-
- إنضم
- 23 فبراير 2023
-
- المشاركات
- 53,887
-
- مستوى التفاعل
- 24,636
- مجموع اﻻوسمة
- 26
بين الطفو والارتجاف

غبطةُ الليلِ سالت على أكفِّ العذارى،
كأنها دعوةٌ خافتة من السماء،
وحلكتهُ ترامت على طرقِ الفارّين من وهج النهار،
أخذوا قبسًا من ظلّه،
وساروا به بين حقول الياسمين،
يهمسون لفراشاتٍ مختبئة في شرنقاتِ الخجل،
كأنّهم يوقظون الحلم من غفوتهِ الأولى.
آهٍ... من حمرة الورد
حين تسكن وجناتِ الهائمين،
كأنها قُبلةٌ لم تُمنح…
لكنها أُحسَّت،
كما السكارى،
يترنّح بهم الشريان قبل الوريد،
ويتذبذب بهم النبض مع النفس،
وتضطرب أرواحهم كلما لامست حبوبَ الرياحين.
يَلمسون الهدوء كما يُلمس وجه الماء في الفجر،
ويعيشون السكون تلك الكلمة التي اخترعتْ من أجلهم
يرافقهم حلمٌ ناعم، وكفٌّ بأصابعَ من حرير،
أنامل تداعب أرواحهم كما تداعب الريحُ ستائرَ النوافذ المفتوحة على الحنين.
هناك ابتسامة…
وهمسٌ بخجل التوليب،
يتمايل بخصره على وريقاتِ الحنين،
يكتب بلغة لا تُقرأ…
بل تُستشعر.
تنسدل اللحظة كعباءةٍ ليلية،
يغفو تحتها قلبٌ أرهقه الضوء،
ويستيقظ فيها سرُّ اللمسة،
عِطرُ حضورٍ لا يُنسى.
كانت الأصوات خافتة،
كأنّ الكون تواطأ على الصمت ليحفظَ هذا الهُدوء،
وكانت الأرواح تتنزّه بلا أجساد،
ترقص خفيفةً على إيقاعِ الانتظار.
وفي منتصف السكون،
حين خفَّت أنفاس الليل،
مالت الغيمةُ برفقٍ يشبه حنوّ الأم على وسادةِ ابنها،
ولامست بأطرافها الطرية فراشاتٍ خرجت لتوّها من شرنقةِ الانتظار.
لم تخف،
لم تهرب،
بل رفّت بأجنحتها وكأنها تعانق هذا الملمس الأثير،
تراقصت مع أنفاس الغيم،
وتركت أثرًا من نورٍ خافت،
كأنها تكتب على الهواء رسالةَ امتنان.
تلك اللحظة،
كانت أشبه بعهدٍ سرّي بين السماء والأجنحة،
بين من يطفو ومن يرتجف،
بين خفةِ الوجود،
وثِقلِ المعنى.
شاهدهم الليل،
وابتسم كمن شهد معجزة لا تُروى،
بل تُحفظ في طيّات الذاكرة،
حيث لا يصل الضجيج.
ثم انسحب الليل بهدوء،
كمن أنهى طقسه السرّي،
وترك المكان مبلّلًا ببقايا دفء،
وعبير لا يُشبه إلا أول اللقاء.
لم يبقَ من الحكاية سوى اللمسة،
صوتُ الغيم على أجنحةِ الفراش،
وعطرُ ابتسامةٍ لم تُرَ،
لكنها طافت بين الأرواح.
في ذلك الصباح،
نهضت الحقولُ وعلى وريقاتها بقايا همس،
والفراشاتُ تنام كأنها صلّت في حضنِ الحنان،
أما الغيم…
فقد عاد إلى السماء،
يحمل سرّ مَن لمس ولم يُرَ،
ومن غادر ولم يُنسَ.
وهكذا…
انتهت الليلةُ كما تبدأ القصائد:
بنبضة،
بصمتٍ يُشبه الحُب،
وبشعورٍ لا يُقال…
بل يُسكن.
الجوري
الإثنين
14.3.2025
الإثنين
14.3.2025
اعضاء الغابة العربية شاهدوا ايضا
اسم الموضوع : بين الطفو والارتجاف
|
المصدر : خواطر بريشة الاعضاء