عاشق الكلمات
نزاري الحرف
انهيار
أخوتي الأعزاء أعضاء هذا البيت الجميل
صباحكم معطر بالورود
بداية أسجل اعترافي بأني لست من كتاب الروايات فلست أملك تلك الموهبة الفريدة في الإبداع
و لكن هذه قصة كتبتها قديما تأثرا بحبي لقراءة الروايات
عثرت عليها بين أوراق الطفولة و أحببت أن أشاركها معكم
أرجو ألا تكون مملة و عذرا إن لم تكن علي قدر إبداعاتكم الجميلة
........................................................................
كثير من الهمس ..قليل من الصخب..كثير من التجهيزات..
كل ذلك يجري بهدوء شديد داخل إحدى السيارات المتوقفة بشارع (لسبور) إحدى شوارع جادة (برايتي) بشيكاغو .
كاد الشارع أن يخلو تقريبا من أي حراك إلا ما يحدث داخل تلك السيارة ..حيث جلس أربعة أشخاص كل منهم مشغول بارتداء ملابسه و تجهيز أدواته باهتمام شديد ...
- "جيسي , هل انتهيت بعد ؟ "
قال (لاري) والذي كان يجلس أمام عجلة القيادة يرقب الأحوال بتوتر شديد .
رد (جيسي) وهو يغلق سوسته حقيبته ويضعها حول رقبته : " كل شيء جاهز الآن " .
التفت إليه (لاري) قائلا باهتمام : " حسنا, لنراجع الخطة مرة أخري , فلا مجال للأخطاء الليلة " .
رد (هودج) سريعا والذي كان يجلس في الأمام بجوار (لاري) : " لا تقلق يا (لاري) , فكل شيء علي ما يرام , أما الآن فيجب أن نذهب حالا فليس لدينا المزيد من الوقت " .
رد (لاري) في اهتمام : "حسنا , فلتذهب أنت و (جيسي) الآن و سأتبعك أنا و (كاستور) في الحال , هيا " .
في غضون دقائق قليلة كان أربعتهم يقفون في البهو الرئيسي لبنك (ليكزي) والذي كان هو الهدف لتلك الليلة .
كل شيء بدا سلسا للغاية تلك الليلة خاصة مع وجود (جيسي) المتخصص في التعامل مع جميع أنواع الأبواب والأقفال وكل هذه الأمور وفوق كل ذلك شَغلته المفضلة , تعطيل كاميرات المراقبة و أجهزة الإنذار .
وفي ثوان قليلة كان (جيسي) بمواجهة الخزانة الرئيسية للبنك ثم هم بفتحها في مهارة.
" هيا يا (جيسي) أنجز عملك سريعا " .
قال (لاري) بتوتر وهو يلتفت من حوله في قلق قبل أن يقاطعه (كاستور) بقوله : " ماذا بك يا (لاري)؟ ما كل هذا التوتر ؟ فكل شيء علي ما يرام ,فلتهدأ قليلا حتى لا تصيبنا بالتوتر نحن أيضا ".
رد (لاري) في شرود : " لست أدري يا أخي , ولكن هذه المرة أشعر بإحساس غريب , أتمني أن يكون مجرد إحساس " .
قال (كاستور) في هدوء : " إنه كذلك بالتأكيـ...." .
ولم يكد يتم (كاستور) كلمته حتي سقط علي الأرض من جراء رصاصة اخترقت النافذة لتستقر في كاحله .
التفت الجميع مباشرة إلي مصدر الصوت والذي لم يكن سوي رجل الأمن والذي كان يجري مهرولا باتجاه كابينة التليفون .
قال (جيسي) في عصبية : " من المؤكد انه سيطلب الشرطة , علينا التحرك من هنا فورا ".
رد (لاري) في حزن : " ولكن ماذا عن (كاستور) ؟ إن إصابته خطيرة للغاية , لن نستطيع الهروب به من هنا " .
قاطعه (هودج) في صرامة : " نحن فعلا لن نهرب به " ثم أخرج مسدسه وصوبه باتجاه رأس (كاستور) وهو يكمل " لأنه لن يذهب إلي أي مكان " .
نظر إليه (لاري) في دهشة وهو يقول : "ماذا أصابك يا (هودج) , هل جننت ؟ هذا أخي هل ما زلت تذكر ذلك ؟ " .
رد (هودج) في عصبية بالغة : " (لاري) ,أنت تعلم جيدا أن بقاؤه هنا حيا سيؤدي بنا جميعا إلي السجن , وهذا الشيء لن أسمح به أبدا " .
تماسك (لاري) قليلا وهو يقول " (هودج) , إني أطلب منك كصديق , لا تفعل ذلك " .
لم يعره (هودج) اهتماما في حين لم يحرك مسدسه بعيدا عن رأس (كاستور) مما أثار غيظ (لاري) الذي تحرك بلمح البصر وجذب مسدسه وألصقه بجبين (هودج) وهو يقول " إني إذن أطلب منك ذلك الآن مقابل حياتك " .
سادت لحظات من الصمت في حين كان المشهد أشبه بلوحة فنية حيث لم يأت أحدهم بأي حركة لعدة ثوان .
لم يقطع هذا الصمت إلا صوت أبواق سيارات الشرطة وهي تقترب من المكان مما جعل (جيسي) يصيح بعصبية : " هلا تكفوا عن هذا الهراء , علينا أن نتحرك فورا " .
أمسك (كاستور) بذراع (لاري) وهو يقول بضعف شديد : " (لاري) , لابد أن تذهبوا الآن , لا تقلق عليّ سأكون بخير , ولن أذكر شيئا عنكم أعدكم بذلك "
نظر إليه (لاري) وهو يهم بالمغادرة قائلا " : لا تقلق يا أخي , سوف تعود بيتك قريبا , أعدك بأني لن أتركك مهما حدث "
وفي ثوان معدودة وقبل وصول أي من سيارات الشرطة كان كل منهم قد وجد طريقه للخارج سريعا ..
*******منزل (لاري) بعد 5 ساعات*******
"اللعنة" قال (لاري) وهو يدق سطح مكتبه بغضب شديد " لقد كان كل شيء يسير علي ما يرام , ماذا حدث ؟ , (راندل) , نعم هو ذلك الشرطي اللعين , إنه لا يزال يفسد كل عملية أقوم بها في هذا الحي , وهذه المرة أخذ أخي (كاستور) ,ولكني لن أسمح له بإيذائه أبدا ...مهما حدث "
رد (جيسي) قائلا : " ولكن ماذا بوسعنا أن نفعل , لنأمل فقط ألا يذكر عنا شيئا في التحقيقات "
قاطعه (لاري) في عصبية شديدة : " ماذا ؟ أهذا كل ما يهمك , ألا يذكر شيئا عنا ؟! تبا لك يا رجل .. بل تبا لكم جميعا , ولكني حتما سأجد طريقة للانتقام من ذلك السافل (راندل) " .
ثم صاح (لاري) فجأة في حماسة وهو يتجه نحو الهاتف : (سيليو) هذا هو الرجل المطلوب " .
نظر إليه (جيسي) في دهشة قبل أن يتساءل قائلا : " فيم تفكر بالتحديد يا (لاري) ؟ هل ستفجر ذلك الشرطي أم ماذا ؟ " .
رد (لاري) وهو يضرب أزرار هاتفه : " لا , ولكني أخطط له شيئا ..سيجعله يتوسل إليّ كي يعيد (كاستور) " .
راقب (جيسي) ما يحدث في صمت دون أن يفهم أي شيء علي الإطلاق.....
*************بعد 3 أيام*************
كان الضابط ( داني راندل) يجلس في مكتبه يتصفح بعض الأوراق أمامه باهتمام بالغ في حين قطع تركيزه صوت هاتف مكتبه .
-" آلو ....من المتحدث ؟ ".
-"ماذا ؟! ...حسنا أنا قادم في الحال ...سلام " .
وما أن وضع (راندل) سماعة الهاتف حتى انطلق مهرولا إلي الخارج حيث استقل سيارته واتجه بسرعة البرق إلي المنزل .
-" كيريشا , ماذا حدث ؟"
قال (راندل) بعصبية وهو يدفع باب الشقة ويدخل مسرعا " أين ابنتنا (جوليا)؟ "
ردت (كيريشا) بصعوبة مقاومة دموعها المنهمرة " لقد عدت من الخارج فوجـ..د..ت ...."
قاطعها (راندل) بعصبية : " كفي عن البكاء قليلا وأخبريني ماذا حدث " .
وقبل أن تكمل (كيريشا) رن هاتف المنزل فاندفع إليه (راندل) بسرعة قبل أن يجيب في قلق : " آلو ..من المتحدث؟ " .
أتاه صوت ساخر عبر الهاتف يقول : " مرحبا عزيزي (راندل) أما زلت تذكر صوتي؟ "
رد (راندل) في حنق : " لاري , إنه أنت أيها الحقير ..ماذا تريد ؟ " .
أجاب (لاري) في برود : " عليك أن تكون أكثر احتراما يا عزيزي , خاصة و إن كنت أملك حياة ابنتك (جوليا) " .
اشتد غيظ (راندل) وهو يجيب : " أيها السافل , إن لم ترجع (جوليا) في خلا.."
قاطعه (لاري) بضحكة عالية قائلا : " دائما تظلمني يا صديقي , فابنتك لم تغادر غرفتها , و يؤسفني أن أخبرك أنها لن تغادرها أيضا فهي مقيدة الآن في مقعدها و أي محاولة شجاعة منك سوف تكون الأخيرة " .
ثم أطلق ضحكة ساخرة وهو يقول : " و إليك الخبر السيئ يا عزيزي , قيود ابنتك الرقيقة ليست كأي قيود عادية وإنما خضعت للمسة (سيليو) الساحرة فأي محاولة لفكها أو حتى العبث بها سيؤدي إلي انفجارها في الحال ولكن لا تقلق يا عزيزي فما زال لديك حوالي..47 ساعة و 26 دقيقة تقريبا و أعتقد أن هذا الوقت كافي جدا كي تعيد إليّ أخي (كاستور) وحينها سوف أعطيك شفرة تعطيل تلك القنبلة ...أما عن (جوليا) فلا تقلق عليها فهي الآن مخدرة فحسب
حتي لا تقوم بأي غباء قد يتسبب في قتلها قبل إتمام صفقتنا ..سوف أتصل بك لاحقا الليلة لأعرف جوابك ..سلام يا عزيزي " .
وضع (راندل) سماعة الهاتف وانطلق مسرعا باتجاه غرفة (جوليا) و من خلفه (كيريشا) وهي تقول في توتر : " ما الأمر يا (راندل) ماذا حدث لابنتنا ؟ " .
أجاب (راندل) في شرود : " ذلك الوغد (لاري) يهددني بقتل (جوليا) في حالة عدم تسليمه أخيه (كاستور) " .
ردت (كيريشا) بسرعة : " إذن فلتفعل ذلك الآن يا (راندل) فلا أريد أن تصاب ابنتنا بسوء " .
غادر راندل الغرفة وهو يتمتم : " الأمر ليس بهذه البساطة يا عزيزتي " .
ثم أمسك بالهاتف وهو يكمل " ولكن لابد من الاستعانة ببعض الأصدقاء " .
********منزل (راندل) بعد 4ساعات*********
- "من المؤكد أنه هو يا سيدي , أجب علي الهاتف الآن " .
قال (ستيف) وهو يتجه مسرعا إلي جهاز الكمبيوتر الخاص به .
رفع (راندل) سماعة الهاتف و قبل أن يجيب أتاه صوت (لاري) يقول ببروده المعهود : " هل فكرت جيدا يا عزيزي ؟ " .
رد (راندل) في توتر قائلا : " اسمع يا (لاري) , الوقت الذي حددته غير كاف علي الإطلاق , فلا يمكنني أبدا أن أهرب (كاستور) في أقل من 40 ساعة .."
قاطعه (لاري) : " أما زلت لا تفهم الوضع جيدا بعد يا كابتن؟ , هل تريد أن تفقد ابنتك (جوليا) أم ماذا ؟ شخصيا لا أعتقد ذلك " .
أجابه (راندل) سريعا : " لا , ولكن أعطني فرصة أخري أي أخبرني الآن بكيفية تعطيل تلك القنبلة وأعدك بخروج (كاستور) في أقل من أسبوع " .
قاطعه (لاري) بضحكة ساخرة قائلا : " ما هذا يا كابتن ؟ لم أكن أعلم أنك مضحك لهذه الدرجة ..الأمر ليس بهذه السهولة يا صديقي..إنها فرصة وحيدة ..خروج أخي مقابل حياة ابنتك ..عليك أن تقرر سريعا يا كابتن ..سلام ".
وضع (راندل) سماعة الهاتف وهو يلتفت إلي (ستيف) قائلا : " أخبرني , هل استطعت تحديد مكان هذا السافل ؟ " .
أجاب (ستيف) في اهتمام : " نعم يا سيدي , لقد تم الاتصال من هذا العنوان 17 شارع (بندكت) حي (لنكنشتاين) , إنه يبعد حوالي نصف ساعة فقط من هنا يا سيدي " .
رد (راندل) في حماس : " حسنا لقد وقع ذلك الحقير " ثم التفت إلي رجاله قائلا في حزم : " إنها فرصتنا الوحيدة للإمساك به ..وإلا لن نعثر عليه مجددا ..هيا بنا يا رفاق " .
*******بعد 7ساعات*****
في غرفة مغلقة أشبه بزنازين الحبس الانفرادي في حين بدت تلك الغرفة أكبر قليلا تتوسطها منضدة معدنية قصيرة جلس (لاري) وسط قيوده في حين وقف (راندل) بجواره منحنيا بجسده علي المنضدة ومستندا براحتيه خلف مصباح قوي موجه ناحية (لاري) والذي كان ذلك الأخير يعاني من قوة إضاءته في حين بدأ (راندل) في التحدث قائلا : " ها نحن الآن يا (لاري) , أنا وأنت فقط فلتخبرني إذن بتلك الشفرة اللعينة إذا كنت تحرص علي ما تبقي من حياتك البائسة تلك" .
رد (لاري) في سخرية : " هكذا ..بهذه البساطة ؟! ..أخشي انك لن تصل إلي أي شيء من خلالي يا كابتن " .
أجابه (راندل) بقبضة قوية أسالت الدم من أنفه وهو يقول " يبدو أني لم أوجه طلبي بالطريقة السليمة أليس كذلك ؟ , اسمع يا (لاري) هناك طريقتان فقط لتخبرني بهذه الشفرة , إما الطريقة السهلة" ثم أتبع وهو يطيح بوجه (لاري) بقبضته اليمني " أو هناك دائما الطريقة الصعبة ..الأمر يعود إليك يا عزيزي " .
أجابه (راندل) وهو يلتفت إليه في صعوبة : " لا أعتقد أن لديك الوقت الكافي لاستخدام هذه الطرق يا عزيزي , فعلي ما أعتقد لديك فقط ما يقرب من 30 ساعة فقط وثق تماما أنك في حاجة لأضعاف هذا الوقت كي تحصل مني علي أي شيء "
اشتاط (راندل) من الغيظ وهو يصيح في وجه (لاري) : "سنري ذلك أيها السافل " .
مرت أكثر من ما يقرب من 4 ساعات ولم يغير أحد من موقفه حيث ظل (راندل) ينهال علي (لاري) بالضربات المتلاحقة في حين صمد (لاري) بصورة غريبة مما وصل بتوتر (راندل) إلي ذروته وخاصة مع مرور الوقت مما جعل (راندل) يفقد أعصابه في ظل فشله في الوصول إلي أي شيء .
كاد (راندل) أن يصل إلي حد الجنون من جراء ذلك التحدي الرهيب الذي يواجهه حيث يرفض غروره أن ينفذ ما يطلب (لاري) وفي نفس الوقت ينتابه رعب وقلق الدنيا علي صغيرته (جوليا ) وفوق كل ذلك مرور الوقت دون أن يعرف ما ستكون خطوته القادمة .
تحت وطأة كل هذه الضغوط انهار (راندل) سريعا حيث اتجه فجأة ببصره الحاد نحو (لاري) وهو يدرك جيدا في قرارة نفسه مدي حماقة ما هو مقدم عليه ولكنه لم يكن يعلم جيدا مع من يتعامل ولم يعلم أيضا أن ما سيقوله سيغير كل شيء بشكل رهيب بل سيرسم نهاية عاجلة لكل ما يحدث و بنبرة تفيض بكل معاني التحدي قال :
" إليك قراري أيها المتغطرس , سوف تذهب إلي السجن بصحبة أخيك اللعين (كاستور) وستقضيا معا عقوبة كل ما فعلتموه من جرائم سابقة والتي ستكون مدي الحياة علي ما أعتقد ,و لن أبالي بحياة ابنتي في مقابل أن تحيا بقية حياتك ذليلا في سجنك أيها الحقير ..واعلم جيدا أنه ليس (داني راندل) الذي يهدده جرذ مثلك ..."
في هذه اللحظة قاطعه (لاري) بنبرة أكثر تحديا و جمودا :
" إذن أنت تتحداني يا كابتن , فليكن ما تريد ولتعلم جيدا أنك قد أخطأت كثيرا بإتباع مثل ذلك الأسلوب معي ودعني أقول لك شيئا أخيرا , ما سأعانيه في سجني لن يساوي شيئا بجانب ما ستحيا به طوال حياتك من تأنيب للضمير وحسرة علي صغيرتك (جوليا) , واعلم أيضا أنه حتي لو تركتني أخرج من هنا الآن برفقة أخي , فلن أمنح ابنتك الحياة مجددا , ولن أوقف تلك القنبلة مهما حدث ...أتسمعني جيدا يا كابتن....سأريك الآن كيف يكون التحدي" .
وما أن أتم (لاري) كلمته حتي كانت قبضة (راندل) تطيح بوجهه بقوة فسقط بمقعده علي الأرض حيث ارتطمت رأسه بالأرضية ارتطاما عنيفا فقد علي إثره الوعي وراح في غيبوبة عميقة .
وفي قمة الانهيار سقط (راندل) علي ركبتيه و انفجر في بكاء عميق .
لم تكن دموع (راندل) لتغفر له حماقته وغروره بل وغباءه في التعامل مع الموقف حيث انه دون أن يدري قد قضي علي أعز ما يملك ولن يرحمه ضميره أبدا من جراء ما أقدم عليه تجاه ابنته البريئة (جوليا) ولن يعوضه عنها أي شيء ...مهما كان ....." .
*******************************
في إحدى الممرات الصغيرة المؤدية إلي قسم الحالات الخاصة بالدور الحادي عشر بمستشفي (ستوبو) سار أحد الأطباء الشبان بخطوات سريعة نسبيا في اتجاه الغرفة 702 والواقعة بنهاية الممر .
وما أن أصبح أمام باب الغرفة حتي ضغط علي زر بجوار الباب لتمتد شاشة رقمية صغيرة سرعان ما ضغط فوقها علي بضعة أزرار قبل أن يأتيه صوت الكتروني يقول : " مرحبا دكتور (جون) يمكنك الآن المرور " .
وما أن أصبح بالداخل حتي توقف مجددا أمام أحد الأجهزة التي أرسلت باتجاهه حزمة مربعة من الليزر و التي مرت فوقه ابتداء من رأسه و حتي قدميه قبل أن يأتيه صوت إلكتروني آخر قائلا " مستوي التلوث صفر ..الدخول مسموح " .
بدت تلك الغرفة كخلية الكترونية ضخمة حيث ازدحمت الغرفة بالعديد من الأجهزة الطبية في حين تناثرت عدد من الشاشات الرقمية علي الحوائط وفي كل شاشة يتم الكترونيا توضيح إحدي العمليات الحيوية للمريض الذي كان مستلقيا علي سرير قصير بمنتصف الغرفة.
اتسمت الغرفة بالبياض الشديد والذي كان يغطي كل ما في الغرفة حتي بات من الصعب تمييز مكان التحام الحوائط بالسقف أو بالأرضية .
توجه دكتور (جون) مباشرة باتجاه المريض والذي كان يتلفت من حوله في دهشة بالغة في حين بادره (جون) بقوله : "مرحبا بعودتك للحياة مرة أخري سيد (لاري)" .
التفت (لاري) بصعوبة نحو (جون) وهو يقول في دهشة : " من أنت ..وما هذا المكان ...وكيف جئت إلي هنــ...." .
قاطعه (جون) قائلا : "الأمر معقد نسبيا سيد (لاري) فلتسمعني وتعي جيدا ما سأقول" .
رد (لاري) سريعا : " ماذا تقصد ..أخبرنـــ..ما هذا ...ماذا حل بصوتي أيضا..إني أتكلم كما لو كنت في الثمانين ..أخبرني يا دكتور ..ما هذا بحق الجحيم ؟ ".
أجاب (جون) في هدوء : " حسنا , في البداية أعرفك بنفسي , أنا الدكتور (جون ستروبرج) تم انتدابي في المسشفي لمتابعة حالتك منذ حوالي 10سنوات و..."
قاطعه (لاري) في ذهول : "ماذا تقول ؟؟! ..ما هذا الهراء ...؟
أجابه (جون) سريعا : " سيد (لاري) ,أود أن أخبرك أنك قد رحت في غيبوبة عميقة منذ عام 2007 ونحن اليوم السادس من فبراير 2037 أي أنك فاقد للوعي منذ ما يقرب من ثلاثين عاما " .
لم يجب (لاري) في حين اتسعت عينيه عن آخرهما قبل أن يكمل (جون) : " ولقد كلفت من قبل المستشفي بإعادتك للحياة مرة أخري " ثم ابتسم ابتسامة هادئة وهو يقترب من لاري ويقول " وأعتقد أني قد نجحت في ذلك ".
ثم اتجه (جون )مبتعدا وهو يقول : " من الواضح أنك لم تستوعب الأمر بعد وسوف آتي لك بشيء الآن سيساعدك كثيرا في معرفة حقيقة الوضع " .
أمسك (لاري) بالمرآة التي جلبها له (جون) وكاد (لاري) أن يصاب بالجنون وهو يحدق في صورته الجديدة وهو يقول في ذهول : " يا إلهي كيف يمكن لهذا أن يحدث ؟ " .
أجابه (جون) في هدوء : " إنها حالة نادرة جدا يا سيدي , ولكنها لا تزال ظاهرة طبية ".
رد (لاري) في حسرة بعد أن بدأ يتقبل الوضع الجديد : " حسنا , لقد كتب عليّ إذن أن أحرم من ما يقرب من ثلث حياتي " ثم أنتفض فجأة وهو يقول : " ولكن ماذا عن السجن.... و (كاستور) ..وكل هذه الأمور ؟ "
أجاب (جون ) قائلا : " لقد سقط عنك الحكم يا سيدي نظرا لحالتك الصحية "
رد (لاري) في دهشة : " ماذا ؟! منذ متي تسقط الأحكام لأسباب كهذه ؟ "
أجاب (جون) في هدوء : " منذ ما يقرب من خمسة عشر عاما يا سيدي "
ثم أطلق ضحكة خفيفة وهو يقول : " أي في منتصف ليلتك بالتحديد يا سيدي ".
- "ولكن ماذا عن (كاستور )".
قال (لاري) بلهفة قبل أن يجيبه (جون) حزينا : " لقد مات يا سيدي بمجرد دخوله السجن دون أي سبب معروف ولم يعلم أحد إلي الآن سبب وفاته "
دمعت عينا (لاري) قليلا قبل أن يهتف قائلا : (راندل) نعم , من المؤكد أنه من قتله بعد أن فجرت ابنته , ذلك السافـ...."
قاطعه (جون) سريعا : " لقد انتحر (راندل ) فور موت ابنته يا سيدي أي قبل أن يموت (كاستور) بشهرين تقريبا ".
صمت(لاري) قليلا وهو يفكر في كل ما سمعه من (جون) قبل أن يسأله في دهشة : " ولكن كيف عرفت كل ذلك يا دكتور ؟ " .
ابتسم (جون) وهو يقول : " منذ عشرة أعوام يا سيدي وأنا لا أفعل شيئا في حياتي غير الاهتمام بك مما أتاح لي معرفة كل صغيرة وكبيرة عنك " .
ثم بدت عليه بعض الحيرة وهو يقول : " إلا شيئا واحدا يا سيدي يدفعني فضولي أن أعرفه منك "
رد (لاري) في دهشة : " ما هذا الشيء ؟ "
قال (جون) سريعا : "شفرة القنبلة التي قتلت (جوليا) " .
أجابه(لاري) متعجبا : ولم يشغلك أمر الشفرة إلي هذا الحد يا دكتور ؟؟
ردد (جون) سريعا وهو يضغط علي بعض أزار الكمبيوتر : أبدا علي الإطلاق مجرد فضول ليس أكثر ، ثم التفت إلي (لاري) مبتسما وهو يقول : أو قد تعتبره اختبارا لذاكرتك بعد ثلاثين عاما من النوم .
ضحك (لاري) عاليا وهو يقول : لا تقلق يا دكتور هذا الشئ بالذات أذكره جيدا
أجاب (جون) مندهشا : ولم هذا الشيئ بالذات ؟؟
أجاب لاري ضاحكا : لأنك ذكرته منذ لحظات فقط
رد (جون) في تعجب : " ما زلت لا أفهم شيئا يا سيدي "
أجابه (لاري) : "لقد كانت (جوليا ) هي الحل يا دكتور "
قال (جون) في حماسة شديدة : " أتقصد أن الشفرة هي حروف كلمة ( جوليا) .
ضحك (لاري) عاليا وهو يقول : " نعم يا دكتور ...كم كان غبيا هذا الشرطي.."
لم ينطق(جون)بكلمة في حين ارتسمت علي شفتيه ابتسامة ساخرة وهو يحدق مباشرة إلي وجه (لاري) بنظرة غريبة للغاية مما أثار انتباه (لاري) الذي سأله سريعا " ماذا بك يا دكتور؟ " لماذا تحدق إليّ هكذا ؟ "
لم يجبه (جون) في حين هم هذا الأخير بالنهوض حيث التقط هاتفه وما أن انفتح الخط حتي قال " ( ستيف) أدخل تلك الشفرة (ج..و..ل..ي..ا )؟ "
لم يفهم (لاري) قط ماذا يحدث في حين اقترب (جون) أكثر من (لاري) وهو يقول : " سنري الآن من الغبي يا عزيزي " .
وفي حركة سريعة قام (جون) بانتزاع قناعه في حين تجمد (لاري) في مكانه وهو ينظر بهلع شديد إلي ذلك الرجل الوقف أمامه قبل أن يهتف ( راندل) ؟!! كيـ...كيف حدث ذلك ؟ " .
بادره (راندل) بقوله سريعا : "
"مرحبا بك في قسم الخيال العلمي بمركز شرطة (برايتي) , تري هل أعجبك ذلك العرض يا عزيزي .. ما رأيك أن تريني ابتسامتك العريضة التي طالما لازمتك منذ ثلاثين عاما.....أووبس ..أقصد منذ ثلاث ساعات "
ثم ضحك (راندل) وهو يقول : " هل تعلم ؟ إن سن الثمانين لا يليق بك علي الإطلاق فبالرغم من براعة الماكياج إلا أنك شكلك يبدو كخنزير غبي .... "
لم ينطق ( لاري) بأي كلمة حيث كان لايزال يحاول أن يستوعب ما يحدث حوله ....دون نتيجة ..
-" أيها الحارس " نادي (راندل) بصوت عال قبل أن يدخل الغرفة أحد الأشخاص في حين التفت إليه (راندل) قائلا : " خد هذا السجين من هنا ونظف خلفه الغرفة " ثم اتجه (راندل) إلي الخارج قبل أن يلتفت إلي (لاري) ويقول بسخرية : " شكرا علي تعاونك المثمر يا عزيزي
صباحكم معطر بالورود
بداية أسجل اعترافي بأني لست من كتاب الروايات فلست أملك تلك الموهبة الفريدة في الإبداع
و لكن هذه قصة كتبتها قديما تأثرا بحبي لقراءة الروايات
عثرت عليها بين أوراق الطفولة و أحببت أن أشاركها معكم
أرجو ألا تكون مملة و عذرا إن لم تكن علي قدر إبداعاتكم الجميلة
........................................................................
كثير من الهمس ..قليل من الصخب..كثير من التجهيزات..
كل ذلك يجري بهدوء شديد داخل إحدى السيارات المتوقفة بشارع (لسبور) إحدى شوارع جادة (برايتي) بشيكاغو .
كاد الشارع أن يخلو تقريبا من أي حراك إلا ما يحدث داخل تلك السيارة ..حيث جلس أربعة أشخاص كل منهم مشغول بارتداء ملابسه و تجهيز أدواته باهتمام شديد ...
- "جيسي , هل انتهيت بعد ؟ "
قال (لاري) والذي كان يجلس أمام عجلة القيادة يرقب الأحوال بتوتر شديد .
رد (جيسي) وهو يغلق سوسته حقيبته ويضعها حول رقبته : " كل شيء جاهز الآن " .
التفت إليه (لاري) قائلا باهتمام : " حسنا, لنراجع الخطة مرة أخري , فلا مجال للأخطاء الليلة " .
رد (هودج) سريعا والذي كان يجلس في الأمام بجوار (لاري) : " لا تقلق يا (لاري) , فكل شيء علي ما يرام , أما الآن فيجب أن نذهب حالا فليس لدينا المزيد من الوقت " .
رد (لاري) في اهتمام : "حسنا , فلتذهب أنت و (جيسي) الآن و سأتبعك أنا و (كاستور) في الحال , هيا " .
في غضون دقائق قليلة كان أربعتهم يقفون في البهو الرئيسي لبنك (ليكزي) والذي كان هو الهدف لتلك الليلة .
كل شيء بدا سلسا للغاية تلك الليلة خاصة مع وجود (جيسي) المتخصص في التعامل مع جميع أنواع الأبواب والأقفال وكل هذه الأمور وفوق كل ذلك شَغلته المفضلة , تعطيل كاميرات المراقبة و أجهزة الإنذار .
وفي ثوان قليلة كان (جيسي) بمواجهة الخزانة الرئيسية للبنك ثم هم بفتحها في مهارة.
" هيا يا (جيسي) أنجز عملك سريعا " .
قال (لاري) بتوتر وهو يلتفت من حوله في قلق قبل أن يقاطعه (كاستور) بقوله : " ماذا بك يا (لاري)؟ ما كل هذا التوتر ؟ فكل شيء علي ما يرام ,فلتهدأ قليلا حتى لا تصيبنا بالتوتر نحن أيضا ".
رد (لاري) في شرود : " لست أدري يا أخي , ولكن هذه المرة أشعر بإحساس غريب , أتمني أن يكون مجرد إحساس " .
قال (كاستور) في هدوء : " إنه كذلك بالتأكيـ...." .
ولم يكد يتم (كاستور) كلمته حتي سقط علي الأرض من جراء رصاصة اخترقت النافذة لتستقر في كاحله .
التفت الجميع مباشرة إلي مصدر الصوت والذي لم يكن سوي رجل الأمن والذي كان يجري مهرولا باتجاه كابينة التليفون .
قال (جيسي) في عصبية : " من المؤكد انه سيطلب الشرطة , علينا التحرك من هنا فورا ".
رد (لاري) في حزن : " ولكن ماذا عن (كاستور) ؟ إن إصابته خطيرة للغاية , لن نستطيع الهروب به من هنا " .
قاطعه (هودج) في صرامة : " نحن فعلا لن نهرب به " ثم أخرج مسدسه وصوبه باتجاه رأس (كاستور) وهو يكمل " لأنه لن يذهب إلي أي مكان " .
نظر إليه (لاري) في دهشة وهو يقول : "ماذا أصابك يا (هودج) , هل جننت ؟ هذا أخي هل ما زلت تذكر ذلك ؟ " .
رد (هودج) في عصبية بالغة : " (لاري) ,أنت تعلم جيدا أن بقاؤه هنا حيا سيؤدي بنا جميعا إلي السجن , وهذا الشيء لن أسمح به أبدا " .
تماسك (لاري) قليلا وهو يقول " (هودج) , إني أطلب منك كصديق , لا تفعل ذلك " .
لم يعره (هودج) اهتماما في حين لم يحرك مسدسه بعيدا عن رأس (كاستور) مما أثار غيظ (لاري) الذي تحرك بلمح البصر وجذب مسدسه وألصقه بجبين (هودج) وهو يقول " إني إذن أطلب منك ذلك الآن مقابل حياتك " .
سادت لحظات من الصمت في حين كان المشهد أشبه بلوحة فنية حيث لم يأت أحدهم بأي حركة لعدة ثوان .
لم يقطع هذا الصمت إلا صوت أبواق سيارات الشرطة وهي تقترب من المكان مما جعل (جيسي) يصيح بعصبية : " هلا تكفوا عن هذا الهراء , علينا أن نتحرك فورا " .
أمسك (كاستور) بذراع (لاري) وهو يقول بضعف شديد : " (لاري) , لابد أن تذهبوا الآن , لا تقلق عليّ سأكون بخير , ولن أذكر شيئا عنكم أعدكم بذلك "
نظر إليه (لاري) وهو يهم بالمغادرة قائلا " : لا تقلق يا أخي , سوف تعود بيتك قريبا , أعدك بأني لن أتركك مهما حدث "
وفي ثوان معدودة وقبل وصول أي من سيارات الشرطة كان كل منهم قد وجد طريقه للخارج سريعا ..
*******منزل (لاري) بعد 5 ساعات*******
"اللعنة" قال (لاري) وهو يدق سطح مكتبه بغضب شديد " لقد كان كل شيء يسير علي ما يرام , ماذا حدث ؟ , (راندل) , نعم هو ذلك الشرطي اللعين , إنه لا يزال يفسد كل عملية أقوم بها في هذا الحي , وهذه المرة أخذ أخي (كاستور) ,ولكني لن أسمح له بإيذائه أبدا ...مهما حدث "
رد (جيسي) قائلا : " ولكن ماذا بوسعنا أن نفعل , لنأمل فقط ألا يذكر عنا شيئا في التحقيقات "
قاطعه (لاري) في عصبية شديدة : " ماذا ؟ أهذا كل ما يهمك , ألا يذكر شيئا عنا ؟! تبا لك يا رجل .. بل تبا لكم جميعا , ولكني حتما سأجد طريقة للانتقام من ذلك السافل (راندل) " .
ثم صاح (لاري) فجأة في حماسة وهو يتجه نحو الهاتف : (سيليو) هذا هو الرجل المطلوب " .
نظر إليه (جيسي) في دهشة قبل أن يتساءل قائلا : " فيم تفكر بالتحديد يا (لاري) ؟ هل ستفجر ذلك الشرطي أم ماذا ؟ " .
رد (لاري) وهو يضرب أزرار هاتفه : " لا , ولكني أخطط له شيئا ..سيجعله يتوسل إليّ كي يعيد (كاستور) " .
راقب (جيسي) ما يحدث في صمت دون أن يفهم أي شيء علي الإطلاق.....
*************بعد 3 أيام*************
كان الضابط ( داني راندل) يجلس في مكتبه يتصفح بعض الأوراق أمامه باهتمام بالغ في حين قطع تركيزه صوت هاتف مكتبه .
-" آلو ....من المتحدث ؟ ".
-"ماذا ؟! ...حسنا أنا قادم في الحال ...سلام " .
وما أن وضع (راندل) سماعة الهاتف حتى انطلق مهرولا إلي الخارج حيث استقل سيارته واتجه بسرعة البرق إلي المنزل .
-" كيريشا , ماذا حدث ؟"
قال (راندل) بعصبية وهو يدفع باب الشقة ويدخل مسرعا " أين ابنتنا (جوليا)؟ "
ردت (كيريشا) بصعوبة مقاومة دموعها المنهمرة " لقد عدت من الخارج فوجـ..د..ت ...."
قاطعها (راندل) بعصبية : " كفي عن البكاء قليلا وأخبريني ماذا حدث " .
وقبل أن تكمل (كيريشا) رن هاتف المنزل فاندفع إليه (راندل) بسرعة قبل أن يجيب في قلق : " آلو ..من المتحدث؟ " .
أتاه صوت ساخر عبر الهاتف يقول : " مرحبا عزيزي (راندل) أما زلت تذكر صوتي؟ "
رد (راندل) في حنق : " لاري , إنه أنت أيها الحقير ..ماذا تريد ؟ " .
أجاب (لاري) في برود : " عليك أن تكون أكثر احتراما يا عزيزي , خاصة و إن كنت أملك حياة ابنتك (جوليا) " .
اشتد غيظ (راندل) وهو يجيب : " أيها السافل , إن لم ترجع (جوليا) في خلا.."
قاطعه (لاري) بضحكة عالية قائلا : " دائما تظلمني يا صديقي , فابنتك لم تغادر غرفتها , و يؤسفني أن أخبرك أنها لن تغادرها أيضا فهي مقيدة الآن في مقعدها و أي محاولة شجاعة منك سوف تكون الأخيرة " .
ثم أطلق ضحكة ساخرة وهو يقول : " و إليك الخبر السيئ يا عزيزي , قيود ابنتك الرقيقة ليست كأي قيود عادية وإنما خضعت للمسة (سيليو) الساحرة فأي محاولة لفكها أو حتى العبث بها سيؤدي إلي انفجارها في الحال ولكن لا تقلق يا عزيزي فما زال لديك حوالي..47 ساعة و 26 دقيقة تقريبا و أعتقد أن هذا الوقت كافي جدا كي تعيد إليّ أخي (كاستور) وحينها سوف أعطيك شفرة تعطيل تلك القنبلة ...أما عن (جوليا) فلا تقلق عليها فهي الآن مخدرة فحسب
حتي لا تقوم بأي غباء قد يتسبب في قتلها قبل إتمام صفقتنا ..سوف أتصل بك لاحقا الليلة لأعرف جوابك ..سلام يا عزيزي " .
وضع (راندل) سماعة الهاتف وانطلق مسرعا باتجاه غرفة (جوليا) و من خلفه (كيريشا) وهي تقول في توتر : " ما الأمر يا (راندل) ماذا حدث لابنتنا ؟ " .
أجاب (راندل) في شرود : " ذلك الوغد (لاري) يهددني بقتل (جوليا) في حالة عدم تسليمه أخيه (كاستور) " .
ردت (كيريشا) بسرعة : " إذن فلتفعل ذلك الآن يا (راندل) فلا أريد أن تصاب ابنتنا بسوء " .
غادر راندل الغرفة وهو يتمتم : " الأمر ليس بهذه البساطة يا عزيزتي " .
ثم أمسك بالهاتف وهو يكمل " ولكن لابد من الاستعانة ببعض الأصدقاء " .
********منزل (راندل) بعد 4ساعات*********
- "من المؤكد أنه هو يا سيدي , أجب علي الهاتف الآن " .
قال (ستيف) وهو يتجه مسرعا إلي جهاز الكمبيوتر الخاص به .
رفع (راندل) سماعة الهاتف و قبل أن يجيب أتاه صوت (لاري) يقول ببروده المعهود : " هل فكرت جيدا يا عزيزي ؟ " .
رد (راندل) في توتر قائلا : " اسمع يا (لاري) , الوقت الذي حددته غير كاف علي الإطلاق , فلا يمكنني أبدا أن أهرب (كاستور) في أقل من 40 ساعة .."
قاطعه (لاري) : " أما زلت لا تفهم الوضع جيدا بعد يا كابتن؟ , هل تريد أن تفقد ابنتك (جوليا) أم ماذا ؟ شخصيا لا أعتقد ذلك " .
أجابه (راندل) سريعا : " لا , ولكن أعطني فرصة أخري أي أخبرني الآن بكيفية تعطيل تلك القنبلة وأعدك بخروج (كاستور) في أقل من أسبوع " .
قاطعه (لاري) بضحكة ساخرة قائلا : " ما هذا يا كابتن ؟ لم أكن أعلم أنك مضحك لهذه الدرجة ..الأمر ليس بهذه السهولة يا صديقي..إنها فرصة وحيدة ..خروج أخي مقابل حياة ابنتك ..عليك أن تقرر سريعا يا كابتن ..سلام ".
وضع (راندل) سماعة الهاتف وهو يلتفت إلي (ستيف) قائلا : " أخبرني , هل استطعت تحديد مكان هذا السافل ؟ " .
أجاب (ستيف) في اهتمام : " نعم يا سيدي , لقد تم الاتصال من هذا العنوان 17 شارع (بندكت) حي (لنكنشتاين) , إنه يبعد حوالي نصف ساعة فقط من هنا يا سيدي " .
رد (راندل) في حماس : " حسنا لقد وقع ذلك الحقير " ثم التفت إلي رجاله قائلا في حزم : " إنها فرصتنا الوحيدة للإمساك به ..وإلا لن نعثر عليه مجددا ..هيا بنا يا رفاق " .
*******بعد 7ساعات*****
في غرفة مغلقة أشبه بزنازين الحبس الانفرادي في حين بدت تلك الغرفة أكبر قليلا تتوسطها منضدة معدنية قصيرة جلس (لاري) وسط قيوده في حين وقف (راندل) بجواره منحنيا بجسده علي المنضدة ومستندا براحتيه خلف مصباح قوي موجه ناحية (لاري) والذي كان ذلك الأخير يعاني من قوة إضاءته في حين بدأ (راندل) في التحدث قائلا : " ها نحن الآن يا (لاري) , أنا وأنت فقط فلتخبرني إذن بتلك الشفرة اللعينة إذا كنت تحرص علي ما تبقي من حياتك البائسة تلك" .
رد (لاري) في سخرية : " هكذا ..بهذه البساطة ؟! ..أخشي انك لن تصل إلي أي شيء من خلالي يا كابتن " .
أجابه (راندل) بقبضة قوية أسالت الدم من أنفه وهو يقول " يبدو أني لم أوجه طلبي بالطريقة السليمة أليس كذلك ؟ , اسمع يا (لاري) هناك طريقتان فقط لتخبرني بهذه الشفرة , إما الطريقة السهلة" ثم أتبع وهو يطيح بوجه (لاري) بقبضته اليمني " أو هناك دائما الطريقة الصعبة ..الأمر يعود إليك يا عزيزي " .
أجابه (راندل) وهو يلتفت إليه في صعوبة : " لا أعتقد أن لديك الوقت الكافي لاستخدام هذه الطرق يا عزيزي , فعلي ما أعتقد لديك فقط ما يقرب من 30 ساعة فقط وثق تماما أنك في حاجة لأضعاف هذا الوقت كي تحصل مني علي أي شيء "
اشتاط (راندل) من الغيظ وهو يصيح في وجه (لاري) : "سنري ذلك أيها السافل " .
مرت أكثر من ما يقرب من 4 ساعات ولم يغير أحد من موقفه حيث ظل (راندل) ينهال علي (لاري) بالضربات المتلاحقة في حين صمد (لاري) بصورة غريبة مما وصل بتوتر (راندل) إلي ذروته وخاصة مع مرور الوقت مما جعل (راندل) يفقد أعصابه في ظل فشله في الوصول إلي أي شيء .
كاد (راندل) أن يصل إلي حد الجنون من جراء ذلك التحدي الرهيب الذي يواجهه حيث يرفض غروره أن ينفذ ما يطلب (لاري) وفي نفس الوقت ينتابه رعب وقلق الدنيا علي صغيرته (جوليا ) وفوق كل ذلك مرور الوقت دون أن يعرف ما ستكون خطوته القادمة .
تحت وطأة كل هذه الضغوط انهار (راندل) سريعا حيث اتجه فجأة ببصره الحاد نحو (لاري) وهو يدرك جيدا في قرارة نفسه مدي حماقة ما هو مقدم عليه ولكنه لم يكن يعلم جيدا مع من يتعامل ولم يعلم أيضا أن ما سيقوله سيغير كل شيء بشكل رهيب بل سيرسم نهاية عاجلة لكل ما يحدث و بنبرة تفيض بكل معاني التحدي قال :
" إليك قراري أيها المتغطرس , سوف تذهب إلي السجن بصحبة أخيك اللعين (كاستور) وستقضيا معا عقوبة كل ما فعلتموه من جرائم سابقة والتي ستكون مدي الحياة علي ما أعتقد ,و لن أبالي بحياة ابنتي في مقابل أن تحيا بقية حياتك ذليلا في سجنك أيها الحقير ..واعلم جيدا أنه ليس (داني راندل) الذي يهدده جرذ مثلك ..."
في هذه اللحظة قاطعه (لاري) بنبرة أكثر تحديا و جمودا :
" إذن أنت تتحداني يا كابتن , فليكن ما تريد ولتعلم جيدا أنك قد أخطأت كثيرا بإتباع مثل ذلك الأسلوب معي ودعني أقول لك شيئا أخيرا , ما سأعانيه في سجني لن يساوي شيئا بجانب ما ستحيا به طوال حياتك من تأنيب للضمير وحسرة علي صغيرتك (جوليا) , واعلم أيضا أنه حتي لو تركتني أخرج من هنا الآن برفقة أخي , فلن أمنح ابنتك الحياة مجددا , ولن أوقف تلك القنبلة مهما حدث ...أتسمعني جيدا يا كابتن....سأريك الآن كيف يكون التحدي" .
وما أن أتم (لاري) كلمته حتي كانت قبضة (راندل) تطيح بوجهه بقوة فسقط بمقعده علي الأرض حيث ارتطمت رأسه بالأرضية ارتطاما عنيفا فقد علي إثره الوعي وراح في غيبوبة عميقة .
وفي قمة الانهيار سقط (راندل) علي ركبتيه و انفجر في بكاء عميق .
لم تكن دموع (راندل) لتغفر له حماقته وغروره بل وغباءه في التعامل مع الموقف حيث انه دون أن يدري قد قضي علي أعز ما يملك ولن يرحمه ضميره أبدا من جراء ما أقدم عليه تجاه ابنته البريئة (جوليا) ولن يعوضه عنها أي شيء ...مهما كان ....." .
*******************************
في إحدى الممرات الصغيرة المؤدية إلي قسم الحالات الخاصة بالدور الحادي عشر بمستشفي (ستوبو) سار أحد الأطباء الشبان بخطوات سريعة نسبيا في اتجاه الغرفة 702 والواقعة بنهاية الممر .
وما أن أصبح أمام باب الغرفة حتي ضغط علي زر بجوار الباب لتمتد شاشة رقمية صغيرة سرعان ما ضغط فوقها علي بضعة أزرار قبل أن يأتيه صوت الكتروني يقول : " مرحبا دكتور (جون) يمكنك الآن المرور " .
وما أن أصبح بالداخل حتي توقف مجددا أمام أحد الأجهزة التي أرسلت باتجاهه حزمة مربعة من الليزر و التي مرت فوقه ابتداء من رأسه و حتي قدميه قبل أن يأتيه صوت إلكتروني آخر قائلا " مستوي التلوث صفر ..الدخول مسموح " .
بدت تلك الغرفة كخلية الكترونية ضخمة حيث ازدحمت الغرفة بالعديد من الأجهزة الطبية في حين تناثرت عدد من الشاشات الرقمية علي الحوائط وفي كل شاشة يتم الكترونيا توضيح إحدي العمليات الحيوية للمريض الذي كان مستلقيا علي سرير قصير بمنتصف الغرفة.
اتسمت الغرفة بالبياض الشديد والذي كان يغطي كل ما في الغرفة حتي بات من الصعب تمييز مكان التحام الحوائط بالسقف أو بالأرضية .
توجه دكتور (جون) مباشرة باتجاه المريض والذي كان يتلفت من حوله في دهشة بالغة في حين بادره (جون) بقوله : "مرحبا بعودتك للحياة مرة أخري سيد (لاري)" .
التفت (لاري) بصعوبة نحو (جون) وهو يقول في دهشة : " من أنت ..وما هذا المكان ...وكيف جئت إلي هنــ...." .
قاطعه (جون) قائلا : "الأمر معقد نسبيا سيد (لاري) فلتسمعني وتعي جيدا ما سأقول" .
رد (لاري) سريعا : " ماذا تقصد ..أخبرنـــ..ما هذا ...ماذا حل بصوتي أيضا..إني أتكلم كما لو كنت في الثمانين ..أخبرني يا دكتور ..ما هذا بحق الجحيم ؟ ".
أجاب (جون) في هدوء : " حسنا , في البداية أعرفك بنفسي , أنا الدكتور (جون ستروبرج) تم انتدابي في المسشفي لمتابعة حالتك منذ حوالي 10سنوات و..."
قاطعه (لاري) في ذهول : "ماذا تقول ؟؟! ..ما هذا الهراء ...؟
أجابه (جون) سريعا : " سيد (لاري) ,أود أن أخبرك أنك قد رحت في غيبوبة عميقة منذ عام 2007 ونحن اليوم السادس من فبراير 2037 أي أنك فاقد للوعي منذ ما يقرب من ثلاثين عاما " .
لم يجب (لاري) في حين اتسعت عينيه عن آخرهما قبل أن يكمل (جون) : " ولقد كلفت من قبل المستشفي بإعادتك للحياة مرة أخري " ثم ابتسم ابتسامة هادئة وهو يقترب من لاري ويقول " وأعتقد أني قد نجحت في ذلك ".
ثم اتجه (جون )مبتعدا وهو يقول : " من الواضح أنك لم تستوعب الأمر بعد وسوف آتي لك بشيء الآن سيساعدك كثيرا في معرفة حقيقة الوضع " .
أمسك (لاري) بالمرآة التي جلبها له (جون) وكاد (لاري) أن يصاب بالجنون وهو يحدق في صورته الجديدة وهو يقول في ذهول : " يا إلهي كيف يمكن لهذا أن يحدث ؟ " .
أجابه (جون) في هدوء : " إنها حالة نادرة جدا يا سيدي , ولكنها لا تزال ظاهرة طبية ".
رد (لاري) في حسرة بعد أن بدأ يتقبل الوضع الجديد : " حسنا , لقد كتب عليّ إذن أن أحرم من ما يقرب من ثلث حياتي " ثم أنتفض فجأة وهو يقول : " ولكن ماذا عن السجن.... و (كاستور) ..وكل هذه الأمور ؟ "
أجاب (جون ) قائلا : " لقد سقط عنك الحكم يا سيدي نظرا لحالتك الصحية "
رد (لاري) في دهشة : " ماذا ؟! منذ متي تسقط الأحكام لأسباب كهذه ؟ "
أجاب (جون) في هدوء : " منذ ما يقرب من خمسة عشر عاما يا سيدي "
ثم أطلق ضحكة خفيفة وهو يقول : " أي في منتصف ليلتك بالتحديد يا سيدي ".
- "ولكن ماذا عن (كاستور )".
قال (لاري) بلهفة قبل أن يجيبه (جون) حزينا : " لقد مات يا سيدي بمجرد دخوله السجن دون أي سبب معروف ولم يعلم أحد إلي الآن سبب وفاته "
دمعت عينا (لاري) قليلا قبل أن يهتف قائلا : (راندل) نعم , من المؤكد أنه من قتله بعد أن فجرت ابنته , ذلك السافـ...."
قاطعه (جون) سريعا : " لقد انتحر (راندل ) فور موت ابنته يا سيدي أي قبل أن يموت (كاستور) بشهرين تقريبا ".
صمت(لاري) قليلا وهو يفكر في كل ما سمعه من (جون) قبل أن يسأله في دهشة : " ولكن كيف عرفت كل ذلك يا دكتور ؟ " .
ابتسم (جون) وهو يقول : " منذ عشرة أعوام يا سيدي وأنا لا أفعل شيئا في حياتي غير الاهتمام بك مما أتاح لي معرفة كل صغيرة وكبيرة عنك " .
ثم بدت عليه بعض الحيرة وهو يقول : " إلا شيئا واحدا يا سيدي يدفعني فضولي أن أعرفه منك "
رد (لاري) في دهشة : " ما هذا الشيء ؟ "
قال (جون) سريعا : "شفرة القنبلة التي قتلت (جوليا) " .
أجابه(لاري) متعجبا : ولم يشغلك أمر الشفرة إلي هذا الحد يا دكتور ؟؟
ردد (جون) سريعا وهو يضغط علي بعض أزار الكمبيوتر : أبدا علي الإطلاق مجرد فضول ليس أكثر ، ثم التفت إلي (لاري) مبتسما وهو يقول : أو قد تعتبره اختبارا لذاكرتك بعد ثلاثين عاما من النوم .
ضحك (لاري) عاليا وهو يقول : لا تقلق يا دكتور هذا الشئ بالذات أذكره جيدا
أجاب (جون) مندهشا : ولم هذا الشيئ بالذات ؟؟
أجاب لاري ضاحكا : لأنك ذكرته منذ لحظات فقط
رد (جون) في تعجب : " ما زلت لا أفهم شيئا يا سيدي "
أجابه (لاري) : "لقد كانت (جوليا ) هي الحل يا دكتور "
قال (جون) في حماسة شديدة : " أتقصد أن الشفرة هي حروف كلمة ( جوليا) .
ضحك (لاري) عاليا وهو يقول : " نعم يا دكتور ...كم كان غبيا هذا الشرطي.."
لم ينطق(جون)بكلمة في حين ارتسمت علي شفتيه ابتسامة ساخرة وهو يحدق مباشرة إلي وجه (لاري) بنظرة غريبة للغاية مما أثار انتباه (لاري) الذي سأله سريعا " ماذا بك يا دكتور؟ " لماذا تحدق إليّ هكذا ؟ "
لم يجبه (جون) في حين هم هذا الأخير بالنهوض حيث التقط هاتفه وما أن انفتح الخط حتي قال " ( ستيف) أدخل تلك الشفرة (ج..و..ل..ي..ا )؟ "
لم يفهم (لاري) قط ماذا يحدث في حين اقترب (جون) أكثر من (لاري) وهو يقول : " سنري الآن من الغبي يا عزيزي " .
وفي حركة سريعة قام (جون) بانتزاع قناعه في حين تجمد (لاري) في مكانه وهو ينظر بهلع شديد إلي ذلك الرجل الوقف أمامه قبل أن يهتف ( راندل) ؟!! كيـ...كيف حدث ذلك ؟ " .
بادره (راندل) بقوله سريعا : "
"مرحبا بك في قسم الخيال العلمي بمركز شرطة (برايتي) , تري هل أعجبك ذلك العرض يا عزيزي .. ما رأيك أن تريني ابتسامتك العريضة التي طالما لازمتك منذ ثلاثين عاما.....أووبس ..أقصد منذ ثلاث ساعات "
ثم ضحك (راندل) وهو يقول : " هل تعلم ؟ إن سن الثمانين لا يليق بك علي الإطلاق فبالرغم من براعة الماكياج إلا أنك شكلك يبدو كخنزير غبي .... "
لم ينطق ( لاري) بأي كلمة حيث كان لايزال يحاول أن يستوعب ما يحدث حوله ....دون نتيجة ..
-" أيها الحارس " نادي (راندل) بصوت عال قبل أن يدخل الغرفة أحد الأشخاص في حين التفت إليه (راندل) قائلا : " خد هذا السجين من هنا ونظف خلفه الغرفة " ثم اتجه (راندل) إلي الخارج قبل أن يلتفت إلي (لاري) ويقول بسخرية : " شكرا علي تعاونك المثمر يا عزيزي
التعديل الأخير:
اعضاء الغابة العربية شاهدوا ايضا
اسم الموضوع : انهيار
|
المصدر : قصص من ابداع الاعضاء