المسرحية الشعرية
الطابور
....

....
المشهد الأول: الطابور
( إضاءة خافتة وجوه مكفهرة
تصطف أصوات خطوات ثقيلة )
الجوقة ( بصوت واحد ):
نحنُ أبناءُ الغُبار
نقفُ في الصفِّ طائعين
نبحثُ عن ضحكةٍ مُعلّبة
كي نُخفي بها مقابرَ أرواحِنا
الأول .. يتقدم:
أكرهُ هذا الانتظار
أشعر أن وجهي يتدلّى
مثلُ قناعٍ مُهترئٍ
في مسرحٍ فارغ
..
المشهد الثاني: القناع
( رجل يتسلّم ابتسامة ويعلّقها )
الثاني ..ساخراً:
ها قد ابتسمتُ أخيراً!
لكن لماذا تؤلمني خدودي؟
كأنني أجبرتُ عضلاتي
على رفع أثقالٍ لا تحتمل
الثالث ( متهكماً ):
لا تقلق
ستتعلّم الضحكَ بالتقسيط
اليوم قناع
وغداً وجهٌ جديد
تُصدّره الشركةُ الكبرى للسعادة
الجوقة:
ابتسم .. ابتسم
حتى لو أنّ قلبك
يسيرُ على عكّازين
---
المشهد الثالث: السوق
( امرأة تتقدم تضحك ضحكة مصطنعة )
المرأة:
انظروا إليَّ
ها أنا سعيدة!
ضحكتي تُشبه إعلاناتِ معجون الأسنان
لكن فمي جافّ
ولساني مقطوع
الرابع ( من آخر الصف ):
وهل نسمي هذه حياة؟
أن نبيعَ ملامحَنا
كما تُباع الأحذيةُ البالية
أن نشتري ضحكةً جاهزة
ونخزّن دموعَنا في المستودع
الجوقة ( بصوت متصاعد ):
ضحكاتٌ للبيع
أقنعةٌ للبيع
والأرواحُ بلا سعر
---
المشهد الرابع: الانفجار
( يعلو صوت جدل بعضهم يخلع القناع ويلقيه أرضاً )
الأول ( غاضباً ):
لا ..
لن أضحكَ بأمرِ أحد
ولن أشتري قناعاً جديداً
وجهي حزين .. فليكن
على الأقل صادقٌ
كدمعةٍ تسقطُ في الليل
الثاني ( مرتبكاً ):
لكن الناس .. سيظنونني غريباً
سيشيرون إليّ قائلين:
ذلك العابسُ لا يصلحُ لزمننا
الأول ( ساخراً ):
دعهم يضحكون
ضحكاتُهم صدىً معدنيٌّ
وأنا ما زلتُ أحتفظُ
بجدارٍ من صمتٍ يحميني
---
المشهد الخامس: الخاتمة
( الجوقة تصطف أمام صورة الوجه المبتسم على الحائط تتردد أصوات متناقضة بين الضحك والبكاء )
الجوقة ( منقسمة نصفين ):
– نصفٌ يضحك بصوت عالٍ متصنّع:
هاهاهاهاها ..
نصفٌ يبكي بصوت خافت
آه آه آه آه ..
( الأصوات تتداخل حتى يصبح الضحك بكاءً والبكاء ضحكاً .. ينطفئ الضوء
و فجأة يسدل الستار )
..
سيدتي عهود منسية
عود أحمد
وموضوع شيق
ابدعتِ في وصف الصورة
وهذا هو عهدنا بكِ
وبحرفكِ اللامع
دمتِ راقية الحضور
تحياتي