-
- إنضم
- 2 يونيو 2024
-
- المشاركات
- 3,842
-
- مستوى التفاعل
- 2,117
-
- العمر
- 41
-
- الإقامة
- في عالم موازي
- مجموع اﻻوسمة
- 10
الإيمان المشروط
الإيمان المشروط… حين نعبد الله طالما يُعطينا.
كلّنا نحب الله في النعمة،لكن القليل منّا يبقى على الحبّ في المنع.
نقول في السراء: “يا رب، الحمد لك.”
فإذا تأخر الفرج، تغيّر الصوت إلى: “لماذا أنا؟”
بعض القلوب لا تُدرك أنها لا تؤمن بالله،بل تؤمن بعطاياه.
فإذا جفّ النبع، جفّ الدعاء.
وإذا ضاق الرزق، ضاق الصبر.
وإذا ابتلاها الله لتختبر صدقها،
أظهرت أن محبتها كانت صفقة، لا عبادة.
الإيمان ليس عقدًا بينك وبين الله،بل عهدُ حبٍّ بلا شروط.
أن تعبده سواء أتاك أو أمسك،
أن تقول في الضيق كما في الفرح: “رضيتُ يا ربّ بما كتبت.”
كم من إنسانٍ صلى ما دام الله يُعطيه،فإذا حُرم شيئًا، ترك الصلاة وهو يقول: “تعبت.”
وكم من امرأةٍ كانت تذكر الله كل ليلة،
فلمّا تأخّر زواجها، نامت على ضيقٍ وسخطٍ.
وكم من رجلٍ كان يقول: “رزقي على الله”،
فلمّا أُغلق باب الرزق، صار يلوم القدر بدل أن يسجده.
لا تختبر حبّك لله في النور،بل حين يُطفئ عنك النور لتعرف هل عبدتَ الضوء أم صاحبه.
هل كنت تُصلّي لأنك ترتاح، أم لأنك تحبّ أن يراك الله راكعًا؟
هل كنت تُطيع لأنك تنتظر العطاء،
أم لأنك خائفٌ أن تُقصى من رضاه؟
الله لا يُبطئ الإجابة لأنه نسيك،بل لأنك نسيت أنك تدعوه لا لتأخذ… بل لتقترب.
يؤخّر العطاء لتفهم أن السجود قيمةٌ بحدّ ذاته،
لا وسيلةٌ للوصول إلى الأمنية.
بعض الناس يعبدون الله وكأنه موظّف أمنيات:“أعطني زواجًا، وظيفة، ذرية، راحة.”
فإذا لم يُجب، غضبوا وكأنهم يستحقون عليه ردّ الجميل.
لكن الله لا يُعاملنا كطالبي خدمات،
بل كأرواحٍ يربيها على الحبّ الخالص.
الإيمان الحقّ أن تقول في البلاء كما تقول في العطاء:“الحمد لله.”
أن لا يتغيّر لسانك مع تغيّر أحوالك،
ولا يبهت وجهك حين يُغلق باب.
فربّ الباب المغلق هو الباب نفسه الذي سيفتح لك الجنة إن صبرت.
قال بعض الصالحين:“عبدنا الله خوفًا، فذلك عبيد.
وعبدناه طمعًا، فذلك تجّار.
ثم عبدناه حبًا، فذلك أحرار.”
فاسأل نفسك: في أي مرحلة أنت؟
الإيمان المشروط ليس إيمانًا،بل اختبارٌ فاشلٌ في لباس عبادة.
هو أن تقول: “سأرضى ياربّ… فقط إن أعطيتني.”
وكأنك نسيت أن الذي أعطاك القدرة على الدعاء،
قادرٌ أن يعطيك ما هو أعظم من الأمنية… الرضا.
إذا أردت أن تعرف مقامك عند الله،فانظر كيف تكون حين لا يُعطيك ما تريد.
هل تظلّ على السجادة تبكي حبًا؟
أم تتركها غضبًا؟
هل تقول: “قدّر الله وما شاء فعل.”
أم تقول: “لماذا أنا؟”
الله لا يختبرك ليرى إن كنت تُحبّه،بل ليرى هل تُحبّه في كل حال.
إن كنت تعبده لأنك ترتاح، فإيمانك مؤقت.
لكن إن عبدته وأنت مكسور، فأنت من أوليائه.
فاجعل إيمانك لله لا للحال،واحبّه لأنه الله، لا لأنه يعطيك الله.
وحين تتأخر الإجابة، ابتسم بهدوءٍ وقل:
“اللهم اختر لي، فإني أثق بك أكثر مما أثق بقلبي.”
فالإيمان الذي لا يُختبر لا يُسمى إيمانًا،ومن بقي في السجود حتى بعد المنع،
هو من عرف الله… لا فقط عرف نعمه.
اعضاء الغابة العربية شاهدوا ايضا
اسم الموضوع : الإيمان المشروط
|
المصدر : قسم الغابة الاسلامي
