امرأة في الضوء

هم عابرون في القصص…
ظلال تمرّ، تترك أثرًا خفيفًا ثم تنطفئ.
أما هي… فشيء آخر.
حين أكتب عنها، لا أستدعي الكلمات، بل تستدعيني هي.
كأن الحبر يعرف الطريق إليها،
كأن السطور تنحني لتكفي حضورها،
كأن لحظة واحدة معها تكفي لتبرير وجود ألف فصل لا يُنسى.
الآخرون يُكتب عنهم،
أما هي… فهي من يُكتب بها.
كل مرة أستحضرها،
تعود الذكرى كأنها لم تغب،
بعطرها، بنورها، بصوتها الذي يشبه نغمة نجت من ليلٍ طويل.
أكتبها لا كحكاية مضت،
بل كدهشة دائمة…
كأنني أراها لأول مرة،
وفي كل مرة… أعشقها من جديد
الآخرون… هي فقط
الآخرون؟
يمرّون كما تمرّ الفصول على غصن لا يتورّط في الحنين.
نحفظ أسماءهم كما نحفظ أسماء المدن التي زرناها مرة، وأغلقنا أبوابها دون رجعة.
نراهم، نعم، ولكن لا نتذكّر كيف شعرنا بقربهم…
فالمشاعر معهم كانت كأنها استعارة لا تدوم.
أما هي…
فحكاية لم أقرأها، بل عشتها.
لم تكن صفحة في كتاب،
بل كانت الكتاب كلّه، واللغة التي لا تنتهي.
كانت الألف التي ابتدأتُ بها،
والياء التي لم أبلغها بعد.
حين أكتب عنها،
لا أبحث عن كلمات، بل أبحث عني.
أحاول أن أستعيد ملامحي بين انعكاسات عينيها، أن أجد يقيني الضائع في دفء صوتها،
أن أرتّب فوضاي على مهل كما كانت تفعل حين تضحك.
هي لا تُستدعى بالذاكرة…
بل تُستحضر بالنبض.
كل حكاياتي قبلها كانت تمهيدًا، وكل الذين جاؤوا بعدها كانوا استراحة عابرة.
الآخرون يُكتب عنهم حين نملّ الصمت،
أما هي… فيُصمت الكون حين تُكتب.
كل لحظة معها كانت معجزة صغيرة،
مجرد وجودها كان يكفي ليجعل من كل شيء يبدو على ما يرام،
حتى حزني… كان أجمل بقربها.
حتى خوفي… كان مطمئنًا حين تمسك يدي.
ولست أقول ذلك بدافع الحنين،
فالحنين يخص الغياب…
أما هي، فتبقى وإن غابت،
تُقيم في الزوايا، في التفاصيل، في نبرة الكلمات.
الآخرون؟
كانوا صوتًا في ضوضاء…
أما هي، فكانت السكون ذاته.
وكان يكفيني أن أنظر إليها،
فأفهم لماذا خلق الله الضوء…
ولماذا خُلِق القلب ليخفق..!

اعضاء الغابة العربية شاهدوا ايضا
اسم الموضوع : امرأة في الضوء
|
المصدر : خواطر بريشة الاعضاء