-
`
حتى لو همشت تبـقى صلابتي حازمــة
حتى لو أخذني الإعصار الجبار إلى مكان
آخر, تبـقى ملامح أثـار طبيعتي دائمــة
ونسيم الفكر
قد هب قبل
نسيم الفجر
وموقعي منذ زمن
على حالته الأولى
قابعة على حافة
نافذة مـــــدرسة
في دورها الــرابع
وتطل تلك النافذة
على صـــف دراسي
يوجد في داخله
أربعين مقعداً
وطــاولات بــمثل العــدد
وطاولـــة في مـقدمتهم
خلفها مقعداً أكبر حجماً
ومعلق على الجدار الأمامي
لوحة تـعلـيـم (ســبــــــورة)
وأنا أشـــــاهد هذا المنظر منذ أعوام
الصف الدراسي خالي الآن من الطلاب
حيث إن وقت حضورهم لم ينطلق بعد,
سوف أقوم بوصف
موقـعي لكم بشكل
أوسع إلى وقت رنين
جــرس الـــحضــــــور
مبنى المدرسة عبارة
عن خمسة طوابـــــق
يحيطها من الجـــــهة
الشرقية (حديــقـــــة)
على بعد أميال قليلة
وهذه الجـــــهة هـــي
التي أطل عليها أما عن
بقية الجهات لا أعرفها
لأن عين حالي لا تدركها !
ما عدا زاوية من الجهة
الشمالية أرى فيهـــــا
مواقــــف للــــسيارات
وألمح أحيانا العاملين
في المدرسة في وقت
حضورهم و إنصرافهم,
ها هم عمال النظافة قد دخلوا
للصف لــكي يقـومون بتنظيفه
أراهم وهم لا يلاحظوني لأني
مختبئة وراء الفاصل الجداري
للنافدة وإلا لأخذوني أنا أيضا
كونهم يرؤني من المُخلفات !
وبعد إنتهائهم من واجبهــم
خرجـوا من الصف متتابعين
وبعد عشر دقائق دخل الطلاب للصف
أعرف أسمائهم وأعرف مستوأهم
وأعرف الشـــــــــاطر منهم والبليد
وليد هو أول من يدخل الصف
طـفـــل مجتهد ذكي متفوق
ومراد أيضا وإسـلام وأيمــــن
وشــادي وريـــاض وســـــامر
جميعم لا يتاخرون عن موعـد
الحصة الأولى, وقد قامـــــوا
بفتح كتبهم مبكرًا والإستعداد,
ثم يدخل راشد وهو طالب غير مـــبالي
مهمل يهتم باللعب وكبير المشاغبين
ومعه شـاكر وحـامد وسـعد وجـــــلال
يقفون بوضعيات غريبة على طاولاتهم
وكأنهم يقومون بـحـركات بهــلـوانية !
وبقية الط…لاب متوسطي المستوى
ما بين هؤلاء وأولئك يـجـلسون فـوق
مقاعدهم المخصصة للتدريس بطرق
مقبولة ولكن الشرود يـأخذهم بعيدًا
ومنهم (
مــــاجــد) الطـالب القريب مني في
المكان والمكانة هو الوحيد الذي لاحظني وهو أحب الطـلبة إلى قلبي يـتحـدث معي
أحيانا بإبتسامة أراها جذابة و يرأها غيري مستفزة قصير القامة مرتفع الهامة لكنه منطؤي على نفسه ويميل للحزن كثيرًا حتى إبتسامته كأن فيها لمــحات من الشـجـن,
رن جرس الحصة الاولى
وبعد رنينه تـدخل
(
ســامـيـة)
معلمة الرياضيات مليئة الجسم
عابسة الوجه تحدق بعينيها
بشكل غريب ومشمئز
تدخل الفصل بهئية محارب لا معلم
كل الطلاب قد أرخوا رؤوسهم
لا يردون النظر لعينيها التي تخرج شرار
إلا (
ماجد) فهو لا يهتم !
تجلس على مقعدها
بدون أن تهمس باي تحية
تخرج جهازها المحمول من شنطتها
ثم تقول لا أريد
أي نوع من الشغب اليوم
أريحوا راسي
مضت عشر دقائق وهم على هذا الحال
يغمر الصف الهدوء التام
وبعد
تنهض المعلمة العصبية
سامية
وتقول لا يوجد درس لليوم
سوف أجله إلى يوم الغد
ولا أريد أي إزعاج وإلا !
الطلاب المجتهدون
أصابهم الإحباط لكنهم
لا يستطعون المعارضة أو الكلام
لخشيتهم من ردة فعل
سامية العصبية
وباقي الطلاب لم يبدوا أي إهتمام !
عادت
سامية لمقعدها
وهي تقلب في جهازها المحمول
وفي الناحية الأخرى هناك يد طالب ترفع
ماجد
يا ماجد أنزل يدك قبل أن تلاحظك وتوبخك أشد توبيخ !
ما زالت يد ماجد مرتفعة
و
سامية تنظر إليه ولا ترد
وعندما رآها ماجد بتلك
الهئية غير المبالية
قال : يا (أبله) لو سمحتي !
المعلمة
سامية : أعطته نظرة صغيرة
وتجاهلته تمامًا,
ماجد : أنزل يده وأبتسم إبتسامته الساخرة وهو يناظرها
المعلمة
سامية : رفعت رأسها وفهمت
أن تلك الإبتسامة تحدي لها
ثم صرخت بأعلى صوتها
علامٓ تبتسم أيها الحقير
ماجد : زاد من سخرية إبتسامته ولم يرد
المعلمة
سامية : أخرج من فصلي يا صاحب الإبتسامة القذرة أخرج الآن
ماجد : لم يتحرك لكنه زاد من سخرية الإبتسامة
المعلمة
سامية : تنهض متجهة نحو مكان ماجد حتى وصلت بقربه وهي تقول أخرج أيها المعتوه من فصلي الآن لا أريد رؤيتك أنت وإبتسامتك الحمقاء !
ماجد : يتجاهلها تماما وكأن لا أحد يوبخه !
المعلمة
سامية : تمسك بكتف ماجد وتسحبه
وهو يتدرج على أرضية الصف
بقية الطلاب بدوا منزعجين ويصدرون أصوات غريبة
و
المعلمة ما زالت تسحبه حتى وصلت إلى الباب
وبينما هي تحاول فتح الباب بيدها الأخرى أنسحب
ماجد من قبضتها وذهب يجري لجهة مقعده ثم وقف على المقعد وفتح النافذة بسرعة وعيناه تناظرني وأنا أقول لا يا
ماجد لا تفعل مصيرك الفصل ومصيري أنا الضياع أريد حضور الحصة الثانية لأجل الفائدة ربما يكون فيها درسًا جديدًا !
ماجد لا يسمتع لكلامي
ثم يلتقطني وقد أقتربت المعلمة سامية منه مرة أخرى وأنا في قبضة يده اليمنى
المعلمة
سامية
ترأني ثم تتبدل ملامحها لتكون أكثر شراسة!
وأنا أقول أهلا يا
سامية لا تخافي أنه يمزح
ماجد يا
ماجد
هل تسمعني أعدني
وأغلق النافذة قبل أن تتعقد الأمور
المعلمة
سامية
يا
ماجد أعقل يا بني أعقل
وناولني هذه الصخرة
وعد لمكانك ولن أفعل لك شيئا
ماجد :
أنتِ كاذبة وقحة شريرة
خذي… ثم يرمي بي نحوها
وأنا أطير
وأطير بإرتفاع بسيط ثم أرتطم
بالجدار المجاور لرأس
سامية
وأسقط أمامها وهي تلتقطني
وقد تأثرت من ما فعله
ماجد
وتقترب منه وأنا في قبضتها
و
ماجد يرجف لكن الغريب
أن ابتسامته الساخرة
لازلت على محياه !
تقترب
سامية
و
ماجد ثابت
في مكانه ومستسلم
وأنا أصرخ
بدون أن يسمعني
أحدًا يا
سامية اتركيني
قد تقتليه يا متهورة
تقترب
سامية من
ماجد
وأمامهما النافذة
ترفع يدها بإرتفاع شديد
ثم تقذفني لأطير
نحو السماء
وأطير وأنا أصرخ
ليس الطيور من تطير فقط
حتى نحن الصخور نعرف ماهية الطيران
ثم أنخفض تدريجيًا
ثم أهبط بأتجاه الحديقة
وأمامي شجرة عملاقة
أحاول أن أتجنبها
لكن الرياح تجبرني على الأرتطام بقوة
على جذعها
ثم أسقط بترنح وإنسياب أمامها
وبكامل آسفي أقول لها :
سامحيني يا أبنة الشجر
هذا ليس فعلي إنما فعل البشر
ولم يكن
الأمر متعمدًا بالمرة
أعتذر وأعتذر
يا شجرة
`
وحده
إنما كان معه
(العنقاء و البرقاء و الجبل والمجرة)
وجميعهم في مستوى الدرة
بربك أيها النسر كيف للشاهين ألا يبهر !
وبرفقته هؤلاء
أما عن الكوكب والعم
فأني من نفس كوكبك يا عسلي الدم
شكرًا لكرم وجودك وجودك