يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ ٠ كل عام وأنتم بخير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
٠٠
أحبابي في الله
٠٠
حان وقت الرحيل
والذهاب بالقلب والروح
الى طريق رب العالمين
ينادي منادي
يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ
ويا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِر
روى الترمذي وابن ماجه
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال
: قال رسول الله صل الله
عليه وسلم :
(( إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ ،
وَيُنَادِي مُنَادٍيا
يا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ
وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ ،
وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ
وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ))
وقد جاء التصريح في حديث
رواه الإمام أحمد في مسنده بأن هذا المنادي ملَك من ملائكة الله وأنه يتكرر كلَّ ليلة
حتى ينقضي الشهر ؛
. ولئن كان أهل الإيمان
لا يسمعون صوت هذا المنادي
إلا أنهم من ندائه على يقين ؛
لأن الذي أخبر بذلك الصادق المصدوق صلوات الله
وسلامه عليه
الذي لا ينطق عن الهوى
إن هو إلا وحي يوحى .
٠٠
فلنستشعر في ليالي رمضان المباركات هذا النداء المبارك ،
هذا النداء العظيم ،
ولنفعِّل هذا النداء في حياتنا ،
ونذهب الى طريق الله
بكل جوارحنا
ولنتأمل في أحوالنا وسلوكنا ،
ولننظر في حالنا من أي أهل النداءين ؟
فإنهما نداءان وكل منهما
مقصود به
فئة من الناس
" يا باغي الخير .. يا باغي الشر " ؛
؛ وفي هذا دلالة أن قلوب الناس على قلبين : قلب يبغي الخير ويطلبه ويبحث عنه ويتحراه ، وقلب آخر - والعياذ بالله - يبحث عن الشر ويتحرك في طلبه وينبعث في البحث عنه
، فليسوا سواء ؛ ليس من كان قلبه قلباً صالحاً مستقيماً يطلب الخير ويتحراه كمن قلبه
-والعياذ بالله- قلباً شريراً
فمن كان قلبه ذلك القلب الكريم الذي يتحرى الخير ويطلبه فليغنم شهر الخيرات :
بالإقبال على الله ، وبالمزيد من الطاعات ، وبالاستكثار من العبادات ،
وباغتنام موسم الخيرات
بالإكثار من الرغائب والمستحبات ،
وفي الحديث القد سي يقول الله جل وعلا
: ((وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ))(3) فالمقبِل على الخيرات يجتهد في الفرائض أولاً تبكيراً إليها ومزيد اهتمامٍ بها وسعياً في تتميمها وتكميلها ، ثم بعد ذلك يوسع في باب الرغائب والمستحبات
اغتناماً واستكثارا .
٠٠
وكان هدي النبي صل الله عليه وسلم في ذلك أكملَ هدي وأحسنَ هدي ،
يقول ابن القيم رحمه الله مبيِّناً هديه صل الله عليه وسلم في الصدقة والإحسان إلى الناس : (( كان صلى اللَّه عليه وسلم أعظمَ الناس صدقةً بما ملكت يدُه ، وكان لا يستكثر شيئاً أعطاه للهِ تعالى ولا يستقِلُّه، وكان لا يسأله أحدٌ شيئاً عنده إلا أعطاه قليلاً كان أو كثيراً ،
وكان عطاؤه عطاء مَنْ لا يخاف الفقر ،
وكان العطاءُ والصدقةُ أحبَّ شيءٍ إليه،
وكان سروره وفرحه بما يعطيه أعظمَ من سرور الآخذِ بما يأخذه، وكان أجودَ الناس بالخير، يمينه كالريح المرسلة ، وكان إذا عرض له محتاج آثره على نفسه، تارة بطعامه، وتارة بلباسه . وكان ينوّع في أصناف عطائه وصدقته،
.
ومن شواهد ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ ))
٠٠
ومن أبواب الخير التي رغب فيها الرسول صلى الله عليه وسلم تفطير الصائم وتجهيز الغازي في سبيل الله ((مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا أَوْ جَهَّزَ غَازِيًا
فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ))
وحث على الاعتمار في رمضان روى البخاري عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً معي))(7) ، وروى ابن ماجة عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ قَالَ
: ((عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً))
فالثواب في هذا الشهر عظيم والأجر كبير
وأبواب الخير واسعة فليضرب كل بسهم فيها والله تعالى يقول: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة:148] ،
وإذا فعل ذلك فليخلص لله النية
ولْيَحتسب الأجر عنده ولْيُداوم على ذلك ما استطاع ، وليحرص على اتباع النبي صل الله عليه وسلم وموافقة هديه في كل أمر ، وليطلب العون من الله وحده على فعل الخيرات والمسابقة في أداء الطاعات والإكثار من الحسنات ، ومن الدعوات العظيمة التي علَّمها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ولها نفع عظيم في هذا الباب ما رواه ابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهَا هَذَا الدُّعَاءَ :
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ الْخَيْرِ كُلِّهِ ؛
عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ،
وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّرِّ كُلِّهِ ؛ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ
مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ،
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ
قَضَيْتَهُ لِي خَيْرًا))
٠٠
وفَّقنا الله جميعاً لفعل الخيرات
واغتنام الأجور ورفيع الدرجات
٠٠
كل عام وأنتم بخير
أجازه رمضانيه
نلتقي في العيد إن شاء الله
لاتنسوني من دعائكم الطيب
أستودعكم الله
الذي لاتضيع ودائعه
٠٠٠
اسم الموضوع : يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ ٠ كل عام وأنتم بخير
|
المصدر : الخيمة الرمضانية