مؤيد
نجوم المنتدي
ماضي
ماضي ( 1 )
كان يعلم مدى صعوبة ما يمر به قبل أن يقرر الدخول فيه ، لكن بالنسبة له لم يكن هناك مفر ، فهذا هو مصيره المحتوم .بعد أن عاد من الخارج إلى بيته مع صديقه أيمن ، جلس على السرير وأخذ وضع النوم بعد أن غطى قدمه بالغطاء ، أمسك بهاتفه ثم نادى على أيمن بأن يأتي له بكوب من الماء ، أخذ يقلب في رسائل الواتس على هاتفه محدثا نفسه :
– معقول هي لحد دلوقتي بتحبني ، أعمل إيه ثاني ، ليه مش قادرة تفهم اننا مينفعش نكمل سوا ، انا مش عاوز اجرحها ، بس لازم عشان تاخد قرار زي ده انها تسيبني اني اجرحها ، و الله عشانها مش علشاني .
رن الهاتف قاطعا حديثه ، وكانت هي المتصلة ، وتابع حديثه مع نفسه :
– اهون عليا بشوفها تكرهني ولا اني اشوف حبها ليا بيتحول لعطف .
يغير من ملامح وجهه ويقوم من نومه ساندا ظهره إلى الخلف ، ويرد عليها :
– آلو .
– ايوة يا حبيبي ، انت كويس ؟
– آها كويس .
– انت فين من امبارح طيب ، معقول كل ده مسمعتش او مشفتش رناتي ؟
– لا ما أخذتش بالي !
– إزاي يعني ؟
– هو ايه اللي إزاي يعني ؟
ماضي ( 2 )
– ايوة كنت بتعمل ايه شاغلك كدة ؟– كنت برة .
– مع مين ؟
– هو ايه اللي مع مين ؟ هو تحقيق ولا ايه ؟
– ولا تحقيق ولا حاجة ، هو انا غلطانة عشان عاوزة اطمن عليك .
– لا أصل حاجة تخنق .
– أنا بقيت خنقة يا ماضي .
– ايوة بصراحة ، كل دقيقة رسالة ، وكنت فين ومع مين ؟
– على فكرة انت اللي كنت مبسوط قبل كدة اني بعمل كدة ، انت بقيت متغير معايا ليه ، مابقتش قادرة افهمك .
– آها الأسطوانة اشتغلت بقى ، وايه كمان .
– انت عارف آخر مرة شفنا بعض فيها كانت امته ، او حتى اتكلمنا مع بعض زي الناس .
– عادي يعني .
– ماضي ، احنا نعرف بعض بقالنا كام سنة ؟
– هيفرق في حاجة معاكي يعني ، مبقتش اعد .
– بقالنا 3 سنين ، والمفروض إنك كنت قايلي ان خلاص الدنيا بدأت تتحسن معاك وربنا رزقك بقرشين كويسين وكان المفروض تيجي تقابل أخويا من أربع شهور .
– لا مش هينفع الموضوع ده دلوقتي ، الفلوس اللي كانت معايا ايمن اخدها عشان امه حتعمل عملية .
– يعني ايمن وأمه اهم مني .
– مفيش مقارنة أصلا .
– انا خلاص مبقتش عارفة اعمل ايه مع اهلي وانت مسبتليش فرصة حتى اني اقف معاك ، وانت دلوقتي بتقول كلام مش قادرة افهمه .
– عادي اللي انتي شايفاه اعمليه .
– ده اللي ربنا قدرك عليه ، انا مستهلش كل ده منك على فكرة .
– هنرجع للأسطوانة دي ثاني ، اه يا ستي ده اللي ربنا قدرني عليه ، وبلاش تظلمي نفسك مع واحد زيي ، وربنا يرزقك باللي احسن مني ، سلام .
ماضي ( 3 )
يغلق الهاتف والدموع تملأ عينيه ، يلقي الهاتف بجانبه ، ويفاجأ بأيمن يفتح الباب بهدوء ، يشعر ماضي بالقيء فيلقي نفسه ناحية طرف السرير ، ويخرج ما بجوفه في جردل ، يساعده أيمن على الاعتدال والجلوس في مكانه ، وينظر إليه بنظرة عتاب ، لكن ماضي يرد عليه قبل أن يتحدث :– ده اللي كان لازم يحصل من زمان يا ايمن .
– لا مكنش لازم يحصل على فكرة ، البنت بتحبك وانت عارف ده كويس ، يا اخي على الاقل كنت تكلمها بأسلوب أحسن من كدة .
– لو أسلوب أحسن من كدة مش هتبعد ، مش حتكرهني .
– انت غلطان يا صاحبي ، انت الحمد لله بتتحسن ، كان ممكن تقولها الحقيقة ، وهي جدعة مكنتش هتسيبك .
– عشان جدعة ومش هتسيبني مش لازم اقولها اللي فيا ، اهون علي تكرهني لكن مشفش حبها ليا بيتحول لعطف وشفقة .
– انت ليه شايف كدة بس ؟
– اقولك ليه ، عشان دي .
يكشف الغطاء عن قدمه ، يحملها بيده ويضعها على الأرض ، يحاول الوقوف لكنه يسقط على الأرض ، يسرع إليه أيمن فيسنده واضعا قدمه خلف ظهره ، وينظر إليه ماضي متحدثا :
– العلاج مش بيجيب نتيجة يا ايمن ، السرطان بياكل في عضمي ، وفي أي وقت ممكن أموت ، ليه أخليها تعيش معايا في الوضع ده ، ملهاش ذنب .
– وملهاش ذنب برده انها حبتك يا ماضي .
– بس حيبقى علي انا ذنب اني أخليها تعيش حياتها وتضيع شبابها مع واحد عاجز .
– لو هي مكانك كنت هتسيبها ؟
– لا ! أنا راجل اقدر اصرف عليها واستحمل ، واشيلها في المحنة دي ، هي هتجيب فلوس منين عشان تصرف عليا وفنفس الوقت ترعاني ، ده ظلم ليها ، وانا ممكن ارضى باي حاجة ولا اني اشوفها تعبانة .
ماضي ( 4 )
يمسك ماضي يد أيمن ويحاول الجلوس على السرير مرة أخرى ويكمل كلامه :– صدقني يا ايمن كدة احسن ليها ، وهي مع الوقت هتنساني وربنا هيبعتلها اللي يعوضها ويسعدها ويعيشها عيشة كويسة .
ينام ، ويضع أيمن الغطاء مرة أخرى على قدمه .
بعد مرور عام :
يركب ماضي السيارة مع صديقه ايمن ، امامه يوجد جواب مفتوح ، يمسك ماضي الورقة التي كانت بداخله ، يقرأها والجمود على وجهه ، مكتوب فيها :
” انا دلوقتي في لبنان ، مع جوزي ، ايوه جوزي يا ماضي ، ممكن مكنش بحبه دلوقتي ، لكن على الأقل هو بيحبني ومستعد يعمل اي حاجة عشاني ، بحاول اني أنساك ، لكن مش هخبي عليك مش قادرة ، جلساتي مع الدكتور النفسي اللي انت كنت السبب اني اعملها ، كانت من نتايجها ان الهروب مش هيفيد في حاجة .
وعشان اتعالج منك لازم اواجهك ، وانا عاوزة اتعالج منك ، ومش عاوزة اخون جوزي بمجرد التفكير فيك ، عشان كده بعتلك الجواب ده ، اتمنالك حياة سعيدة بجد زي اللي انت ادتهاني دلوقتي يا ماضي ” .
أمسك ماضي بالورقة ، كومها في يده ، وأشار إلى أيمن أن يقف بالسيارة .
نزل ماضي من السيارة ، يقف على قدميه ، وبيده اليمنى عكاز يستند عليه ، وبيده الأخرى الجواب ، أشار إلى صديقه بأن ينتظر في السيارة يريد أن يكون منفردا مع نفسه ، مشى قليلا وهو يتحدث مع نفسه :
” كنت مستني ايه ، تستناك ، تستحملك ، انت غبي ، لا ، انا مش غبي ، اي حد في مكاني كان يعمل كدة ، بس ممكن واحد من اللي في مكاني دول يبقى باصص ان في امل ، انا اهو مموتش وواقف على رجلي ( يرمي بالعكاز في الهواء ) اخذت ايه يعني ، اخذت ايه ” .
يرفع وجهه للسماء ، ويطلق صرخات عالية يصاحبها بكاء شديد ، ويسقط على الأرض وهو ينظر إلى الجواب في يده .
اعضاء الغابة العربية شاهدوا ايضا
اسم الموضوع : ماضي
|
المصدر : قصص من ابداع الاعضاء