ما السر وراء زيادة غاز الأوزون الأرضي مع بداية الإغلاق الشامل؟
رغم انخفاض الانبعاثات إثر حالة الإغلاق الشامل في العالم، فإن نسبة الأوزون الأرضي سجلت ارتفاعا ملحوظا في شتاء وربيع عام 2020 في شمال الصين.
لفيروس كورونا تبعات ضارة أخرى تتعلق بزيادة غاز الأوزون الأرضي (بيكساباي وويكيبيديا - ياتكو)
تسببت عمليات الإغلاق الشامل إثر انتشار فيروس كورونا مطلع العام الماضي في انخفاض تلوث الهواء في جميع أرجاء العالم. ورغم انخفاض مستويات الملوثات الأخرى، سجلت بكين وشمال الصين زيادة كبيرة في مستويات الأوزون الأرضية، التي قد تحمل آثارا صحية ضارة.
وعلى النقيض من الأكسجين (O2)، فإن الأوزون غاز سامّ شديد التفاعل وذو آثار صحية ضارة. إذ يتفاعل الأوزون الأرضي مع الملوثات المُختَلَطة الموجودة في الهواء مثل الهيدروكربونات والأكاسيد النيتروجينية، فضلا عن تفاعله مع المركبات العضوية المتطايرة في الغلاف الجوي المنتجة من الوقود الأحفوري، ويُنتِج مجموعة كبيرة من الشقوق الكيميائية شديدة النشاطية، التي تبدأ بدورها سلسلة من التفاعلات مع مكونات الغلاف الجوي.
وتضطلع أكاسيد النيتروجين -الناتجة عن الوقود الأحفوري أيضا- بدور في زيادة هذه التفاعلات المتسلسلة. ومن المعروف أن ارتفاع نسبة الأوزون الأرضي يرتبط بزيادة مستويات المركبات العضوية المتطايرة وكذلك أكاسيد النيتروجين.
تقي طبقة الأوزون العليا الأرض من أشعة الشمس الضارة (ويكيبيديا – إيه لووس نكتاي)
ورغم توقف أشكال الحياة اليومية المعتادة في شمال الصين في أوائل عام 2020 التي صاحبها انخفاض انبعاثات أكاسيد النيتروجين بنسبة بلغت من 60% إلى 70%، فإن مستويات الأوزون ظلت مرتفعة.
ولا يعدّ هذا أمرا مستهجنا على تلك المنطقة التي شهدت زيادة في تلوث الأوزون قبل 5 سنوات. غير أن هذه الزيادة كانت في أشهر الصيف، ولم تكن ممتدة من أواخر الشتاء مرورا بالربيع كما شوهدت في العام الماضي. ولذا فإن اللاعب الجديد، "كوفيد-19″، قد يساعدنا على فهم أسباب هذه الزيادة.
وحديثا صدرت دراسة متعلقة أجراها علماء من "كلية هارفارد أ. جون بولسون للهندسة والعلوم التطبيقية"(Harvard John A. Paulson School of Engineering and Applied Sciences) و"جامعة نانجينغ لعلوم وتكنولوجيا المعلومات" (Nanjing University of Information Science & Technology).
وقد عزت الدراسة المنشورة في دورية "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم" (Proceedings of the National Academy of Sciences)، في 9 من مارس/آذار الحالي، السبب في زيادة نسبة الأوزون في أشهر الشتاء والربيع إلى أكاسيد النيتروجين والمركبات العضوية المتطايرة.
رغم حالة الإغلاق الشامل فإن مستويات الأوزون الأرضية ظلت مرتفعة (بيكساباي)
وحسب البيان الصحفي الذي نشرته جامعة هارفارد، يقول دانيال جيكوب المؤلف المشارك في الدراسة إن "الإغلاق منحنا فرصة غير مُتعَمَّدة لمعرفة أسباب الزيادة المفاجئة للأوزون رغم انخفاض الانبعاثات".
وفي دراسة سابقة وجد الباحثون أن الجسيمات الدقيقة المُعَلَّقة في الهواء -التي يبلغ نصف قطرها نحو 2.5 ميكرومتر- تعمل كإسفنجة تمتص الشقوق الكيميائية المسؤولة عن تفاقم مستويات الأوزون الأرضية. كما خلص الباحثون إلى أن سياسات الحكومة الصينية التي خَفَّضَت من هذه الجسيمات المُعَلَّقة قد أدت إلى زيادة التلوث الناجم عن ارتفاع نسبة الأوزون الأرضي، خاصة في المدن الكبرى.
وفي الدراسة الحالية توصل الفريق إلى أن أكاسيد النيتروجين تضطلع بدور مماثل أثناء فصل الشتاء، وذلك بامتصاصها الشقوق النشطة ومنعها من تكوين الأوزون الأرضي. ومن ثم فإن انخفاض مستويات أكاسيد النيتروجين -سواء كان ذلك تدريجيا نتيجة سياسات الحد من التلوث، أو فجأة نتيجة الإغلاق- سيزيد الشقوق النشطة التي يمكنها التفاعل مع المركبات العضوية المتطايرة، وينتج مزيدا من الشقوق النشطة مرة أخرى التي تزيد مستويات الأوزون الأرضي.
التحكم في المركبات العضوية المتطايرة سيحدّ من موسم الأوزون الأرضي (بيكساباي)
ولهذا، فإن الدراسة الحالية تشير إلى أهمية إجراء مزيد من البحوث اللازمة لفهم مصادر وأنواع المركبات العضوية المتطايرة من أجل تنظيم انبعاثاتها. وهو ما يؤكد عليه هونغ لياو، كبير باحثي الدراسة في جامعة نانجينغ، قائلا إن "التحكم في انبعاثات المركبات العضوية المتطايرة سيحدّ من تزايد موسم الأوزون الأرضي، مما قد يؤتي بثماره على نسبة التلوث وعلى الصحة العامة وإنتاج المحاصيل".
لفيروس كورونا تبعات ضارة أخرى تتعلق بزيادة غاز الأوزون الأرضي (بيكساباي وويكيبيديا - ياتكو)
تسببت عمليات الإغلاق الشامل إثر انتشار فيروس كورونا مطلع العام الماضي في انخفاض تلوث الهواء في جميع أرجاء العالم. ورغم انخفاض مستويات الملوثات الأخرى، سجلت بكين وشمال الصين زيادة كبيرة في مستويات الأوزون الأرضية، التي قد تحمل آثارا صحية ضارة.
منفعة أم مَضرَّة؟
يوجد الأوزون -وصيغته الكيميائية O3- بشكل طبيعي في طبقة الغلاف الجوي العليا المعروفة بـ"ستراتوسفير" (Stratosphere). ورغم الوظيفة الحيوية التي تضطلع بها طبقة الأوزون العليا في حمايتنا من الأشعة فوق البنفسجية، فإن الأوزون قد يوجد أيضا في طبقة الـ"تروبوسفير" (Troposphere) السفلى الملاصقة للأرض، ويعرف باسم الأوزون التروبوسفيري أو الأوزون الأرضي (Tropospheric ozone).وعلى النقيض من الأكسجين (O2)، فإن الأوزون غاز سامّ شديد التفاعل وذو آثار صحية ضارة. إذ يتفاعل الأوزون الأرضي مع الملوثات المُختَلَطة الموجودة في الهواء مثل الهيدروكربونات والأكاسيد النيتروجينية، فضلا عن تفاعله مع المركبات العضوية المتطايرة في الغلاف الجوي المنتجة من الوقود الأحفوري، ويُنتِج مجموعة كبيرة من الشقوق الكيميائية شديدة النشاطية، التي تبدأ بدورها سلسلة من التفاعلات مع مكونات الغلاف الجوي.
وتضطلع أكاسيد النيتروجين -الناتجة عن الوقود الأحفوري أيضا- بدور في زيادة هذه التفاعلات المتسلسلة. ومن المعروف أن ارتفاع نسبة الأوزون الأرضي يرتبط بزيادة مستويات المركبات العضوية المتطايرة وكذلك أكاسيد النيتروجين.
تقي طبقة الأوزون العليا الأرض من أشعة الشمس الضارة (ويكيبيديا – إيه لووس نكتاي)
زيادة غير مفهومة
ورغم توقف أشكال الحياة اليومية المعتادة في شمال الصين في أوائل عام 2020 التي صاحبها انخفاض انبعاثات أكاسيد النيتروجين بنسبة بلغت من 60% إلى 70%، فإن مستويات الأوزون ظلت مرتفعة.
ولا يعدّ هذا أمرا مستهجنا على تلك المنطقة التي شهدت زيادة في تلوث الأوزون قبل 5 سنوات. غير أن هذه الزيادة كانت في أشهر الصيف، ولم تكن ممتدة من أواخر الشتاء مرورا بالربيع كما شوهدت في العام الماضي. ولذا فإن اللاعب الجديد، "كوفيد-19″، قد يساعدنا على فهم أسباب هذه الزيادة.
وحديثا صدرت دراسة متعلقة أجراها علماء من "كلية هارفارد أ. جون بولسون للهندسة والعلوم التطبيقية"(Harvard John A. Paulson School of Engineering and Applied Sciences) و"جامعة نانجينغ لعلوم وتكنولوجيا المعلومات" (Nanjing University of Information Science & Technology).
وقد عزت الدراسة المنشورة في دورية "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم" (Proceedings of the National Academy of Sciences)، في 9 من مارس/آذار الحالي، السبب في زيادة نسبة الأوزون في أشهر الشتاء والربيع إلى أكاسيد النيتروجين والمركبات العضوية المتطايرة.
رغم حالة الإغلاق الشامل فإن مستويات الأوزون الأرضية ظلت مرتفعة (بيكساباي)
ضرر ثنائي الوجه
وحسب البيان الصحفي الذي نشرته جامعة هارفارد، يقول دانيال جيكوب المؤلف المشارك في الدراسة إن "الإغلاق منحنا فرصة غير مُتعَمَّدة لمعرفة أسباب الزيادة المفاجئة للأوزون رغم انخفاض الانبعاثات".
وفي دراسة سابقة وجد الباحثون أن الجسيمات الدقيقة المُعَلَّقة في الهواء -التي يبلغ نصف قطرها نحو 2.5 ميكرومتر- تعمل كإسفنجة تمتص الشقوق الكيميائية المسؤولة عن تفاقم مستويات الأوزون الأرضية. كما خلص الباحثون إلى أن سياسات الحكومة الصينية التي خَفَّضَت من هذه الجسيمات المُعَلَّقة قد أدت إلى زيادة التلوث الناجم عن ارتفاع نسبة الأوزون الأرضي، خاصة في المدن الكبرى.
وفي الدراسة الحالية توصل الفريق إلى أن أكاسيد النيتروجين تضطلع بدور مماثل أثناء فصل الشتاء، وذلك بامتصاصها الشقوق النشطة ومنعها من تكوين الأوزون الأرضي. ومن ثم فإن انخفاض مستويات أكاسيد النيتروجين -سواء كان ذلك تدريجيا نتيجة سياسات الحد من التلوث، أو فجأة نتيجة الإغلاق- سيزيد الشقوق النشطة التي يمكنها التفاعل مع المركبات العضوية المتطايرة، وينتج مزيدا من الشقوق النشطة مرة أخرى التي تزيد مستويات الأوزون الأرضي.
التحكم في المركبات العضوية المتطايرة سيحدّ من موسم الأوزون الأرضي (بيكساباي)
ولهذا، فإن الدراسة الحالية تشير إلى أهمية إجراء مزيد من البحوث اللازمة لفهم مصادر وأنواع المركبات العضوية المتطايرة من أجل تنظيم انبعاثاتها. وهو ما يؤكد عليه هونغ لياو، كبير باحثي الدراسة في جامعة نانجينغ، قائلا إن "التحكم في انبعاثات المركبات العضوية المتطايرة سيحدّ من تزايد موسم الأوزون الأرضي، مما قد يؤتي بثماره على نسبة التلوث وعلى الصحة العامة وإنتاج المحاصيل".
اسم الموضوع : ما السر وراء زيادة غاز الأوزون الأرضي مع بداية الإغلاق الشامل؟
|
المصدر : هل تعلم