ألف ليلة وليلة...

[نص عقل]

الليّلُ " حَلِيّفُ المُحِبِيّن ..
رِفِيّقَ أجْمَلَ لَحَظَاتِهِمْ
و المُحَفِز الأمْثَلَ لِـ جُنُوْنِهِمْ
حَتّى بَعْدَ انْتِصَارِ الفُرَاقْ وَ انْفِرَاطِ مِسْبَحَةِ العُشَاقْ
هّوَ اللَيّلُ أيْضَا ًالعَامِلُ الأسَاسِيّ لِـ تَحْرِيّكْ الشّوْقْ
وَ تَمْلِيّحِ الجُرُوْحْ

احكُوْا لَنَا تِلْكَ الليّاليّ
عُشّاقَ كُنْتُمْ أوْ مُفَارِقِيّن ْ
وَحْدَكُمْ أمْ بِـ الجُوَارِ مُقَّرَبِيّنْ

عَنِ العِشْقْ
عَنْ الفُرّاقَ
عَنْ الوِحْدَة ْ
عَنِ الألَمْ

فِيّ كُلِ مَا تَشْتَهُوْنَ .. خُوْضُوْا
وَ بِـ أيّ البُحُوْرِ .. غُوْصُوْا


تَذكُرُوْنَهَا " شهرزاد " ؟!
حَكَتْ لِوَحْدِهَا "الف ليلة و ليلة "
؛ لِـ تُخَلّدَ اسْطُوْرَة ْ
يَتَنَاقَلُهَا العُصُوْرْ عَلى مَرَّ السِنِيّــن ْ

لِـ نَجْعَلْ لـِ مَمْلَكَتِنَا(الغابة العربية)" الف ليلة و ليلة "
نَصِفُ بِهَا لَيَلَتَنَا وَ نُحَاكِيّ بِهَا قَمَرَنَا

فَ مَنْ يَدْرِيّ رُّبَمَا تُخَلّد ْ هِيّ الأخْرَى ْ
وَ تُصْبِحْ لِيّالِيّنَا " رَاسِخَة ْ فِيّ الأذهَانِ " عَلَى مَرِ العُصُوْرْ

فِيّ هَذا المُتَصَفَح ْ
سَ نَبُوْحُ لِـ الليّلِ وَ عَنْه ْ

كُلّ رَدٍ بِـ لَيّلَـة
سَـ تُكْتَبُ الرُدُوْدُ مُرَقَمَة
الليّلَة ُ الأوْلى َ
الليّلَة ُ الثَانِيّة ْ
الليّلَة ُ الثالِثَة ْ
وَ هَكّذا حَتّى نَصِلَ لـِ الليّلَة ُ مَا بَعْدَ الألْفْ

دمتم بسعادة لاتنتهي​

 

[نص عقل]

الليلة الأولى

في هجعة هذه الليلة وسكونها
ليلي طويل ياربي بدونها
أتضرع ياربي بحفظك صونها
ولأن ربي لايعجزه شيء
يخرج الميت من الحي
ويغيث المستسقين بالري
جاءت حبيبتي سعيدة
من ديارها البعيدة
وقضينا ليل عسى ربي يعيده
تنادمنا على كأس من الراح
وتجاذبنا أطراف الكلام المباح
حتى طلع نور ذلك الصباح

 

[صمت البوح]

:



الليلة الثانية

عندما يأتي الليل لا يأتي أبداً لحاله
يأتي في صحبة من يشاء
طيف ، عطر ، لحن ، إشتياق ، حلم
أيها الليل ٠٠ رفقاً بنا

 

[الجوري]

الليلة الثالثة غصن مائل بهدوء


اليوم، شعرت أنني شفافة… كأن الريح تمر من خلالي دون أن تلاحظني، كما تفعل بأغصان الصفصاف حين تكون حزينة.
كنت أظن أن الريح لا تُقاوَم، لكنها اليوم بدت ضعيفة…
أو ربما أنا من أصبحت أكثر ثقلًا من أن تُحرّك. الحنين؟ هواء ثقيل.
والفقد؟ ظل لا يُلامس الأرض، لكنه يطيل الليل

 

[نص عقل]

الليلة الرابعة
عندما قلتي إنك ستغيبين عني
أدركت أن الظلام قد حل
وأيقنت أن القمر قد أفل
فلا معنى إذاً لسهري
أحاول أن أنام

 

[اسكادا]

الليلة الخامسة.

كل شيء قد يكون ممكنًا، وكل فكرة تتحول إلى أمنية، وكل حلم يبقى سجينًا بين يدي، عاجزًا عن البوح.

 

[ريـ م]

وفي سادس ليلة..

كان القمر بدرا بوجه حبيبها..
وكانت الليالي بيضاء ناصعة..
وكانت في أمن مكانٍ بالعالم حيث هو وحده..
وكانت كل ليلة بألف ليلة..
وكان وكان.. وكانت..
ولم يبقى سوى الحب.. في ارجاء ذلك المكان الذي كان
كل ليلة.. تسمع ضجيجه النجوم.. ولا ينام الليل إلا بعد أن يناموا.. يستأذن الصباح منهم قبل أن يطلع.
لان الكون كله ينعم بليالي حبهم.

@نص عقل
افكارك خرافية...
ماشاءالله عليك.

 

[الجوري]

الليلة السابعة
رَوَتها شهرزاد ذات قلبٍ مبلّلٍ بالضوء، وحروفٍ تجرُّ ذيولها على العتمة.

قالت شهرزاد:
في الليلة السابعة، لم أُخبر مولاي عن قلاعٍ تفتحها الكلمات، ولا عن سيوفٍ تشقّ الريح، بل عن صبيٍّ اسمه عمران...
عمران كان ظلًا صغيرًا يتعلّم المشي على الإسفلت الساخن.
لا يعرف الليل من النهار، ولا يقيم للزمن وزنًا، لأن الوقت في الخيام لا يُحسب بالساعات، بل بالانتظار.

أمه لم تكن ساحرة،
كانت فقط امرأة تنام على ضلعها الأيسر لتخبّئ أحلامه الصغيرة من الريح،
وتضع يده على قلبها لتعلّمه النبض،
ثم تبكي.

قالت شهرزاد:
كان يحبّ الغيم…
يركض خلفه، كما لو أن السماء تُسقط له شجرة، أو أخًا، أو أبًا لم يعد من المسافة الأخيرة.

وفي تلك الليلة،
لم تكن السماء عادلَة.
سقط فيها شيء، لا هو نجم، ولا أمنية.
مجرد ضوء غاضب،
واختفى عمران.

وبقيت الأم،
تغلق الخيمة كأنها قبر.
تضع يده الغائبة في كفّها، وتهمس له كأن الحكاية لم تنتهِ: "ارجع شويّ، بس شويّ… خلّي قلبي يتنفّس."

قالت شهرزاد:
وسكت شهريار.
لم يسأل عن النهاية،
ولا عن البطل،
فقط قال:
"كان صوته ناعمًا؟"

فقالت شهرزاد، وعيناها رماديتان كسماء الشتاء:
"كان صوته يشبه النداء الذي لا يردّ عليه أحد."

سأستعير فكرة الالف ليلة لأصنع منها
كتاب بأسلوبي وأكيد سيكون ذكرك
ببدايته لأنك اعطيتني الالهام

 

[اسكادا]

في الليلة الثامنة…
لم تُرد شهرزاد أن تكتفي بالكلمات العادية، بل كان حديثها يحمل أسرارًا أعمق من المظاهر، وصوتها ينساب كأمواج البحر، يلامس الأرواح قبل الأذان. قالت:

“يا مولاي…
في كل حكاية هناك مساحة لا تتسع للكلمات، مكان ضاع بين سطور الزمان، حيث تتقاطع الأرواح وتُخلق اللحظات التي لا نملك لها تفسيرًا. أحيانًا، نتمنى أن نعود إلى لحظات لم نعشها بعد، لنحب ونخسر، ونعيد الصمت إلى صدرنا، فنفهم أنفسنا على نحوٍ أعمق. أما أنت، فكلما اقتربت منك، شعرت أنني أبتعد عن العالم بأسره، وأدخل عالمك وحدك، حيث تصبح الكلمات أقل صدقًا مما تفعله العيون.

 

[صمت البوح]

:


الليلة التاسعة

هكذا هي الحياة
تحمل في طياتها الكثير من الأقدار
‏حلم يتحقق وحلم يتعثر
‏لقاء بلا موعد وفراق بلا سبب
لا البدايات التي نتوقعها
ولا النهايات التي نريدها
‏ وتستمر الحياة بحلوها ومره

 

[الجوري]

الليلة العاشرة
حين حلّ المساء، وجلست شهرزاد على وسادتها الحريرية، شعرت كأن الليل يهمس في أذنها، يحثّها على المضيّ قُدُمًا في سردها، وكأنها لم تعد تحكي لتنقذ حياتها فحسب، بل لتُبقي العالم حيًّا بالكلمات.

همست:
"بلغني أيها الملك السعيد، أن في مدينة كانت تُسمّى قديمًا المدينة التي لا تنام، عاش رجل لا يُشبه الرجال... لا لأنه كان ثريًا، أو قويًّا، بل لأنه كان يسمع ما لا يسمعه غيره: همسات الأرواح، ونشيج الأشجار، ووشوشة الأحلام قبل أن تُقال."

كان اسمه فَرحان، لكنه لم يعرف للفرح طريقًا، منذ أن ماتت زوجته ريحانة في صمت يشبه انطفاء شمعةٍ وسط وليمة صاخبة. مذّاك، أخذ يتجوّل ليلاً في الأسواق، لا ليشتري، بل ليشعر بوجود البشر دون أن يضطر للكلام. يتنصّت على الأحاديث العابرة كمن يبحث عن كلمة فُقدت منه منذ زمن بعيد.

وفي ذات ليلة، دخل زقاقًا لم يألفه من قبل، فسمع صوتًا نسائيًا يقرأ آية من كتاب لم يُكتب بعد. اقترب، فرأى امرأة تُشبه زوجته... أو لعلّه خياله اشتاق فرأى ما أراد.
قالت له: "ألا تدري أنك نائم؟ هذه المدينة ليست حقيقية، لكنها أكثر صدقًا مما عرفت."
فهمس كطفل: "هل أنتِ...؟"
فقاطعته بابتسامة محزونة: "أنا كل امرأة أحببتها، وكل قصة لم تكتبها."

ومنذ تلك الليلة، بدأ فَرحان يكتب. لا يعرف كيف ولماذا، لكن الكلمات سالت منه كما يسيل الضوء من النوافذ في الفجر. صار الناس يقرأون ما يكتب ويشعرون وكأنهم تذكروا شيئًا نسيه العالم.

وهكذا، يا مولاي، علّمت تلك المرأة ــ التي لم تكن من لحم ودم، بل من ذاكرة وألم ــ رجلًا كيف يخلُق الفرح من اسمه، والكلمات من حزنه.

وسكتت شهرزاد...
لكن الملك لم ينم. بل ظلّ يتأمّل ملامحها تحت ضوء القمر، كأنه يراها للمرة الأولى... لا كجارية، بل كمرآة يرى فيها ما لم يكن يعرف أنه فيه.