ثورة البشرات
الذكرى 456 لثورة البشرات (1568-1571) الثورة التي قام بها مسلمو غرناطة الذين أجبروا على التنصر بعد سقوط مملكة غرناطة سنة 1492 .
ظل الكثير من المورسكيين يعيشون في الأندلس رغم سقوط مملكة غرناطة ـ آخر معاقلهم في الأندلس ـ سنة 1492، وكان هؤلاء المورسكيون ـ الذين لقبوا بالمدجنين Mudéjares ـ يتمتعون بقدر من الحرية الدينية، رغم تعرضهم لبعض التمييز القانوني.
رغم أن معاهدة غرناطة نصت على التسامح مع المسلمين بعد تسليم غرناطة للقشتاليين، إلا أن الملكة إيزابيل أصدرت سنة 1499 مرسومًا يقضي بإجبار جميع مسلمي إسبانيا على التنصر و إلا طردوا من إسبانيا، كما أمرت بإحراق الكثير من الكتب العربية في ساحة البيازين بغرناطة. وقد أدى ذلك إلى اندلاع ثورة في غرناطة (1499 - 1501) اعتُبرت انتهاكًا من جانب المسلمين لمعاهدة غرناطة، مما أدى إلى إكراههم على الاختيار بين التنصر والطرد. وفي سنة 1502 ألغت إيزابيلا كل التعهدات الرسمية التي تقضي بالتسامح مع المسلمين في جميع أرجاء مملكة قشتالة، رغم أن مملكة أراغون ظلت تتسامح بشكلٍ ما مع مسلميها، وهو ما ألغاه الملك كارلوس الخامس بدوره عقب ثورة الإخوة التي اندلعت سنة 1526.
وقد ظل الكثير من المورسكيين يتحدثون اللغتين العربية و الاسبانية ويرتدون ثياب المسلمين، و ظل مسيحيو إسبانيا ينظرون بريبة إلى هؤلاء المورسكيين ويعتبرونهم مسلمين في السر ومسيحيين غير مخلصين.
في منتصف القرن السادس عشر الميلادي ظهرت الدولة العثمانية كقوة إسلامية ضاربة في منطقة حوض البحر المتوسط، ونشبت عدة صدامات عسكرية بين الدولة العثمانية و إسبانيا، و قد خشي فيليب الثاني ملك إسبانيا من دعم المورسكيين لغزو عثماني محتمل لإسبانيا.
في سنة 1567 أصدر الملك فيليب الثاني مرسومًا قضى بإنهاء كل أشكال التسامح مع الثقافة المورسكية؛ فحظر استخدام اللغة العربية ومنع ارتداء الملابس المورسكية، وأجبر المورسكيين على التسمي بأسماء مسيحية، وأمر بتدمير كل الكتب والوثائق المدونة باللغة العربية، وبتعليم جميع الأطفال المورسكيين على أيدي قساوسة كاثوليك. ويرى البعض أن فيليب الثاني أصدر هذا المرسوم بنية دفع المورسكيين للثورة ليتخذ ذلك ذريعة لإبادتهم أو طردهم من الأندلس، أو أنه كان يريد ضمان ولاء المورسكيين بدمجهم دمجًا كاملًا في المجتمع الإسباني.
تسببت سياسة فيليب الجديدة المتطرفة في اندلاع ثورة مسلحة في المناطق التي كانت في الماضي جزءًا من مملكة غرناطة. خطط للثورة فرج بن فرج - الذي ترجع أصوله إلى بني الأحمر آخر حكام غرناطة من المسلمين - و محمد بن عبو (واسمه الإسباني دييغو لوبيث)، وجمعا القوات وطلبا المدد من ملوك شمال إفريقيا.
وفي ليلة عيد الميلاد من سنة 1568 اجتمع سرًا في وادي الإقليم (Vale de Lecrin) جماعة من منفيي و مورسكيي غرناطة و البشرات و غيرهما، وتبرأوا من المسيحية، وبايعوا ابن أمية ـ واسمه المسيحي فرناندو دي بالور (Fernando de Valor) ـ قائدًا لهم و وريثًا لعرش الأندلس. و بدأ العصيان المسلح على شكل حرب عصابات بدعم عسكري ومالي من المغرب. ولكن ابن أمية اغتيل سنة 1569 و خلفه محمد ابن عبو.
أرسل فيليب الثاني قوات عسكرية كبيرة قوامها جنود إسبان وإيطاليون لقمع الثورة على رأسها أخوه غير الشقيق جون النمساوي، وكان من بين مقاتلي هذه الحملة غارثيلاسو دي لا فيغا، الذي نُصب قائدًا فيما بعد مكافأة له على دوره في قمع هذه الثورة. ورغم أن الثوار ـ الذين تزايد عددهم باضطراد من أربعة آلاف رجل سنة 1569 إلى 25 ألف رجل في العام التالي (بينهم جنود من المغاربة والأتراك) ـ رغم أنهم حققوا بعض الانتصارات، إلا أنهم سرعان ما خسروا ما كسبوه و قُتل قائدهم ابن عبو بيد بعض أتباعه في مؤامرة دبرها الإسبان في أحد كهوف البشرات في 13 مارس 1571، ثم خمدت الثورة سنة 1571.
بعد إرسال سكان الاندلس من الجنوب دعوتهم إلى علج علي باشا حاكم الجزائر طالبين منه تقديم المدد ويد العون لمقاومتهم، وافق حاكم الجزائر ليقوم بعد ذلك بإرسال مدد تمثل في : 14000 رجل من رماة البنادق مع حوالي 60 ألف مقاتل ،بالإضافة إلى عدد كبير من المدافع و 1400 بعير محملة بالبارود محملة على متن 40 سفينة التي انطلقت في يناير من عام 1569 ، إلا أن الأمور لم تسر كما هو مخطط له فقد اكتشف الإسبان المخطط عن طريق خطأ ارتكبه أحد قادة المقاومة الموريسكيين ، وبهذا تأخر وصول المدد العثماني وانكشفت مناطق إنزاله، ليبحث الأتراك على مناطق وسواحل أخرى لإنزال المدد به، إلا أن مشيئة الله وقدره أدت إلى غرق 32 سفينة محملة بالمدد إثر العواصف و الأمواج العاتية في البحر، و لم تتمكن لذلك إلا 6 سفن من أصل 40 من إنزال شحنتها في سواحل الأندلس لدعم الثوار المسلمين، بالرغم من هذا لم تنكسر عزيمة علج علي باشا و أعاد إرسال مدد جديد يقدر ب 4000 مقاتل من رماة البنادق النارية المركزة مع بعض القدماء ليديروا شؤون المعارك، وكذلك تكرر الأمر في السنة الموالية عام 1570 بإرسال مدد و عون جديد لدعم المقاومة إلا أن أنباء عن تجمع أسطول مسيحي للإشتباك مع المسلمين وتدمير شوكتهم، الأمر الذي حرم علج علي باشا من المشاركة في مقاومة الموريسكيين.
بعد نجاح الإسبان في قمع الثورة، نُقل جميع سكان البشرات تقريبًا إلى قشتالة و غرب الأندلس، و أخليت حوالي 270 قرية من سكانها المسلمين و وُطن في بعضها مسيحيون من الشمال الإسباني بينما تُرك البعض الآخر خاويًا على عروشه. وقد ترتب على هذا التغير الديموغرافي و تدمير صناعة الحرير لقرون تالية.
كما أمر فيليب الثاني بتشتيت شمل 80 ألفًا من مورسكيي غرناطة في أنحاء متفرقة من مملكته لتفتيت وحدة المجتمع الموريسكي وتسهيل دمجهم في المجتمع المسيحي، إلا أن العكس هو ما حدث، إذ كان لمورسكيي غرناطة المهجرين تأثير كبير في المورسكيين الذين سبقوهم بالتوطين الإجباري في المناطق التي نُقلوا إليها، والذين كانوا على وشك الاندماج فعليًا في تلك المجتمعات.
ظل الكثير من المورسكيين يعيشون في الأندلس رغم سقوط مملكة غرناطة ـ آخر معاقلهم في الأندلس ـ سنة 1492، وكان هؤلاء المورسكيون ـ الذين لقبوا بالمدجنين Mudéjares ـ يتمتعون بقدر من الحرية الدينية، رغم تعرضهم لبعض التمييز القانوني.
رغم أن معاهدة غرناطة نصت على التسامح مع المسلمين بعد تسليم غرناطة للقشتاليين، إلا أن الملكة إيزابيل أصدرت سنة 1499 مرسومًا يقضي بإجبار جميع مسلمي إسبانيا على التنصر و إلا طردوا من إسبانيا، كما أمرت بإحراق الكثير من الكتب العربية في ساحة البيازين بغرناطة. وقد أدى ذلك إلى اندلاع ثورة في غرناطة (1499 - 1501) اعتُبرت انتهاكًا من جانب المسلمين لمعاهدة غرناطة، مما أدى إلى إكراههم على الاختيار بين التنصر والطرد. وفي سنة 1502 ألغت إيزابيلا كل التعهدات الرسمية التي تقضي بالتسامح مع المسلمين في جميع أرجاء مملكة قشتالة، رغم أن مملكة أراغون ظلت تتسامح بشكلٍ ما مع مسلميها، وهو ما ألغاه الملك كارلوس الخامس بدوره عقب ثورة الإخوة التي اندلعت سنة 1526.
وقد ظل الكثير من المورسكيين يتحدثون اللغتين العربية و الاسبانية ويرتدون ثياب المسلمين، و ظل مسيحيو إسبانيا ينظرون بريبة إلى هؤلاء المورسكيين ويعتبرونهم مسلمين في السر ومسيحيين غير مخلصين.
في منتصف القرن السادس عشر الميلادي ظهرت الدولة العثمانية كقوة إسلامية ضاربة في منطقة حوض البحر المتوسط، ونشبت عدة صدامات عسكرية بين الدولة العثمانية و إسبانيا، و قد خشي فيليب الثاني ملك إسبانيا من دعم المورسكيين لغزو عثماني محتمل لإسبانيا.
في سنة 1567 أصدر الملك فيليب الثاني مرسومًا قضى بإنهاء كل أشكال التسامح مع الثقافة المورسكية؛ فحظر استخدام اللغة العربية ومنع ارتداء الملابس المورسكية، وأجبر المورسكيين على التسمي بأسماء مسيحية، وأمر بتدمير كل الكتب والوثائق المدونة باللغة العربية، وبتعليم جميع الأطفال المورسكيين على أيدي قساوسة كاثوليك. ويرى البعض أن فيليب الثاني أصدر هذا المرسوم بنية دفع المورسكيين للثورة ليتخذ ذلك ذريعة لإبادتهم أو طردهم من الأندلس، أو أنه كان يريد ضمان ولاء المورسكيين بدمجهم دمجًا كاملًا في المجتمع الإسباني.
تسببت سياسة فيليب الجديدة المتطرفة في اندلاع ثورة مسلحة في المناطق التي كانت في الماضي جزءًا من مملكة غرناطة. خطط للثورة فرج بن فرج - الذي ترجع أصوله إلى بني الأحمر آخر حكام غرناطة من المسلمين - و محمد بن عبو (واسمه الإسباني دييغو لوبيث)، وجمعا القوات وطلبا المدد من ملوك شمال إفريقيا.
وفي ليلة عيد الميلاد من سنة 1568 اجتمع سرًا في وادي الإقليم (Vale de Lecrin) جماعة من منفيي و مورسكيي غرناطة و البشرات و غيرهما، وتبرأوا من المسيحية، وبايعوا ابن أمية ـ واسمه المسيحي فرناندو دي بالور (Fernando de Valor) ـ قائدًا لهم و وريثًا لعرش الأندلس. و بدأ العصيان المسلح على شكل حرب عصابات بدعم عسكري ومالي من المغرب. ولكن ابن أمية اغتيل سنة 1569 و خلفه محمد ابن عبو.
أرسل فيليب الثاني قوات عسكرية كبيرة قوامها جنود إسبان وإيطاليون لقمع الثورة على رأسها أخوه غير الشقيق جون النمساوي، وكان من بين مقاتلي هذه الحملة غارثيلاسو دي لا فيغا، الذي نُصب قائدًا فيما بعد مكافأة له على دوره في قمع هذه الثورة. ورغم أن الثوار ـ الذين تزايد عددهم باضطراد من أربعة آلاف رجل سنة 1569 إلى 25 ألف رجل في العام التالي (بينهم جنود من المغاربة والأتراك) ـ رغم أنهم حققوا بعض الانتصارات، إلا أنهم سرعان ما خسروا ما كسبوه و قُتل قائدهم ابن عبو بيد بعض أتباعه في مؤامرة دبرها الإسبان في أحد كهوف البشرات في 13 مارس 1571، ثم خمدت الثورة سنة 1571.
بعد إرسال سكان الاندلس من الجنوب دعوتهم إلى علج علي باشا حاكم الجزائر طالبين منه تقديم المدد ويد العون لمقاومتهم، وافق حاكم الجزائر ليقوم بعد ذلك بإرسال مدد تمثل في : 14000 رجل من رماة البنادق مع حوالي 60 ألف مقاتل ،بالإضافة إلى عدد كبير من المدافع و 1400 بعير محملة بالبارود محملة على متن 40 سفينة التي انطلقت في يناير من عام 1569 ، إلا أن الأمور لم تسر كما هو مخطط له فقد اكتشف الإسبان المخطط عن طريق خطأ ارتكبه أحد قادة المقاومة الموريسكيين ، وبهذا تأخر وصول المدد العثماني وانكشفت مناطق إنزاله، ليبحث الأتراك على مناطق وسواحل أخرى لإنزال المدد به، إلا أن مشيئة الله وقدره أدت إلى غرق 32 سفينة محملة بالمدد إثر العواصف و الأمواج العاتية في البحر، و لم تتمكن لذلك إلا 6 سفن من أصل 40 من إنزال شحنتها في سواحل الأندلس لدعم الثوار المسلمين، بالرغم من هذا لم تنكسر عزيمة علج علي باشا و أعاد إرسال مدد جديد يقدر ب 4000 مقاتل من رماة البنادق النارية المركزة مع بعض القدماء ليديروا شؤون المعارك، وكذلك تكرر الأمر في السنة الموالية عام 1570 بإرسال مدد و عون جديد لدعم المقاومة إلا أن أنباء عن تجمع أسطول مسيحي للإشتباك مع المسلمين وتدمير شوكتهم، الأمر الذي حرم علج علي باشا من المشاركة في مقاومة الموريسكيين.
بعد نجاح الإسبان في قمع الثورة، نُقل جميع سكان البشرات تقريبًا إلى قشتالة و غرب الأندلس، و أخليت حوالي 270 قرية من سكانها المسلمين و وُطن في بعضها مسيحيون من الشمال الإسباني بينما تُرك البعض الآخر خاويًا على عروشه. وقد ترتب على هذا التغير الديموغرافي و تدمير صناعة الحرير لقرون تالية.
كما أمر فيليب الثاني بتشتيت شمل 80 ألفًا من مورسكيي غرناطة في أنحاء متفرقة من مملكته لتفتيت وحدة المجتمع الموريسكي وتسهيل دمجهم في المجتمع المسيحي، إلا أن العكس هو ما حدث، إذ كان لمورسكيي غرناطة المهجرين تأثير كبير في المورسكيين الذين سبقوهم بالتوطين الإجباري في المناطق التي نُقلوا إليها، والذين كانوا على وشك الاندماج فعليًا في تلك المجتمعات.
اعضاء الغابة العربية شاهدوا ايضا
اسم الموضوع : ثورة البشرات
|
المصدر : الحضارة العربية و الاسلامية