ميس
نــزاري الحــرف
-
- إنضم
- 10 فبراير 2023
-
- المشاركات
- 8,523
-
- مستوى التفاعل
- 2,135
- مجموع اﻻوسمة
- 4
عند مفترق المساء ( خاص بالمسابقة )

.
.
عند مفترق المساء
كانت المدينة تتهيّأ لابتلاع ليلٍ جديد،
والريح تسري بين الأزقّة كأنها تهمس بذكرياتٍ لم يعد أحد يُصغي إليها.
عند زاويةٍ منسية، حيث تتقاطع الظلال وتغفو المصابيح،
وقفت إلَيـا،
حقيبتها العتيقة تتدلّى من يدٍ خذلها الصبر، ومعطفها الرمادي يلتصق بجسدٍ أنهكته القرارات المؤجَّلة.
في الطرف المقابل،
تجمّد عُمَران تحت شرفةٍ عتيقة،
عيناه تتعلّقان بها كما يتعلّق الغريق بآخر خيطٍ من ضوء.
لم يقل شيئًا، فالصمتُ
بينهما كان أبلغ من كلّ وداع.
من نافذةٍ علويةٍ سطع ضوءٌ خافت،
ظهر خلفه ظلّ إنسانٍ ساكنٍ كذكرى،
يراقب المشهد من عتمةٍ لا تعنيه،
كأن البيوت نفسها تشهد على
رحيل من أحبّت دون أن تملك حقّ الاعتراض.
رفعت إلَيـا بصرها للحظة،
التقت عيناها بعينيه — نظرةٌ واحدة فقط،
لكنها كانت كفيلة بأن تُعيد إلى
كليهما عمرًا كاملاً من الندم والرجاء.
قال عمران بصوتٍ واهنٍ تكسّره الحسرة:
«ألَا مجال لتأجيل الرحيل؟»
أجابت بنبرةٍ باردةٍ كالمساء:
«الرحيل لا يُؤجَّل يا عمران… إنّما نحن الذين تأخّرنا في الفَهم.»
ثم استدارت،
وسارت على الحجارة الصامتة
التي حفظت وقع خطواتها الأولى،
وتركت وراءها ظلًّا يشيخ في مكانه،
ومدينـةً تزداد اتّساعًا
كلّما مضى فيها قلبان
في طريقين مختلفين.
وفي النافذة البعيدة،
ظلّ الضوء معلّقًا،
يشهد على مساءٍ
انكسر فيه الحنين،
وعلى امرأةٍ لم تعد تعرف:
هل كانت تُغادره
أم تُغادر ما تبقّى من نفسها
انتهــى
او ربمـا لا
ميساء
.
.
التعديل الأخير:
اعضاء الغابة العربية شاهدوا ايضا
اسم الموضوع : عند مفترق المساء ( خاص بالمسابقة )
|
المصدر : قصص من ابداع الاعضاء


