-
- إنضم
- 2 يونيو 2024
-
- المشاركات
- 3,967
-
- مستوى التفاعل
- 2,339
-
- العمر
- 41
-
- الإقامة
- في عالم موازي
- مجموع اﻻوسمة
- 10
عندما يتركك الله... لنفسك
أخطر ما في الذنب أنك تعصي الله،
لكن أخطر ما في الغرور أنك تستغني عن الله.
فالذنب يُنكِسر به القلب… والكسر بابٌ لرحمته،
أما الغرور فيُصلِّبك حتى لا ترى الباب أصلًا.
المذنب يقول: «يا رب… ضعفت.»
أما المغرور فيقول — بلا صوت —: «يا رب… استغنيت.»
ولهذا يُغفر للعاصي ألف مرّة إذا رجع،
لكن من رأى نفسه مستغنيًا… تركه الله لنفسه،
وتلك — والله — أقسى عقوبة.
بينما أشدّه خطرًا: الكِبر على الله…
كبرٌ خفيّ لا يُقال باللسان، بل يتسلل في داخلك بلا صوت:
تظن أنك تحافظ على الصلاة بقوة عزيمتك،
وتنسى أن الذي رفعك من فراشك هو الله لا أنت.
وتظن أنك تصوم لأنك “ثابت”،
وتغفل أن القدرة على الصوم ليست من إرادتك… بل من توفيقه.
وتظن أنك تغض بصرك لأنك “ملتزم”،
وتنسى أن طرف العين لو تُرك لنفسه لحظة…
لرأيتَ كم أنك أضعف مما تتخيّل.
هذا هو الغرور الذي لا يصرخ،
بل ينساب في القلب كالهواء،
يهمس لك بطمأنينة زائفة:
"أنت بخير… أنت قوي… لن تسقط."
وما إن يستريح القلب لهذه الهمسات،
حتى ينسحب التوفيق ببطء،
فيرتجف الإنسان أمام أول فتنة،
ويهتزّ أمام أول شهوة،
ويكتشف أن خطواته التي كان يفتخر بها…
لم تكن من قوته يومًا.
فالذنب يوقظ ويُعيدك إلى الباب.
الخطر… أن تظن أنك ثابت بلا عون الله،
أن ترى الطاعة منك،
والقرب من إرادتك،
والاستقامة من قوتك…
وكأنك تمشي وحدك بلا سند.
بل شعور داخلي مخادع:
أنك “آمن”،
وأنك تجاوزت مرحلة السقوط،
وأن الذنوب التي كسرت غيرك… “لن تكسرني”.
هذا الإحساس… هو السمّ.
وهذا الاطمئنان… هو بداية الهلاك.
عندما تُنهي عملًا صالحًا وتقول في قلبك:
"لو لم أكن ملتزمًا… لما استطعت فعل هذا."
عندما تتوب من ذنب وتظن أنك أغلقت بابه إلى الأبد،
ثم تبتلى بلحظة واحدة… فينهار الباب أمامك.
عندما تسمع سقوط الآخرين فتقول:
"لا يمكن أن يحصل لي مثلهم."
ثم يريك الله أنك كنت الأقرب للسقوط…
لولا سترٌ لا تعرفه.
عندما ترى نفسك أفضل من الأمس،
وتنسى أن الفضل لم يكن فيك…
بل في لطفٍ أبقاك واقفًا دون أن تفهم كيف.
لا يسقط العبد لأن الفتنة قوية،
بل لأنه ظنّ نفسه قويًا وحده.
«لن أسقط.»
«هذه ليست معصيتي.»
«أنا ثابت… انتهت أيام الضعف.»
فاعلم أنك على حافة الطريق.
اسجد فورًا وقل:
«يا رب… لا تكلني إلى نفسي ولو لطرفة عين.»
ولا الطاعة من قوتك،
ولا السلامة من يقظتك…
بل من يدٍ لو رُفعت عنك لحظة،
لرأيت ضعفك كاملًا،
وعرفت — متأخرًا — أن الله كان هو الذي يمسكك طوال الطريق.
لأنك لو عرفت كيف يسقط الإنسان حين يُترك لنفسه، لتمسّكت بيده كلَّ لحظةٍ كالغريق
اسم الموضوع : عندما يتركك الله... لنفسك
|
المصدر : قسم الغابة الاسلامي


