وليد الراشد
نجوم المنتدي
-
- إنضم
- 1 يونيو 2025
-
- المشاركات
- 1,078
-
- مستوى التفاعل
- 329
- مجموع اﻻوسمة
- 2
كَثَافَتُهَا تَغْمُرُنِي

كثافَتُهَا ليست جسداً يُلامس،
ولا صوتاً يُسجَّل على لسان الزمن،
بل هي سقوط الضوء في غياهب العدم،
امتداد بلا شاطئ، بلا غد، بلا مراسٍ،
تغمرني كما يغمر البحر صمت الصخور،
وأنا، كالهواء المحاصر بين أغصان الأزل،
أتعلّم كيف أتنفس في لهيبها،
وكيف أصير مكانها،
وكيف يكون حضوري مجرد صدى من نور.
كل كلمةٍ منها انعكاسٌ على أوتار الصمت،
يمزج حرارة الروح بمرارة الغياب،
ألمسها في انعكاس ظلي على ماءٍ لا يعرف الأمواج،
أشمها في عبير كتابٍ يسرد الحقيقة،
وأرى وجهي في عينيها،
كما يرى الليل ذاته في قلب القمر،
كما يسمع الصمت نغمةً لم يولدها صوت.
هي كثيفة كسماءٍ صافيةٍ لا تعرف الغيم،
ثقيلة كصمتٍ يملأ المدن بعد الهزائم،
خفيفة كهمسةٍ تختلس اللحظة من الزمن،
وفي كل مرةٍ تختفي فيها،
تتركني أبحث عن صدى،
عن أثرها،
عن نبضةٍ لا أمتلكها إلا حين أستسلم لها.
أغرق فيها كما يغرق الشعر في صمت القصيدة،
أحملها على جسدي كما يحمل المطر أوراق الأرض،
أتعلّم كيف أكون مأوى لها،
وكيف أكون صدى صوتها حين تسكنني،
وكيف أغنيها بلا لحن،
وأصنع طيفها من فراغ الموسيقى،
وأنسجه من ترانيم سمفونية الوجود.
كثافَتُهَا تغمرني،
فلا أعود إلى حيث كنت،
لأن كثافتها صارت جسدي وروحي وصمتي،
وصارت كل الزمن،
وصارت الكون وكلّ ما وراءه كائن،
وصارت، بالطبع، أنا.
وليد الراشد
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
اعضاء الغابة العربية شاهدوا ايضا
اسم الموضوع : كَثَافَتُهَا تَغْمُرُنِي
|
المصدر : خواطر بريشة الاعضاء



