تواصل معنا

تفسير ابن كثير @@@@@@@@@ ( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا ۚ أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ...

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,924
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@@

( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا ۚ أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المجادلة : 6]
ثم قال : ( يوم يبعثهم الله جميعا ) وذلك يوم القيامة ، يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد.
( فينبئهم بما عملوا ) أي : يخبرهم بالذي صنعوا من خير وشر.
( أحصاه الله ونسوه ) أي : ضبطه الله وحفظه عليهم ، وهم قد نسوا ما كانوا عليه ،
( والله على كل شيء شهيد ) أي : لا يغيب عنه شيء ، ولا يخفى ولا ينسى شيئا .

🌹🌹🌹🌹🌹

( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [المجادلة : 7]
ثم قال تعالى مخبرا عن إحاطة علمه بخلقه واطلاعه عليهم ، وسماعه كلامهم ، ورؤيته مكانهم حيث كانوا وأين كانوا ، فقال :
( ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة ) أي : من سر ثلاثة
( إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ) أي : يطلع عليهم يسمع كلامهم وسرهم ونجواهم ، ورسله أيضا مع ذلك تكتب ما يتناجون به ، مع علم الله وسمعه لهم ، كما قال :
( ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب ) [ التوبة : 78 ]
وقال: ( أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون ) [ الزخرف : 80 ].
ولهذا حكى غير واحد الإجماع على أن المراد بهذه الآية معية علم الله تعالى ولا شك في إرادة ذلك ولكن سمعه أيضا مع علمه محيط بهم ، وبصره نافذ فيهم ، فهو سبحانه مطلع على خلقه ، لا يغيب عنه من أمورهم شيء .

ثم قال : ( ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم ) قال الإمام أحمد : افتتح الآية بالعلم ، واختتمها بالعلم .
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,924
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ ۚ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا ۖ فَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [المجادلة : 8]
قال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله:
( ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ) قال : اليهود
وكذا قال مقاتل بن حيان ، وزاد :
كان بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين اليهود موادعة ، وكانوا إذا مر بهم رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - جلسوا يتناجون بينهم ، حتى يظن المؤمن أنهم يتناجون بقتله - أو : بما يكره المؤمن - فإذا رأى المؤمن ذلك خشيهم ، فترك طريقه عليهم . فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النجوى ، فلم ينتهوا وعادوا إلى النجوى ، فأنزل الله :
( ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ) .

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبي ، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، حدثني سفيان بن حمزة ، عن كثير ، عن زيد ، عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري ، عن أبيه ، عن جده قال :
كنا نتناوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نبيت عنده ; يطرقه من الليل أمر وتبدو له حاجة . فلما كانت ذات ليلة كثر أهل النوب والمحتسبون حتى كنا أندية نتحدث ، فخرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال :
" ما هذا النجوى ؟
ألم تنهوا عن النجوى ؟ " .
قلنا : تبنا إلى الله يا رسول الله ، إنا كنا في ذكر المسيح فرقا منه .
فقال : " ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي منه ؟ " .
قلنا : بلى يا رسول الله.
قال : " الشرك الخفي ، أن يقوم الرجل يعمل لمكان رجل " .
هذا إسناد غريب ، وفيه بعض الضعفاء

وقوله :
( ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول ) أي : يتحدثون فيما بينهم بالإثم ، وهو ما يختص بهم ، والعدوان وهو ما يتعلق بغيرهم ، ومنه معصية الرسول ومخالفته ، يصرون عليها ويتواصون بها .

وقوله : ( وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ) قال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا ابن نمير ، عن الأعمش ، عن مسلم عن مسروق ، عن عائشة قالت :
دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهود فقالوا : السام عليك يا أبا القاسم .
فقالت عائشة : وعليكم السام واللعنة قالت :
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا عائشة ، إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش " .
قلت : ألا تسمعهم يقولون : السام عليك ؟
فقال رسول الله : " أوما سمعت أقول : وعليكم ؟ " .
فأنزل الله : ( وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله )

وفي رواية في الصحيح أنها قالت لهم : عليكم السام والذام واللعنة .
وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" إنه يستجاب لنا فيهم ، ولا يستجاب لهم فينا "

وقال ابن جرير :
حدثنا بشر ، حدثنا يزيد ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك :
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينما هو جالس مع أصحابه ، إذ أتى عليهم يهودي فسلم عليهم ، فردوا عليه ، فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : " هل تدرون ما قال ؟ " .
قالوا : سلم يا رسول الله .
قال : " بل قال : سام عليكم ، أي : تسامون دينكم " .
قال رسول الله : " ردوه " .
فردوه عليه .
فقال نبي الله : " أقلت : سام عليكم ؟ " .
قال : نعم .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا : عليك " أي : عليك ما قلت
وأصل حديث أنس مخرج في الصحيح ، وهذا الحديث في الصحيح عن عائشة بنحوه

وقوله :
( ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول ) أي : يفعلون هذا ، ويقولون ما يحرفون من الكلام وإيهام السلام ، وإنما هو شتم في الباطن ، ومع هذا يقولون في أنفسهم :
لو كان هذا نبيا لعذبنا الله بما نقول له في الباطن ; لأن الله يعلم ما نسره ، فلو كان هذا نبيا حقا لأوشك أن يعاجلنا الله بالعقوبة في الدنيا ، فقال الله تعالى :
( حسبهم جهنم ) أي : جهنم كفايتهم في الدار الآخرة ( يصلونها فبئس المصير )

وقال الإمام أحمد :
حدثنا عبد الصمد ، حدثنا حماد ، عن عطاء بن السائب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو أن اليهود كانوا يقولون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : سام عليك ، ثم يقولون في أنفسهم : ( لولا يعذبنا الله بما نقول ) ؟ ، فنزلت هذه الآية :
( وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير ) إسناد حسن ولم يخرجوه

وقال العوفي ، عن ابن عباس :
( وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله )
قال : كان المنافقون يقولون لرسول الله إذا حيوه : " سام عليك "
قال الله : ( حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير ) .
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,924
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [المجادلة : 9]

ثم قال الله مؤدبا عباده المؤمنين ألا يكونوا مثل الكفرة والمنافقين :
( يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول ) أي : كما يتناجى به الجهلة من كفرة أهل الكتاب ومن مالأهم على ضلالهم من المنافقين.
( وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون ) أي : فيخبركم بجميع أعمالكم وأقوالكم التي أحصاها عليكم ، وسيجزيكم بها .

قال الإمام أحمد :
حدثنا بهز ، وعفان قالا : أخبرنا همام ، حدثنا قتادة ، عن صفوان بن محرز قال :
كنت آخذا بيد ابن عمر ، إذ عرض له رجل فقال :
كيف سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في النجوى يوم القيامة ؟
قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
" إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره من الناس ، ويقرره بذنوبه ، ويقول له : أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا ؟ حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أن قد هلك ، قال : فإني قد سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم . ثم يعطى كتاب حسناته ، وأما الكفار والمنافقون فيقول الأشهاد : هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ، ألا لعنة الله على الظالمين " .
أخرجاه في الصحيحين من حديث قتادة.
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,924
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [المجادلة : 10]
ثم قال تعالى :
( إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) أي : إنما النجوى - وهي المسارة - حيث يتوهم مؤمن بها سوءا.
( من الشيطان ليحزن الذين آمنوا ) يعني : إنما يصدر هذا من المتناجين عن تسويل الشيطان وتزيينه.
( ليحزن الذين آمنوا ) أي : ليسوءهم ، وليس ذلك بضارهم شيئا إلا بإذن الله ، ومن أحس من ذلك شيئا فليستعذ بالله وليتوكل على الله ، فإنه لا يضره شيء بإذن الله .

وقد وردت السنة بالنهي عن التناجي حيث يكون في ذلك تأذ على مؤمن ، كما قال الإمام أحمد :
حدثنا وكيع ، وأبو معاوية قالا : حدثنا الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجين اثنان دون صاحبهما ، فإن ذلك يحزنه " . وأخرجاه من حديث الأعمش

وقال عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" إذا كنتم ثلاثة فلا يتناج اثنان دون الثالث إلا بإذنه ; فإن ذلك يحزنه " .
انفرد بإخراجه مسلم عن أبي الربيع ، وأبي كامل ، كلاهما عن حماد بن زيد ، عن أيوب به.
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,924
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@@

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [المجادلة : 11]

يقول تعالى مؤدبا عباده المؤمنين ، وآمرا لهم أن يحسن بعضهم إلى بعض في المجالس :
( يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس ) وقرئ ) في المجلس ) ( فافسحوا يفسح الله لكم )
وذلك أن الجزاء من جنس العمل ، كما جاء في الحديث الصحيح :
" من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة "
وفي الحديث الآخر :
" ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه "
ولهذا أشباه كثيرة ; ولهذا قال : ( فافسحوا يفسح الله لكم ) .

قال قتادة :
نزلت هذه الآية في مجالس الذكر ، وذلك أنهم كانوا إذا رأوا أحدهم مقبلا ضنوا بمجالسهم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمرهم الله أن يفسح بعضهم لبعض .

وقال مقاتل بن حيان :
أنزلت هذه الآية يوم جمعة وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ في الصفة ، وفي المكان ضيق ، وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار ، فجاء ناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجالس ، فقاموا حيال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا :
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته . فرد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم سلموا على القوم بعد ذلك ، فردوا عليهم ، فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم ، فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يحملهم على القيام ، فلم يفسح لهم ، فشق ذلك على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار ، من غير أهل بدر :
" قم يا فلان ، وأنت يا فلان " .
فلم يزل يقيمهم بعدة النفر الذين هم قيام بين يديه من المهاجرين والأنصار من أهل بدر ، فشق ذلك على من أقيم من مجلسه ، وعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - الكراهة في وجوههم ، فقال المنافقون :
ألستم تزعمون أن صاحبكم هذا يعدل بين الناس ؟
والله ما رأيناه قبل عدل على هؤلاء ، إن قوما أخذوا مجالسهم وأحبوا القرب لنبيهم ، فأقامهم وأجلس من أبطأ عنه .
فبلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" رحم الله رجلا فسح لأخيه " .
فجعلوا يقومون بعد ذلك سراعا ، فتفسح القوم لإخوانهم ، ونزلت هذه الآية يوم الجمعة . رواه ابن أبي حاتم .

وقد قال الإمام أحمد ، والشافعي :
حدثنا سفيان ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه فيجلس فيه ، ولكن تفسحوا وتوسعوا " .
وأخرجاه في الصحيحين من حديث نافع به

وقال الشافعي :
أخبرنا عبد المجيد ، عن ابن جريج قال : قال سليمان بن موسى ، عن جابر بن عبد الله . أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ، ولكن ليقل : افسحوا " .
على شرط السنن ولم يخرجوه

وقال الإمام أحمد :
حدثنا عبد الملك بن عمرو ، حدثنا فليح ، عن أيوب عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة ، عن يعقوب بن أبي يعقوب ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
" لا يقم الرجل الرجل من مجلسه ، ثم يجلس فيه ، ولكن افسحوا يفسح الله لكم "
ورواه أيضا عن سريج بن يونس ، ويونس بن محمد المؤدب ، عن فليح به . ولفظه :
" لا يقوم الرجل للرجل من مجلسه ، ولكن افسحوا يفسح الله لكم ".
تفرد به أحمد

وقد اختلف الفقهاء في جواز القيام الوارد إذا جاء على أقوال :
فمنهم من رخص في ذلك محتجا بحديث :
" قوموا إلى سيدكم ".
ومنهم من منع من ذلك محتجا بحديث :
" من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار "
ومنهم من فصل فقال :
يجوز عند القدوم من سفر ، وللحاكم في محل ولايته ، كما دل عليه قصة سعد بن معاذ ، فإنه لما استقدمه النبي - صلى الله عليه وسلم - حاكما في بني قريظة فرآه مقبلا قال للمسلمين :
" قوموا إلى سيدكم " .
وما ذاك إلا ليكون أنفذ لحكمه ، والله أعلم .
فأما اتخاذه ديدنا فإنه من شعار العجم .
وقد جاء في السنن أنه لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان إذا جاء لا يقومون له ، لما يعلمون من كراهته لذلك.

وفي الحديث المروي في السنن :
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجلس حيث انتهى به المجلس ، ولكن حيث يجلس يكون صدر ذلك المجلس ، وكان الصحابة ، رضي الله عنهم ، يجلسون منه على مراتبهم فالصديق يجلسه عن يمينه ، وعمر عن يساره ، وبين يديه غالبا عثمان ، وعلي ; لأنهما كانا ممن يكتب الوحي ، وكان يأمرهما بذلك ، كما رواه مسلم من حديث الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن أبي معمر ، عن أبي مسعود ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول :
" ليليني منكم أولو الأحلام والنهى ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ".
وما ذاك إلا ليعقلوا عنه ما يقوله ، صلوات الله وسلامه عليه ; ولهذا أمر أولئك النفر بالقيام ليجلس الذين وردوا من أهل بدر ، إما لتقصير أولئك في حق البدريين ، أو ليأخذ البدريون من العلم بنصيبهم ، كما أخذ أولئك قبلهم ، أو تعليما بتقديم الأفاضل إلى الأمام .

وقال الإمام أحمد :
حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن عمارة بن عمير التيمي عن أبي معمر ، عن أبي مسعود قال :
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول :
" استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ، ليليني منكم أولو الأحلام والنهى ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " .
قال أبو مسعود فأنتم اليوم أشد اختلافا .

وكذا رواه مسلم وأهل السنن ، إلا الترمذي ، من طرق عن الأعمش به .

وإذا كان هذا أمره لهم في الصلاة أن يليه العقلاء ثم العلماء ، فبطريق الأولى أن يكون ذلك في غير الصلاة .

وروى أبو داود من حديث معاوية بن صالح ، عن أبي الزاهرية ، عن كثير بن مرة ، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" أقيموا الصفوف ، وحاذوا بين المناكب ، وسدوا الخلل ، ولينوا بأيدي إخوانكم ، ولا تذروا فرجات للشيطان ، ومن وصل صفا وصله الله ، ومن قطع صفا قطعه الله ".
ولهذا كان أبي بن كعب - سيد القراء - إذا انتهى إلى الصف الأول انتزع منه رجلا يكون من أفناء الناس ، ويدخل هو في الصف المقدم ، ويحتج بهذا الحديث :
" ليليني منكم أولو الأحلام والنهى " .
وأما عبد الله بن عمر فكان لا يجلس في المكان الذي يقوم له صاحبه عنه ، عملا بمقتضى ما تقدم من روايته الحديث الذي أوردناه .
ولنقتصر على هذا المقدار من الأنموذج المتعلق بهذه الآية ، وإلا فبسطه يحتاج إلى غير هذا الموضع ، وفي الحديث الصحيح :
بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس ، إذ أقبل ثلاثة نفر ، فأما أحدهم فوجد فرجة في الحلقة فدخل فيها ، وأما الآخر فجلس وراء الناس ، وأدبر الثالث ذاهبا .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" ألا أنبئكم بخبر الثلاثة ، أما الأول فآوى إلى الله فآواه الله ، وأما الثاني فاستحيا فاستحيا الله منه ، وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه "

وقال الإمام أحمد :
حدثنا عتاب بن زياد ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا أسامة بن زيد ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما " .

ورواه أبو داود ، والترمذي ، من حديث أسامة بن زيد الليثي به . وحسنه الترمذي .

وقد روي عن ابن عباس ، والحسن البصري ، وغيرهما أنهم قالوا في قوله تعالى :
( إذا قيل لكم تفسحوا في المجلس فافسحوا ) يعني : في مجالس الحرب.
قالوا : ومعنى قوله : ( وإذا قيل انشزوا فانشزوا ) أي : انهضوا للقتال .

وقال قتادة : ( وإذا قيل انشزوا فانشزوا ) أي : إذا دعيتم إلى خير فأجيبوا .

وقال مقاتل بن حيان إذا دعيتم إلى الصلاة فارتفعوا إليها .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم :
كانوا إذا كانوا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته فأرادوا الانصراف أحب كل منهم أن يكون هو آخرهم خروجا من عنده ، فربما يشق ذلك عليه - عليه السلام - وقد تكون له الحاجة ، فأمروا أنهم إذا أمروا بالانصراف أن ينصرفوا ، كقوله :
( وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا ) [ النور : 28 ]

وقوله : ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير ) أي : لا تعتقدوا أنه إذا فسح أحد منكم لأخيه إذا أقبل ، أو إذا أمر بالخروج فخرج ، أن يكون ذلك نقصا في حقه ، بل هو رفعة ومزية عند الله ، والله تعالى لا يضيع ذلك له ، بل يجزيه بها في الدنيا والآخرة ، فإن من تواضع لأمر الله رفع الله قدره ، ونشر ذكره ; ولهذا قال :
( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير ) أي : خبير بمن يستحق ذلك وبمن لا يستحقه .

قال الإمام أحمد :
حدثنا أبو كامل ، حدثنا إبراهيم ، حدثنا ابن شهاب ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بن الخطاب بعسفان ، وكان عمر استعمله على مكة ، فقال له عمر :
من استخلفت على أهل الوادي ؟
قال : استخلفت عليهم ابن أبزى .
قال : وما ابن أبزى ؟
فقال : رجل من موالينا .
فقال عمر بن الخطاب استخلفت عليهم مولى ؟ .
فقال : يا أمير المؤمنين ، إنه قارئ لكتاب الله ، عالم بالفرائض ، قاض .
فقال عمر ، رضي الله عنه : أما إن نبيكم - صلى الله عليه وسلم - قد قال :
" إن الله يرفع بهذا الكتاب قوما ويضع به آخرين "
وهكذا رواه مسلم من غير وجه ، عن الزهري به . وقد ذكرتفسير ابن كثير
@@@@@@@@@

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [المجادلة : 11]

يقول تعالى مؤدبا عباده المؤمنين ، وآمرا لهم أن يحسن بعضهم إلى بعض في المجالس :
( يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس ) وقرئ ) في المجلس ) ( فافسحوا يفسح الله لكم )
وذلك أن الجزاء من جنس العمل ، كما جاء في الحديث الصحيح :
" من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة "
وفي الحديث الآخر :
" ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه "
ولهذا أشباه كثيرة ; ولهذا قال : ( فافسحوا يفسح الله لكم ) .

قال قتادة :
نزلت هذه الآية في مجالس الذكر ، وذلك أنهم كانوا إذا رأوا أحدهم مقبلا ضنوا بمجالسهم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمرهم الله أن يفسح بعضهم لبعض .

وقال مقاتل بن حيان :
أنزلت هذه الآية يوم جمعة وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ في الصفة ، وفي المكان ضيق ، وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار ، فجاء ناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجالس ، فقاموا حيال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا :
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته . فرد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم سلموا على القوم بعد ذلك ، فردوا عليهم ، فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم ، فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يحملهم على القيام ، فلم يفسح لهم ، فشق ذلك على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار ، من غير أهل بدر :
" قم يا فلان ، وأنت يا فلان " .
فلم يزل يقيمهم بعدة النفر الذين هم قيام بين يديه من المهاجرين والأنصار من أهل بدر ، فشق ذلك على من أقيم من مجلسه ، وعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - الكراهة في وجوههم ، فقال المنافقون :
ألستم تزعمون أن صاحبكم هذا يعدل بين الناس ؟
والله ما رأيناه قبل عدل على هؤلاء ، إن قوما أخذوا مجالسهم وأحبوا القرب لنبيهم ، فأقامهم وأجلس من أبطأ عنه .
فبلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" رحم الله رجلا فسح لأخيه " .
فجعلوا يقومون بعد ذلك سراعا ، فتفسح القوم لإخوانهم ، ونزلت هذه الآية يوم الجمعة . رواه ابن أبي حاتم .

وقد قال الإمام أحمد ، والشافعي :
حدثنا سفيان ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه فيجلس فيه ، ولكن تفسحوا وتوسعوا " .
وأخرجاه في الصحيحين من حديث نافع به

وقال الشافعي :
أخبرنا عبد المجيد ، عن ابن جريج قال : قال سليمان بن موسى ، عن جابر بن عبد الله . أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ، ولكن ليقل : افسحوا " .
على شرط السنن ولم يخرجوه

وقال الإمام أحمد :
حدثنا عبد الملك بن عمرو ، حدثنا فليح ، عن أيوب عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة ، عن يعقوب بن أبي يعقوب ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
" لا يقم الرجل الرجل من مجلسه ، ثم يجلس فيه ، ولكن افسحوا يفسح الله لكم "
ورواه أيضا عن سريج بن يونس ، ويونس بن محمد المؤدب ، عن فليح به . ولفظه :
" لا يقوم الرجل للرجل من مجلسه ، ولكن افسحوا يفسح الله لكم ".
تفرد به أحمد

وقد اختلف الفقهاء في جواز القيام الوارد إذا جاء على أقوال :
فمنهم من رخص في ذلك محتجا بحديث :
" قوموا إلى سيدكم ".
ومنهم من منع من ذلك محتجا بحديث :
" من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار "
ومنهم من فصل فقال :
يجوز عند القدوم من سفر ، وللحاكم في محل ولايته ، كما دل عليه قصة سعد بن معاذ ، فإنه لما استقدمه النبي - صلى الله عليه وسلم - حاكما في بني قريظة فرآه مقبلا قال للمسلمين :
" قوموا إلى سيدكم " .
وما ذاك إلا ليكون أنفذ لحكمه ، والله أعلم .
فأما اتخاذه ديدنا فإنه من شعار العجم .
وقد جاء في السنن أنه لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان إذا جاء لا يقومون له ، لما يعلمون من كراهته لذلك.

وفي الحديث المروي في السنن :
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجلس حيث انتهى به المجلس ، ولكن حيث يجلس يكون صدر ذلك المجلس ، وكان الصحابة ، رضي الله عنهم ، يجلسون منه على مراتبهم فالصديق يجلسه عن يمينه ، وعمر عن يساره ، وبين يديه غالبا عثمان ، وعلي ; لأنهما كانا ممن يكتب الوحي ، وكان يأمرهما بذلك ، كما رواه مسلم من حديث الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن أبي معمر ، عن أبي مسعود ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول :
" ليليني منكم أولو الأحلام والنهى ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ".
وما ذاك إلا ليعقلوا عنه ما يقوله ، صلوات الله وسلامه عليه ; ولهذا أمر أولئك النفر بالقيام ليجلس الذين وردوا من أهل بدر ، إما لتقصير أولئك في حق البدريين ، أو ليأخذ البدريون من العلم بنصيبهم ، كما أخذ أولئك قبلهم ، أو تعليما بتقديم الأفاضل إلى الأمام .

وقال الإمام أحمد :
حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن عمارة بن عمير التيمي عن أبي معمر ، عن أبي مسعود قال :
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول :
" استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ، ليليني منكم أولو الأحلام والنهى ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " .
قال أبو مسعود فأنتم اليوم أشد اختلافا .

وكذا رواه مسلم وأهل السنن ، إلا الترمذي ، من طرق عن الأعمش به .

وإذا كان هذا أمره لهم في الصلاة أن يليه العقلاء ثم العلماء ، فبطريق الأولى أن يكون ذلك في غير الصلاة .

وروى أبو داود من حديث معاوية بن صالح ، عن أبي الزاهرية ، عن كثير بن مرة ، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" أقيموا الصفوف ، وحاذوا بين المناكب ، وسدوا الخلل ، ولينوا بأيدي إخوانكم ، ولا تذروا فرجات للشيطان ، ومن وصل صفا وصله الله ، ومن قطع صفا قطعه الله ".
ولهذا كان أبي بن كعب - سيد القراء - إذا انتهى إلى الصف الأول انتزع منه رجلا يكون من أفناء الناس ، ويدخل هو في الصف المقدم ، ويحتج بهذا الحديث :
" ليليني منكم أولو الأحلام والنهى " .
وأما عبد الله بن عمر فكان لا يجلس في المكان الذي يقوم له صاحبه عنه ، عملا بمقتضى ما تقدم من روايته الحديث الذي أوردناه .
ولنقتصر على هذا المقدار من الأنموذج المتعلق بهذه الآية ، وإلا فبسطه يحتاج إلى غير هذا الموضع ، وفي الحديث الصحيح :
بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس ، إذ أقبل ثلاثة نفر ، فأما أحدهم فوجد فرجة في الحلقة فدخل فيها ، وأما الآخر فجلس وراء الناس ، وأدبر الثالث ذاهبا .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" ألا أنبئكم بخبر الثلاثة ، أما الأول فآوى إلى الله فآواه الله ، وأما الثاني فاستحيا فاستحيا الله منه ، وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه "

وقال الإمام أحمد :
حدثنا عتاب بن زياد ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا أسامة بن زيد ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما " .

ورواه أبو داود ، والترمذي ، من حديث أسامة بن زيد الليثي به . وحسنه الترمذي .

وقد روي عن ابن عباس ، والحسن البصري ، وغيرهما أنهم قالوا في قوله تعالى :
( إذا قيل لكم تفسحوا في المجلس فافسحوا ) يعني : في مجالس الحرب.
قالوا : ومعنى قوله : ( وإذا قيل انشزوا فانشزوا ) أي : انهضوا للقتال .

وقال قتادة : ( وإذا قيل انشزوا فانشزوا ) أي : إذا دعيتم إلى خير فأجيبوا .

وقال مقاتل بن حيان إذا دعيتم إلى الصلاة فارتفعوا إليها .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم :
كانوا إذا كانوا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته فأرادوا الانصراف أحب كل منهم أن يكون هو آخرهم خروجا من عنده ، فربما يشق ذلك عليه - عليه السلام - وقد تكون له الحاجة ، فأمروا أنهم إذا أمروا بالانصراف أن ينصرفوا ، كقوله :
( وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا ) [ النور : 28 ]

وقوله : ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير ) أي : لا تعتقدوا أنه إذا فسح أحد منكم لأخيه إذا أقبل ، أو إذا أمر بالخروج فخرج ، أن يكون ذلك نقصا في حقه ، بل هو رفعة ومزية عند الله ، والله تعالى لا يضيع ذلك له ، بل يجزيه بها في الدنيا والآخرة ، فإن من تواضع لأمر الله رفع الله قدره ، ونشر ذكره ; ولهذا قال :
( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير ) أي : خبير بمن يستحق ذلك وبمن لا يستحقه .

قال الإمام أحمد :
حدثنا أبو كامل ، حدثنا إبراهيم ، حدثنا ابن شهاب ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بن الخطاب بعسفان ، وكان عمر استعمله على مكة ، فقال له عمر :
من استخلفت على أهل الوادي ؟
قال : استخلفت عليهم ابن أبزى .
قال : وما ابن أبزى ؟
فقال : رجل من موالينا .
فقال عمر بن الخطاب استخلفت عليهم مولى ؟ .
فقال : يا أمير المؤمنين ، إنه قارئ لكتاب الله ، عالم بالفرائض ، قاض .
فقال عمر ، رضي الله عنه : أما إن نبيكم - صلى الله عليه وسلم - قد قال :
" إن الله يرفع بهذا الكتاب قوما ويضع به آخرين "
وهكذا رواه مسلم من غير وجه ، عن الزهري به . وقد ذكرت فضل العلم وأهله وما ورد في ذلك من الأحاديث مستقصاة في شرح " كتاب العلم " من صحيح البخاري ، ولله الحمد والمنة .ت فضل العلم وأهله وما ورد في ذلك من الأحاديث مستقصاة في شرح " كتاب العلم " من صحيح البخاري ، ولله الحمد والمنة .
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,924
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ ۚ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [المجادلة : 12]
يقول تعالى آمرا عباده المؤمنين إذا أراد أحدهم أن يناجي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي : يساره فيما بينه وبينه ، أن يقدم بين يدي ذلك صدقة تطهره وتزكيه وتؤهله لأن يصلح لهذا المقام ; ولهذا قال : ( ذلك خير لكم وأطهر )

ثم قال : ( فإن لم تجدوا ) أي : إلا من عجز عن ذلك لفقده ( فإن الله غفور رحيم ) فما أمر بها إلا من قدر عليها .
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,924
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ ۚ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المجادلة : 13]
ثم قال : ( أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات ) أي : أخفتم من استمرار هذا الحكم عليكم من وجوب الصدقة قبل مناجاة الرسول.
( فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون ) فنسخ وجوب ذلك عنهم .

وقد قيل : إنه لم يعمل بهذه الآية قبل نسخها سوى علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه .

قال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : نهوا عن مناجاة النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى يتصدقوا ، فلم يناجه إلا علي بن أبي طالب ، قدم دينارا صدقة تصدق به ، ثم ناجى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن عشر خصال ، ثم أنزلت الرخصة .

وقال ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، قال علي ، رضي الله عنه :
آية في كتاب الله عز وجل لم يعمل بها أحد قبلي ، ولا يعمل بها أحد بعدي ، كان عندي دينار فصرفته بعشرة دراهم ، فكنت إذا ناجيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تصدقت بدرهم ، فنسخت ولم يعمل بها أحد قبلي ، ولا يعمل بها أحد بعدي ، ثم تلا هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) الآية .

وقال ابن جرير :
حدثنا ابن حميد ، حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن عثمان بن المغيرة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن علي بن علقمة الأنماري ، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
" ما ترى ، دينارا ؟ " .
قال : لا يطيقون .
قال : " نصف دينار ؟ " .
قال : لا يطيقون .
قال : " ما ترى ؟ "
قال : شعيرة ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إنك زهيد قال :
قال علي : فبي خفف الله عن هذه الأمة ، وقوله :
( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ).
فنزلت : ( أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات )

ورواه الترمذي ، عن سفيان بن وكيع ، عن يحيى بن آدم ، عن عبيد الله الأشجعي ، عن سفيان الثوري ، عن عثمان بن المغيرة الثقفي ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن علي بن علقمة الأنماري ، عن علي بن أبي طالب قال : لما نزلت :
( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) إلى آخرها ، قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ما ترى ، دينارا ؟ "
قلت لا يطيقونه . وذكره بتمامه ، مثله ، ثم قال : " هذا حديث حسن غريب ، إنما نعرفه من هذا الوجه " . ثم قال : ومعنى قوله : " شعيرة " : يعني وزن شعيرة من ذهب

ورواه أبو يعلى ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن يحيى بن آدم به .

وقال العوفي ، عن ابن عباس في قوله :
( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) إلى ( فإن الله غفور رحيم ) كان المسلمون يقدمون بين يدي النجوى صدقة ، فلما نزلت الزكاة نسخ هذا .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : ( فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) وذلك أن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى شقوا عليه ، فأراد الله أن يخفف عن نبيه ، عليه السلام .
فلما قال ذلك صبر كثير من الناس وكفوا عن المسألة ، فأنزل الله بعد هذا : ( أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقة فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) فوسع الله عليهم ولم يضيق .

وقال عكرمة ، والحسن البصري في قوله : ( فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) نسختها الآية التي بعدها ( أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) إلى آخرها .

وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ، ومقاتل بن حيان : سأل الناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أحفوه بالمسألة ، فقطعهم الله بهذه الآية ، فكان الرجل منهم إذا كانت له الحاجة إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يستطيع أن يقضيها حتى يقدم بين يديه صدقة ، فاشتد ذلك عليهم ، فأنزل الله الرخصة بعد ذلك : ( فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم )

وقال معمر ، عن قتادة : ( إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) إنها منسوخة : ما كانت إلا ساعة من نهار . وهكذا روى عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن مجاهد قال علي : ما عمل بها أحد غيري حتى نسخت وأحسبه قال : وما كانت إلا ساعة .
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,924
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [المجادلة : 15]
ثم قال : ( أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون ) أي : أرصد الله لهم على هذا الصنيع العذاب الأليم على أعمالهم السيئة ، وهي موالاة الكافرين ونصحهم ، ومعاداة المؤمنين وغشهم ; ولهذا قال تعالى:

( اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ) [المجادلة : 16]
( اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله ) أي : أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر ، واتقوا بالأيمان الكاذبة ، فظن كثير ممن لا يعرف حقيقة أمرهم صدقهم فاغتر بهم ، فحصل بهذا صد عن سبيل الله لبعض الناس.
( فلهم عذاب مهين ) أي : في مقابلة ما امتهنوا من الحلف باسم الله العظيم في الأيمان الكاذبة الحانثة .

@@@@@@@

( لَّن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا ۚ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [المجادلة : 17]
قال تعالى: "لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا" أي لن يدفع ذلك عنهم بأسا إذا جاءهم "أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون".
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,924
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ ۖ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ ۚ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ) [المجادلة : 18]
ثم قال : ( يوم يبعثهم الله جميعا ) أي : يحشرهم يوم القيامة عن آخرهم فلا يغادر منهم أحدا.
( فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ) أي : يحلفون بالله عز وجل ، أنهم كانوا على الهدى والاستقامة ، كما كانوا يحلفون للناس في الدنيا ; لأن من عاش على شيء مات عليه وبعث عليه ، ويعتقدون أن ذلك ينفعهم عند الله كما كان ينفعهم عند الناس ، فيجرون عليهم الأحكام الظاهرة ; ولهذا قال :
( ويحسبون أنهم على شيء ) أي : حلفهم ذلك لربهم ، عز وجل .

ثم قال منكرا عليهم حسبانهم: ( ألا إنهم هم الكاذبون ) فأكد الخبر عنهم بالكذب .

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبي ، حدثنا ابن نفيل ، حدثنا زهير عن سماك بن حرب ، حدثني سعيد بن جبير ; أن ابن عباس حدثه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في ظل حجرة من حجره ، وعنده نفر من المسلمين قد كان يقلص عنهم الظل ، قال :
" إنه سيأتيكم إنسان ينظر بعيني شيطان ، فإذا أتاكم فلا تكلموه " .
فجاء رجل أزرق ، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمه ، فقال ;
" علام تشتمني أنت وفلان وفلان ؟ " - نفر دعاهم بأسمائهم - قال :
فانطلق الرجل فدعاهم ، فحلفوا له واعتذروا إليه ، قال فأنزل الله ، عز وجل :
( فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون )

وهكذا رواه الإمام أحمد من طريقين ، عن سماك به ورواه ابن جرير ، عن محمد بن المثنى ، عن غندر ، عن شعبة ، عن سماك ، به نحوه ، وأخرجه أيضا من حديث سفيان الثوري ، عن سماك بنحوه . إسناد جيد ولم يخرجوه .

وحال هؤلاء كما أخبر الله تعالى عن المشركين حيث يقول :
( ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون ) [ الأنعام : 23 ، 24 ]
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,924
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) [المجادلة : 19]
ثم قال : ( استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله ) أي : استحوذ على قلوبهم الشيطان حتى أنساهم أن يذكروا الله ، عز وجل ، وكذلك يصنع بمن استحوذ عليه ; ولهذا قال أبو داود :

حدثنا أحمد بن يونس ، حدثنا زائدة ، حدثنا السائب بن حبيش ، عن معدان بن أبي طلحة اليعمري ، عن أبي الدرداء :
سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
" ما من ثلاثة في قرية ولا بدو ، لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان ، فعليك بالجماعة ، فإنما يأكل الذئب القاصية " .
قال زائدة : قال السائب : يعني الصلاة في الجماعة .

ثم قال تعالى :
( أولئك حزب الشيطان ) يعني : الذين استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله .
ثم قال تعالى : ( ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون )
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,924
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ) [المجادلة : 20]
يقول تعالى مخبرا عن الكفار المعاندين المحادين لله ورسوله ، يعني : الذين هم في حد والشرع في حد ، أي : مجانبون للحق مشاقون له ، هم في ناحية والهدى في ناحية.
( أولئك في الأذلين ) أي : في الأشقياء المبعدين المطرودين عن الصواب ، الأذلين في الدنيا والآخرة .

@@@@@@@

( كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [المجادلة : 21]
( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ) أي : قد حكم وكتب في كتابه الأول وقدره الذي لا يخالف ولا يمانع ، ولا يبدل ، بأن النصرة له ولكتابه ورسله وعباده المؤمنين في الدنيا والآخرة ، وأن العاقبة للمتقين ، كما قال تعالى :
( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ) [ غافر : 51 ، 52 ]
وقال ها هنا: ( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز ) أي : كتب القوي العزيز أنه الغالب لأعدائه .
وهذا قدر محكم وأمر مبرم ، أن العاقبة والنصرة للمؤمنين في الدنيا والآخرة .
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,924
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [المجادلة : 22]
ثم قال تعالى :
( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ) أي : لا يوادون المحادين ولو كانوا من الأقربين ، كما قال تعالى :
( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه ) [ آل عمران : 28 ] الآية.
وقال تعالى : ( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين ) [ التوبة : 24 ]

وقد قال سعيد بن عبد العزيز وغيره :
أنزلت هذه الآية ( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر ) إلى آخرها في أبي عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح ، حين قتل أباه يوم بدر ولهذا قال عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، حين جعل الأمر شورى بعده في أولئك الستة ، رضي الله عنهم :
" ولو كان أبو عبيدة حيا لاستخلفته " .

وقيل في قوله : ( ولو كانوا آباءهم ) نزلت في أبي عبيدة قتل أباه يوم بدر.
( أو أبناءهم ) في الصديق هم يومئذ بقتل ابنه عبد الرحمن.
( أو إخوانهم ) في مصعب بن عمير ، قتل أخاه عبيد بن عمير يومئذ.
( أو عشيرتهم ) في عمر قتل قريبا له يومئذ أيضا ، وفي حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث ، قتلوا عتبة ، وشيبة ، والوليد بن عتبة يومئذ ، والله أعلم .

قلت : ومن هذا القبيل حين استشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمين في أسارى بدر فأشار الصديق بأن يفادوا ، فيكون ما يؤخذ منهم قوة للمسلمين ، وهم بنو العم والعشيرة ، ولعل الله أن يهديهم .
وقال عمر : لا أرى ما رأى يا رسول الله ، هل تمكني من فلان ؟ - قريب لعمر - فأقتله ، وتمكن عليا من عقيل وتمكن فلانا من فلان ، ليعلم الله أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين . . . القصة بكاملها .

وقوله : ( أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ) أي : من اتصف بأنه لا يواد من حاد الله ورسوله ولو كان أباه أو أخاه ، فهذا ممن كتب الله في قلبه الإيمان ، أي : كتب له السعادة وقررها في قلبه وزين الإيمان في بصيرته .

وقال السدي : ( كتب في قلوبهم الإيمان ) جعل في قلوبهم الإيمان .

وقال ابن عباس : ( وأيدهم بروح منه ) أي : قواهم .

وقوله : ( ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه ) كل هذا تقدم تفسيره غير مرة .

وفي قوله : ( رضي الله عنهم ورضوا عنه ) سر بديع ، وهو أنه لما سخطوا على القرائب والعشائر في الله عوضهم الله بالرضا عنهم ، وأرضاهم عنه بما أعطاهم من النعيم المقيم ، والفوز العظيم ، والفضل العميم .

وقوله : ( أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ) أي : هؤلاء حزب الله ، أي : عباد الله وأهل كرامته .

وقوله : ( ألا إن حزب الله هم المفلحون ) تنويه بفلاحهم وسعادتهم ونصرهم في الدنيا والآخرة ، في مقابلة ما أخبر عن أولئك بأنهم حزب الشيطان . ثم قال : ( ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون )

وقد قال ابن أبي حاتم :
حدثنا هارون بن حميد الواسطي ، حدثنا الفضل بن عنبسة عن رجل قد سماه - يقال هو عبد الحميد بن سليمان انقطع من كتابي - عن الذيال بن عباد قال : كتب أبو حازم الأعرج إلى الزهري : اعلم أن الجاه جاهان ، جاه يجريه الله على أيدي أوليائه لأوليائه ، وأنهم الخامل ذكرهم ، الخفية شخوصهم ، ولقد جاءت صفتهم على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
" إن الله يحب الأخفياء الأتقياء الأبرياء ، الذين إذا غابوا لم يفتقدوا ، وإذا حضروا لم يدعوا ، قلوبهم مصابيح الهدى ، يخرجون من كل فتنة سوداء مظلمة فهؤلاء أولياء الله تعالى الذين قال الله : ( أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون )

وقال نعيم بن حماد :
حدثنا محمد بن ثور ، عن يونس ، عن الحسن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" اللهم ، لا تجعل لفاجر ولا لفاسق عندي يدا ولا نعمة ، فإني وجدت فيما أوحيته إلي :
( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ).
قال سفيان :
يرون أنها نزلت فيمن يخالط السلطان . ورواه أبو أحمد العسكري .
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,924
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الحديد : 1]
تفسير سورة الحديد وهي مدنية

قال الإمام أحمد :
حدثنا يزيد بن عبد ربه ، حدثنا بقية بن الوليد ، حدثني بحير بن سعد ، عن خالد بن معدان ، عن ابن أبي بلال ، عن عرباض بن سارية ، أنه حدثهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد ، وقال :
" إن فيهن آية أفضل من ألف آية " .
وهكذا رواه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، من طرق عن بقية به . وقال الترمذي : حسن غريب .

ورواه النسائي ، عن ابن أبي السرح ، عن ابن وهب ، عن معاوية بن صالح ، عن بحير بن سعد ، عن خالد بن معدان قال :
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . . . فذكره مرسلا لم يذكر عبد الله بن أبي بلال ، ولا العرباض بن سارية

والآية المشار إليها في الحديث هي - والله أعلم - قوله :
( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم ) كما سيأتي بيانه إن شاء الله ، وبه الثقة.

يخبر تعالى أنه يسبح له ما في السماوات والأرض أي : من الحيوانات والنباتات ، كما قال في الآية الأخرى :
( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا ) [ الإسراء : 44 ] .

وقوله : ( وهو العزيز ) أي : الذي قد خضع له كل شيء.
( الحكيم ) في خلقه ، وأمره ، وشرعه.

@@@@@@@@

( لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الحديد : 2]
أي هو المالك المتصرف في خلقه فيحيي ويميت ويعطي من يشاء ما يشاء.
"وهو على كل شيء قدير" أي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,924
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@@

( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الحديد : 3]

وقوله : ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن ) وهذه الآية هي المشار إليها في حديث العرباض بن سارية : أنها أفضل من ألف آية .

وقال أبو داود : حدثنا عباس بن عبد العظيم ، حدثنا النضر بن محمد ، حدثنا عكرمة - يعني بن عمار - حدثنا أبو زميل قال :
سألت ابن عباس فقلت : ما شيء أجده في صدري ؟
قال : ما هو ؟
قلت : والله لا أتكلم به.
قال : فقال لي أشيء من شك ؟ قال : - وضحك - قال : ما نجا من ذلك أحد قال : حتى أنزل الله:
( فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك
[ لقد جاءك الحق من ربك ] ) الآية [ يونس : 94 ] قال
وقال لي : إذا وجدت في نفسك شيئا فقل :
( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم ).

وقد اختلفت عبارات المفسرين في هذه الآية وأقوالهم على نحو من بضعة عشر قولا .

وقال البخاري : قال يحيى : الظاهر على كل شيء علما والباطن على كل شيء علما

قال شيخنا الحافظ المزي : يحيى هذا هو بن زياد الفراء ، له كتاب سماه : " معاني القرآن " .

وقد ورد في ذلك أحاديث ، فمن ذلك ما قال الإمام أحمد :
حدثنا خلف بن الوليد ، حدثنا ابن عياش ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو عند النوم :
" اللهم رب السماوات السبع ، ورب العرش العظيم ، ربنا ورب كل شيء ، منزل التوراة ، والإنجيل والفرقان ، فالق الحب والنوى ، لا إله إلا أنت ، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته ، أنت الأول ليس قبلك شيء ، وأنت الآخر ليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر ليس فوقك شيء ، وأنت الباطن ليس دونك شيء . اقض عنا الدين ، وأغننا من الفقر "

ورواه مسلم في صحيحه :
حدثني زهير بن حرب ، حدثنا جرير ، عن سهيل قال :
كان أبو صالح يأمرنا إذا أراد أحدنا أن ينام : أن يضطجع على شقه الأيمن ، ثم يقول : اللهم رب السماوات ، ورب الأرض ، ورب العرش العظيم ، ربنا ورب كل شيء ، فالق الحب والنوى ، ومنزل التوراة ، والإنجيل ، والفرقان ، أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته ، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، اقض عنا الدين ، وأغننا من الفقر .

وكان يروي ذلك عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -

وقد روى الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده عن عائشة أم المؤمنين نحو هذا ، فقال حدثنا عقبة ، حدثنا يونس ، حدثنا السري بن إسماعيل ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة أنها قالت :
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بفراشه فيفرش له مستقبل القبلة ، فإذا أوى إليه توسد كفه اليمنى ، ثم همس - ما يدرى ما يقول - فإذا كان في آخر الليل رفع صوته فقال :
" اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ، إله كل شيء ، ورب كل شيء ، ومنزل التوراة ، والإنجيل ، والفرقان ، فالق الحب والنوى ، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته ، اللهم أنت الأول الذي ليس قبلك شيء ، وأنت الآخر الذي ليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، اقض عنا الدين ، وأغننا من الفقر "

السري بن إسماعيل هذا ابن عم الشعبي ، وهو ضعيف جدا والله أعلم .

وقال أبو عيسى الترمذي عند تفسير هذه الآية :
حدثنا عبد بن حميد وغير واحد - المعنى واحد - قالوا : حدثنا يونس بن محمد ، حدثنا شيبان بن عبد الرحمن ، عن قتادة قال : حدث الحسن ، عن أبي هريرة قال :
بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس وأصحابه ، إذ أتى عليهم سحاب فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - :
" هل تدرون ما هذا ؟ " .
قالوا : الله ورسوله أعلم .
قال : " هذا العنان ، هذه روايا الأرض تسوقه إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه " .
ثم قال : " هل تدرون ما فوقكم ؟
قالوا الله ورسوله أعلم.
قال : " فإنها الرقيع ، سقف محفوظ ، وموج مكفوف " .
ثم قال : " هل تدرون كم بينكم وبينها ؟ "
قالوا : الله ورسوله أعلم.
قال : " بينكم وبينها خمسمائة سنة " .
ثم قال : " هل تدرون ما فوق ذلك ؟ ".
قالوا : الله ورسوله أعلم.
قال : " فإن فوق ذلك سماء بعد ما بينهما مسيرة خمسمائة سنة - حتى عد سبع سماوات - ما بين كل سماءين كما بين السماء والأرض " .
ثم قال : " هل تدرون ما فوق ذلك ؟ "
قالوا : الله ورسوله أعلم .
قال : " فإن فوق ذلك العرش ، وبينه وبين السماء بعد ما بين السماءين " .
ثم قال : " هل تدرون ما الذي تحتكم ؟ " .
قالوا : الله ورسوله أعلم .
قال : " فإنها الأرض " .
ثم قال : " هل تدرون ما الذي تحت ذلك ؟ " .
قالوا : الله ورسوله أعلم .
قال : " فإن تحتها أرضا أخرى بينهما مسيرة خمسمائة سنة - حتى عد سبع أرضين - بين كل أرضين مسيرة خمسمائة سنة " .
ثم قال : " والذي نفس محمد بيده ، لو أنكم دليتم بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله " ، ثم قرأ :
( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم )

ثم قال الترمذي : هذا حديث غريب من هذا الوجه ، ويروى عن أيوب ، ويونس - يعني بن عبيد - وعلي بن زيد قالوا :
لم يسمع الحسن من أبي هريرة .

وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقالوا :
إنما هبط على علم الله ، وقدرته ، وسلطانه ، وعلم الله ، وقدرته ، وسلطانه في كل مكان ، وهو على العرش ، كما وصف في كتابه . انتهى كلامه

وقد روى الإمام أحمد هذا الحديث عن سريج ، عن الحكم بن عبد الملك ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكره ، وعنده بعد ما بين الأرضين مسيرة سبعمائة عام ، وقال : " لو دليتم أحدكم بحبل إلى الأرض السفلى السابعة لهبط على الله " ، ثم قرأ : ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم )

ورواه بن أبي حاتم ، والبزار من حديث أبي جعفر الرازي ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن أبي هريرة . . . فذكر الحديث ، ولم يذكر ابن أبي حاتم آخره وهو قوله : " لو دليتم بحبل " ، وإنما قال : " حتى عد سبع أرضين بين كل أرضين مسيرة خمسمائة عام " ، ثم تلا ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم )

وقال البزار : لم يروه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أبو هريرة .

ورواه ابن جرير ، عن بشر ، عن يزيد ، عن سعيد ، عن قتادة :
( هو الأول والآخر والظاهر والباطن )
ذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - بينما هو جالس في أصحابه إذ ثار عليهم سحاب ، فقال : " هل تدرون ما هذا ؟ " وذكر الحديث مثل سياق الترمذي سواء ، إلا أنه مرسل من هذا الوجه ، ولعل هذا هو المحفوظ ، والله أعلم .

وقد روي من حديث أبي ذر الغفاري ، رضي الله عنه وأرضاه ، رواه البزار في مسنده ، والبيهقي في كتاب الأسماء والصفات ، ولكن في إسناده نظر ، وفي متنه غرابة ونكارة ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

وقال ابن جرير عند قوله تعالى:
( ومن الأرض مثلهن ) [ الطلاق " 12 " ]

حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قال :
التقى أربعة من الملائكة بين السماء والأرض ، فقال بعضهم لبعض : من أين جئت ؟
قال أحدهم : أرسلني ربي ، عز وجل ، من السماء السابعة ، وتركته.
ثم ، قال الآخر : أرسلني ربي ، عز وجل من الأرض السابعة ، وتركته.
ثم ، قال الآخر : أرسلني ربي من المشرق ، وتركته.
ثم قال الآخر : أرسلني ربي من المغرب ، وتركته ، ثم

وهذا [ حديث ] غريب جدا ، وقد يكون الحديث الأول موقوفا على قتادة كما روي ها هنا من قوله ، والله أعلم .
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,924
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۖ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) [الحديد : 4]

يخبر تعالى عن خلقه السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ، ثم أخبر باستوائه على العرش بعد خلقهن ، وقد تقدم الكلام على هذه الآية وأشباهها في سورة " الأعراف بما أغنى عن إعادته ها هنا .

( يعلم ما يلج في الأرض ) أي : يعلم عدد ما يدخل فيها من حب وقطر .
( وما يخرج منها ) من زرع ونبات وثمار ، كما قال :
( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ) [ الأنعام : 59 ] .

وقوله : ( وما ينزل من السماء ) أي : من الأمطار ، والثلوج والبرد ، والأقدار والأحكام مع الملائكة الكرام ، وقد تقدم في سورة " البقرة :
" أنه ما ينزل من قطرة من السماء إلا ومعها ملك يقررها في المكان الذي يأمر الله به حيث يشاء تعالى" .

وقوله : ( وما يعرج فيها ) أي : من الملائكة والأعمال ، كما جاء في الصحيح :
" يرفع إليه عمل الليل قبل النهار ، وعمل النهار قبل الليل "

وقوله : ( وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير ) أي : رقيب عليكم ، شهيد على أعمالكم حيث أنتم ، وأين كنتم ، من بر أو بحر ، في ليل أو نهار ، في البيوت أو القفار ، الجميع في علمه على السواء ، وتحت بصره وسمعه ، فيسمع كلامكم ويرى مكانكم ، ويعلم سركم ونجواكم ، كما قال :
( ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور ) [ هود : 5 ] .
وقال: ( سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار ) [ الرعد : 10 ].
فلا إله غيره ولا رب سواه .
وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه سلم قال لجبريل ، لما سأله عن الإحسان :
" أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " .

وروى الحافظ أبو بكر الإسماعيلي من حديث نصر بن خزيمة بن جنادة بن محفوظ بن علقمة ، حدثني أبي ، عن نصر بن علقمة ، عن أخيه ، عن عبد الرحمن بن عائذ قال : قال عمر :
جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : زودني كلمة أعيش بها.
فقال : " استح الله كما تستحي رجلا من صالح عشيرتك لا يفارقك "

هذا حديث غريب ، وروى أبو نعيم من حديث عبد الله بن معاوية الغاضري مرفوعا :
" ثلاث من فعلهن فقد طعم الإيمان : من عبد الله وحده ، وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه في كل عام ، ولم يعط الهرمة ، ولا الدرنة ، ولا الشرط اللئيمة ، ولا المريضة ، ولكن من أوسط أموالكم . وزكى نفسه ".
وقال رجل : يا رسول الله ، ما تزكية المرء نفسه ؟
فقال : " يعلم أن الله معه حيث كان "

وقال نعيم بن حماد ، رحمه الله :
حدثنا عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي ، عن محمد بن مهاجر ، عن عروة بن رويم ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن عبادة بن الصامت قال :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" إن أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك حيثما كنت " . غريب .

وكان الإمام أحمد ينشد هذين البيتين :

إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل
خلوت ولكن قل علي رقيب

ولا تحسبن الله يغفل ساعة
ولا أن ما يخفى عليه يغيب.
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,924
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) [الحديد : 5]
وقوله : ( له ملك السماوات والأرض وإلى الله ترجع الأمور ) أي : هو المالك للدنيا والآخرة كما قال :
( وإن لنا للآخرة والأولى ) [ الليل : 13 ].
وهو المحمود على ذلك ، كما قال :
( وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة ) [ القصص : 70 ].
وقال: ( الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير ) [ سبإ : 1 ] .
فجميع ما في السماوات والأرض ملك له ، وأهلهما عبيد أرقاء أذلاء بين يديه كما قال :
( إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ) [ مريم : 93 - 95 ].
ولهذا قال : ( وإلى الله ترجع الأمور ) أي : إليه المرجع يوم القيامة ، فيحكم في خلقه بما يشاء ، وهو العادل الذي لا يجور ولا يظلم مثقال ذرة ، بل إن يكن أحدهم عمل حسنة واحدة يضاعفها إلى عشر أمثالها.
( ويؤت من لدنه أجرا عظيما ) [ النساء : 40 ].
وكما قال تعالى : ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ) [ الأنبياء : 47 ] .

@@@@@

( يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ۚ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) [الحديد : 6]
قوله : ( يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ) أي : هو المتصرف في الخلق ، يقلب الليل والنهار ويقدرهما بحكمته كما يشاء ، فتارة يطول الليل ، ويقصر النهار ، وتارة بالعكس ، وتارة يتركهما معتدلين . وتارة يكون الفصل شتاء ، ثم ربيعا ، ثم قيظا ، ثم خريفا ، وكل ذلك بحكمته وتقديره لما يريده بخلقه.
( وهو عليم بذات الصدور ) أي : يعلم السرائر وإن دقت ، وإن خفيت .
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,924
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ۖ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ) [الحديد : 7]

أمر تعالى بالإيمان به وبرسوله على الوجه الأكمل ، والدوام والثبات على ذلك والاستمرار ، وحث على الإنفاق مما جعلكم مستخلفين فيه أي مما هو معكم على سبيل العارية ، فإنه قد كان في أيدي من قبلكم ، ثم صار إليكم ، فأرشد تعالى إلى استعمال ما استخلفهم فيه من المال في طاعته ، فإن يفعلوا وإلا حاسبهم عليه وعاقبهم لتركهم الواجبات فيه .
وقوله : ( مما جعلكم مستخلفين فيه ) فيه إشارة إلى أنه سيكون مخلفا عنك ، فلعل وارثك أن يطيع الله فيه ، فيكون أسعد بما أنعم الله به عليك منك ، أو يعصي الله فيه فتكون قد سعيت في معاونته على الإثم والعدوان .

قال الإمام أحمد :
حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، سمعت قتادة يحدث ، عن مطرف - يعني بن عبد الله بن الشخير - عن أبيه قال : انتهيت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول : " ( ألهاكم التكاثر ) [ التكاثر : 1 ] ، يقول ابن آدم : مالي مالي ! وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدقت فأمضيت ؟ " .
ورواه مسلم من حديث شعبة به وزاد : " وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس "
وقوله : ( فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير ) ترغيب في الإيمان والإنفاق في الطاعة ،

@@@@@@@@@@

( وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۙ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) [الحديد : 8]

ثم قال : ( وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم ) ؟ أي : وأي شيء يمنعكم من الإيمان والرسول بين أظهركم ، يدعوكم إلى ذلك ويبين لكم الحجج والبراهين على صحة ما جاءكم به ؟
وقد روينا في الحديث من طرق في أوائل شرح " كتاب الإيمان " من صحيح البخاري :
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوما لأصحابه : " أي المؤمنين أعجب إليكم إيمانا ؟ "
قالوا : الملائكة .
قال : " وما لهم لا يؤمنون وهم عند ربهم ؟ "
قالوا : فالأنبياء .
قال : " وما لهم لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم ؟ " .
قالوا : فنحن ؟
قال : " وما لكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم ؟
ولكن أعجب المؤمنين إيمانا قوم يجيئون بعدكم يجدون صحفا يؤمنون بما فيها "
وقد ذكرنا طرفا من هذا في أول سورة " البقرة " عند قوله : ( الذين يؤمنون بالغيب ) [ البقرة : 3 ] .
وقوله : ( وقد أخذ ميثاقكم ) كما قال :
( واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا ) [ المائدة : 7 ] . ويعني بذلك : بيعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
وزعم ابن جرير أن المراد بذلك الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم ، وهو مذهب مجاهد ، فالله أعلم .
 
Comment

ندى الورد

سيَدِة آلُقصرٍ
المدير العام
إنضم
17 مايو 2021
المشاركات
60,790
مستوى التفاعل
70,550
الإقامة
من المدينة المنورة
مجموع اﻻوسمة
24
تفسير ابن كثير ( متجدد )
قال الله سُبحانه وتعالى: ‏﴿نَحۡنُ أَوۡلِیَاۤؤُكُمۡ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَفِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ وَلَكُمۡ فِیهَا مَا تَشۡتَهِیۤ أَنفُسُكُمۡ وَلَكُمۡ فِیهَا مَا تَدَّعُونَ‏﴾





أي: تقول الملائكة للمؤمنين عند الاحتضار: نحن كنَّا أولياءَكم، أي: قرناءَكم في الحياة الدُّنيا، نسدِّدكم ونوفِّقكم، ونحفظكم بأمر الله، وكذلك نكون معكم في الآخرة نؤنس منكم الوحشة في القبور، وعند النَّفخة في الصُّور، ونؤمِّنكم يوم البعث والنُّشور، ونجاوز بكم الصِّراط المُستقيم، ونوصلكم إلى جنَّات النَّعيم.





[تفسير ابن كثير | سورة فصّلت]
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,924
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ) [الحديد : 9]
وقوله : ( هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ) أي : حججا واضحات ، ودلائل باهرات ، وبراهين قاطعات.
( ليخرجكم من الظلمات إلى النور ) أي : من ظلمات الجهل والكفر والآراء المتضادة إلى نور الهدى واليقين والإيمان.
( وإن الله بكم لرءوف رحيم ) أي : في إنزاله الكتب وإرساله الرسل لهداية الناس ، وإزاحة العلل وإزالة الشبه .

ولما أمرهم أولا بالإيمان والإنفاق ، ثم حثهم على الإيمان ، وبين أنه قد أزال عنهم موانعه ، حثهم أيضا على الإنفاق .
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
13,923
مستوى التفاعل
8,924
مجموع اﻻوسمة
8
تفسير ابن كثير ( متجدد )
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@@

( وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [الحديد : 10]
فقال : ( وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض ) أي : أنفقوا ولا تخشوا فقرا وإقلالا فإن الذي أنفقتم في سبيله هو مالك السماوات والأرض ، وبيده مقاليدهما ، وعنده خزائنهما ، وهو مالك العرش بما حوى ، وهو القائل : ( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ) [ سبإ : 39 ].
وقال ( ما عندكم ينفد وما عند الله باق ) [ النحل : 96 ]
فمن توكل على الله أنفق ، ولم يخش من ذي العرش إقلالا وعلم أن الله سيخلفه عليه .

وقوله : ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل ) أي : لا يستوي هذا ومن لم يفعل كفعله ، وذلك أن قبل فتح مكة كان الحال شديدا ، فلم يكن يؤمن حينئذ إلا الصديقون ، وأما بعد الفتح فإنه ظهر الإسلام ظهورا عظيما ، ودخل الناس في دين الله أفواجا ; ولهذا قال :
( أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى )

والجمهور على أن المراد بالفتح ها هنا فتح مكة .
وعن الشعبي وغيره أن المراد بالفتح ها هنا : صلح الحديبية ، وقد يستدل لهذا القول بما قال الإمام أحمد :

حدثنا أحمد بن عبد الملك ، حدثنا زهير ، حدثنا حميد الطويل ، عن أنس قال :
كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام ، فقال خالد لعبد الرحمن : تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها ؟ فبلغنا أن ذلك ذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال :
" دعوا لي أصحابي فوالذي نفسي بيده ، لو أنفقتم مثل أحد - أو مثل الجبال - ذهبا ، ما بلغتم أعمالهم "

ومعلوم أن إسلام خالد بن الوليد المواجه بهذا الخطاب كان بين صلح الحديبية وفتح مكة ، وكانت هذه المشاجرة بينهما في بني جذيمة الذين بعث إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد بعد الفتح ، فجعلوا يقولون : " صبأنا ، صبأنا " ، فلم يحسنوا أن يقولوا : " أسلمنا " ، فأمر خالد بقتلهم وقتل من أسر منهم ، فخالفه عبد الرحمن بن عوف ، وعبد الله بن عمر ، وغيرهما . فاختصم خالد ، وعبد الرحمن بسبب ذلك

والذي في الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لا تسبوا أصحابي ، فوالذي نفسي بيده ، لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ، ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه "

وروى ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، من حديث ابن وهب :
أخبرنا هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري أنه قال :
خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية ، حتى إذا كنا بعسفان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" يوشك أن يأتي قوم تحقرون أعمالكم مع أعمالهم ".
فقلنا : من هم يا رسول الله أقريش ؟
قال : لا ، ولكن أهل اليمن ، هم أرق أفئدة ، وألين قلوبا " .
فقلنا : أهم خير منا يا رسول الله ؟
قال : " لو كان لأحدهم جبل من ذهب فأنفقه ، ما أدرك مد أحدكم ولا نصيفه ، ألا إن هذا فضل ما بيننا وبين الناس ، ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير )

وهذا الحديث غريب بهذا السياق ، والذي في الصحيحين من رواية جماعة ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد - ذكر الخوارج - : " تحقرون صلاتكم مع صلاتهم ، وصيامكم مع صيامهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية " الحديث . ولكن روى ابن جرير هذا الحديث من وجه آخر ، فقال :

حدثني بن البرقي ، حدثنا بن أبي مريم ، أخبرنا محمد بن جعفر ، أخبرني زيد بن أسلم ، عن أبي سعيد التمار ، عن أبي سعيد الخدري : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" يوشك أن يأتي قوم تحقرون أعمالكم مع أعمالهم " .
قلنا : من هم يا رسول الله ؟ قريش ؟
قال : " لا ، ولكن أهل اليمن ، لأنهم أرق أفئدة ، وألين قلوبا " . وأشار بيده إلى اليمن ، فقال : " هم أهل اليمن ، ألا إن الإيمان يمان ، والحكمة يمانية " .
فقلنا : يا رسول الله ، هم خير منا ؟
قال : " والذي نفسي بيده ، لو كان لأحدهم جبل من ذهب ينفقه ما أدى مد أحدكم ولا نصيفه " . ثم جمع أصابعه ومد خنصره ، وقال : " ألا إن هذا فضل ما بيننا وبين الناس ، ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير ) ] "

فهذا السياق ليس فيه ذكر الحديبية فإن كان ذلك محفوظا كما تقدم ، فيحتمل أنه أنزل قبل الفتح إخبارا عما بعده ، كما في قوله تعالى في سورة " المزمل " - وهي مكية ، من أوائل ما نزل - : ( وآخرون يقاتلون في سبيل الله ) الآية [ المزمل : 20 ] فهي بشارة بما يستقبل ، وهكذا هذه والله أعلم .

وقوله : ( وكلا وعد الله الحسنى ) يعني المنفقين قبل الفتح وبعده ، كلهم لهم ثواب على ما عملوا ، وإن كان بينهم تفاوت في تفاضل الجزاء كما قال : ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما ) [ النساء : 95 ] .
وهكذا الحديث الذي في الصحيح : " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، وفي كل خير "
وإنما نبه بهذا لئلا يهدر جانب الآخر بمدح الأول دون الآخر ، فيتوهم متوهم ذمه ; فلهذا عطف بمدح الآخر والثناء عليه ، مع تفضيل الأول عليه ; ولهذا قال :
( والله بما تعملون خبير ) أي : فلخبرته فاوت بين ثواب من أنفق من قبل الفتح وقاتل ، ومن فعل ذلك بعد ذلك ، وما ذلك إلا لعلمه بقصد الأول وإخلاصه التام ، وإنفاقه في حال الجهد والقلة والضيق .
وفي الحديث : " سبق درهم مائة ألف "
ولا شك عند أهل الإيمان أن الصديق أبا بكر رضي الله عنه ، له الحظ الأوفر من هذه الآية ، فإنه سيد من عمل بها من سائر أمم الأنبياء ، فإنه أنفق ماله كله ابتغاء وجه الله ، عز وجل ، ولم يكن لأحد عنده نعمة يجزيه بها .

وقد قال أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي عند تفسير هذه الآية أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أخبرنا عبد الله بن حامد بن محمد ، أخبرنا أحمد بن إسحاق بن أيوب ، أخبرنا محمد بن يونس ، حدثنا العلاء بن عمرو الشيباني ، حدثنا أبو إسحاق الفزاري ، حدثنا سفيان بن سعيد ، عن آدم بن علي ، عن ابن عمر قال :
كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده أبو بكر الصديق ، وعليه عباءة قد خلها في صدره بخلال ، فنزل جبريل فقال : مالي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خلها في صدره بخلال ؟
فقال : " أنفق ماله علي قبل الفتح "
قال : فإن الله يقول : اقرأ عليه السلام ، وقل له : أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط ؟
فقال رسول الله : " يا أبا بكر ، إن الله يقرأ عليك السلام ، ويقول لك : أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط ؟ "
فقال : أبو بكر ، رضي الله عنه : أسخط على ربي عز وجل ؟ ! إني عن ربي راض..

هذا الحديث ضعيف الإسناد من هذا الوجه .
 
Comment
أعلى