-
- إنضم
- 6 يناير 2022
-
- المشاركات
- 17,346
-
- مستوى التفاعل
- 10,143
- مجموع اﻻوسمة
- 10
سورة الفلق. تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) [الفلق : 1]
تفسير سورتي المعوذتين و هما مدنيتان .
قال الإمام أحمد :
حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، أخبرنا عاصم بن بهدلة ، عن زر بن حبيش ، قال : قلت لأبي بن كعب : إن ابن مسعود [ كان ] لا يكتب المعوذتين في مصحفه ؟
فقال : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أخبرني أن جبريل عليه السلام ، قال له : " قل أعوذ برب الفلق " فقلتها ، قال : " قل أعوذ برب الناس " فقلتها . فنحن نقول ما قال النبي صلى الله عليه و سلم .
و رواه أبو بكر الحميدي في مسنده ، عن سفيان بن عيينة ، حدثنا عبدة بن أبي لبابة و عاصم بن بهدلة ، أنهما سمعا زر بن حبيش قال : سألت أبي بن كعب عن المعوذتين ، فقلت : يا أبا المنذر ، إن أخاك ابن مسعود يحكهما من المصحف . فقال : إني سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال : " قيل لي : قل ، فقلت " . فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم .
و قال أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن عاصم ، عن زر قال : سألت ابن مسعود عن المعوذتين فقال : سألت النبي عنهما فقال : " قيل لي ، فقلت لكم ، فقولوا " . قال أبي : فقال لنا النبي صلى الله عليه و سلم فنحن نقول .
و قال البخاري : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، حدثنا عبدة بن أبي لبابة ، عن زر بن حبيش - و حدثنا عاصم ، عن زر - قال : سألت أبي بن كعب فقلت : أبا المنذر ، إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا . فقال : إني سألت النبي صلى الله عليه و سلم فقال : " قيل لي ، فقلت " . فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه ووسلم .
و رواه البخاري أيضا و النسائي ، عن قتيبة ، عن سفيان بن عيينة ، عن عبدة و عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش ، عن أبي بن كعب به .
و قال الحافظ أبو يعلى : حدثنا الأزرق بن علي ، حدثنا حسان بن إبراهيم ، حدثنا الصلت بن بهرام ، عن إبراهيم ، عن علقمة قال : كان عبد الله يحك المعوذتين من المصحف ، و يقول : إنما أمر رسول الله أن يتعوذ بهما ، و لم يكن عبد الله يقرأ بهما.
و رواه عبد الله بن أحمد من حديث الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد قال : كان عبد الله يحك المعوذتين من مصاحفه ، و يقول : إنهما ليستا من كتاب الله - قال الأعمش : و حدثنا عاصم ، عن زر بن حبيش ، عن أبي بن كعب قال : سألنا عنهما رسول الله صلى الله عليه و سلم ، قال : " قيل لي ، فقلت " .
و هذا مشهور عند كثير من القراء و الفقهاء : أن ابن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه ، فلعله لم يسمعهما من النبي صلى الله عليه و سلم ، و لم يتواتر عنده ، ثم لعله قد رجع عن قوله ذلك إلى قول الجماعة ، فإن الصحابة ، م ، كتبوهما في المصاحف الأئمة ، و نفذوها إلى سائر الآفاق كذلك ، و لله الحمد و المنة .
و قد قال مسلم في صحيحه : حدثنا قتيبة ، حدثنا جرير ، عن بيان ، عن قيس بن أبي حازم ، عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط : " قل أعوذ برب الفلق " و " قل أعوذ برب الناس " .
و رواه أحمد ومسلم أيضا ، والترمذي و النسائي من حديث إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن عقبة به . و قال الترمذي : حسن صحيح .
طريق أخرى : قال الإمام أحمد : حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا ابن جابر ، عن القاسم أبي عبد الرحمن ، عن عقبة بن عامر قال : بينا أنا أقود برسول الله صلى الله عليه و سلم في نقب من تلك النقاب ، إذ قال لي : " يا عقبة ، ألا تركب ؟ " . قال : [ فأجللت رسول الله أن أركب مركبه . ثم قال : " يا عقيب ، ألا تركب ؟ " . قال ] فأشفقت أن تكون معصية ، قال : فنزل رسول الله صلى الله عليه و سلم و ركبت هنيهة ، ثم ركب ، ثم قال : " يا عقيب ، ألا أعلمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس ؟ " . قلت : بلى يا رسول الله . فأقرأني : " قل أعوذ برب الفلق " و " قل أعوذ برب الناس " ثم أقيمت الصلاة ، فتقدم رسول الله صلى الله عليه و سلم فقرأ بهما ، ثم مر بي فقال : " كيف رأيت يا عقيب ، اقرأ بهما كلما نمت و كلما قمت " .
و رواه النسائي من حديث الوليد بن مسلم و عبد الله بن المبارك ، كلاهما عن ابن جابر به .
و رواه أبو داود والنسائي أيضا ، من حديث ابن وهب ، عن معاوية بن صالح ، عن العلاء بن الحارث ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن عقبة به .
طريق أخرى : قال أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمن ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب ، حدثني يزيد بن عبد العزيز الرعيني و أبو مرحوم ، عن يزيد بن محمد القرشي ، عن علي بن رباح عن عقبة بن عامر قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه و سلم أن أقرأ بالمعوذات في دبر كل صلاة .
و رواه أبو داود و الترمذي و النسائي من طرق ، عن علي بن أبي رباح . و قال الترمذي : غريب .
طريق أخرى : قال أحمد : حدثنا يحيى بن إسحاق ، حدثنا ابن لهيعة ، عن مشرح بن هاعان ، عن عقبة بن عامر قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : " اقرأ بالمعوذتين ، فإنك لن تقرأ بمثلهما " . تفرد به أحمد .
طريق أخرى : قال أحمد : حدثنا حيوة بن شريح ، حدثنا بقية ، حدثنا بحير بن سعد ، عن خالد بن معدان ، عن جبير بن نفير ، عن عقبة بن عامر أنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم أهديت له بغلة شهباء ، فركبها فأخذ عقبة يقودها له ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اقرأ " قل أعوذ برب الفلق " . فأعادها له حتى قرأها ، فعرف أني لم أفرح بها جدا ، فقال : " لعلك تهاونت بها ؟ فما قمت تصلي بشيء مثلها " .
و رواه النسائي ، عن عمرو بن عثمان ، عن بقية به . و رواه النسائي أيضا من حديث الثوري ، عن معاوية بن صالح ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبيه ، عن عقبة بن عامر : أنه سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن المعوذتين ، فذكر نحوه .
طريق أخرى : قال النسائي : أخبرنا محمد بن عبد الأعلى ، حدثنا المعتمر ، سمعت النعمان ، عن زياد أبي الأسد ، عن عقبة بن عامر ; أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن الناس لم يتعوذوا بمثل هذين : " قل أعوذ برب الفلق " و " قل أعوذ برب الناس " .
طريق أخرى : قال النسائي : أخبرنا قتيبة ، حدثنا الليث ، عن ابن عجلان ، عن سعيد المقبري ، عن عقبة بن عامر قال : كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : " يا عقبة ، قل " . فقلت : ماذا أقول ؟ فسكت عني ، ثم قال : " قل " . قلت : ماذا أقول يا رسول الله ؟ فسكت عني ، فقلت : اللهم اردده علي . فقال : " يا عقبة ، قل " . قلت : ماذا أقول يا رسول الله ؟ فقال : " " قل أعوذ برب الفلق " ، فقرأتها حتى أتيت على آخرها ، ثم قال : " قل " . قلت : ماذا أقول يا رسول الله ؟ قال : " " قل أعوذ برب الناس " ، فقرأتها حتى أتيت على آخرها ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم عند ذلك : " ما سأل سائل بمثلهما ، و لا استعاذ مستعيذ بمثلهما " .
طريق أخرى : قال النسائي : أخبرنا محمد بن يسار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا معاوية ، عن العلاء بن الحارث ، عن مكحول ، عن عقبة بن عامر : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ بهما في صلاة الصبح .
طريق أخرى : قال النسائي : أخبرنا قتيبة ، حدثنا الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي عمران أسلم ، عن عقبة بن عامر قال : اتبعت رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو راكب ، فوضعت يدي على قدمه فقلت : أقرئني سورة هود أو سورة يوسف . فقال : " لن تقرأ شيئا أنفع عند الله من " قل أعوذ برب الفلق " .
حديث آخر : قال النسائي : أخبرنا محمود بن خالد ، حدثنا الوليد ، حدثنا أبو عمرو الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث ، عن أبي عبد الله ، عن ابن عائش الجهني : أن النبي صلى الله عليه و سلم قال له : " يا ابن عائش ، ألا أدلك - أو : ألا أخبرك - بأفضل ما يتعوذ به المتعوذون ؟ " . قال : بلى ، يا رسول الله . قال : " " قل أعوذ برب الفلق " و " قل أعوذ برب الناس " هاتان السورتان " .
فهذه طرق عن عقبة كالمتواترة عنه ، تفيد القطع عند كثير من المحققين في الحديث .
و قد تقدم في رواية صدي بن عجلان و فروة بن مجاهد ، عنه : " ألا أعلمك ثلاث سور لم ينزل في التوراة و لا في الإنجيل و لا في الزبور و لا في الفرقان مثلهن ؟ " قل هو الله أحد " و " قل أعوذ برب الفلق " و " قل أعوذ برب الناس " .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل ، حدثنا الجريري ، عن أبي العلاء قال : قال رجل : كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في سفر ، و الناس يعتقبون ، و في الظهر قلة ، فحانت نزلة رسول الله صلى الله عليه و سلم ونزلتي ، فلحقني فضرب [ من بعدي ] منكبي ، فقال : " " قل أعوذ برب الفلق " ، فقرأها رسول الله صلى الله عليه و سلم وقرأتها معه ، ثم قال : " " قل أعوذ برب الناس " ، فقرأها رسول الله صلى الله عليه و سلم و قرأتها معه ، فقال : " إذا صليت فاقرأ بهما " .
الظاهر أن هذا الرجل هو عقبة بن عامر ، و الله أعلم .
و رواه النسائي ، عن يعقوب بن إبراهيم ، عن ابن علية به .
حديث آخر : قال النسائي : أخبرنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، عن عبد الله بن سعيد ، حدثني يزيد بن رومان ، عن عقبة بن عامر ، عن عبد الله الأسلمي - هو ابن أنيس - : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم وضع يده على صدره ثم قال : " قل " . فلم أدر ما أقول ، ثم قال لي : " قل " . قلت : " قل هو الله أحد " ثم قال لي : " قل " . قلت : " أعوذ برب الفلق من شر ما خلق " حتى فرغت منها ، ثم قال لي : " قل " . قلت : " قل أعوذ برب الناس " حتى فرغت منها . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " هكذا فتعوذ ، ما تعوذ المتعوذون بمثلهن قط " .
حديث آخر : قال النسائي : أخبرنا عمرو بن علي أبو حفص ، حدثنا بدل ، حدثنا شداد بن سعيد أبو طلحة ، عن سعيد الجريري ، حدثنا أبو نضرة ، عن جابر بن عبد الله قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : " اقرأ يا جابر " . قلت : و ما أقرأ بأبي أنت و أمي ؟ قال : " اقرأ : " قل أعوذ برب الفلق " و " قل أعوذ برب الناس " . فقرأتهما ، فقال : " اقرأ بهما ، و لن تقرأ بمثلهما " .
و تقدم حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقرأ بهن ، و ينفث في كفيه ، و يمسح بهما رأسه و وجهه ، و ما أقبل من جسده .
و قال الإمام مالك : عن ابن شهاب ، عن عروة عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذتين و ينفث ، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه ، و أمسح بيده عليه ، رجاء بركتها .
و رواه البخاري ، عن عبد الله بن يوسف . و مسلم ، عن يحيى بن يحيى . و أبو داود ، عن القعنبي . و النسائي ، عن قتيبة - و من حديث ابن القاسم و عيسى بن يونس - و ابن ماجه من حديث معن و بشر بن عمر ، ثمانيتهم عن مالك به .
و تقدم في آخر سورة : " ن " من حديث أبي نضرة عن أبي سعيد : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يتعوذ من أعين الجان و عين الإنسان ، فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما ، و ترك ما سواهما . رواه الترمذي و النسائي وابن ماجه ، و قال الترمذي : حديث حسن .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن عصام ، حدثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا حسن بن صالح ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر قال : الفلق : الصبح .
و قال العوفي عن ابن عباس : ( الفلق ) الصبح . و روي عن مجاهد ، و سعيد بن جبير ، و عبد الله بن محمد بن عقيل ، و الحسن ، و قتادة ، و محمد بن كعب القرظي ، و ابن زيد ، و مالك ، عن زيد بن أسلم ، مثل هذا .
قال القرظي و ابن زيد و ابن جرير : و هي كقوله تعالى : ( فالق الإصباح ) [ الأنعام : 96 ] .
و قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : ( الفلق ) الخلق . و كذا قال الضحاك : أمر الله نبيه أن يتعوذ من الخلق كله .
و قال كعب الأحبار : ( الفلق ) بيت في جهنم ، إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حره ، و رواه ابن أبي حاتم ، ثم قال :
حدثنا أبي ، حدثنا سهيل بن عثمان ، عن رجل سماه ، عن السدي عن زيد بن علي ، عن آبائه أنهم قالوا : ( الفلق ) جب في قعر جهنم ، عليه غطاء ، فإذا كشف عنه خرجت منه نار تصيح منه جهنم ، من شدة حر ما يخرج منه .
و كذا روي عن عمرو بن عبسة و السدي و غيرهم . و قد ورد في ذلك حديث مرفوع منكر ، فقال ابن جرير :
حدثني إسحاق بن وهب الواسطي ، حدثنا مسعود بن موسى بن مشكان الواسطي ، حدثنا نصر بن خزيمة الخراساني ، عن شعيب بن صفوان ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ( الفلق ) جب في جهنم مغطى " إسناده غريب و لا يصح رفعه .
و قال أبو عبد الرحمن الحبلي : ( الفلق ) من أسماء جهنم .
قال ابن جرير : و الصواب القول الأول ، أنه فلق الصبح . و هذا هو الصحيح ، و هو اختيار البخاري رحمه الله ، في صحيحه .
اسم الموضوع : سورة الفلق. تفسير ابن كثير
|
المصدر : تفسير القران الكريم