-
- إنضم
- 20 نوفمبر 2025
-
- المشاركات
- 6,514
-
- مستوى التفاعل
- 689
- مجموع اﻻوسمة
- 2
ديك الجن الحمصي... حين صار الحب نصلًا والشعر كفّارة
في زمن الخلافة العباسية .
وُلد عبد السلام بن رغبان، المعروف بـ"ديك الجن"، شاعر حمص الذي لم يكن يشبه أحدًا،
لا في لغته، ولا في مصيره.
أحبّ ديك الجن "ورد"، جارية نصرانية، فأسلمت وتزوّجها،
وكان الحب بينهما نارًا لا تخبو.
لكن حين غاب ليكسب قوتًا، دسّ له أحدهم سمّ الشك،
فعاد وفي قلبه خنجر، وفي يده آخر.
قتلها، ثم اكتشف أن ما بلغه كان كذبًا، وأنها كانت له وحده، قلبًا وجسدًا.
ندم ديك الجن، لكن الندم لا يُعيد الحياة،
فكتب فيها شعرًا يقطر وجعًا، كأن كل بيتٍ منه محاولة غفران،
وكل قافية اعترافٌ لا يُقال إلا بعد فوات الأوان.
إليكم مشهدًا تخيليا قصيرًا يعيد تصوير
لحظة ندم ديك الجن الحمصي، بعد أن قتل محبوبته "ورد"
في غرفةٍ ضيقةٍ من ضوءٍ خافت، جلس ديك الجن وحده،
والليل ينسدل على قلبه كما ينسدل على المدينة.
كانت يداه ترتجفان، لا من البرد، بل من الذنب.
أمامه رقعة من ورق، وريشةٌ لا تكتب، بل تنزف.
كلما حاول أن يكتب، سال الحبر كدمٍ لا يتوقف.
همس لنفسه، كأنما يعتذر للفراغ:
"يا وردُ، ما أنتِ إلا زهرةٌ ذبحتُها بيدي
فهل يغفر الترابُ ما اقترفتهُ الجراح؟"
ثم كتب، بصوتٍ يشبه البكاء:
"جسَّ الطبيبُ يدي جهلًا فقلتُ لهُ
إنَّ المحبّةَ في قلبي فخلِّ يدي"
تذكّر عينيها حين كانت تضحك، وتذكّر كيف صدّق الوشاية،
وكيف لم يسألها، لم يمنحها فرصةً واحدة للنجاة.
قام من مجلسه، وسار نحو النافذة، ينظر إلى السماء،
كأنما يبحث عن وجهها بين النجوم.
قال:
"قتلْتُها، وقتلتُ في قلبي الحياة
فهل يُبعثُ الحُبُّ بعد أن يُدفن؟"
ثم جلس، وكتب آخر ما استطاع أن يبوح به:
"يا قاتلي ما ذنبي سوى
أنني أحببتُك حبًّا لا يُحتملُ"
وفي تلك اللحظة، لم يكن ديك الجن شاعرًا،
بل كان رجلًا يكتب على قبرٍ، لا على ورق.
وكان الشعر، لا وسيلة للتفاخر، بل كفّارةٌ لا تكفيها القصائد.
"وآنِسَةٍ عَذْبِ الثّنايا وجدتُها
على خُطّةٍ فيها لِذي اللُّبِّ مَتْلَفُ
فَأَصْلَتُ حَدَّ السّيفِ في حُرِّ وَجْهِهَا
وقَلْبِي عليها مِنْ جَوى الوَجْدِ يَرْجفُ
فَخَرَّتْ كما خَرَّتْ مَهَاةٌ أَصابَها
أَخُو قَنَصٍ مُسْتَعْجِلٌ مُتَعَسِّفُ
سَيَقْتُلُني حُزْناً عليها تَأسُّفِي
وهَيهاتَ ما يُجْدِي عَلَيَّ التّأَسُّفُ"
بقلم العقاب
التعديل الأخير:
اعضاء الغابة العربية شاهدوا ايضا
اسم الموضوع : ديك الجن الحمصي... حين صار الحب نصلًا والشعر كفّارة
|
المصدر : منتدى الشعر الشعبي
