تراتيل حرف
ملائكية حرف
-
- إنضم
- 5 يونيو 2022
-
- المشاركات
- 10,475
-
- مستوى التفاعل
- 18,917
- مجموع اﻻوسمة
- 8
"على طاولة الصمت"
..
"على طاولة الصمت"

.
إلى صديقي البعيد ..
كيف حالك يا صديق الصمت،
يا من أحنّ إلى مشاركته حول طاولة السكوت؟
لا زلت أذكر بعد كل تلك السنين،
كيف التقينا صدفةً،
وكأن ضيق الحياة وزحام طرق الغربة
جمعتنا على نفس الطريق،
فجرفتنا سيول المدينة التي كنت تسكنها،
لنستريح على ذات الطاولة،
بلا كلمات، بلا عناوين.
لم نتبادل حديثًا إلا من خلال النظرات،
وكل يومٍ كان يمر كان ينسج لغةً سرّيةً بيننا،
لغتنا كانت الصمت والتأمل في الفراغ الذي يسكننا.
حتى الدقائق الخانقة التي عشناها،
دفنت في صدورنا أحاديث كثيرة،
ابتلعناها كما يبتلع البحر أصدافه،
وكأننا نحمل مقابر صامتة في قلوبنا،
مليئة بأحلام لم تُكتب، وبكلمات لم تُنطق.
يا صديقي،
ألم تشعر أحيانًا أن تلك المقابر تتسع أكثر مما يجب؟
ألا تحنّ لزيارة موتى حديثنا،
الذين كفنّاهم بصمتنا؟
ألا تود أن ترشّ قبور ذكرياتنا بحضورك،
لتتأكد أن شيئًا من روحنا ما زال حيًّا،
رغم كل الفقدان؟
ألا تتلو سورة الفاتحة على أوجاع السنين الأخيرة، لتطمئن روح الذكريات أن لها مكانًا بيننا؟
كم كنت أشتاق لصوتك،
حتى لو كان مجرد همس ينساب بين أهداب الغياب،
وكم كنت أريد أن أمسك يدك،
ليس كلمسة،
بل كإشارة بأننا لا زلنا نعيش داخل عالم واحد،
رغم أن المسافات فرّقتنا.
لقد صار الصمت بيننا مكتظًا بما لم يُقال،
مكتظًا بالحنين،
مكتظًا بأسئلة لم تجد جوابًا.
أحيانًا أستدعيك في أحلامي،
وأجلس معك على نفس الطاولة،
نضحك بلا سبب، نبكي بلا دموع،
نتحدث بلا كلمات،
فقط لنشعر أننا لم نفقد كل شيء.
وها أنا اليوم،
أرسل إليك هذه الكلمات،
علّها تصل إلى حيث تكون،
علّها تجد قلبك المفتوح،
وتذكّرك بصدفة جمعتنا،
بمكان صغير في مدينة بعيدة،
وبلحظة لم تمحُها السنون.
ربما لا تأتي الردود،
وربما يبقى الصمت سيد المكان،
لكنّي سأظل أكتب،
سأظل أزرع الذكريات في صفحاتي،
وأصنع من كل ألم صديقًا،
ومن كل فراغ حضورك البعيد.
فهل تسمعني يا صديقي؟
أم أنّك مشغول بصمتك
الذي عرفناه منذ أول لقاء؟
لا بأس،
سأبقى أنتظر الصباح، وأنتظرك،
وأنتظر كلماتك،
وأنتظر صمتك الذي أصبح لغةً أفقها الأمل، ومراسيه الذكرى.
وفي النهاية، حتى لو ابتعدت،
سأظل أحملك في صمتي،
كأثرٍ ناعم يضيء لي أيامي.
بقلمي تراتيل حرف
نوفمبر
(2 / 11 / 2025)م
"على طاولة الصمت"

.
إلى صديقي البعيد ..
كيف حالك يا صديق الصمت،
يا من أحنّ إلى مشاركته حول طاولة السكوت؟
لا زلت أذكر بعد كل تلك السنين،
كيف التقينا صدفةً،
وكأن ضيق الحياة وزحام طرق الغربة
جمعتنا على نفس الطريق،
فجرفتنا سيول المدينة التي كنت تسكنها،
لنستريح على ذات الطاولة،
بلا كلمات، بلا عناوين.
لم نتبادل حديثًا إلا من خلال النظرات،
وكل يومٍ كان يمر كان ينسج لغةً سرّيةً بيننا،
لغتنا كانت الصمت والتأمل في الفراغ الذي يسكننا.
حتى الدقائق الخانقة التي عشناها،
دفنت في صدورنا أحاديث كثيرة،
ابتلعناها كما يبتلع البحر أصدافه،
وكأننا نحمل مقابر صامتة في قلوبنا،
مليئة بأحلام لم تُكتب، وبكلمات لم تُنطق.
يا صديقي،
ألم تشعر أحيانًا أن تلك المقابر تتسع أكثر مما يجب؟
ألا تحنّ لزيارة موتى حديثنا،
الذين كفنّاهم بصمتنا؟
ألا تود أن ترشّ قبور ذكرياتنا بحضورك،
لتتأكد أن شيئًا من روحنا ما زال حيًّا،
رغم كل الفقدان؟
ألا تتلو سورة الفاتحة على أوجاع السنين الأخيرة، لتطمئن روح الذكريات أن لها مكانًا بيننا؟
كم كنت أشتاق لصوتك،
حتى لو كان مجرد همس ينساب بين أهداب الغياب،
وكم كنت أريد أن أمسك يدك،
ليس كلمسة،
بل كإشارة بأننا لا زلنا نعيش داخل عالم واحد،
رغم أن المسافات فرّقتنا.
لقد صار الصمت بيننا مكتظًا بما لم يُقال،
مكتظًا بالحنين،
مكتظًا بأسئلة لم تجد جوابًا.
أحيانًا أستدعيك في أحلامي،
وأجلس معك على نفس الطاولة،
نضحك بلا سبب، نبكي بلا دموع،
نتحدث بلا كلمات،
فقط لنشعر أننا لم نفقد كل شيء.
وها أنا اليوم،
أرسل إليك هذه الكلمات،
علّها تصل إلى حيث تكون،
علّها تجد قلبك المفتوح،
وتذكّرك بصدفة جمعتنا،
بمكان صغير في مدينة بعيدة،
وبلحظة لم تمحُها السنون.
ربما لا تأتي الردود،
وربما يبقى الصمت سيد المكان،
لكنّي سأظل أكتب،
سأظل أزرع الذكريات في صفحاتي،
وأصنع من كل ألم صديقًا،
ومن كل فراغ حضورك البعيد.
فهل تسمعني يا صديقي؟
أم أنّك مشغول بصمتك
الذي عرفناه منذ أول لقاء؟
لا بأس،
سأبقى أنتظر الصباح، وأنتظرك،
وأنتظر كلماتك،
وأنتظر صمتك الذي أصبح لغةً أفقها الأمل، ومراسيه الذكرى.
وفي النهاية، حتى لو ابتعدت،
سأظل أحملك في صمتي،
كأثرٍ ناعم يضيء لي أيامي.
بقلمي تراتيل حرف
نوفمبر
(2 / 11 / 2025)م
اعضاء الغابة العربية شاهدوا ايضا
اسم الموضوع : "على طاولة الصمت"
|
المصدر : خواطر بريشة الاعضاء


