(( مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكَهُ مَا لَا يَعْنِيهِ ))
عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-:
(( إِنَّ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكَهُ مَا لَا يَعْنِيهِ))
صححه الألباني في
صحيح الترمذي(2318).
ومعنى"من حسن إسلام المرء": أي من كمال إسلامه
" ما لا يعنيه": ما لا يُهِمُّه.
منزلة الحديث:
◙ هذا الحديث عظيم،
وهو أصل كبير في تأديب النفس وتهذيبها، وصيانتها عن الرذائل والنقائص، وترك ما لا جدوى فيه ولا نفع .
الجواهر اللؤلؤية شرح الأربعين النووية (123)
◙ قال ابن رجب -رحمه الله- :
(( هذا الحديث أصل من أصول الأدب ))
جامع العلوم والحكم (1/ 207)
◙ قال حمزة الكناني -رحمه الله- :
(( هذا الحديث ثلث الإسلام ))
تنوير الحوالك (3/ 96).
◙ قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله:
(( وهذا الحديث ربع الإسلام على ما قاله أبو داود، وأقول: بل هو نصف الإسلام، بل هو الإسلام كله))
فتح المبين (128)
شرح الحديث:
(( من حسن إسلام المرء: تركه ما لا يعنيه ))
أي: من جملة محاسن إسلام الإنسان، وكمال إيمانه: تركه ما لا يُهمه من شؤون الدنيا، سواء من قول أو فعل.
وقيل: فإن اقتصر الإنسان على ما يعنيه من الأمور، سَلِمَ من شر عظيم، والسلامة من الشر خير.
توضيح الأحكام (6/ 293)
وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله:
(( إن من لم يترك ما لا يعنيه، فإنه مسيء في إسلامه))
بهجة قلوب الأبرار (221).
قال ابن رجب رحمه الله :
وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ : أَنَّ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِهِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا يَعْنِيهِ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ .
وَمَعْنَى يَعْنِيهِ: أَنَّهُ تَتَعَلَّقُ عِنَايَتُهُ بِهِ، وَيَكُونُ مِنْ مَقْصِدِهِ وَمَطْلُوبِهِ، وَالْعِنَايَةُ: شِدَّةُ الِاهْتِمَامِ بِالشَّيْءِ، يُقَالُ عَنَاهُ يَعْنِيهِ: إِذَا اهْتَمَّ بِهِ وَطَلَبَهُ .
جامع العلوم والحكم (12)
وقال ابن القيم رحمه الله :
وقد جمع النبي ﷺ الورع كله في كلمة واحدة، فقال: ((من حسن إسلام المرء: تركُه ما لا يعنيه))، فهذا يعم الترك لما لا يعني: من الكلام، والنظر، والاستماع، والبطش، والمشي، والفكر، وسائر الحركات الظاهرة والباطنة، فهذه كلمة شافية في الورع.
مدارج السالكين (2/ 22).
قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله:
(( مَن عدَّ كلامه من عمله ، قلَّ كلامُه إلا فيما يعنيه))
تاريخ دمشق (48/117)
قال الحسن البصري رحمه الله:
(( مِن علامة إعراض الله تعالى عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه !))
جامع العلوم والحكم (316)
قال ابن عبد البر رحمه الله:
(( كلامه هذا ﷺ من الكلام الجامع للمعاني الكثيرة الجليلة ، في الألفاظ القليلة ، وهو مما لم يقلْه أحدٌ قبله ، والله أعلم .))
التمهيد (9/199)
وقال الشيخ الألباني رحمه الله:
(( يجب أن نفرق بين الأمور الخاصة المتعلقة بالإنسان ؛ فهنا لا ينبغي للمسلم أن يتداخل في شؤونه الخاصة ؛
أما إذا كان المسلم يقع في خطأ ؛ فعلى المسلم الذي يرى خطئه هذا أن يهتم به ، وأن يذكِّره بخطئه ، ولكن بالتي هي أحسن ، كما هي القاعدة القرآنية : { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن } ))
سلسلة الهدى والنور (3/220) .
الفوائد من الحديث:
1- ينبغي للإنسان أن يدع ما لا يعنيه؛ لأن ذلك أحفظ لوقته، وأسلم لدينه.
2- ترك اللغو والفضول دليل على كمال إسلام المرء .
3- الحث على استثمار الوقت بما يعود على العبد بالنفع .
4- البُعد عن سفاسف الأمور ومرذولها.
5- التدخل فيما لا يعني يؤدي إلى الشقاق بين الناس.
6- الحديث أصل عظيم للكمال الخلقي، وزينة للإنسان بين ذويه وأقرانه.
7- وفي الحديث حثٌّ على الاشتغال فيما يعني المرءَ من شؤون دِينه ودنياه، فإذا كان مِن حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، فمِن حُسنه إذًا اشتغالُه فيما يعنيه.