-
- إنضم
- 6 يناير 2022
-
- المشاركات
- 17,319
-
- مستوى التفاعل
- 10,094
- مجموع اﻻوسمة
- 10
الأمثال
الأمثال
في كتاب العقد الفريد ، يتحدّث ابن عبد ربه عن الأمثال فيصفها بقوله بأنها:
«وشي الكلام، وجوهر اللفظ، وحلي المعاني، والتي تخيّرتها العرب، وقدّمتها العجم، ونطق بها في كل زمان، وعلى كلّ لسان، فهي أبقى من الشعر، وأشرف من الخطابة، لم يسر شيء مسيرها ولا عمّ عمومها، حتى قيل:
« أسير من مثل» ..
ويتابع ابن عبد ربه رأيه قائلا:
وقد ضرب الله عزّ وجل الأمثال، في كتابه، وضربها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كلامه.
قال الله عز وجل:
يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ
وقال: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ .
ومثل هذا كثير في القرآن الكريم .
ولا غرو، فالأمثال لدى جميع الشعوب، مرآة صافية لحياتها، تعكس بكل دقة وجلاء الصورة النقيّة لمعظم عاداتها وتقاليدها وعقائدها، كما تعكس بالتالي سلوك أفرادها ومجتمعاتها، بحيث غدت أو كادت أن تغدو، الميزان الرقيق لتلك الشعوب، في رقيها وانحطاطها وبؤسها ونعيمها وآدابها ولغاتها.
في هذا المجال، يقول الحسين بن وهب، في كتابه البرهان في وجوه البيان :
وأمّا الأمثال، فإن الحكماء والعلماء والأدباء، لم يزالوا يضربون الأمثال ويبينون للناس تصرّف الأحوال، بالنظائر والأشباه والأمثال، ويرون هذا النوع من القول أنجح مطلبا، وأقرب مذهبا..
ولذلك جعلت القدماء أكثر آدابها وما دوّنته من علومها، بالأمثال والقصص عن الأمم. ونطقت ببعضه على ألسن الطير والوحش. وإنّما أرادوا بذلك أن يجعلوا الأخبار مقرونة بذكر عواقبها، والمقدّمات مضمونة إلى نتائجها.. ولهذا بعينه، قصّ الله علينا أقاصيص من تقدّمنا ممن عصاه وآثر هواه فخسر دينه ودنياه، ومن اتبع رضاه فجعل الخير والحسنى عقباه، وصيّر الجنّة مثواه ومأواه.
فالأمثال، لها دلالة واضحة على حياة الأمة، فما بالنا بالأمثال العربيّة التي نمت بين أفياء أمتنا، وتناهت إلى أسماع الناس جيلا بعد جيل. إنها بلا شك تكشف عن طبيعة حياة العرب والمسلمين، وتجلي كثيرا من مظاهر هذه الحياة البسيطة أو المعقّدة، والتي لم يهتمّ بها الشعر كثيرا، عنيت بذلك صور الحياة اليوميّة المعاشة، التي يحياها الغني والفقير، والرجل والمرأة، وما ينهل بها من أسباب وأعمال وما يتداول فيها من حرف وما ينشأ عن ذلك من آلات وأدوات تطلبها ظروف العمل والكدح بصورة متعاقبة في البيئة الواحدة والبيئات المتجاورة.
حقّا إن العرب، بلغت شأوا لا يدرك في ضرب الأمثال، فسلكوا فيها كلّ مسلك، حتى أنه لم يخل كلام لهم من مثل في تضاعيفه. وكذلك زينوا بالأمثال فنون القول وتصاريفه.
وهذا ما حدا باللغويين العرب، أن يجمعوا لنا منها قدرا كبيرا، منذ فجر التأليف في العربيّة.
وقد تناولوها بالشرح والتفسير، كما جمعوا لنا قصصها التي حدثت بالفعل، أو حيكت حولها. فبينوا لنا موردها ومضربها، ورتبوها في ضروب متنوعة، ترتيبا وتبويبا.
فقد وجد الرواة والمؤرخون المسلمون الأوائل، أن الأمثال، لها قيمة عظيمة على صعيد التربية والتعليم والتثقيف والأخذ بالكلام البليغ والفصيح. ولذلك كانوا يحثّون تلامذتهم على حفظها، لأنهم كانوا يجدون فيها الأنغام اللغوية الصغيرة لأبناء جلدتهم أو دينهم، ينعكس فيها الشعور والتفكير، وعادات الأفراد وتقاليدهم على وجه العموم.
وكذلك يظهر فيها نموّ الحياة الاجتماعية في شرائح وطبقات، تمثل صعد مجتمعهم كافة.
وقد كان المفضل الضبيّ مربيا من جهة، وعالما لغويا من جهة أخرى. فهو مؤدب الخليفة العباسي المهدي بناء لطلب من أبيه أبي جعفر المنصور .
وهو أيضا الرواية واللغوي ورأس المدرسة الكوفية.
اسم الموضوع : الأمثال
|
المصدر : منتدى الهمسات المنقولة والخواطر