أبو بشر متى بن يونس .. الفيلسوف المنطقي
أقبل على دراسة الكتب الأجنبية وخاصة اليونانية، وترجمتها وكتابة شروح لها
من هو متى بن يونس ؟
هو أبو بشر متى بن يونس القنائي، فيلسوف، منطقي، ومترجم نسطوري من بغداد، عاش في زمن الخليفة الراضي بالله، وهو من ساكني بلدة قنا في ضواحي العاصمة العباسية. عرف بتضلُّعه في علوم المنطق إذ كان أعلم أهل زمانه بالمنطق اليوناني وأكثر العلماء تشبتاً واهتماما بهذا العلم، وله فيه كتابات ومناظرات، من أشهرها مناظرته التاريخية مع أبي سعيد السيرافي.
دراسته:-
نشأ أبو بشر القنائي في أسرةٍ نصرانية وتلقّى تعليمه الأولي في مدرسة «قار ماري» على أيدي الراهبين “روبيل” و”بنيامين”، بعد ذلك درس ابن متى المنطق على يد أبي إسحاق إبراهيم القويري المنطقي المعروف.والى جانب دراسته للمنطق؛ أجاد متى بن يونس كُلًّا من اللغة السريانية، والعربية، واليونانية، ما مكنه من الإقبال على دراسة الكتب الأجنبية وخاصة اليونانية، وترجمتها وكتابة شروح لها.
اكتسب علوماً وفيرة في وقت مبكر.
مرتبته العلمية:-
استلم علامتنا رئاسة المنطق في عصره، وتخرَّج على يديه علماء وفلاسفة حملوا شعلته، نذكر من بينهم يحيى بن عدي الفيلسوف المنطقي، والذي استلم منصب أستاذه في رئاسة المنطق بعد وفاته، ثم الفيلسوف المعروف الفارابي.لقد شُغل ابن متى في حياته بنقل تصانيف أرسطو، وفرفريوس، وثامسطيوس، والإسكندر الأفروديسي، وشرحها وتبسيطها لكل مهتم بالفلسفة والمنطق اليوناني، وقد ساعده في ذلك معرفته الجيدة باللغة اليونانية والسريانية، إذ ترجم ابن متى كتب عديدة من السريانية الى العربية، من أهمها كتاب “البرهان” لإسحاق بن حنين.
وقد عُرف أبو بشر ببساطة لغته وأسلوبه السهل في شرح القضايا المنطقية والفلسفية رغم تعقيدها وصعوبتها، وفي هذا الصدد قال ابن خلكان في الحديث عن الفارابي: “كان حسن العبارة في تأليفه، لطيف الإشارة، وكان يستعمل في تصانيفه البسط والتذييل، حتى قال بعض علماء هذا الفن: “ما أرى أبا نصر الفارابي أخذ طريق تفهيم المعاني الجزلة بالألفاظ السهلة إلا من أبي بشر”.
المناظرة التاريخية مع السيرافي :-
جرت المناظرة التاريخية بين أبي سعيد السيرافي ومتى بن يونس في بغداد وذلك سنة 326 هـ (937 م) بمجلس الوزير الفضل بن جعفر بن الفرات. وقد كان مدار المناظرة العلمية حول اللغة و المنطق الأرسطي.لقد علَق النقاد على مناظرة أبي سعيد السيرافي ومتى بن يونس بأنها أكثر من مناظرة علمية، بل تكمن حقيقة المناظرة في أنها صِدام حضاري وصراع فكري أبستمولوجيا بين الثقافتين العربية الاسلامية والثقافة المنطقية اليونانية.
وبؤرة الحجاج في المناظرة هي ادعاء مّتى بن يونس “أن لا سبيل إلى معرفة الحق من الباطل والصدق من الكذب، والخير من الشر، والحجة من الشبهة، والشك من اليقين، إلا بالمنطق”، بينما حاول السيرافي في هذه المناظرة التدليل على أن النحو هو منطق اللغة و وبالتالي فإن المنطق الأرسطي إن هو إلَّا نحو اللغة اليونانية، و بما أن العربية لها نحوها ومنطقها فان الحاجة إلى المنطق أو النحو الأرسطي تنتفي جراء ذلك.
ولم يتنازل متى ابن يونس عن فكرة تعظيم المنطق وحاجة النحويين إليه وعدم استغنائهم عنه وأن النحو لا يمكن أن يقوم إلا على المنطق باعتباره آلة الكلام رغم هجمات السيرافي المتكررة وظهوره بمظهر الحاذق الماهر في الحوار وطرح الأسئلة، اضافة الى تدخل التوحيدي في المناظرة وميله الواضح لوجهة نظر السيرافي.
وقد وضحت المناظرة فكرة التعصب للنحو العربي وإعلاء مكانة العرب والمسلمين والثقافة العربية وذلك من خلال آراء الوزير ابن الفرات وأبي حيان التوحيدي الذي أوصل لنا هذه المناظرة من خلال كتابيه “المقايسات” و”الإمتاع والمؤانسة”.
أبو بشر القنائي عاش في مدينة بغداد.
من مؤلفاته:-
صنف متى بن يونس عدداً من المؤلفات أغلبها تراجم لأعمال يونانية أو سريانية، وأخرى تفاسير وشروح لتصانيف يونانية. نذكر من هذه المؤلفات:● تفسير “الكتب الأربعة في المنطق”.
● كتاب “المقاييس الشرطية”.
● شرحه لكتاب “الإيساغوجي” لفرفيريوس الصوري وهو كتاب من ترجمة ابن المقفع.
● ترجمته لكتاب الشعر “التراجيديا” لأرسطو من السريانية بعد أن ترجمه إليها إسحاق بن حنين من اليونانية.
اعضاء الغابة العربية شاهدوا ايضا
اسم الموضوع : أبو بشر متى بن يونس .. الفيلسوف المنطقي
|
المصدر : علماء ومفكرين