تواصل معنا
  • بادئ الموضوع ملاذ أمن
  • تاريخ البدء

يقول الكاتب " امين معلوف " (حين يقدس التاريخ، يشنق الحاضر ويدفن المستقبل) من هذا المنطلق في المجتمعات التي تعاني من اختناق معرفي وجمود ثقافي يتحول الماضي...

ملاذ أمن

أنتمي للخيال، لم تكن الأرضِ يوماً موطني
نجوم المنتدي
إنضم
2 يونيو 2024
المشاركات
2,092
مستوى التفاعل
1,742
العمر
40
الإقامة
في عالم موازي
مجموع اﻻوسمة
6
كنا أمه ذات شأن ✍️

يقول الكاتب " امين معلوف " (حين يقدس التاريخ، يشنق الحاضر ويدفن المستقبل)
من هذا المنطلق في المجتمعات التي تعاني من اختناق معرفي وجمود ثقافي يتحول الماضي إلي تعويض نفسي لا بوصفه مصدراً للتعلم بل كأداه لستر عجز الحاضر. يمارس تمجيد التاريخ كطقس جماعي لإثبات الذات لا كاستعادة نقدية لتجربة إنسانية متعددة الأبعاد.. وتصبح العلاقة مع التاريخ انفعالية أكثر منها عقلانية؛ لا يقرأ السياق ولا تحلل الشروط بل ينتقي المجد ويرفع كشعار يكرر كحقيقة مغلقة لا تقبل المراجعة
يستدعي المجد القديم كلما عجزت الأمة عن إنتاج مايدعو للفخر في الحاضر يقال إننا "أمه العلم" و " ورثة الحضارات " دون أن يطرح السؤال الأهم: لماذا لا تزال مجتمعاتنا في ذيل مؤشرات البحث العلمي؟ ولماذا تبدو الهوة واسعة بين مانردده عن أنفسنا ومانعيشة فعلياً؟
في هذا السياق يتحول التمجيد إلي آلية دفاع نفسي، ويختزل التاريخ في بطولات متجزأة تهرب من مواجهة أسئلة الانحدار والركود.
وقد نبه ابن خلدون إلي خطورو هذا الانغلاق الزمني، حين ربط توقف الإبداع بظاهرة التقليد.
ففي مراحل الضعف كما يري يتوقف الإنسان عن إنتاج الجديدو، ويلجأ إلي تكرار مافعله السابقون، لا لأنه الأفضل، بل لأن الحاضر فقد شجاعته، وهذا ماتعكسه كثير من الخطابات الثقافية في العالم العربي، حيث يعاد تدوير المفاهيم ذاتها والرموز ذاتها والأمجاد ذاتها، بينما تتأكل قدرة المجتمع علي مساءلة ذاته أو طرح أسئلة مختلفة.
ولأن التعليم في الدول المتخلفة لا ينمي الفكر النقدي، بل يلقن درس التارسخ كقصة تمجيد تنتج أجيال تتغذي على صور مثالية عن الذات، دون أن تمنح فرصة فهم تعقيدات السقوط والانحطاط، لا يقال للطلاب مثلا إن الحضارة الإسلامية مرت أيضاً بلحظات تعصب وانغلاق واقتتال داخلي كل ذلك يقصي لصالح لحظات القوة والعلم والعدل فتروي كأنها سردية لا تنكسر.
وتكرس هذه الرواية في الإعلام، حيث تستدعي الشخصيات التاريخية وكأنها كائنات أسطورية خارجة عن الزمان والمكان، يستحضر ابن سينا وابن رشد والخوارزمي، لا لفهم مشاريعهم الفكرية أو نقدها أو تطويرها، بل كتمائم رمزية يعلق بها المجد، وتعفي بها الأجيال الحية من مسئوليّة الفعل. وتقارن الأمة بإنجازات أسلافها لا بمنجزات الأمم المعاصرة، فيعاد إنتاج التفوق دون منافسة وتستعاد العظمة دون شروطها.
وقد أوضح عبدالله العروي أن هذه العلاقة العاطفية بالتاريخ تغلق الهوية داخل حلقة مفرغة من التكرار، حيث يحاكم كل جديد انطلاقا من ما يشبهه من القديم، لا من قدرته علي إنتاج معني مختلف وتربط كل محاولة إصلاح بالموقف من " الأصالة " حتي لو كانت تلك الأصالة مجرد تصور نوستالجي لا تمثيلا حقيقا للتاريخ.
وهنا يتجلي الخلل الأكبر؛ يتم اختزال الهوية في صورة ماضوية جامدة، تتعامل كجوهر ثابت لا يتغير بينما الهوية في حقيقتها سيرورة حية تتجدد مع كل لحظة وعي، وكل محاولة لتحريرها من أثر الماضي تواجه بالرفض، لا لانها غير عقلانية، بل لانها تهدد خطابا اعتاد على راحة التكرار.

إن الأمم التي تنتج مسقبلها لا تلغي ماضيها لكنها لا تقيم فيه، لل تقرأه وتحلله وتستلهم منه ما يعينها على التقدم، لا مايكلبها بأسم الأصالة. أما الأمم التي ترد إخفاقها بكلمة " كنا" فهي في الحقيقة لم تبدأ بعد، لأنها لم تملك الشجاعةأن تسأل نفسها: ماذا يجب أن نكون؟؟
 
اسم الموضوع : كنا أمه ذات شأن ✍️ | المصدر : المنتدي العام

رااشد

الصبر طيب شهب الغابة المضيئ 💎
مستشار الادارة
إنضم
5 يونيو 2022
المشاركات
81,895
مستوى التفاعل
14,591
مجموع اﻻوسمة
12
كنا أمه ذات شأن ✍️
حتي لو كانت تلك الأصالة مجرد تصور نوستالجي لا تمثيلا حقيقا للتاريخ.
وهنا يتجلي الخلل الأكبر؛ يتم اختزال الهوية في صورة ماضوية جامدة، تتعامل كجوهر ثابت لا يتغير بينما الهوية في حقيقتها سيرورة حية تتجدد مع كل لحظة وعي، وكل محاولة لتحريرها من أثر الماضي تواجه بالرفض، لا لانها غير عقلانية، بل لانها تهدد خطابا اعتاد على راحة التكرار.
جميل جداا فاضلي ملاذ امن
سلمت يدااك
 
Comment

ملاذ أمن

أنتمي للخيال، لم تكن الأرضِ يوماً موطني
نجوم المنتدي
إنضم
2 يونيو 2024
المشاركات
2,092
مستوى التفاعل
1,742
العمر
40
الإقامة
في عالم موازي
مجموع اﻻوسمة
6
كنا أمه ذات شأن ✍️
حتي لو كانت تلك الأصالة مجرد تصور نوستالجي لا تمثيلا حقيقا للتاريخ.
وهنا يتجلي الخلل الأكبر؛ يتم اختزال الهوية في صورة ماضوية جامدة، تتعامل كجوهر ثابت لا يتغير بينما الهوية في حقيقتها سيرورة حية تتجدد مع كل لحظة وعي، وكل محاولة لتحريرها من أثر الماضي تواجه بالرفض، لا لانها غير عقلانية، بل لانها تهدد خطابا اعتاد على راحة التكرار.
جميل جداا فاضلي ملاذ امن
سلمت يدااك
سلمت فاضلي راشد
شرفت متصفحي المتواضع
دامت طلتك الجميلة
لك كل التقدير
 
Comment

sitemap      sitemap

أعلى