وفي الملاذ

[الإكليل*]

وفي الملاذ
تتهجا روحي معاني لا تقال
كأن السكون هناك لا يصمت
بل ينصت
وفي الملاذ
لا يطرقني ضوء ولا يشهقني ظل
اكون كما لم اكن
وكأن الغياب انكمش
وكأن وجعي تأدب
هناك
انزع قلبي من لغتي
واتعلم الصمت من حجر لم يشتك
واراني في عيني مراة لا تعكسني
وفي الملاذ
لا يحتاج القلب الى وطن
يكفيه ان يصدق نفسا
لم يخذل

 

[الإكليل*]

وفي الملاذ
ينام التعب على كتف الخيال
وتصير الذكرى خفيفة
كأنها لم تمس القلب
ولا مرّت على خاصرة الوجع
وفي الملاذ
تنكمش الحروف
وتذوب المعاني
وتضيع الحكاية
كأن كل شيء كان مجرد صدى
وانتهى قبل ان يبدأ
هناك
يصير الانتظار بلا اسم
والوقت بلا عقارب
والشوق بلا صوت

 

[الإكليل*]

وفي الملاذ
تهرم الدروب بلا مشي
ولا يتبع اثرها احد
تتهاوى الخطى
كأنها لم تولد على ارض
وفي الملاذ
تتعطل الجهات
ويكف البحر عن الارتطام
وتغفو الريح
كأن الكون نسي دوره
وارتاح
هناك
ارفع يدي ولا اطلب
اتنفس ولا احيا
افكر ولا اصل
وفي الملاذ
اراني بلاي
اراني بسلام
اراني كما لم يعرفني احد

 

[الإكليل*]

وفي الملاذ
كل شيء ساكن
حتى الوجع
حتى الدعاء
حتى الامل المتعب
وفي الملاذ
القلوب لا ترتجف
والعيون لا تنتظر
والحنين يخلع عباءته
ويمضي كأنه لم يكن
هناك
تنطوي الحكايات
وتتوقف الاسئلة عن الجري
وتنام الاجوبة قرب رماد بعيد
وفي الملاذ
يسكنني برد لا يلسع
ونور لا يلمع
وصوت لا يسمع
هناك
لا وداع
لا رجوع
لا بدايات
ولا ندم
فقط
فراغ يعرفني
وسكون يحتويني
ومكان يشبه قلبي
حين توقف عن الطرق

 

[الإكليل*]

وفي الملاذ
كل الاشياء تفقد اسماءها
الهواء لا يسمى
الليل لا يعترف
الارض لا تشير الى جهة
وفي الملاذ
ارتمي كفكرة سقطت من عقل الزمن
لا تذكرها الكتب
ولا يحن لها الورق
اغوص
كأنني حرف خرج من جملة ميتة
كأنني نفس تخلى عنها صدر
كأنني سؤال تائه في فم مقفل
وفي العمق
ينكسر الضوء بلا صوت
وتتفتت الذاكرة كخشب قديم
وترتجف الروح لا من الخوف
بل من ان لا يكون هناك من يهم
اغوص
ولا ابحث
ولا اصرخ
ولا انجو
ففي هذا القاع
لا نجاة ولا هلاك
بل شيء رمادي
كأنه رحم الكون
او قبره
اغوص
وكلما نزلت
تقل ملامحي
وتخف اوزاني
حتى اصبح
نقطة بلا معنى
في جملة لم تكتب

 

[الإكليل*]

اغوص
حتى يتخلى الظل عني
ويهرب اسمي من لساني
ويصير وجهي بلا ملامح
كأنني لم اكن يوما اثرا في حياة
اغوص
حتى يذوب الصوت داخلي
ويجف الكلام
وتنكمش في صدري كل الصيحات
التي لم تُقال
هناك
تسقط ذاكرتي
كشجرة في خريف مكرر
وتتساقط الوجوه
واحدا
واحدا
واحدا
حتى يبقى وجه الغياب
هو المألوف الوحيد
وفي العمق الأعمق
لا احد
لا شيء
لا زمن
سوى قلبي
يخبط ببطء
كأن الحياة لم تعد تهمه
ولا الموت يغريه
استدير الى نفسي
اخلع عني كل احتمالاتي
واذوب في الفراغ
لا كبطل
ولا كمنكسر
بل ككائن
أخير
سكن الملاذ
وانتهى

 

[ندى الورد]

مساحة تعج بجمال المعاني
وقلم االاكليل سنكون هنا بالتأكيد