-
- إنضم
- 6 يناير 2022
-
- المشاركات
- 17,319
-
- مستوى التفاعل
- 10,094
- مجموع اﻻوسمة
- 10
وصف المطر والسحاب 3
3 ـ مما قيل في وصف المطر والسحاب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي، وأخبرنيه أبو عثمان عن التوزي عبد الله بن هارون عن من حدثه قال:
مررت بغلمة من الأعراب يتماقلون في غدير، فقلت لهم: أيكم يصف لي الغيث وأعطيه درهماً، فخرجوا إلي وقالوا: كلنا يصف، وهم ثلاثة.
فقلت: صفوا، فأيكم رضيت صفته أعطيته الدرهم، فقال أحدهم:
عنّ لنا عارض قصراً تسوقه الصبا، وتحدوه الجنوب، يحبو حبوّ المعتنك، حتى إذا زلآمت صدوره، وانثجلت خصوره، ورجع هديره، وأصعق زئيره، واستقل نشاصه، وتلاءم خصاصه، وارتعج ارتعاصه، وأوفدت سقابه، وامتدت أطنابه تدارك ودقه، وتألق برقه، وحفزت تواليه، وانسفحت عزاليه فغادر الثرى عمداً، والعزاز ثئداً، والحث عقداً، والضحاضح متواصيةً، والشعاب متداعيةً.
وقال آخر: تراءت المخايل من الأقطار، تحنّ حنين العشار، وتترامى بشهب النار، قواعدها متلاحكة، وبواسقها متضاحكة، وأرجاؤها متقاذفة، وأرحاؤها متراصفة، فواصلت الغرب بالشرق، والوبل بالودق، سحّاً دراكا؛ متتابعاُ لكاكاً، فضحضحت الجفاجف، وأنهرت الصفاصف، وحوضت الاصالف، ثم أقلعت محسبةً محمودة الآثار، موموقة الحبار.
وقال الثالث: ووالله ما خلته بلغ خمساً: هلم الدرهم أصف لك.
قلت: لا، أو تقول: كما قالا.
فقال: والله لأبذنهما وصفاً، ولأفوقنهما رصفا.
فقلت: هات لله أبوك!
فقال: بينا الحاضر بين الناس والإبلاس، قد غمرهم الإشفاق، ورهبة الإملاق، وقد حقبت الأنواء، ورفرف البلاء، واستولى القنوط على القلوب، وكثر من الذنوب، ارتاح ربك لعباده فأنشأ سحاباً مسجهراً كنهوراً معنونكاً محلولكاً، ثم استقل واحزأل فصار كالسماء دون السماء وكالأرض المدحوة وفوق لوح الهواء، فأحسب السهول، وأتأق الهجول، فأحيا الرجاء وأمات الضراء، وذلك قضاء رب العالمين.
قال: فملأ والله اليفع صدري، فأعطيت كل واحد منهم درهماً وكتبت كلامهم.
عنّ اعترض، والعارض: السحاب يعترض في الأفق، وأكثر ما يكون ذلك مع إقبال الليل.
والقصر: العشي.
وقوله يحبو حبوّ المعتنك: فالحبوّ دنوّ الصدر من الأرض، من ذلك حبا الصبي إذا زحف وصدره دان من الأرض.
والمعتنك: البعير وغيره أيضاً الذي يصعد في العانك من الرمل، وهو الكثيب المتداخل من الرمل يشق على الصاعد فيه، والبعير إذا كلف صعوده زحف فشبه نهوض السحاب لثقله بما فيه من الماء به قال رؤبة:
أوديت إن لم تحب حبو المعتنك.
وقوله ازلأمت صدوره: أي انتصبت.
والنشاص: ما انتصب من السحاب.
والخصاص: الفرج.
وقوله انثجلت: أي اتسعت من قولهم: بطن أثجل.
وقوله: ارتعج ارتعاصه الارتعاج: تدارك الحركات، والارتعاص: الاضطراب كما يرتعص الجدي من النشاط.
وقوله أوفدت سقابه هذا مثل، والسقاب: أعمدة الخباء، فشبهه بالخباء الذي قد وقع.
والإيفاد: الرفع.
والأطناب: حبال الخباء التي تشد بالأوتاد.
وقوله حفزت تواليه: أي أعجلت، وتواليه: مآخيره.
وانسفحت عزاليه أي: انصبت، والعزالي: عزالي المزادة، وهي مخارج الماء من أسافلها.
وقوله: تركت الثرى عمداً: أي رطباً يجتمع في اليد إذا جمع.
والعزاز: الغلظ من الأرض.
ثئداً؛ ندياً.
والحث: الرمل اليابس.
يقول: ترطب حتى تعقد بعضه ببعض
قال الشاعر :
حتى ترى في يابس الترباء حثّ
يعجز عن ري الطليّ المرتعث
والضحاضح: ما تضحضح على الأرض من الماء.
والمتواصي: المتواصل.
وقوله الشعاب متداعية: أي قد تداعت بالسيل.
وقول الثاني تراءت المخايل: جمع مخيلة، وهو السحاب الذي تستخيل فيه المطر.
وقوله قواعدها: يريد أسافلها.
متلاحكة: متداخل بعضها في بعض.
وبواسقها أعاليها. متضاحكة بالبرق.
وأرجاؤها: نواحيها.
متقاذفة: متباعدة.
وأرحاؤها: أوساطها.
متراصفة: متراكبة قد انضم بعضها إلى بعض.
وقوله واصلت الشرق بالغرب: أي امتدت من المشرق إلى المغرب.
وقوله: سحا دراكاً: أي صباً متداركاً.
واللكاك: الزحام اللاصق بعضه ببعض.
والحفاحف: الغلاظ من الأرض، الواحد حفحف والصفاصف الواحد صفصف وهي الأرض الصلبة الملساء دون الحجارة، وأصلب من الطين.
وحوضت: جعلت فيها حياضاً.
والأصالف: واحدا أصلف وصلفاء، وهو الصلب من الأرض.
وقول الثالث: هلم الدرهم: أي هاته.
قال الأزهري: هلم، بمعنى أعط؛ وهي هنا بهذا المعنى، وقد تكون بمعنى تعال وأقبل.
وقوله: لأبذنهما وصفاً من قولهم: بذّ القوم يبذهم إذا سبقهم وغلبهم.
والرصف التركيب.
والإبلاس: هو اليأس وهو مصدر قولهم أبلس الرجل إذا قطع به، وأبلس من رحمة الله أي أويس كما أويس إبليس، وهو مشتق من ذلك.
والإشفاق: الخوف.
والإملاق: الفقر
قال تعالى: " ولا تقتلوا أولادكم من إملاق أو خشية الإملاق " في الآيتين.
وقوله: حقبت الأنواء: أي احتبست الأمطار يقال: حقب المطر حقباً: احتبس، والأنواء جمع نوء، وهو وقت طلوع نجم في المشرق وانحدار نظيره في المغرب، ويقول الأعراب: مطرنا بنوء النجم الفلاني.
والسحاب المسجهر: هو الذي يترقرق فيه الماء.
والكنهور من السحب: المتراكب الثخين، وقال الأصمعي وغيره: هو قطع من السحاب أمثال الجبال.
والمعنونك من السحاب: المرتفع.
والمحلولك: الشديد السواد من احلولك الشيء، وقالوا حالك، وحانك على البدل ومحلولك وحلكوك بمعنى واحد.
وقوله: ثم استقل واحزأل: فاستقل بمعنى ارتفع يقال: استقل الطائر في طيرانه نهض للطيران وارتفع في الهواء، ويقال: احزأل السحاب إذا ارتفع نحو بطن السماء، والسماء أيضاً المطر نفسه يقال: وقعت في أرضهم سماء وأصابتهم السماء قال جرير:
إذا سقط السماء بأرض قوم
رعيناه وإن كانوا غضابا
وقوله: كالأرض المدحوة: أي المنبسطة قال تعالى: " والأرض بعد ذلك دحاها ".
ولوح الهواء اللوح: الهواء بين السماء والأرض.
وأحسب السهول: كفاها من المطر.
وأتأق الهجول: أتأق ملأ، والهجول والهجال والأهجال جمع هجل رزان عجل: الغائط يكون منفرجاً بين الجبال مطمئناً موطئه صلب.
واليفع واليفعة واليافع: الشاب وأيفع وتيفع الغلام إذا شارف الاحتلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي، وأخبرنيه أبو عثمان عن التوزي عبد الله بن هارون عن من حدثه قال:
مررت بغلمة من الأعراب يتماقلون في غدير، فقلت لهم: أيكم يصف لي الغيث وأعطيه درهماً، فخرجوا إلي وقالوا: كلنا يصف، وهم ثلاثة.
فقلت: صفوا، فأيكم رضيت صفته أعطيته الدرهم، فقال أحدهم:
عنّ لنا عارض قصراً تسوقه الصبا، وتحدوه الجنوب، يحبو حبوّ المعتنك، حتى إذا زلآمت صدوره، وانثجلت خصوره، ورجع هديره، وأصعق زئيره، واستقل نشاصه، وتلاءم خصاصه، وارتعج ارتعاصه، وأوفدت سقابه، وامتدت أطنابه تدارك ودقه، وتألق برقه، وحفزت تواليه، وانسفحت عزاليه فغادر الثرى عمداً، والعزاز ثئداً، والحث عقداً، والضحاضح متواصيةً، والشعاب متداعيةً.
وقال آخر: تراءت المخايل من الأقطار، تحنّ حنين العشار، وتترامى بشهب النار، قواعدها متلاحكة، وبواسقها متضاحكة، وأرجاؤها متقاذفة، وأرحاؤها متراصفة، فواصلت الغرب بالشرق، والوبل بالودق، سحّاً دراكا؛ متتابعاُ لكاكاً، فضحضحت الجفاجف، وأنهرت الصفاصف، وحوضت الاصالف، ثم أقلعت محسبةً محمودة الآثار، موموقة الحبار.
وقال الثالث: ووالله ما خلته بلغ خمساً: هلم الدرهم أصف لك.
قلت: لا، أو تقول: كما قالا.
فقال: والله لأبذنهما وصفاً، ولأفوقنهما رصفا.
فقلت: هات لله أبوك!
فقال: بينا الحاضر بين الناس والإبلاس، قد غمرهم الإشفاق، ورهبة الإملاق، وقد حقبت الأنواء، ورفرف البلاء، واستولى القنوط على القلوب، وكثر من الذنوب، ارتاح ربك لعباده فأنشأ سحاباً مسجهراً كنهوراً معنونكاً محلولكاً، ثم استقل واحزأل فصار كالسماء دون السماء وكالأرض المدحوة وفوق لوح الهواء، فأحسب السهول، وأتأق الهجول، فأحيا الرجاء وأمات الضراء، وذلك قضاء رب العالمين.
قال: فملأ والله اليفع صدري، فأعطيت كل واحد منهم درهماً وكتبت كلامهم.
عنّ اعترض، والعارض: السحاب يعترض في الأفق، وأكثر ما يكون ذلك مع إقبال الليل.
والقصر: العشي.
وقوله يحبو حبوّ المعتنك: فالحبوّ دنوّ الصدر من الأرض، من ذلك حبا الصبي إذا زحف وصدره دان من الأرض.
والمعتنك: البعير وغيره أيضاً الذي يصعد في العانك من الرمل، وهو الكثيب المتداخل من الرمل يشق على الصاعد فيه، والبعير إذا كلف صعوده زحف فشبه نهوض السحاب لثقله بما فيه من الماء به قال رؤبة:
أوديت إن لم تحب حبو المعتنك.
وقوله ازلأمت صدوره: أي انتصبت.
والنشاص: ما انتصب من السحاب.
والخصاص: الفرج.
وقوله انثجلت: أي اتسعت من قولهم: بطن أثجل.
وقوله: ارتعج ارتعاصه الارتعاج: تدارك الحركات، والارتعاص: الاضطراب كما يرتعص الجدي من النشاط.
وقوله أوفدت سقابه هذا مثل، والسقاب: أعمدة الخباء، فشبهه بالخباء الذي قد وقع.
والإيفاد: الرفع.
والأطناب: حبال الخباء التي تشد بالأوتاد.
وقوله حفزت تواليه: أي أعجلت، وتواليه: مآخيره.
وانسفحت عزاليه أي: انصبت، والعزالي: عزالي المزادة، وهي مخارج الماء من أسافلها.
وقوله: تركت الثرى عمداً: أي رطباً يجتمع في اليد إذا جمع.
والعزاز: الغلظ من الأرض.
ثئداً؛ ندياً.
والحث: الرمل اليابس.
يقول: ترطب حتى تعقد بعضه ببعض
قال الشاعر :
حتى ترى في يابس الترباء حثّ
يعجز عن ري الطليّ المرتعث
والضحاضح: ما تضحضح على الأرض من الماء.
والمتواصي: المتواصل.
وقوله الشعاب متداعية: أي قد تداعت بالسيل.
وقول الثاني تراءت المخايل: جمع مخيلة، وهو السحاب الذي تستخيل فيه المطر.
وقوله قواعدها: يريد أسافلها.
متلاحكة: متداخل بعضها في بعض.
وبواسقها أعاليها. متضاحكة بالبرق.
وأرجاؤها: نواحيها.
متقاذفة: متباعدة.
وأرحاؤها: أوساطها.
متراصفة: متراكبة قد انضم بعضها إلى بعض.
وقوله واصلت الشرق بالغرب: أي امتدت من المشرق إلى المغرب.
وقوله: سحا دراكاً: أي صباً متداركاً.
واللكاك: الزحام اللاصق بعضه ببعض.
والحفاحف: الغلاظ من الأرض، الواحد حفحف والصفاصف الواحد صفصف وهي الأرض الصلبة الملساء دون الحجارة، وأصلب من الطين.
وحوضت: جعلت فيها حياضاً.
والأصالف: واحدا أصلف وصلفاء، وهو الصلب من الأرض.
وقول الثالث: هلم الدرهم: أي هاته.
قال الأزهري: هلم، بمعنى أعط؛ وهي هنا بهذا المعنى، وقد تكون بمعنى تعال وأقبل.
وقوله: لأبذنهما وصفاً من قولهم: بذّ القوم يبذهم إذا سبقهم وغلبهم.
والرصف التركيب.
والإبلاس: هو اليأس وهو مصدر قولهم أبلس الرجل إذا قطع به، وأبلس من رحمة الله أي أويس كما أويس إبليس، وهو مشتق من ذلك.
والإشفاق: الخوف.
والإملاق: الفقر
قال تعالى: " ولا تقتلوا أولادكم من إملاق أو خشية الإملاق " في الآيتين.
وقوله: حقبت الأنواء: أي احتبست الأمطار يقال: حقب المطر حقباً: احتبس، والأنواء جمع نوء، وهو وقت طلوع نجم في المشرق وانحدار نظيره في المغرب، ويقول الأعراب: مطرنا بنوء النجم الفلاني.
والسحاب المسجهر: هو الذي يترقرق فيه الماء.
والكنهور من السحب: المتراكب الثخين، وقال الأصمعي وغيره: هو قطع من السحاب أمثال الجبال.
والمعنونك من السحاب: المرتفع.
والمحلولك: الشديد السواد من احلولك الشيء، وقالوا حالك، وحانك على البدل ومحلولك وحلكوك بمعنى واحد.
وقوله: ثم استقل واحزأل: فاستقل بمعنى ارتفع يقال: استقل الطائر في طيرانه نهض للطيران وارتفع في الهواء، ويقال: احزأل السحاب إذا ارتفع نحو بطن السماء، والسماء أيضاً المطر نفسه يقال: وقعت في أرضهم سماء وأصابتهم السماء قال جرير:
إذا سقط السماء بأرض قوم
رعيناه وإن كانوا غضابا
وقوله: كالأرض المدحوة: أي المنبسطة قال تعالى: " والأرض بعد ذلك دحاها ".
ولوح الهواء اللوح: الهواء بين السماء والأرض.
وأحسب السهول: كفاها من المطر.
وأتأق الهجول: أتأق ملأ، والهجول والهجال والأهجال جمع هجل رزان عجل: الغائط يكون منفرجاً بين الجبال مطمئناً موطئه صلب.
واليفع واليفعة واليافع: الشاب وأيفع وتيفع الغلام إذا شارف الاحتلام.
اعضاء الغابة العربية شاهدوا ايضا
اسم الموضوع : وصف المطر والسحاب 3
|
المصدر : اللغة العربية وابداعاتها