"الألم.. الحقيقة التي تمنح الحياة معناها"
يلاحق الإنسان السعادة وكأنها الغاية العظمى، يتصور أنها شعور يجب أن يلازمه دائمًا، متناسيًا أن الحياة ليست مصممة لتكون واحة من النعيم. في خضم هذا السعي المحموم، يصطدم بحقيقة غير قابلة للإنكار: الألم هو الشعور الوحيد الذي لا يخضع للتزييف، هو الحقيقة العارية التي لا يمكن الالتفاف حولها أو خداع النفس بشأنها.
الحزن والسعادة كلاهما لحظات، عابرة كأمواج تتكسر على صخور الزمن. أما الألم، فهو البحر ذاته، حاضر في كل زوايا الحياة، متغلغل في تفاصيل الوجود. ليس لأن الحياة معادية أو ظالمة، بل لأن الألم هو ما يمنحها المعنى. إنه المحرك الخفي لكل تغيير، والدليل الصارم على أننا أحياء.
ليس في هذا إنكار للسعادة، فكل إنسان يتوق إليها، لكن المشكلة تكمن في الوهم الذي صنعته المجتمعات الحديثة، بأن السعادة يجب أن تكون دائمة، وأن الألم عدو يجب القضاء عليه. في الواقع، الألم ليس نقيضًا للسعادة، بل هو مقياسها، هو ما يجعلنا ندرك قيمتها عندما تأتي على استحياء.
فكما أن الظل لا يوجد دون نور، كذلك لا يمكن للإنسان أن يدرك معنى الحياة دون أن يمر بمرارة الألم. إنه الشعور الأصدق، الذي لا يجامل، ولا يختفي خلف أقنعة زائفة. وهو في ذات الوقت المحفز الأكبر للنهوض، للتطور، وللبحث عن معنى أعمق في الوجود.
لذلك، ربما لا تكون الحياة رحلة نحو السعادة، بل رحلة عبر الألم، حيث تتحدد قيمة الإنسان في كيفية مواجهته لهذا الشعور الدائم، لا في محاولته إنكاره أو
الفرار منه.
بقلمي
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
اعضاء الغابة العربية شاهدوا ايضا
اسم الموضوع : "الألم.. الحقيقة التي تمنح الحياة معناها"
|
المصدر : خواطر بريشة الاعضاء