ابناء الملك فاروق من الملكة فريدة :
|
|
|
الاميرات فريال وفوزية وفادية بنات الملك فاروق والملكة فريدة |
طلاق الملك فاروق والملكة فريدة :
وجاء طلاق الملك فاروق والملكة فريدة بعد قصة حب جميلة مما سبب صدمة للناس وأثار تساؤلاتهم وقتها حول أسباب الطلاق ، فالبعض أرجع ذلك لرغبة فاروق في إنجاب طفل ذكر ليكون وليا للعهد ، وقد ارجع البعض ذلك لكراهية الملكة فريدة لحياة القصر وما يحدث فيه من مفاسد ، وعدم قدرتها على احتمال حياة المجون والعبث التي كان يحياها الملك فاروق مع رفقائه من اعضاء الحاشية الملكية الايطالية الفاسدة ، بينما راح البعض يؤكد أن السبب وراء الطلاق هو شكوك الملك فاروق فى الملكة فريدة حيث تصور انها ترتبط بعلاقه مع احد الامراء .
وكان توقيت طلاق الملك فاروق للملكة فريدة فى 17 نوفمبر من العام 1948 ، وكان الشهر المذكور شديد الدقة بالنسبة لأوضاع الجيش المصري في فلسطين ، إذ كانت القوات الإسرائيلية قد استولت على تقاطع الطرق ما بين «مستعمرة نجبا» وحتى «مستعمرة نيتساليم»، وبذلك تمكنت من احتلال شمال النقب ، وقسمت الجيش المصري إلى قسمين كل منهما معزول عن الآخر ، المجموعة الضاربة التي يقودها القائمقام أحمد عبدالعزيز وقيادتها في بيت لحم، والمجموعة الرئيسية التي يقودها اللواء أحمد محمد المواوي وقيادتها في المجدل على الطريق الساحلي .
وكان ذلك هو الوقت الذي اختاره الملك فاروق لإتمام طلاقه من المرأة التي أحبها ، والمدهش في الأمر أن الملكة فريدة أرادت أن تعرّف السفارة البريطانية بالتفاصيل الدقيقة لما جرى معها ساعة الطلاق ، وكانت الأميرة سميحة حسين ابنة السلطان حسين كامل ، ووالدة وحيد يسري باشا ، هي التي دعت المستشار الشرفي في السفارة السير والتر سمارت لتنقل له على لسان الملكة تفاصيل ما وقع لها .
وكتب السير والتر سمارت تقريرا عن لقائه والأميرة سميحة حسين ، مشيرا إلى أن الاميرة سميحة حسين أبلغته بالتفاصيل نقلا مباشرا عن الملكة فريدة وكان نص التقرير كما يلي :
يوم 10 نوفمبر طلب نجيب سالم باشا مدير الخاصة الملكية مقابلة الملكة فريدة على وجه الاستعجال ، وأبلغته باستعدادها لمقابلته على الفور في جناحها الخاص ، وجاء نجيب باشا ، ومعه ظرف سلمه للملكة ، وكانت فيه ( ورقة طلاق ) .
قال لها نجيب سالم «باشا»: إن جلالة الملك يعطيها مهلة شهر لكي تجد لنفسها مكانا تقيم فيه وتخرج من القصر الملكي ، وأبلغها أن الملك سوف يحتفظ بحضانة البنتين الأكبر «فريال وفوزية» ، لكن الأصغر وهي فادية ستظل في حضانتها هي حتى تبلغ سن التاسعة ، وسوف تتكفل الخاصة الملكية بجميع نفقاتها ، وهذه النفقات تشمل كل ما هو لازم لأميرة ملكية من الحضانة والتربية والتعليم والخدمة وهذه إضافة مستقلة عن التسوية المالية مع الملكة نفسها .
وتنقل الأميرة سميحة حسين إلى السير والتر سمارت بالنص : «إن الملكة فريدة شكرت نجيب سالم على إبلاغه بهذه الأخبار ولاحظت حرجه وهو يقوم بمهمته ، ورجته هي إبلاغ الملك بأن يهتم برعاية «البنات» حتى لا يتحولن إلى «بغايا مثل عماتهن».
و«خرج نجيب سالم (باشا) مهرولا من جناح الملكة ، لكن أنتوني بوللي (بك) مدير الشؤون الخاصة للملك ما لبث أن وصل إلى جناحها مهرولا يقول إنه يريد جلالتها لكلمة واحدة» .
وتنقل الأميرة سميحة حسين عن فريدة بالنص : قال بوللي إنه يحمل رسالة ذات طابع سري من الملك ، وهي أن جلالته يريد منها أن تسلم التاج الذي كان في عهدتها ، وأن تسلم أيضا جميع المجوهرات التي تلقتها منه عند الزواج أو في مناسبة الزواج ، لأن تلك كلها متعلقات ملكية .
وردت فريدة بأنها سوف تسلمه التاج الآن ، على أنها تريد لفت نظره إلى أن هناك ماسة ضائعة فيه ، وأنها تتكفل بشراء بديلة لها توضع مكانها ، ثم قالت إنه بالنسبة للهدايا التي جاءتها من الملك عند الزواج أو في مناسبته فتلك أشياء تملكها هي الآن ، وأبلغها بوللي أن جلالة الملك مصمم على طلبه ، وقامت فريدة غاضبة وجاءته بكل ما كان عندها قائلة له «إنه عندما تهدأ أعصاب فاروق فإنها تريد أن تجلس معه على انفراد لحديث طويل» .
ذكرت الأميرة سميحة حسين «أن الملك فاروق كان قد أطلق اسم فريدة على «تفتيش زراعي» ملكه مساحته 1700 فدان ، وسماه فعلا باسم «الفريدية» ، لكنه لم يتخذ بعد «الاسم» أي إجراءات ، ومن الظاهر أن هذا التفتيش سوف يضيع على الملكة ، كذلك أشارت الأميرة سميحة حسين إلى أن الملك كان قد أهدى إلى الملكة فريدة قصرا قدمه له ابن عمته محمد طاهر (باشا) ، وهو قصر الطاهرة ، لكن فاروق لم ينقل «عقد الهبة» إلى فريدة ، وظهر أن هدية ابن عمته له موثقة ، وأما هديته إلى زوجته فقد كانت شفوية ، وبذلك فإن الملكة سوف تخرج بأقل القليل بعد إتمام الطلاق ، وهكذا خرجت الصحف المصرية .
وتناقلت عنها وسائل الإعلام العربية والأجنبية بلاغين صادرين عن ديوان حضرة صاحب الجلالة الملك :
البلاغ الأول : يعلن طلاق الملك فاروق من الملكة فريدة ، والسبب «أن حكمة الله وإرادته اقتضت وقوع الانفصال بين الزوجين الكريمين» .
البلاغ الثاني : يعلن طلاق الأميرة فوزية من زوجها محمد رضا بهلوي شاه إيران ، والسبب «ما ثبت من أن مناخ طهران لا يلائم صحة الأميرة المصرية التي تحملت ذلك المناخ حتى اعتلت صحتها ، ولم يعد في مقدورها الاستمرار» .
وفي اليوم التالي دعي مجلس البلاط إلى اجتماع عاجل لبحث مسألة طرأت للملك فاروق وهي ضرورة إصدار فتوى أو قرار شرعي يمنع الملكة فريدة من الزواج مرة أخرى في حياتها ، ويجعل مثل هذا الزواج باطلا مهما كانت ظروفه ، وكان داعي الملك إلى هذا الطلب أنه سمع خبرا عن احتمال أن تتزوج فريدة من وحيد يسري (باشا) ، وقد أراد أن يسبق احتمالات مثل هذا الزواج ويحول دونه .
الملك فاروق يسعى لأستصدار فتوى لتحريم زواج الملكة فريدة بعد طلاقها منه :
وحاول فاروق استصدار فتوى من شيخ الأزهر محمد مصطفى المراغي ، بتحريم الزواج على فريدة من بعده ، لكن المراغي رفض الأمر لمخالفته الشريعة الإسلامية ، وإن لم تتزوج فريدة من بعده بلا فتاوى وهو ما يؤكد شدة حب الملك للملكة فريدة وغيرته عليها حتى بعد الطلاق والانفصال .
بعد الطلاق عملت الملكة فريدة بالفن ورسمت الكثير من اللوحات ، وشجعها خالها الفنان الكبير محمود سعيد على تنمية مواهبها في فن الرسم ، ولكن واجباتها الملكية صرفتها عن ممارسة الرسم ، لكنها عادت لممارسة فن الرسم منذ عام 1954 وذلك لتغطية نفقات معيشتها ، كما إنها أقامت العديد من المعارض الفنية في مدريد وجزيرة وجزيرة مايوركا وباريس والقاهرة وجنيف وبلغاريا وتكساس وذلك فى السبعينات والثمانينات .
وبعد سنوات طويلة أرسلت خطابا إلى الرئيس المصري جمال عبد الناصر تستأذنه في السفر لرؤية بناتها ، ووافق بخطاب يحمل توقيعه ، لكن الخطابين حرقهما فيما بعد ميشيل أورلوف ، وهو نجل ابنتها فادية التي تزوجت من الروسي بيير أورلوف ، كما حرق جزءا من مذكراتها وحمل ما تبقى منها إلى موسكو ليخفيها .
وقد كتبت المذكرات باللغة الفرنسية وكشفت فيها عن رغبة عضو مجلس قيادة الثورة جمال سالم في الزواج منها ، وعندما رفضت وضع ما تبقى من ممتلكاتها تحت الحراسة ، فعاشت من بيع لوحاتها .
وقبل أن ترحل بسنوات قليلة أصبحت لها شقة صغيرة في حيّ المعادي «جنوب القاهرة» منحتها لها الدولة ، لكنها لم تعش فيها طويلا ، فقد ماتت بسرطان الدم .
من جانبها روت الكاتبة الصحافية المصرية الدكتورة لوتس عبد الكريم صاحبة ومؤسسة مجلة «شموع» الثقافية قصة الأيام الأخيرة لصديقتها المقربة الملكة فريدة ، الزوجة الأولى للملك فاروق الأول ، آخر ملوك مصر، وأم بناته الثلاث .
وقالت في حوار مع «العربية.نت» : إن هذه الملكة التي أحبها الشعب المصري ، وثار على الملك فاروق بسبب تطليقه لها إثر خلافات بينهما ، أكدت لها أنها لو كانت تدري أن فاروق سيفقد شعبيته ثم عرشه بسببها ، لبقيت معه وظلت تسانده في وجه مؤامرات رجال القصر ضده .
وأشارت الدكتورة لوتس إلى أن الملكة فريدة كانت ذكية ومثقفة ولماحة ، مزجت أرستقراطية عائلتها الراقية ، بحبها لطبقات الشعب ، وظلت لآخر نفس في حياتها تعشق بلدها وتوصي بها من خلال علاقاتها مع كبار كتاب مصر مثل «مصطفى أمين وأنيس منصور وأحمد بهاء الدين وصلاح منتصر» .
وحول حقيقة الصورة المرسومة عن الملك فاروق تقول : لم يكن فاسدا كما قيل وانتشر على نطاق واسع ، فعرفت من شقيقي الملكة فريدة «سعيد وشريف ذوالفقار» أن ذلك غير صحيح بالمرة ، فلم يرياه يشرب الخمر إطلاقا ، لكن ربما لعب القمار .
وتابعت : هذا أيضا ما قالته لي الملكة فريدة التي نفت عنه أنه كان زير نساء كما صورته الصحافة والسينما والدراما ، فلم تكن هذه الأمور من اهتماماته أو من حقيقة حياته الشخصية .
وأضافت : زادت محبة الشعب المصري لملكهم الشاب فاروق عندما تزوج من الملكة فريدة العام 1938 فقد أحبوها وشعروا بأنها لصيقة بطبقاتهم وبأحوالهم ، وعندما طلقها لأنها لم تنجب له وريث العرش ، غضبوا عليه بشدة ، وقالت مستطردة : كان الشعب عاشقا لها ، فطافت المظاهرات الشوارع بعد طلاقها تهتف «خرجت الفضيلة من بيت الرذيلة» ، فقد رأوا فيها وردة مصرية طاهرة نقية .
وتستشهد الدكتورة لوتس عبدالكريم على ذلك ببكاء الملكة فريدة في أيامها الأخيرة «رددت أمامي أنها لو كانت تعرف حجم هذا الغضب الشعبي بسببها لتمسكت بزوجها الملك ، فقد قال لها أشقاؤها وأقاربها أنها سبب الثورة التي أنهت حكم الأسرة العلوية .
وقالت الملكة فريدة أيضا كما تروي الدكتورة لوتس : إنها لو كانت معه عندما طرده الضباط وسيطروا على الحكم، لدافعت عن عرشه وأقنعته بعدم توقيع وثيقة التنازل ، فالحرس الملكي كان لا يزال يؤيده وقادرا على حماية بقائه .
وتصفها لوتس بأن الملكة السابقة فريدة سيدة فاضلة ومحتشمة ومتمسكة بالتقاليد وتملك المبادئ والقيم وسليلة أسرة كبيرة ، وكان أبوها ذو الفقار باشا رئيس محكمة الإسكندرية ، وقد تعرف الملك عليها عندما كانت تأتي إلى القصر مع أمها التي عملت وصيفة لوالدته الملكة نازلي ، وتزوجها الملك وعمرها 16 عاما فقط .
ويذكر عن الملك فريدة ، انه عند وفاة الملك فاروق اصرت على ان يدفن فى مصر كما قال فى وصيته وطلبت من رئيس الجمهوريه انور السادات ، ووافق على طلبها وحققت وصية زوجها السابق ، واقامت له جنازة فى القاهره وسارت خلفه وسمع نحيبها كل من كان بالجنازه بكائها على زوجها السابق الملك فاروق .