تواصل معنا

تفسير ابن كثير @@@@@@@ ( يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) [الجمعة : 1]...

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,927
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )

تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) [الجمعة : 1]

تفسير سورة الجمعة وهي مدنية .

عن ابن عباس ، وأبي هريرة :
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين .
رواه مسلم في صحيحه .

يخبر تعالى: أنه يسبح له ما في السماوات وما في الأرض ، أي : من جميع المخلوقات ناطقها وجامدها ، كما قال :
( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ) [ الإسراء : 44 ]

ثم قال : ( الملك القدوس ) أي : هو مالك السماوات والأرض المتصرف فيهما بحكمه ، وهو ( القدوس ) أي : المنزه عن النقائص ، الموصوف بصفات الكمال ( العزيز الحكيم ) تقدم تفسيره غير مرة .
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,927
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )

تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) [الجمعة : 2]
وقوله تعالى :
( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم ) الأميون هم : العرب كما قال تعالى :
( وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد ) [ آل عمران : 314 ]
وتخصيص الأميين بالذكر لا ينفي من عداهم ، ولكن المنة عليهم أبلغ وآكد ، كما في قوله :
( وإنه لذكر لك ولقومك ) [ الزخرف : 44 ]
وهو ذكر لغيرهم يتذكرون به .
وكذا قوله :
( وأنذر عشيرتك الأقربين ) [ الشعراء : 214 ]
وهذا وأمثاله لا ينافي قوله تعالى :
( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ) [ الأعراف : 158 ]
وقوله : ( لأنذركم به ومن بلغ ) [ الأنعام : 19 ]
وقوله إخبارا عن القرآن :
( ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده ) [ هود : 17 ] ، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على عموم بعثته صلوات الله وسلامه عليه إلى جميع الخلق أحمرهم وأسودهم ، وقد قدمنا تفسير ذلك في سورة الأنعام ، بالآيات والأحاديث الصحيحة ، ولله الحمد والمنة .

وهذه الآية هي مصداق إجابة الله لخليله إبراهيم حين دعا لأهل مكة أن يبعث الله فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة . فبعثه الله سبحانه وتعالى وله الحمد والمنة ، على حين فترة من الرسل ، وطموس من السبل ، وقد اشتدت الحاجة إليه ، وقد مقت الله أهل الأرض عربهم وعجمهم ، إلا بقايا من أهل الكتاب - أي : نزرا يسيرا - ممن تمسك بما بعث الله به عيسى ابن مريم عليه السلام ; ولهذا قال تعالى :
( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين )
وذلك أن العرب كانوا قديما متمسكين بدين إبراهيم الخليل عليه السلام فبدلوه وغيروه ، وقلبوه وخالفوه ، واستبدلوا بالتوحيد شركا وباليقين شكا ، وابتدعوا أشياء لم يأذن بها الله وكذلك أهل الكتابين قد بدلوا كتبهم وحرفوها وغيروها وأولوها ، فبعث الله محمدا صلوات الله وسلامه عليه بشرع عظيم كامل شامل لجميع الخلق ، فيه هدايتهم ، والبيان لجميع ما يحتاجون إليه من أمر معاشهم ومعادهم ، والدعوة لهم إلى ما يقربهم إلى الجنة ، ورضا الله عنهم ، والنهي عما يقربهم إلى النار وسخط الله . حاكم ، فاصل لجميع الشبهات والشكوك ، والريب في الأصول والفروع . وجمع له تعالى ، وله الحمد والمنة جميع المحاسن ممن كان قبله ، وأعطاه ما لم يعط أحدا من الأولين ، ولا يعطيه أحدا من الآخرين ، فصلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين .
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,927
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )

تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الجمعة : 3]
وقوله :
( وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم )
قال الإمام أبو عبد الله البخاري رحمه الله .
حدثنا عبد العزيز بن عبد الله ، حدثنا سليمان بن بلال ، عن ثور ، عن أبي الغيث ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال :
كنا جلوسا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنزلت عليه سورة الجمعة : ( وآخرين منهم لما يلحقوا بهم ).
قالوا : من هم يا رسول الله ؟
فلم يراجعهم حتى سئل ثلاثا ، وفينا سلمان الفارسي فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده على سلمان ثم قال :
" لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال - أو : رجل - من هؤلاء " .
ورواه مسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وابن أبي حاتم ، وابن جرير من طرق عن ثور بن زيد الديلي ، عن سالم أبي الغيث ، عن أبي هريرة به

ففي هذا الحديث دليل على أن هذه السورة مدنية ، وعلى عموم بعثته - صلى الله عليه وسلم - إلى جميع الناس ; لأنه فسر قوله : ( وآخرين منهم ) بفارس ولهذا كتب كتبه إلى فارس ، والروم ، وغيرهم من الأمم ، يدعوهم إلى الله عز وجل ، وإلى اتباع ما جاء به ; ولهذا قال مجاهد وغير واحد في قوله : ( وآخرين منهم لما يلحقوا بهم ).
قال : هم الأعاجم ، وكل من صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير العرب .

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبي ، حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا أبو محمد عيسى بن موسى ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد الساعدي ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" إن في أصلاب أصلاب أصلاب رجال من أصحابي رجالا ونساء من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب " ثم قرأ : ( وآخرين منهم لما يلحقوا بهم ) يعني : بقية من بقي من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - .

وقوله : ( وهو العزيز الحكيم ) أي : ذو العزة والحكمة في شرعه وقدره .
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,927
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )

تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الجمعة : 4]
وقوله : ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) يعني : ما أعطاه الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - من النبوة العظيمة ، وما خص به أمته من بعثته - صلى الله عليه وسلم - إليهم .

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹

( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) [الجمعة : 5]
يقول تعالى ذاما لليهود الذين أعطوا التوراة وحملوها للعمل بها ، فلم يعملوا بها ، مثلهم في ذلك كمثل الحمار يحمل أسفارا ، أي : كمثل الحمار إذا حمل كتبا لا يدري ما فيها ، فهو يحملها حملا حسيا ولا يدري ما عليه . وكذلك هؤلاء في حملهم الكتاب الذي أوتوه ، حفظوه لفظا ولم يفهموه ولا عملوا بمقتضاه ، بل أولوه وحرفوه وبدلوه ، فهم أسوأ حالا من الحمير ; لأن الحمار لا فهم له ، وهؤلاء لهم فهوم لم يستعملوها ; ولهذا قال في الآية الأخرى :
( أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ) [ الأعراف : 179 ]
وقال ها هنا :
( بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين )

وقال الإمام أحمد رحمه الله :
حدثنا ابن نمير ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب ، فهو كمثل الحمار يحمل أسفارا ، والذي يقول له: " أنصت " ، ليس له جمعة ".
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,927
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) [الجمعة : 6]
ثم قال تعالى :
( قل ياأيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ) أي : إن كنتم تزعمون أنكم على هدى ، وأن محمدا وأصحابه على ضلالة ، فادعوا بالموت على الضال من الفئتين ( إن كنتم صادقين ) فيما تزعمونه .

🌹🌹🌹🌹🌹🌹

( وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) [الجمعة : 7]
قال الله تعالى :
( ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم ) أي : بما يعملون لهم من الكفر والظلم والفجور ، ( والله عليم بالظالمين ).
وقد قدمنا في سورة " البقرة " الكلام على هذه المباهلة لليهود حيث قال تعالى :
( قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملون ) [ البقرة : 94 - 96 ].
وقد أسلفنا الكلام هناك وبينا أن المراد أن يدعوا على الضال من أنفسهم أو خصومهم ، كما تقدمت مباهلة النصارى في آل عمران :
( فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) [ آل عمران : 61 ].
ومباهلة المشركين في سورة مريم :
( قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا ) [ مريم : 75 ]

وقد قال الإمام أحمد :
حدثنا إسماعيل بن يزيد الرقي أبو يزيد ، حدثنا فرات ، عن عبد الكريم بن مالك الجزري ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال :
قال أبو جهل لعنه الله : إن رأيت محمدا عند الكعبة لآتينه حتى أطأ على عنقه .
قال : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" لو فعل لأخذته الملائكة عيانا ، ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم من النار . ولو خرج الذين يباهلون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجعوا لا يجدون مالا ولا أهلا .
رواه البخاري ، والترمذي ، والنسائي من حديث عبد الرزاق ، عن معمر ، عن عبد الكريم به قال البخاري :
" وتبعه عمرو بن خالد ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الكريم " .
ورواه النسائي أيضا عن عبد الرحمن بن عبد الله الحلبي ، عن عبيد الله بن عمرو الرقي به أتم.
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,927
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )

تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [الجمعة : 8]
وقوله تعالى :
( قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون )
كقوله تعالى في سورة النساء :
( أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ) [ النساء : 78 ]

وفي معجم الطبراني من حديث معاذ محمد بن محمد الهذلي ، عن يونس ، عن الحسن ، عن سمرة مرفوعا :

" مثل الذي يفر من الموت كمثل الثعلب تطلبه الأرض بدين ، فجاء يسعى حتى إذا أعيا وانبهر دخل جحره ، فقالت له الأرض : يا ثعلب ديني . فخرج له حصاص ، فلم يزل كذلك حتى تقطعت عنقه ، فمات " .
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,927
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) [الجمعة : 9]
إنما سميت الجمعة جمعة ; لأنها مشتقة من الجمع ، فإن أهل الإسلام يجتمعون فيه في كل أسبوع مرة بالمعابد الكبار وفيه كمل جميع الخلائق ، فإنه اليوم السادس من الستة التي خلق الله فيها السماوات والأرض .
وفيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة ، وفيه أخرج منها . وفيه تقوم الساعة .
وفيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يسأل الله فيها خيرا إلا أعطاه إياه كما ثبتت بذلك الأحاديث الصحاح

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا عبيدة بن حميد ، عن منصور ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن قرثع الضبي ، حدثنا سلمان قال : قال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم - :
" يا سلمان ما يوم الجمعة ؟ " .
قلت : الله ورسوله أعلم .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يوم جمع فيه أبواك - أو أبوكم "

وقد روي عن أبي هريرة من كلامه ، نحو هذا ، فالله أعلم .

وقد كان يقال له في اللغة القديمة يوم العروبة .
وثبت أن الأمم قبلنا أمروا به فضلوا عنه ، واختار اليهود يوم السبت الذي لم يقع فيه خلق واختار النصارى يوم الأحد الذي ابتدئ فيه الخلق ، واختار الله لهذه الأمة يوم الجمعة الذي أكمل الله فيه الخليقة ، كما أخرجه البخاري ، ومسلم من حديث عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام بن منبه قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة قال :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا . ثم هذا يومهم الذي فرض الله عليهم ، فاختلفوا فيه ، فهدانا الله له ، فالناس لنا فيه تبع اليهود غدا ، والنصارى بعد غد " لفظ البخاري .

وفي لفظ لمسلم :
" أضل الله من كان قبلنا فكان لليهود يوم السبت ، وكان للنصارى يوم الأحد . فجاء الله بنا فهدانا الله ليوم الجمعة ، فجعل الجمعة والسبت والأحد ، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة ، نحن الآخرون من أهل الدنيا ، والأولون يوم القيامة ، المقضي بينهم قبل الخلائق " .

وقد أمر الله المؤمنين بالاجتماع لعبادته يوم الجمعة ، فقال :
( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ) أي : اقصدوا واعمدوا واهتموا في مسيركم إليها ، وليس المراد بالسعي ها هنا المشي السريع ، وإنما هو الاهتمام بها ، كقوله تعالى :
( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن ) [ الإسراء : 19 ].
وكان عمر بن الخطاب وابن مسعود رضي الله عنهما يقرآنها : " فامضوا إلى ذكر الله " . فأما المشي السريع إلى الصلاة فقد نهي عنه ، لما أخرجاه في الصحيحين ، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
" إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة ، وعليكم السكينة والوقار ، ولا تسرعوا ، فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا " . لفظ البخاري

؛ وعن أبي قتادة قال :
بينما نحن نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ سمع جلبة رجال ، فلما صلى قال : " ما شأنكم ؟ " .
قالوا : استعجلنا إلى الصلاة .
قال : " فلا تفعلوا ، إذا أتيتم الصلاة فامشوا وعليكم بالسكينة فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا " . أخرجاه

وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون ، ولكن ائتوها تمشون ، وعليكم السكينة والوقار ، فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا " .

رواه الترمذي من حديث عبد الرزاق كذلك ، وأخرجه من طريق يزيد بن زريع ، عن معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة بمثله

قال الحسن أما والله ما هو بالسعي على الأقدام ، ولقد نهوا أن يأتوا الصلاة إلا وعليهم السكينة والوقار ، ولكن بالقلوب والنية والخشوع .

وقال قتادة في قوله :
( فاسعوا إلى ذكر الله ) يعني : أن تسعى بقلبك وعملك ، وهو المشي إليها ، وكان يتأول قوله تعالى :
( فلما بلغ معه السعي ) [ الصافات : 102 ] أي : المشي معه .
روي عن محمد بن كعب ، وزيد بن أسلم وغيرهما نحو ذلك .

ويستحب لمن جاء الجمعة أن يغتسل قبل مجيئه إليها ، لما ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل "

ولهما عن أبي سعيد رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم "

وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" حق لله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام ، يغسل رأسه وجسده " . رواه مسلم

وعن جابر رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" على كل رجل مسلم في كل سبعة أيام غسل يوم ، وهو يوم الجمعة " . رواه أحمد ، والنسائي ، وابن حبان

وقال الإمام أحمد :
حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا ابن المبارك ، عن الأوزاعي ، عن حسان بن عطية ، عن أبي الأشعث الصنعاني ، عن أوس بن أوس الثقفي قال :
سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من غسل واغتسل يوم الجمعة ، وبكر وابتكر ، ومشى ولم يركب ، ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة أجر سنة ، أجر صيامها وقيامها " .

وهذا الحديث له طرق وألفاظ ، وقد أخرجه أهل السنن الأربعة وحسنه الترمذي

وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ، ثم راح فكأنما قرب بدنة ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة ، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر " أخرجاه

ويستحب له أن يلبس أحسن ثيابه ، ويتطيب ويتسوك ، ويتنظف ويتطهر .
وفي حديث أبي سعيد المتقدم :
" غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم ، والسواك ، وأن يمس من طيب أهله " .

وقال الإمام أحمد :
حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، عن محمد بن إسحاق ، حدثني محمد بن إبراهيم التيمي ، عن عمران بن أبي يحيى ، عن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن أبي أيوب الأنصاري : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
" من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب أهله - إن كان عنده - ولبس من أحسن ثيابه ، ثم خرج حتى يأتي المسجد فيركع - إن بدا له - ولم يؤذ أحدا ، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي ، كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى "

وفي سنن أبي داود ، وابن ماجه عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه ، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول على المنبر :
" ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته "

وعن عائشة رضي الله عنها :
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس يوم الجمعة ، فرأى عليهم ثياب النمار ، فقال : " ما على أحدكم إن وجد سعة أن يتخذ ثوبين لجمعته ، سوى ثوبي مهنته " . رواه ابن ماجه

وقوله تعالى : ( إذا نودي للصلاة ) المراد بهذا النداء هو النداء الثاني الذي كان يفعل بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج فجلس على المنبر ، فإنه كان حينئذ يؤذن بين يديه ، فهذا هو المراد ، فأما النداء الأول الذي زاده أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فإنما كان هذا لكثرة الناس ، كما رواه البخاري رحمه الله حيث قال : حدثنا آدم - هو ابن أبي إياس - حدثنا ابن أبي ذئب ، عن الزهري ، عن السائب بن يزيد قال :
كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأبي بكر ، وعمر فلما كان عثمان بعد زمن وكثر الناس ، زاد النداء الثاني على الزوراء يعني : يؤذن به على الدار التي تسمى بالزوراء ، وكانت أرفع دار بالمدينة بقرب المسجد .

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبي ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا محمد بن راشد المكحولي ، عن مكحول :
أن النداء كان في يوم الجمعة مؤذن واحد حين يخرج الإمام ، ثم تقام الصلاة ، وذلك النداء الذي يحرم عنده البيع والشراء إذا نودي به ، فأمر عثمان رضي الله عنه ، أن ينادى قبل خروج الإمام حتى يجتمع الناس .

وإنما يؤمر بحضور الجمعة الرجال الأحرار دون النساء ، والعبيد ، والصبيان ويعذر المسافر ، والمريض ، وقيم المريض ، وما أشبه ذلك من الأعذار ، كما هو مقرر في كتب الفروع .

وقوله : ( وذروا البيع ) أي : اسعوا إلى ذكر الله واتركوا البيع إذا نودي للصلاة : ولهذا اتفق العلماء رضي الله عنهم على تحريم البيع بعد النداء الثاني . واختلفوا :
هل يصح إذا تعاطاه متعاط أم لا ؟ على قولين ، وظاهر الآية عدم الصحة كما هو مقرر في موضعه ، والله أعلم .

وقوله :
( ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) أي : ترككم البيع وإقبالكم إلى ذكر الله وإلى الصلاة خير لكم ، أي : في الدنيا والآخرة إن كنتم تعلمون .
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,927
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )

تفسير ابن كثير
@@@@@@@@@

( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الجمعة : 10]
وقوله :
( فإذا قضيت الصلاة ) أي : فرغ منها ، ( فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله ) لما حجر عليهم في التصرف بعد النداء وأمرهم بالاجتماع ، أذن لهم بعد الفراغ في الانتشار في الأرض والابتغاء من فضل الله . كما كان عراك بن مالك رضي الله عنه إذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد ، فقال :
اللهم إني أجبت دعوتك ، وصليت فريضتك ، وانتشرت كما أمرتني ، فارزقني من فضلك ، وأنت خير الرازقين . رواه ابن أبي حاتم .

وروي عن بعض السلف أنه قال :
من باع واشترى في يوم الجمعة بعد الصلاة ، بارك الله له سبعين مرة ، لقول الله تعالى :
( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله )

وقوله :
( واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ) أي : حال بيعكم وشرائكم ، وأخذكم ، وعطائكم اذكروا الله ذكرا كثيرا ، ولا تشغلكم الدنيا عن الذي ينفعكم في الدار الآخرة ; ولهذا جاء في الحديث :
" من دخل سوقا من الأسواق فقال : لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير كتبت له ألف ألف حسنة ، ومحي عنه ألف ألف سيئة "

وقال مجاهد : لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيرا ، حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا .
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,927
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا ۚ قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ ۚ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [الجمعة : 11]
يعاتب تبارك وتعالى على ما كان وقع من الانصراف عن الخطبة يوم الجمعة إلى التجارة التي قدمت المدينة يومئذ ، فقال تعالى :
( وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما ) أي : على المنبر تخطب .
هكذا ذكره غير واحد من التابعين ، منهم : أبو العالية ، والحسن ، وزيد بن أسلم ، وقتادة .

وزعم مقاتل بن حيان :
أن التجارة كانت لدحية بن خليفة قبل أن يسلم ، وكان معها طبل ، فانصرفوا إليها وتركوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائما على المنبر إلا القليل منهم .
وقد صح بذلك الخبر ، فقال الإمام أحمد :
حدثنا ابن إدريس ، عن حصين ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن جابر قال : قدمت عير المدينة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب ، فخرج الناس وبقي اثنا عشر رجلا فنزلت : ( وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها )
أخرجاه في الصحيحين ، من حديث سالم به

وقال الحافظ أبو يعلى :
حدثنا زكريا بن يحيى ، حدثنا هشيم ، عن حصين ، عن سالم بن أبي الجعد ، وأبي سفيان ، عن جابر بن عبد الله قال :
بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة ، فقدمت عير إلى المدينة فابتدرها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى لم يبق مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا اثنا عشر رجلا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" والذي نفسي بيده ، لو تتابعتم حتى لم يبق منكم أحد ، لسال بكم الوادي نارا "
ونزلت هذه الآية : ( وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما ).
وقال : كان في الاثني عشر الذين ثبتوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبو بكر ، وعمر ، رضي الله عنهما .

وفي قوله : ( وتركوك قائما ) دليل على أن الإمام يخطب يوم الجمعة قائما .
وقد روى مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة قال : كانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - خطبتان يجلس بينهما ، يقرأ القرآن ويذكر الناس .

ولكن ها هنا شيء ينبغي أن يعلم وهو :
أن هذه القصة قد قيل : إنها كانت لما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقدم الصلاة يوم الجمعة على الخطبة ، كما رواه أبو داود في كتاب المراسيل :
حدثنا محمود بن خالد ، عن الوليد ، أخبرني أبو معاذ بكير بن معروف أنه سمع مقاتل بن حيان يقول :
" كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي يوم الجمعة قبل الخطبة مثل العيدين ، حتى إذا كان يوم والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب ، وقد صلى الجمعة ، فدخل رجل فقال : إن دحية بن خليفة قد قدم بتجارة يعني : فانفضوا ، ولم يبق معه إلا نفر يسير .

وقوله : ( قل ما عند الله ) أي : الذي عند الله من الثواب في الدار الآخرة ( خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين ) أي : لمن توكل عليه ، وطلب الرزق في وقته .
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,927
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )

تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

تفسير سورة الصف وهي مدنية

( سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الصف : 1]

قال الإمام أحمد رحمه الله :
حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا ابن المبارك ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة - وعن عطاء بن يسار ، عن أبي سلمة ، عن عبد الله بن سلام قال :
تذاكرنا : أيكم يأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيسأله : أي الأعمال أحب إلى الله ؟
فلم يقم أحد منا ، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلينا رجلا فجمعنا فقرأ علينا هذه السورة ، يعني سورة الصف كلها . هكذا رواه الإمام أحمد

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي ، قراءة ، قال : أخبرني أبي ، سمعت الأوزاعي ، حدثني يحيى بن أبي كثير ، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، حدثني عبد الله بن سلام . أن أناسا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا : لو أرسلنا إلى رسول الله نسأله عن أحب الأعمال إلى الله عز وجل ؟ فلم يذهب إليه أحد منا ، وهبنا أن نسأله عن ذلك ، قال : فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولئك النفر رجلا رجلا حتى جمعهم ، ونزلت فيهم هذه السورة : ( سبح ) الصف قال عبد الله بن سلام : فقرأها علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلها .
قال أبو سلمة : وقرأها علينا عبد الله بن سلام كلها ،
قال يحيى بن أبي كثير : وقرأها علينا أبو سلمة كلها .
قال الأوزاعي : وقرأها علينا يحيى بن أبي كثير كلها .
قال أبي : وقرأها علينا الأوزاعي كلها .

وقد رواه الترمذي ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي : حدثنا محمد بن كثير ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن عبد الله بن سلام قال : قعدنا نفرا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتذاكرنا ، فقلنا : لو نعلم : أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل لعملناه . فأنزل الله : " سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا " قال عبد الله بن سلام : فقرأها علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قال أبو سلمة : فقرأها علينا ابن سلام . قال يحيى : فقرأها علينا أبو سلمة . قال ابن كثير : فقرأها علينا الأوزاعي . قال عبد الله : فقرأها علينا ابن كثير .

ثم قال الترمذي : وقد خولف محمد بن كثير في إسناد هذا الحديث عن الأوزاعي ، فروى ابن المبارك ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن هلال بن أبي ميمونة ، عن عطاء بن يسار ، عن عبد الله بن سلام - أو : عن أبي سلمة ، عن عبد الله بن سلام

قلت : وهكذا رواه الإمام أحمد ، عن يعمر ، عن ابن المبارك به .

قال الترمذي : وروى الوليد بن مسلم هذا الحديث عن الأوزاعي نحو رواية محمد بن كثير .

قلت : وكذا رواه الوليد بن يزيد ، عن الأوزاعي كما رواه ابن كثير .

قلت : وقد أخبرني بهذا الحديث الشيخ المسند أبو العباس أحمد بن أبي طالب الحجار قراءة عليه وأنا أسمع ، أخبرنا أبو المنجا عبد الله بن عمر بن اللتي ، أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي قال : أخبرنا أبو الحسن بن عبد الرحمن بن المظفر بن محمد بن داود الداودي ، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي ، أخبرنا عيسى بن عمر بن عمران السمرقندي ، أخبرنا الإمام الحافظ أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي بجميع مسنده ، أخبرنا محمد بن كثير ، عن الأوزاعي . . . فذكر بإسناده مثله ، وتسلسل لنا قراءتها إلى شيخنا أبي العباس الحجار ، ولم يقرأها ، لأنه كان أميا ، وضاق الوقت عن تلقينها إياه . ولكن أخبرني الحافظ الكبير أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ، رحمه الله : أخبرنا القاضي تقي الدين سليمان بن الشيخ أبي عمر ، أخبرنا أبو المنجا بن اللتي فذكره بإسناده ، وتسلل لي من طريقة ، وقرأها علي بكمالها ، ولله الحمد والمنة .

تقدم الكلام على قوله : ( سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم ) غير مرة ، بما أغنى عن إعادته .
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,927
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )

تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ) [الصف : 2]
وقوله :
( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ) ؟ إنكار على من يعد عدة ، أو يقول قولا لا يفي به ، ولهذا استدل بهذه الآية الكريمة من ذهب من علماء السلف إلى أنه يجب الوفاء بالوعد مطلقا ، سواء ترتب عليه غرم للموعود أم لا .
واحتجوا أيضا من السنة بما ثبت في الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، إذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان "
وفي الحديث الآخر في الصحيح :
" أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ، ومن كانت فيه واحدة منهن كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها " - فذكر منهن إخلاف الوعد .
وقد استقصينا الكلام على هذين الحديثين في أول " شرح البخاري " ، ولله الحمد والمنة .
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,927
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )

تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) [الصف : 3]
ولهذا أكد الله تعالى هذا الإنكار عليهم بقوله : ( كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون )

وقد روى الإمام أحمد ، وأبو داود ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال :
أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتنا وأنا صبي قال : فذهبت لأخرج لألعب ، فقالت أمي : يا عبد الله : تعال أعطك .
فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " وما أردت أن تعطيه ؟ " .
قالت : تمرا .
فقال : " أما إنك لو لم تفعلي كتبت عليك كذبة "

وذهب الإمام مالك ، رحمه الله ، إلى أنه إذا تعلق بالوعد غرم على الموعود وجب الوفاء به ، كما لو قال لغيره : " تزوج ولك علي كل يوم كذا " . فتزوج ، وجب عليه أن يعطيه ما دام كذلك ، لأنه تعلق به حق آدمي ، وهو مبني على المضايقة .
وذهب الجمهور إلى أنه لا يجب مطلقا ، وحملوا الآية على أنها نزلت حين تمنوا فرضية الجهاد عليهم ، فلما فرض نكل عنه بعضهم ، كقوله تعالى :
( ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ) [ النساء : 77 ، 78 ] .
وقال تعالى :
( ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت ) الآية [ محمد : 20 ]
وهكذا هذه الآية معناها ، كما قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون )
قال : كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون : لوددنا أن الله - عز وجل - دلنا على أحب الأعمال إليه ، فنعمل به . فأخبر الله نبيه أن أحب الأعمال إيمان به لا شك فيه ، وجهاد أهل معصيته الذين خالفوا الإيمان ولم يقروا به . فلما نزل الجهاد كره ذلك أناس من المؤمنين ، وشق عليهم أمره ، فقال الله سبحانه :
( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ) ؟ .
وهذا اختيار ابن جرير .

وقال مقاتل بن حيان :
قال المؤمنون : لو نعلم أحب الأعمال إلى الله لعملنا به . فدلهم الله على أحب الأعمال إليه ، فقال :
( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا )
فبين لهم ، فابتلوا يوم أحد بذلك ، فولوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مدبرين ، فأنزل الله في ذلك : ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ) ؟
وقال : أحبكم إلي من قاتل في سبيلي .

ومنهم من يقول : أنزلت في شأن القتال ، يقول الرجل : " قاتلت " ، ولم يقاتل. " وطعنت " ولم يطعن و " ضربت " ، ولم يضرب ، و " صبرت " ، ولم يصبر .

وقال قتادة ، والضحاك : نزلت توبيخا لقوم كانوا يقولون : " قتلنا ، ضربنا ، طعنا ، وفعلنا " . ولم يكونوا فعلوا ذلك .

وقال ابن يزيد : نزلت في قوم من المنافقين ، كانوا يعدون المسلمين النصر ، ولا يفون لهم بذلك .

وقال مالك عن زيد بن أسلم : ( لم تقولون ما لا تفعلون ) ؟ ، قال : في الجهاد .

وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( لم تقولون ما لا تفعلون ) إلى قوله : ( كأنهم بنيان مرصوص ) فما بين ذلك : في نفر من الأنصار ، فيهم عبد الله بن رواحة ، قالوا في مجلس : لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله ، لعملنا بها حتى نموت . فأنزل الله هذا فيهم . فقال عبد الله بن رواحة : لا أبرح حبيسا في سبيل الله حتى أموت . فقتل شهيدا .

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبي ، حدثنا فروة بن أبي المغراء ، حدثنا علي بن مسهر ، عن داود بن أبي هند ، عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي ، عن أبيه قال : بعث أبو موسى إلى قراء أهل البصرة فدخل عليه منهم ثلاثمائة رجل ، كلهم قد قرأ القرآن ، فقال . أنتم قراء أهل البصرة وخيارهم . وقال : كنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبحات ، فأنسيناها ، غير أني قد حفظت منها : ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ) فتكتب شهادة في أعناقكم ، فتسألون عنها يوم القيامة .
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,927
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )

تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ) [الصف : 4]
ولهذا قال الله تعالى : ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ) فهذا إخبار منه تعالى بمحبة عباده المؤمنين إذا اصطفوا مواجهين لأعداء الله في حومة الوغى ، يقاتلون في سبيل الله من كفر بالله ، لتكون كلمة الله هي العليا ، ودينه هو الظاهر العالي على سائر الأديان .

وقال الإمام أحمد :
حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا هشيم قال مجالد ، أخبرنا عن أبي الوداك ، عن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه قال :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" ثلاث يضحك الله إليهم : الرجل يقوم من الليل ، والقوم إذا صفوا للصلاة ، والقوم إذا صفوا للقتال " .

ورواه ابن ماجه من حديث مجالد عن أبي الوداك جبر بن نوف به .

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبي ، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، حدثنا الأسود - يعني ابن شيبان - حدثني يزيد بن عبد الله بن الشخير قال : قال مطرف : كان يبلغني عن أبي ذر حديث كنت أشتهي لقاءه ، فلقيته فقلت : يا أبا ذر ، كان يبلغني عنك حديث ، فكنت أشتهي لقاءك ، فقال : لله أبوك ! فقد لقيت ، فهات .
فقلت : كان يبلغني عنك أنك تزعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدثكم أن الله يحب ثلاثة ويبغض ثلاثة ؟
قال : أجل ، فلا إخالني أكذب على خليلي - صلى الله عليه وسلم - .
قلت : فمن هؤلاء الثلاثة الذين يحبهم الله ؟
قال : رجل غزا في سبيل الله ، خرج محتسبا مجاهدا فلقي العدو فقتل ، وأنتم تجدونه في كتاب الله المنزل ، ثم قرأ ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ) وذكر الحديث .

هكذا أورد هذا الحديث من هذا الوجه بهذا السياق ، وبهذا اللفظ ، واختصره . وقد أخرجه الترمذي ، والنسائي من حديث شعبة ، عن منصور بن المعتمر ، عن ربعي بن حراش ، عن زيد بن ظبيان ، عن أبي ذر بأبسط من هذا السياق وأتم ، وقد أوردناه في موضع آخر ، ولله الحمد .

وعن كعب الأحبار أنه قال : يقول الله تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم - :
" عبدي المتوكل المختار ليس بفظ ، ولا غليظ ، ولا صخاب في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويغفر ، مولده بمكة ، وهجرته بطابة ، وملكه بالشام ، وأمته الحمادون يحمدون الله على كل حال ، وفي كل منزلة ، لهم دوي كدوي النحل في جو السماء بالسحر ، يوضون أطرافهم ، ويأتزرون على أنصافهم ، صفهم في القتال مثل صفهم في الصلاة " . ثم قرأ : ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ) رعاة الشمس ، يصلون الصلاة حيث أدركتهم ، ولو على ظهر دابة " رواه ابن أبي حاتم .

وقال سعيد بن جبير في قوله ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا ) قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقاتل العدو إلا أن يصافهم ، وهذا تعليم من الله للمؤمنين . قال : وقوله : ( كأنهم بنيان مرصوص ) ملتصق بعضه في بعض ، من الصف في القتال .

وقال مقاتل بن حيان و : ملتصق بعضه إلى بعض .

وقال ابن عباس : ( كأنهم بنيان مرصوص ) مثبت ، لا يزول ، ملصق بعضه ببعض .

وقال قتادة : ( كأنهم بنيان مرصوص ) ألم تر إلى صاحب البنيان ، كيف لا يحب أن يختلف بنيانه ؟ فكذلك الله عز وجل يحب أن لا يختلف أمره ، وإن الله صف المؤمنين في قتالهم وصفهم في صلاتهم ، فعليكم بأمر الله ، فإنه عصمة لمن أخذ به . أورد ذلك كله ابن أبي حاتم .

وقال ابن جرير :
حدثني سعيد بن عمرو السكوني ، حدثنا بقية بن الوليد ، عن أبي بكر بن أبي مريم ، عن يحيى بن جابر الطائي ، عن أبي بحرية قال : كانوا يكرهون القتال على الخيل ، ويستحبون القتال على الأرض ، لقول الله عز وجل : ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ) قال : وكان أبو بحرية يقول :
إذا رأيتموني التفت في الصف فجثوا في لحيي.
 
Comment

ولنا بالخيال حياة

نجوم المنتدي
إنضم
26 مايو 2022
المشاركات
4,571
مستوى التفاعل
5,272
مجموع اﻻوسمة
1
تفسير ابن كثير ( متجدد )
جاروط @جاروط
بوركت
أيها
النقي
 
1 Comment
جاروط
جاروط commented
باركك الله و اصلح بالك
 

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,927
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )

تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ ۖ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) [الصف : 5]

يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسوله وكليمه موسى بن عمران عليه السلام أنه قال لقومه :
( لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم ) أي : لم توصلون الأذى إلي وأنتم تعلمون صدقي فيما جئتكم به من الرسالة ؟ .
وفي هذا تسلية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما أصاب من الكفار من قومه وغيرهم ، وأمر له بالصبر ; ولهذا قال :
" رحمة الله على موسى : لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر ".
وفيه نهي للمؤمنين أن ينالوا من النبي - صلى الله عليه وسلم - أو يوصلوا إليه أذى ، كما قال تعالى :
( يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها ) [ الأحزاب : 69 ]

وقوله : ( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ) أي : فلما عدلوا عن اتباع الحق مع علمهم به ، أزاغ الله قلوبهم عن الهدى ، وأسكنها الشك والحيرة والخذلان ، كما قال تعالى :
( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون ) [ الأنعام : 110 ]
وقال:
( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) [ النساء : 115 ].
ولهذا قال الله تعالى في هذه الآية : ( والله لا يهدي القوم الفاسقين ).
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,927
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )

تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ) [الصف : 6]

وقوله : ( وإذ قال عيسى ابن مريم يابني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ) يعني : التوراة قد بشرت بي ، وأنا مصداق ما أخبرت عنه ، وأنا مبشر بمن بعدي ، وهو الرسول النبي الأمي العربي المكي أحمد . فعيسى عليه السلام ، وهو خاتم أنبياء بني إسرائيل ، وقد أقام في ملإ بني إسرائيل مبشرا بمحمد وهو أحمد خاتم الأنبياء والمرسلين ، الذي لا رسالة بعده ولا نبوة . وما أحسن ما أورد البخاري الحديث الذي قال فيه :

حدثنا أبو اليمان ، حدثنا شعيب عن الزهري قال : أخبرني محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
" إن لي أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله به الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب " .
ورواه مسلم من حديث الزهري به نحوه

وقال أبو داود الطيالسي :
حدثنا المسعودي ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي عبيدة ، عن أبي موسى قال : سمى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفسه أسماء ، منها ما حفظنا فقالو : " أنا محمد ، وأنا أحمد ، والحاشر ، والمقفي ، ونبي الرحمة ، والتوبة ، والملحمة " .
ورواه مسلم من حديث الأعمش عن عمرو بن مرة به

وقد قال الله تعالى :
( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ) [ الأعراف : 157 ].
وقال تعالى :
( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ) [ آل عمران : 81 ]

قال ابن عباس :
ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه العهد : لئن بعث محمد وهو حي ليتبعنه ، وأخذ عليه أن يأخذ على أمته لئن بعث محمد وهم أحياء ليتبعنه وينصرنه .

وقال محمد بن إسحاق :
حدثني ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم قالوا :
يا رسول الله ، أخبرنا عن نفسك .
قال : " دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى ورأت أمي حين حملت بي كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور بصرى من أرض الشام " .
وهذا إسناد جيد . وروي له شواهد من وجوه أخر ، فقال الإمام أحمد :
حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا معاوية بن صالح ، عن سعيد بن سويد الكلبي ، عن عبد الأعلى بن هلال السلمي ، عن العرباض بن سارية قال :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" إني عند الله لخاتم النبيين ، وإن آدم لمنجدل في طينته ، وسأنبئكم بأول ذلك : دعوة أبي إبراهيم ، وبشارة عيسى بي ، ورؤيا أمي التي رأت ، وكذلك أمهات النبيين يرين " .

وقال أحمد أيضا :
حدثنا أبو النضر ، حدثنا الفرج بن فضالة ، حدثنا لقمان بن عامر قال : سمعت أبا أمامة قال :
قلت يا نبي الله ، ما كان بدء أمرك ؟
قال : " دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت له قصور الشام "

وقال أحمد أيضا :
حدثنا حسن بن موسى : سمعت خديجا أخا زهير بن معاوية ، عن أبي إسحاق عن عبد الله بن عتبة ، عن عبد الله بن مسعود قال : بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى النجاشي ونحن نحو من ثمانين رجلا منهم : عبد الله بن مسعود ، وجعفر ، وعبد الله بن عرفطة ، وعثمان بن مظعون ، وأبو موسى . فأتوا النجاشي وبعثت قريش عمرو بن العاص ، وعمارة بن الوليد بهدية ، فلما دخلا على النجاشي سجدا له ، ثم ابتدراه عن يمينه ، وعن شماله ، ثم قالا له :
إن نفرا من بني عمنا نزلوا أرضك ، ورغبوا عنا ، وعن ملتنا .
قال : فأين هم ؟
قالا : هم في أرضك ، فابعث إليهم . فبعث إليهم .
فقال جعفر : أنا خطيبكم اليوم .
فاتبعوه فسلم ولم يسجد ، فقالوا له : ما لك لا تسجد للملك ؟
قال : إنا لا نسجد إلا لله عز وجل .
قال : وما ذاك ؟
قال : إن الله بعث إلينا رسوله ، فأمرنا ألا نسجد لأحد إلا لله عز وجل ، وأمرنا بالصلاة والزكاة .
قال عمرو بن العاص : فإنهم يخالفونك في عيسى ابن مريم .
قال : ما تقولون في عيسى ابن مريم وأمه ؟
قالوا : نقول كما قال الله عز وجل : هو كلمة الله وروحه ألقاها إلى العذراء البتول ، التي لم يمسها بشر ولم يفرضها ولد .
قال : فرفع عودا من الأرض ثم قال : يا معشر الحبشة والقسيسين والرهبان ، والله ما يزيدون على الذي نقول فيه ، ما يساوي هذا . مرحبا بكم وبمن جئتم من عنده ، أشهد أنه رسول الله ، وأنه الذي نجد في الإنجيل ، وأنه الذي بشر به عيسى ابن مريم . انزلوا حيث شئتم ، والله لولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أكون أنا أحمل نعليه وأوضئه . وأمر بهدية الآخرين فردت إليهما ، ثم تعجل عبد الله بن مسعود حتى أدرك بدرا ، وزعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استغفر له حين بلغه موته

وقد رويت هذه القصة عن جعفر ، وأم سلمة رضي الله عنهما ، وموضع ذلك كتاب السيرة .
والمقصد أن الأنبياء عليهم السلام لم تزل تنعته ، وتحكيه في كتبها على أممها ، وتأمرهم باتباعه ، ونصره ، وموازرته إذا بعث . وكان ما اشتهر الأمر في أهل الأرض على لسان إبراهيم الخليل والد الأنبياء بعده ، حين دعا لأهل مكة أن يبعث الله فيهم رسولا منهم ، وكذا على لسان عيسى ابن مريم ; ولهذا قالوا :
" أخبرنا عن بدء أمرك ؟ " يعني : في الأرض.
قال : " دعوة أبي إبراهيم ، وبشارة عيسى ابن مريم ، ورؤيا أمي التي رأت " أي : ظهر في أهل مكة أثر ذلك والإرهاص بذكره صلوات الله وسلامه عليه .

وقوله : ( فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين ) قال ابن جريج ، وابن جرير :
( فلما جاءهم ) أحمد ، أي : المبشر به في الأعصار المتقادمة ، المنوه بذكره في القرون السالفة ، لما ظهر أمره وجاء بالبينات قال الكفرة والمخالفون : ( هذا سحر مبين ).
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,927
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )

تفسير ابن كثير

@@@@@@@

( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَىٰ إِلَى الْإِسْلَامِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [الصف : 7]
يقول تعالى : ( ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام ) أي : لا أحد أظلم ممن يفتري الكذب على الله ويجعل له أندادا وشركاء ، وهو يدعى إلى التوحيد والإخلاص ; ولهذا قال : ( والله لا يهدي القوم الظالمين )

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹

( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [الصف : 8]
ثم قال : ( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ) أي : يحاولون أن يردوا الحق بالباطل ، ومثلهم في ذلك كمثل من يريد أن يطفئ شعاع الشمس بفيه ، وكما أن هذا مستحيل كذلك ذاك مستحيل ; ولهذا قال : ( والله متم نوره ولو كره الكافرون ).
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,927
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )

تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [الصف : 9]
ثم قال تعالى:
" هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق "
فالهدى هو ما جاء به من الإخبارات الصادقة والإيمان الصحيح والعلم النافع ودين الحق هو الأعمال الصالحة الصحيحة النافعة في الدنيا والآخرة.
" ليظهره على الدين كله " أي على سائر الأديان كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أنه قال:
" إن الله زوى لي الأرض مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها ".

وقال الإمام أحمد:
حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن محمد بن أبي يعقوب سمعت شقيق بن حيان يحدث عن مسعود بن قبيصة أو قبيصة بن مسعود يقول:
صلى هذا الحي من محارب الصبح فلما صلوا قال شاب منهم:
سمعت رسول الله صلى لله تعالى عليه وآله وسلم يقول:
" إنه ستفتح لكم مشارق الأرض ومغاربها وإن عمالها في النار إلا من اتقى الله وأدى الأمانة ".

وقال الإمام أحمد:
حدثنا أبو المغيرة حدثنا صفوان حدثنا سليم بن عامر عن تميم الداري رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين يعز عزيزا ويذل ذليلا عزا يعز الله به الإسلام وذلا يذل الله به الكفر "
فكان تميم الداري يقول:
قد عرفت ذلك في أهل بيتي لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز ولقد أصاب من كان كافرا منهم الذل والصغار والجزية.

وقال الإمام أحمد:
حدثنا يزيد بن عبد ربه حدثنا الوليد بن مسلم حدثني ابن جابر سمعت سليم بن عامر قال: سمعت المقداد بن الأسود يقول:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" لا يبقى على وجه الأرض بيت مدر ولا وبر إلا دخلته كلمة الإسلام يعز عزيزا يذل ذليلا إما يعزهم الله فيجعلهم من أهلها وإما يذلهم فيدينون لها ".
وفي المسند أيضا:
حدثنا محمد بن أبي عدي عن ابن عون عن ابن سيرين عن أبي حذيفة عن عدي بن حاتم سمعه يقول:
دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
" يا عدي أسلم تسلم "
فقلت: إنى من أهل دين.
قال: " أنا أعلم بدينك منك "
فقلت: أنت أعلم بديني مني؟
قال : " نعم ألست من الركوسية وأنت تأكل مرباع قومك؟ ".
قلت: بلى !
قال: " فإن هذا لا يحل لك في دينك "
قال: فلم يعد أن قالها فتواضعت لها
قال : " أما إني أعلم ما الذي يمنعك من الإسلام تقول إنما اتبعه ضعفة الناس ومن لا قوة له وقد رمتهم العرب أتعرف الحيرة؟ "
قلت: لم أرها وقد سمعت بها.
قال : " فوالذي نفسي بيده ليتمن الله هذا الأمر حتى تخرج الظعينة من الحيرة حتى تطوف بالبيت من غير جوار أحد ولتفتحن كنوز كسرى بن هرمز"
قلت: كسرى بن هرمز؟
قال: " نعم كسرى بن هرمز وليبذلن المال حتى لا يقبله أحد "
قال عدي: فهذه الظعينة تخرج من الحيرة فتطوف بالبيت من غير جوار أحد ولقد كنت فيمن فتح كنوز كسرى بن هرمز والذي نفسي بيده لتكونن الثالثة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قالها.

وقال مسلم:
حدثنا أبو معن زيد بن يزيد الرقاشي حدثنا خالد بن الحارث حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن الأسود بن العلاء عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنهما " قالت:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى "
فقلت: يا رسول الله إن كنت لأظن حين أنزل الله عز وجل: " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق " الآية أن ذلك تام.
قال: " إنه سيكون من ذلك ما شاء الله عزوجل ثم يبعث الله ريحا طيبة فيتوفى كل من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم ".
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,927
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) [الصف : 10]
تقدم في حديث عبد الله بن سلام أن الصحابة ، رضي الله عنهم ، أرادوا أن يسألوا عن أحب الأعمال إلى الله عز وجل ليفعلوه ، فأنزل الله هذه السورة ، ومن جملتها هذه الآية :
( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم )
ثم فسر هذه التجارة العظيمة التي لا تبور ، والتي هي محصلة للمقصود ، ومزيلة للمحذور فقال:

( تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) [الصف : 11]
( تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) أي : من تجارة الدنيا ، والكد لها ، والتصدي لها وحدها .
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,927
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [الصف : 12]
ثم قال : ( يغفر لكم ذنوبكم ) أي : إن فعلتم ما أمرتكم به ودللتكم عليه ، غفرت لكم الزلات ، وأدخلتكم الجنات ، والمساكن الطيبات ، والدرجات العاليات ; ولهذا قال :
( ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم )

( وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) [الصف : 13]
ثم قال : ( وأخرى تحبونها ) أي : وأزيدكم على ذلك زيادة تحبونها ، وهي : ( نصر من الله وفتح قريب ) أي : إذا قاتلتم في سبيله ونصرتم دينه ، تكفل الله بنصركم .
قال الله تعالى :
( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) [ محمد : 7 ].
وقال تعالى : ( ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ) [ الحج : 40 ].
وقوله ( وفتح قريب ) أي : عاجل فهذه الزيادة هي خير الدنيا موصول بنعيم الآخرة ، لمن أطاع الله ورسوله ، ونصر الله ودينه ; ولهذا قال :
( وبشر المؤمنين )
 
1 Comment
حفيدة ذو يزن
حفيدة ذو يزن commented
جزاك الله خير على هذا التفاسير جعله في ميزان حسناتك
 
أعلى