لغة الزهور

إلى من أهدت الزهور لغةً لا تُحكى، وجعلت كل بتلةٍ تنطق بحكايةٍ من جمالها
أحمل بين يدي حروفًا تشبه البذور، وأمضي كفلاحٍ يُتقن فن الزراعة، لا لأملأ الأرض، بل لأزرع في قلبكِ بستانًا يليق بجمالكِ. يا زهرة المواسم كلها، أنتِ التربة الخصبة لكل شعور، والمطر الذي يروي كل فكرة، والنور الذي يجعل الكلمات تزهر بمعانيها. هنا، على هذه الصفحات، سأغرس معاني الحب زهرةً زهرة، لتُشرق بعبقٍ لا يذبل، تمامًا كما تفعلين في روحي.
على رُبى الحروف، غرستُ الفلَّ لأُبقي العبق نديًّا، تلك الزهرة التي لا تكتمل سوى بحضورك، كأنكِ النقاء الذي يطفو على سطح الحياة. حين تلمسين أيامي، تتركين فيها رائحةً تذيب المسافات وتربط الحضور بكل ما هو جميل.
وعلى السطر الثاني، زَرعتُ الجوريَّ ليشتعل الوهج:
الحبُّ لونٌ دافئ، يصبغ الحياة بظلٍّ لا ينطفئ، ويترك القلوب تعيش على حافة الشوق.
وبين همسات الليل، جاءت الأوركيدا بأناقتها المهيبة، كإطلالتكِ التي تشعُ نورًا. تنحني أمامها الأعين إجلالًا لمجدكِ الهادئ، لأنكِ، أروع من أن يتخطاها الزمان.
أما الياسمين، فهو النقاء الذي يصفكِ تمامًا، نقاءُ البياض حين يُداعبُ سوادَ الليل، كما لو أنَّ الياسمين قصيدةٌ تُنسَج في صمت، تُخبرنا أنَّ الجمالَ لا يحتاجُ إلى ضوضاء.
أنتِ اللوتس التي تُفتح كلما غسّلها الضوء. تُعلمينني كل يومٍ أن الجمال الحقيقي يأتي بعد أصعب اللحظات.
ثم جاء النرجس، يُذكّرني بكِ في كبريائكِ، لكنه يحملُ سرَّ الافتتان. كأنه مرآةٌ تعكسُ كلَّ ما في الروح من أنانيةٍ ناعمة.
عند إشراقة الصباح الأولى، زَرعتُ الكاميليا، كأنكِ تفتّحتِ في رقةٍ على غصنٍ رقيق، تفرشين الأرض بأوراقكِ التي تحمل في طياتها أسرارًا، تسكبُ شيئًا من الحنين المكسور..
ثم جاء القرنفل، ذا الرائحة الحنينية التي تأخذني إلى الماضي، حيث أعيشُ في كل لحظةٍ معكِ دون أن أترك شيئًا خلفي. كأنكِ أغنيةٌ قديمة تُعيدُ الذاكرة إلى أيامٍ طَوتها الرياح لكنها لم تمحُها أبدًا.
وبياضُ الزنبق يُشبه غفرانًا نقيًّا، كأنها تنبتُ من قلبِ السحاب، تُخبر الأرض أنَّ السماءَ تسامح.
وأنتِ، يا حبيبةَ القلب، في الخزامى كنتِ كالنغم الهادئ الذي لا يُسمع إلا في الأوقات التي أحتاج فيها إلى كل شيءٍ هادئ. عطرُ الخزامى يلتصق بالروح كما يفعل حبكِ بها، يحملُ في طياته راحةً لا تضاهى.
كانت الأقحوان بين السطور تبتسم كما لو أنها تؤمن أن الجمال الحقيقي يكمن في البساطة. هي الزهرة التي تذهب بقلبي إلى كل لحظةٍ مليئة بالصدق، حيث لا حاجة للكلمات كي يبقى الحب.
أما اللافندر، زهرةٌ مسحورة بلونها البنفسجي العميق، ترافقها رائحةٌ تُطوّق الذكريات المليئة بالهدوء. أعيذكِ في قلب هذا اللافندر، يا من تمسكين بالسكينة وسط العاصفة، وتزرعين الأمل في كل لحظة تمرّ.
وفي سطري الأخير، انحناءةُ التوليب تحمل شيئًا من العشق المأخوذ برقة الوداع، وكأنها تهمس للعابرين:
“أحبُّكم حتى آخر قطرةِ ضوء، لكنَّ الحبَّ أحيانًا يولد ليعيش في الظلال.
اسكادا

اعضاء الغابة العربية شاهدوا ايضا
اسم الموضوع : لغة الزهور
|
المصدر : خواطر بريشة الاعضاء
شكراً على ردكم الانيق وباقة الورود
كلك زوء ولطف
سلة من الورد وآنحناءة شكر لسموك