اشهر جاسوسة حكمت فهمي
حكمت فهمي..
أشهر راقصة مصرية في الأربعينيات (من القرن الماضي) وأخطر جاسوسة عرفتها مصر إبان الحرب العالمية الثانية.
ولكن اسمحوا لي فأنا لست بصدد أن أحكي تاريخ حياة حكمت فهمي من مولدها ونشأتها......إلخ، ولكني أعرض للدور الهام الذي لعبته خلال تلك الحقبة الخطيرة من الزمن كجاسوسة وبعض الإنجازات التي قامت بها خلال تلك الفترة. لذا فلنبدأ:
كانت حكمت فهمي نموذجاً للجمال العربي، ذات أعين نجلاء وملامح مصرية أصيلة وكانت تتربع على عرش الرقص الشرقي في تلك الفترة من الزمن.
هكذا كتب عنها (بول كارل) في كتابه "ثعالب الصحراء" في فصل خاص عن دور الجاسوسية، وهو الدور الذي أعده لها القدر لتلعب دوراً رئيسياً فيه على مسرح أحداث الحرب العالمية في مصر مع جاسوسين ألمانيين (ساندي وإبلر) زرعتهما المخابرات الألمانية في القاهرة لتوفير المعلومات الهامة التي يحتاجها (روميل) في معركته الحاسمة ضد جيوش الحلفاء في الشرق الأوسط.
واعتمدت المخابرات الألمانية في محاولاتها على اكتساب ثقة التيار الوطني الثائر، وكان على قمة هذا التيار القائد العسكري آنذاك (عزيز المصري) الذي كان الألمان يلقبونه بالزعيم، ومجموعة من الضباط كان أبرزهم في ذلك الوقت الرئيس الراحل (أنور السادات).
ويستكمل (بول كارل) كلامه في كتابه "ثعالب الصحراء" فيقول:
كان العميل الأول في نقل الأخبار هي أشهر راقصة في مصر – حكمت فهمي – فعلاقاتها الطيبة مع الضباط البريطانيين قد مكنتها من الحصول على معلومات خطيرة للغاية. فالراقصة المحبوبة كانت تكره البريطانيين، وعلى استعداد للقيام بأي عمل من أعمال التخريب ضد العدو ..عدو وطنها.
لذلك فقد أخبرت (إبلر) عن انتقال عناصر من الجيش البريطاني من سوريا وفلسطين إلى مصر. كما أخبرت الجاسوسين الألمانيين عن وصول مائة ألف لغم إلى جبهة العلمين وذلك عندما قررت بريطانيا إقامة خطها الدفاعي المحصن في هذه المنطقة بالرغم من أنه في ذلك الوقت لم يكن الموقف واضحاً وضوحاً كافياً.
كما علم (إبلر) من حكمت عن انتقال الفرقة النيوزيلاندية الثانية تحت قيادة الجنرال (فريبرج) إلى مرسى مطروح وذلك قبل أن تتحرك الفرقة بزمن طويل.
أما (ليونارد موزلي) فقد تحدث عن أكبر إنجازات حكمت فهمي في كتابه "القط والفئران" حين قال:
حين اصطحبت حكمت فهمي (إبلر) إلى عوامتها حيث كان الرائد الانجليزي (سميث) يغط في نوم عميق تحت تأثير المخدر، وبجواره حقيبة البريد الرسمي الذي كان الرائد البريطاني مكلفاً بإيصاله إلى الجنرال (ريتشي)، فأخرج (إبلر) أوراق الحقيبة وكان بداخلها رسالة طويلة يعلوها عبارة "سري للغاية" وكانت الرسالة صادرة من القائد العام في القاهرة وموجهه إلى الجنرال (ريتشي) وذكرت الرسالة تفاصيل التعزيزات التي سيتسلمها وحدة وحدة لتقوية خط دفاعه تأهباً للمعركة الكبرى التي سيخوضها عاجلاً ضد (روميل)، كما ذكرت الرسالة أيضاً اسم ومكونات لواء مدرع جديد سيصار إلى إرساله مع الاستراليين والنيوزيلانديين والأفارقة إلى الجبهة، كما أدرجت كميات الألغام والعتاد وإعداد المدافع التي في طريقها إليه، وأضافت الرسالة أن خط الدفاع البريطاني الرئيسي سيكون في العلمين. فأحضر (إبلر) ورقة وقلماً وراح ينقل تفاصيل الرسالة.
وتستمر حمت فهمي في مساعدة الألمان حتى بعد أن تم القبض على الجاسوسين (ساندي وإبلر) من خلال الميجور (وليم سامسون) رجل المخابرات الانجليزية الذي استطاع بدهائه ومثابرته تجميع الخيوط المختلفة التي تدين الجاسوسين.
وبعدها قٌبض على حكمت فهمي وأودعت السجن وفامت بالإضراب عن الطعام في سبتمبر 1942 لمدة أسبوع كامل وفشلت جميع المحاولات التي قام بها الانجليز والقلم السياسي لإنهاء هذا الإضراب حتى ساءت حالتها فتم نقلها إلى مستشفى الدمرداش للعلاج وبقيت في المشتشفى لفترة حتى ارتاحت بعض الشيء.
بعدها صدرت الأوامر بنقلها من المستشفى إلى معتقل النساء بالمنصورة، وقضت في ذلك المعتقل فترة من أسوأ فترات حياتها إلى أن صدر الأمر بالإفراج عنها وتم إطلاق سراحها.
وأترك السطور القادمة على لسان حكمت فهمي –في مذكراتها- تروي لكم فيها ذكرياتها بعد أن تم الإفراج عنها:
خرجت من المعتقل الأخير محطمة تماماً..عجوز في سن الشباب..منهارة الصحة..ذابلة الملامح..خاملة النظرات..على بشرة الوجه اصفرار وشحوب..وبالشفتين تقلص وكآبة..القلب مثقل بالهموم..الفكر يفيض كآبة وبالمشاعر حزن مبهم يكدر النفس بين الحين والحين كأن التغير امتد إلى الأعماق، فصنع من سلطانة الرقص والمرح إنسانة أخرى..فالانجليز ما زالوا يدبون على أرضنا الطاهرة..يلوثون حياتنا..يمتصون أرزاقنا..ثم ينبض بين جوانحي انطباع يواسيني..إنما نحن مجرد حلقة في سلسلة طويلة من النضال المستمر..ينتهي بالأمل المقدس..أمل التحرير.
وعاودني بعض الاطمئنان بعد أن عرفت أن الجاسوسين تم ترحيلهما إلى انجلترا بعد اعتراف كامل أمام (تشرشل) أثناء زيارته للقاهرة، وبعد وعد صريح منه بالإفراج عنهما إذا أدليا باعتراف مفصل عن كل أعمالهما في مصر.
ثم حاولت ان أبدأ حياتي من جديد شاعرة ببعض الاطمئنان فعهدي الذي قطعته على نفسي من أجل مصرنا الحبيبة وتعذبت وضحيت من أجله يحمله الكثيرون من أبناء مصر الذين اكتشفت نبضهم ووطنيتهم خلال ما مر بي من أحداث جسام..
كنت مؤمنة إيماناً عميقاً بهذا الوطن..
وعلى البعد كان يتألق أمل ممكن التحقيق..
أمل التحرير، واستنشاق عبير الحرية الرائع الجليل..
كان ذلك الأمل يبدو في تلك الفترة الرهيبة كبصيص من الضوء الخافت.
أشهر راقصة مصرية في الأربعينيات (من القرن الماضي) وأخطر جاسوسة عرفتها مصر إبان الحرب العالمية الثانية.
ولكن اسمحوا لي فأنا لست بصدد أن أحكي تاريخ حياة حكمت فهمي من مولدها ونشأتها......إلخ، ولكني أعرض للدور الهام الذي لعبته خلال تلك الحقبة الخطيرة من الزمن كجاسوسة وبعض الإنجازات التي قامت بها خلال تلك الفترة. لذا فلنبدأ:
كانت حكمت فهمي نموذجاً للجمال العربي، ذات أعين نجلاء وملامح مصرية أصيلة وكانت تتربع على عرش الرقص الشرقي في تلك الفترة من الزمن.
هكذا كتب عنها (بول كارل) في كتابه "ثعالب الصحراء" في فصل خاص عن دور الجاسوسية، وهو الدور الذي أعده لها القدر لتلعب دوراً رئيسياً فيه على مسرح أحداث الحرب العالمية في مصر مع جاسوسين ألمانيين (ساندي وإبلر) زرعتهما المخابرات الألمانية في القاهرة لتوفير المعلومات الهامة التي يحتاجها (روميل) في معركته الحاسمة ضد جيوش الحلفاء في الشرق الأوسط.
واعتمدت المخابرات الألمانية في محاولاتها على اكتساب ثقة التيار الوطني الثائر، وكان على قمة هذا التيار القائد العسكري آنذاك (عزيز المصري) الذي كان الألمان يلقبونه بالزعيم، ومجموعة من الضباط كان أبرزهم في ذلك الوقت الرئيس الراحل (أنور السادات).
ويستكمل (بول كارل) كلامه في كتابه "ثعالب الصحراء" فيقول:
كان العميل الأول في نقل الأخبار هي أشهر راقصة في مصر – حكمت فهمي – فعلاقاتها الطيبة مع الضباط البريطانيين قد مكنتها من الحصول على معلومات خطيرة للغاية. فالراقصة المحبوبة كانت تكره البريطانيين، وعلى استعداد للقيام بأي عمل من أعمال التخريب ضد العدو ..عدو وطنها.
لذلك فقد أخبرت (إبلر) عن انتقال عناصر من الجيش البريطاني من سوريا وفلسطين إلى مصر. كما أخبرت الجاسوسين الألمانيين عن وصول مائة ألف لغم إلى جبهة العلمين وذلك عندما قررت بريطانيا إقامة خطها الدفاعي المحصن في هذه المنطقة بالرغم من أنه في ذلك الوقت لم يكن الموقف واضحاً وضوحاً كافياً.
كما علم (إبلر) من حكمت عن انتقال الفرقة النيوزيلاندية الثانية تحت قيادة الجنرال (فريبرج) إلى مرسى مطروح وذلك قبل أن تتحرك الفرقة بزمن طويل.
أما (ليونارد موزلي) فقد تحدث عن أكبر إنجازات حكمت فهمي في كتابه "القط والفئران" حين قال:
حين اصطحبت حكمت فهمي (إبلر) إلى عوامتها حيث كان الرائد الانجليزي (سميث) يغط في نوم عميق تحت تأثير المخدر، وبجواره حقيبة البريد الرسمي الذي كان الرائد البريطاني مكلفاً بإيصاله إلى الجنرال (ريتشي)، فأخرج (إبلر) أوراق الحقيبة وكان بداخلها رسالة طويلة يعلوها عبارة "سري للغاية" وكانت الرسالة صادرة من القائد العام في القاهرة وموجهه إلى الجنرال (ريتشي) وذكرت الرسالة تفاصيل التعزيزات التي سيتسلمها وحدة وحدة لتقوية خط دفاعه تأهباً للمعركة الكبرى التي سيخوضها عاجلاً ضد (روميل)، كما ذكرت الرسالة أيضاً اسم ومكونات لواء مدرع جديد سيصار إلى إرساله مع الاستراليين والنيوزيلانديين والأفارقة إلى الجبهة، كما أدرجت كميات الألغام والعتاد وإعداد المدافع التي في طريقها إليه، وأضافت الرسالة أن خط الدفاع البريطاني الرئيسي سيكون في العلمين. فأحضر (إبلر) ورقة وقلماً وراح ينقل تفاصيل الرسالة.
وتستمر حمت فهمي في مساعدة الألمان حتى بعد أن تم القبض على الجاسوسين (ساندي وإبلر) من خلال الميجور (وليم سامسون) رجل المخابرات الانجليزية الذي استطاع بدهائه ومثابرته تجميع الخيوط المختلفة التي تدين الجاسوسين.
وبعدها قٌبض على حكمت فهمي وأودعت السجن وفامت بالإضراب عن الطعام في سبتمبر 1942 لمدة أسبوع كامل وفشلت جميع المحاولات التي قام بها الانجليز والقلم السياسي لإنهاء هذا الإضراب حتى ساءت حالتها فتم نقلها إلى مستشفى الدمرداش للعلاج وبقيت في المشتشفى لفترة حتى ارتاحت بعض الشيء.
بعدها صدرت الأوامر بنقلها من المستشفى إلى معتقل النساء بالمنصورة، وقضت في ذلك المعتقل فترة من أسوأ فترات حياتها إلى أن صدر الأمر بالإفراج عنها وتم إطلاق سراحها.
وأترك السطور القادمة على لسان حكمت فهمي –في مذكراتها- تروي لكم فيها ذكرياتها بعد أن تم الإفراج عنها:
خرجت من المعتقل الأخير محطمة تماماً..عجوز في سن الشباب..منهارة الصحة..ذابلة الملامح..خاملة النظرات..على بشرة الوجه اصفرار وشحوب..وبالشفتين تقلص وكآبة..القلب مثقل بالهموم..الفكر يفيض كآبة وبالمشاعر حزن مبهم يكدر النفس بين الحين والحين كأن التغير امتد إلى الأعماق، فصنع من سلطانة الرقص والمرح إنسانة أخرى..فالانجليز ما زالوا يدبون على أرضنا الطاهرة..يلوثون حياتنا..يمتصون أرزاقنا..ثم ينبض بين جوانحي انطباع يواسيني..إنما نحن مجرد حلقة في سلسلة طويلة من النضال المستمر..ينتهي بالأمل المقدس..أمل التحرير.
وعاودني بعض الاطمئنان بعد أن عرفت أن الجاسوسين تم ترحيلهما إلى انجلترا بعد اعتراف كامل أمام (تشرشل) أثناء زيارته للقاهرة، وبعد وعد صريح منه بالإفراج عنهما إذا أدليا باعتراف مفصل عن كل أعمالهما في مصر.
ثم حاولت ان أبدأ حياتي من جديد شاعرة ببعض الاطمئنان فعهدي الذي قطعته على نفسي من أجل مصرنا الحبيبة وتعذبت وضحيت من أجله يحمله الكثيرون من أبناء مصر الذين اكتشفت نبضهم ووطنيتهم خلال ما مر بي من أحداث جسام..
كنت مؤمنة إيماناً عميقاً بهذا الوطن..
وعلى البعد كان يتألق أمل ممكن التحقيق..
أمل التحرير، واستنشاق عبير الحرية الرائع الجليل..
كان ذلك الأمل يبدو في تلك الفترة الرهيبة كبصيص من الضوء الخافت.
اسم الموضوع : اشهر جاسوسة حكمت فهمي
|
المصدر : عالم الجاسوسيه و المخابرات