال، سترتاح؛ فهذا أمر الله لنا، ألم يقل الله في سورة الحجرات: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ .. قم فتبين الأمر.
فكر فهد قليلًا في الأمر، فظهر له أن زوجته على صواب، فقال: الحمد لله أن رزقني زوجة تعينني على أمر ديني ودنياي.


وأخذ هاتفه، واتصل بيحيى بك، واستوضح منه الأمر؛ فرد عليه: انتظرتُ اتصالك هذا منذ رأيتنا؛ فهذا فهد الذي أعرفه؛ لن يسبقه الظن قبل التيقن..
يا فهد هذه ماهيتار ابنتي من زوجتي الإنجليزية؛ ما رأيتها منذ عشر سنوات، وجاءت لمصر لزيارتي، وتفاجأتُ بها هنا في المكتب؛ فما صدقتْ عيني.. وما شعرتُ بنفسي من فرط المفاجأة
وأرجو - يا فهد - ألا تعاني مما عانيته أنا من فراق ابنتي الكبرى، ولا تعيش هذا الشعور أبدًا.


يا فهد أعرفُ ما يقوله الموظفون عني، ولكني أُشهد الله أني ما أغضبته يومًا، وأني أتقيه في كل حالي، ولا يهمني يا صديقي ما يقال عني؛ فقط يهمني الله ناظري.

يا فهد طب نفسًا، وقر عينًا، أنا كما تعرفني..
وأنت يا سيدي "معزومٌ" عندي غدًا في حفلٍ بتشريف ابنتي من لندن، هي تريد أن تتعرف كل أصدقائي ومعارفي، لتقارن بين حياتنا وحياتها هناك.
رد فهد: إن شاء الله أحضر، وغدًا بإذن الله يكون على مكتبك تقرير الأستاذة أسماء، هي موظفة ممتازة، أدت عملها بإتقان باهر، وستكون بلا ريب إضافة جيدة لقسمنا.. فشكرًا لك، وهنيئا لك عودة ابنتك، حفظها الله لك.
 
اسم الموضوع : لا تعجل (قصة) | المصدر : قصص من ابداع الاعضاء

رحال

الصبر طيب
نجوم المنتدي
إنضم
5 يونيو 2022
المشاركات
35,917
مستوى التفاعل
9,022
مجموع اﻻوسمة
6
لا تعجل (قصة)
يسلموو
حياة على التقل
المميز دمتي بوود
 
Comment

امل مفقود

نجوم المنتدي
إنضم
5 مايو 2021
المشاركات
12,575
مستوى التفاعل
4,281
مجموع اﻻوسمة
2
لا تعجل (قصة)
سلمت اناملك ويعطيك العافيه علي مجهودك
في أنتظار المزيد
من عطائك والمزيد ومواضيعك الرائعة والجميله
 
Comment
أعلى