ميس
نــزاري الحــرف
-
- إنضم
- 10 فبراير 2023
-
- المشاركات
- 8,525
-
- مستوى التفاعل
- 2,139
- مجموع اﻻوسمة
- 4
في مواقد الشجن
في مواقد الشجن
قالت، وقد أرسلتْ سهامَ عينيها كأنّها برقٌ مزّقَ حُجُبَ الليل، وصوتُها يسري كنسيمٍ في فلاةٍ عطشى:
ويحك! أفيكَ صممٌ أم تُخالُني أجهلُ ما تُخفيهِ بين جوانحكَ؟ أما آنَ لكَ أن تُذعنَ للبوحِ، وتُسفرَ عن حقيقةٍ لا تخفى إلا على غافل؟ أتراني أخاطبُ حائطًا صلدًا أم قلبًا تعصفُ فيه النيرانُ؟
فقلتُ، وقد بلغتِ الكلمةُ في حلقي مأمنها، فأطلقتُها كأنّها طلقةٌ من سيفٍ صقيل:
أواهُ، يا قُرةَ العينِ وجمرةَ القلبِ، كيفَ يُطيقُ العاشقُ أن يُفصحَ عما قد يُفنيه؟ إنَّ العشقَ في صدري بحرٌ، أمواجهُ تحطمُ شواطئَ العقلِ، ولو بُحتُ بما في نفسي، لهانَ الجبلُ أمام وطأتهِ. أترغبينَ أن أحملَ إليكِ لهبَ النارِ التي تُوقدُ في ضلوعي، أم تكتفينَ بظلِّ صمتي؟
فقالت، وفي عينيها لُجّةٌ من مكرٍ يشوبهُ اللينُ:
ويحك! أتخالُني لا أعلمُ ما يعتلجُ في صدرك؟
بل أنا أعلمُهُ كما يعلمُ الظمآنُ الماءَ من بعيد.
ولكنني لا أُريدُ صمتَ عاشقٍ يُناجي سرابَهُ،
بل أُريدُ منكَ كلمةً تُلقي بي في جنةِ اليقينِ
أو في
نارِ الندمِ.
فقلتُ، وقد اضطربَت الحروفُ في صدري كخيلٍ جامحةٍ تبحثُ عن ميدانٍ تسابقُ فيه الريحَ:
رويدَكِ، يا بهجةَ النفسِ ومهجةَ الفؤاد! كيفَ أُفصحُ عن وجدي،
وقد علمتُ أنَّ الهوى سلطانٌ جائر، لا يُبقي على صاحبهِ إلا وقد سلبَ لبهُ وروحه؟
أمَا علمتِ أنَّ العشقَ داءٌ لا يُرجى شفاؤه،
وأنَّ القلبَ إذا سكنَهُ حبُّكِ صارَ عبدًا لكِ، لا يملكُ من أمرهِ شيئًا؟
قالت، وقد ارتسمَ على ثغرِها بسمةٌ كأنها بدرٌ يُطلُّ من وراءِ سحابةٍ رقيقة:
يا مَن تتقنُ صناعةَ الكلماتِ،
ألا تعلمُ أنّها لا تُغني عن اليقينِ شيئًا؟
أتراني أرغبُ في خطبٍ بليغٍ تُزيّنهُ الحروفُ،
أم أريدُ قلبًا يَشهدُ لي بحقهِ عليَّ؟
قلْ لي، بحقِّ السماءِ، هل فيك ما يجعلُني أُسلمُ نفسي لهذا الجنونِ الذي تدّعيه؟
فقلتُ، وقد ضاقت بي الحيلةُ ولم أجدْ بُدًا من أن أضعَ سيفَ كبريائي عند قدميها:
أيُّتها التي حُسنُها قد بلغَ منّي
ما لم تبلغهُ السيوفُ في الميدان!
أُقسمُ لكِ أنّي أسيرُ هواكِ،
لا أملكُ لنفسي خلاصًا.
أراكِ في الصبحِ إذا أشرقَ،
وفي الليلِ إذا أسدلَ ستاره،
وفي كلّ لحظةٍ أتنفّسُ فيها هذا الهواءَ الذي صارَ مشحونًا بعطرِ ذكراكِ.
فقالت، وفي عينيها من الحنانِ ما يذيبُ الجبالَ:
أيها العاشقُ الموجوعُ،
إن كنتَ قد صرتَ أسيرَ هوايَ،
فإنّي قد صرتُ لكَ وطنًا ومأمنًا،
فلا تخشَ بوحَك، ولا تُضمرْ عشقَكَ،
فقد قُضي الأمرُ،
وأصبحنا شريكين في جنونِ هذا الهوى.
وهكذا، سكنَ الليلُ على نبضاتِ قلبين، قد اجتمعا تحتَ ظلالِ البوحِ الذي لا يفهمُهُ إلا من اكتوى بنارِ العشق.
بقلمـي :
ميسـاء الحياه
قالت، وقد أرسلتْ سهامَ عينيها كأنّها برقٌ مزّقَ حُجُبَ الليل، وصوتُها يسري كنسيمٍ في فلاةٍ عطشى:
ويحك! أفيكَ صممٌ أم تُخالُني أجهلُ ما تُخفيهِ بين جوانحكَ؟ أما آنَ لكَ أن تُذعنَ للبوحِ، وتُسفرَ عن حقيقةٍ لا تخفى إلا على غافل؟ أتراني أخاطبُ حائطًا صلدًا أم قلبًا تعصفُ فيه النيرانُ؟
فقلتُ، وقد بلغتِ الكلمةُ في حلقي مأمنها، فأطلقتُها كأنّها طلقةٌ من سيفٍ صقيل:
أواهُ، يا قُرةَ العينِ وجمرةَ القلبِ، كيفَ يُطيقُ العاشقُ أن يُفصحَ عما قد يُفنيه؟ إنَّ العشقَ في صدري بحرٌ، أمواجهُ تحطمُ شواطئَ العقلِ، ولو بُحتُ بما في نفسي، لهانَ الجبلُ أمام وطأتهِ. أترغبينَ أن أحملَ إليكِ لهبَ النارِ التي تُوقدُ في ضلوعي، أم تكتفينَ بظلِّ صمتي؟
فقالت، وفي عينيها لُجّةٌ من مكرٍ يشوبهُ اللينُ:
ويحك! أتخالُني لا أعلمُ ما يعتلجُ في صدرك؟
بل أنا أعلمُهُ كما يعلمُ الظمآنُ الماءَ من بعيد.
ولكنني لا أُريدُ صمتَ عاشقٍ يُناجي سرابَهُ،
بل أُريدُ منكَ كلمةً تُلقي بي في جنةِ اليقينِ
أو في
نارِ الندمِ.
فقلتُ، وقد اضطربَت الحروفُ في صدري كخيلٍ جامحةٍ تبحثُ عن ميدانٍ تسابقُ فيه الريحَ:
رويدَكِ، يا بهجةَ النفسِ ومهجةَ الفؤاد! كيفَ أُفصحُ عن وجدي،
وقد علمتُ أنَّ الهوى سلطانٌ جائر، لا يُبقي على صاحبهِ إلا وقد سلبَ لبهُ وروحه؟
أمَا علمتِ أنَّ العشقَ داءٌ لا يُرجى شفاؤه،
وأنَّ القلبَ إذا سكنَهُ حبُّكِ صارَ عبدًا لكِ، لا يملكُ من أمرهِ شيئًا؟
قالت، وقد ارتسمَ على ثغرِها بسمةٌ كأنها بدرٌ يُطلُّ من وراءِ سحابةٍ رقيقة:
يا مَن تتقنُ صناعةَ الكلماتِ،
ألا تعلمُ أنّها لا تُغني عن اليقينِ شيئًا؟
أتراني أرغبُ في خطبٍ بليغٍ تُزيّنهُ الحروفُ،
أم أريدُ قلبًا يَشهدُ لي بحقهِ عليَّ؟
قلْ لي، بحقِّ السماءِ، هل فيك ما يجعلُني أُسلمُ نفسي لهذا الجنونِ الذي تدّعيه؟
فقلتُ، وقد ضاقت بي الحيلةُ ولم أجدْ بُدًا من أن أضعَ سيفَ كبريائي عند قدميها:
أيُّتها التي حُسنُها قد بلغَ منّي
ما لم تبلغهُ السيوفُ في الميدان!
أُقسمُ لكِ أنّي أسيرُ هواكِ،
لا أملكُ لنفسي خلاصًا.
أراكِ في الصبحِ إذا أشرقَ،
وفي الليلِ إذا أسدلَ ستاره،
وفي كلّ لحظةٍ أتنفّسُ فيها هذا الهواءَ الذي صارَ مشحونًا بعطرِ ذكراكِ.
فقالت، وفي عينيها من الحنانِ ما يذيبُ الجبالَ:
أيها العاشقُ الموجوعُ،
إن كنتَ قد صرتَ أسيرَ هوايَ،
فإنّي قد صرتُ لكَ وطنًا ومأمنًا،
فلا تخشَ بوحَك، ولا تُضمرْ عشقَكَ،
فقد قُضي الأمرُ،
وأصبحنا شريكين في جنونِ هذا الهوى.
وهكذا، سكنَ الليلُ على نبضاتِ قلبين، قد اجتمعا تحتَ ظلالِ البوحِ الذي لا يفهمُهُ إلا من اكتوى بنارِ العشق.
بقلمـي :
ميسـاء الحياه
اسم الموضوع : في مواقد الشجن
|
المصدر : خواطر بريشة الاعضاء
