-
- إنضم
- 2 يونيو 2024
-
- المشاركات
- 3,840
-
- مستوى التفاعل
- 2,113
-
- العمر
- 41
-
- الإقامة
- في عالم موازي
- مجموع اﻻوسمة
- 10
حين يحبك الله ♥
ماذا لو أحبّك الله؟ كيف ستتغيّر ملامحك، ونبضك، ونظرتك لكل ما حولك؟
حين يحبّك الله، لا تتغيّر الدنيا حولك… بل يتغيّر قلبك تجاهها.
تستيقظ على الهمّ نفسه، لكن صدرك صار أوسع، وتُواجه الألم نفسه، لكن روحك صارت أهدأ.
لأن الله إذا أحبّ عبدًا، أنزل عليه سكينةً تُطفئ ما يعصف بداخله دون أن يزول الخارج حوله.
فتصبح كل خطوةٍ لك مرصودةً بلطف، كل تعثّرٍ محسوبًا لتعلّم، كل تأخيرٍ مقدّمةً لعطاءٍ أكبر.
الناس تراها مصادفات، وأنت وحدك ترى يدًا ترتّب كل تفصيلٍ بصمتٍ رحيم.
وحين يراك الله صادقًا في ضعفك، يجعل من كسرك طريقًا إلى كمالك.
ذلك هو الحبّ الحقيقي… لا يُشعرك بالقوة، بل يُعلّمك السكون في حضرة القدرة.
أن تبكي دون أن يعرف أحد، وأن تبتسم رغم أنك لم تنَل ما تريد.
يُربّيك بالمنع كما يُربّيك بالعطاء،
ويُظهر حنانه في التفاصيل التي تمرّ بك ولا تلتفت إليها.
ربما في بلاءٍ صبرتَ عليه فطهّرك،
أو طريقٍ أغلقه دونك فأنقذك،
أو فكرةٍ ألهمك بها فغيّرت مسارك دون أن تدري.
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا ﴾
فإذا أحبّك الله، لم يحتج أن يُخبرك الناس، بل زرع حبّك في قلوبهم دون أن تنطق.
يُفتح لك القبول بلا مجهود، وتُحاط بودٍّ لا تفسّره الأسباب،
لأن الله إذا أحبّ عبدًا، جعله نورًا يمشي بين الناس،
لا يطلب شيئًا… لكنه يُؤثّر في كل شيء.
تصير أقلّ صخبًا، أكثر رُقيًّا في الصبر،
تعرف متى تسكت، ومتى تمضي، ومتى تترك الأمر كله له.
وحين تُرهقك الأيام، لا تبحث عن مخرجٍ بقدر ما تبحث عن معنى،
فتكتشف أن البلاء لم يكن ضدك، بل معك،
كان يصنع فيك ما لم تصنعه السهولة أبدًا.
قد يحرمه ليتطهّر، وقد يُؤلمه ليقترب،
لكنّه لا يتركه أبدًا.
ذلك هو الفرق بين من يُبتلى غضبًا، ومن يُبتلى حبًّا.
الأول يُقصى ليُؤدَّب،
والثاني يُقرَّب ليُنقَّى.
كم مرة ظننت أن الله قسا عليك، ثم اكتشفت بعد حين أنه أنقذك؟
كم مرة ضاق صدرك، ثم جاء الفرج من حيث لم تحتسب؟
كم مرة قلت: “انتهى كل شيء”، ثم فتحت الحياة أمامك بابًا لم تره؟
هذا هو الحبّ الذي لا يُرى… لكنه يُحسّ في العظام.
يكفي أن تأتيه مكسورًا، فيُعيدك سليمًا.
أن تبكي بصمتٍ، فيكتب لك فرحًا لا تدري من أين أتى.
أن تقول: “يا رب، ما لي سواك”،
فيُريك أنه كان معك منذ البداية.
بل بالتبدّل الهادئ في روحك:
أن تترك ما كان يؤذيك دون معركة،
أن تبتسم في وجعك لأنك فهمت الحكمة،
أن تخاف من فقد القرب أكثر من فقد الرزق،
وأن تدعو لا لأنك محتاج، بل لأنك مشتاق.
وإذا كفاك، أغناك عن كل شيءٍ سواه.
فما من قلبٍ أحبّه الله إلا وسقاه من طمأنينةٍ لا تُشبه سواها.
يأتيك الحبّ كنسمةٍ في ليلٍ ضاق صدرك فيه،
كإشراقةٍ في قلبٍ أنهكه الانتظار،
كطمأنينةٍ لا تفسير لها… سوى أنه ما زال يحبّك.
وحين تدرك ذلك، لن تطلب منه شيئًا بعد الآن،
بل ستقول كما قال العارفون قبلك:
"حسبـي أن يحبّني الله."
اعضاء الغابة العربية شاهدوا ايضا
اسم الموضوع : حين يحبك الله ♥
|
المصدر : قسم الغابة الاسلامي



