الإكليل*
سيد الحبر الصامت ومؤرخ للمشاعر
-
- إنضم
- 9 أغسطس 2022
-
- المشاركات
- 22,439
-
- مستوى التفاعل
- 16,012
- مجموع اﻻوسمة
- 20
سبعة فصول من رماد الضوء
في أقصى المدينة حيث تمتزج رائحة البحر بصدأ الأسوار القديمة
ولد ملهم
لم يكن ميلاده حدثا عاديا
فقد جاء في ليلة انطفأت فيها المصابيح كلها
كأن المدينة قررت أن تبدأ من جديد من ظلامها
لم يعرف أحد من أين جاء الضوء الذي أطل على وجهه الصغير
ربما كان وهما وربما كان نذيرا بشيء أكبر
من أن يفهمه الناس
في تلك الأزقة الملتفة حول أسرارها
كبر ملهم بين حجارة تتكلم بصمت
وبين أصوات بعيدة
لا تعرف إن كانت أنينا أم تراتيل
عاش طفولته كمن يتعلم الإصغاء
أكثر مما يتعلم الكلام
كان يراقب المراكب في الميناء
ويحسب كم مرة يعود البحر بخيبة جديدة
كان وجهه يحمل شيئا لا يفسر شيئا من الغربة
وكأن داخله مدينة أخرى لا يسكنها أحد
وفي بيت مطل على الأزقة
كانت رفيف
تكبر ببطء كزهرة تختبئ من ضوء النهار
كانت أمها تخيط الملابس
وتغني بأصوات تشبه ميلاد الريح
ورفيف تكتب أسماء وهمية
على زجاج النافذة
كلما أمطرت
كأنها تحاول أن تخلق أشخاصا تراهم فقط
في الضباب
كان صوتها خفيفا لكنه نافذ
كأنها تقول الأشياء دون أن تقولها
حين التقى ملهم ورفيف لأول مرة
لم يكن هناك موعد ولا صدفه
بل شيء أشبه باستدعاء قديم
خرج من ذاكرة المدينة
كان ذلك في صباح مائل للبرودة
حين سقطت حقيبتها الصغيرة عند عتبة المقهى
وانحنى ليجمع ما تبعثر من أوراقها
لم يقل شيئا ولم تشكره
اكتفى كلاهما بنظرة قصيرة
حملت ما لا تحتمله الكلمات
ومنذ تلك اللحظة
بدأت المدينة تتنفس على إيقاع جديد
مرت أيام كثيرة كانا يلتقيان صدفة
أو هكذا كان يظنها الناس
لكنها لم تكن صدفة بل خيوط خفية
تشد أحدهما نحو الآخر
في السوق القديم في الميناء
في الطرق التي لا يسلكها أحد
كانت نظراتهما تكتب ما تعجز عنه اللغة
كانا يعيشان في توازي غريب
لا يلتقي تماما ولا ينفصل تماما
وكان الليل حين يهبط عليهما
يتحول إلى مساحة من الاعتراف الصامت
كل منهما يرى في الآخر وجها
يشبهه المدينة حولهما
كانت تتغير ببطء الجدران حينما تتشقق
والناس يرحلون والموسيقى تختفي
من المقاهي القديمة
وكأن شيئا ما ينهار دون صوت
وملهم
كان يشعر أنه يذوب في هذا التغير
لا يعرف إن كان يبحث عن نفسه
أم عن رفيف
أم عن معنى
كل ما يجري
أما رفيف
فكانت تكتب على دفاترها الصغيرة جملا
لا يقرؤها أحد عن الخوف عن الشغف
عن العودة عن الظلال
التي تتكاثر في الزوايا
في إحدى الليالي جلسا على حافة البحر
لا أحد حولهما سوى رائحة الملح
وأصوات الموج المتعب
شعر أنهما واحد في السكون والضجيج والغياب والوجود
أدرك حينها أن الظل الذي يسكنهما
أكبر من جسديهما
وأن الحب الذي يربطهما
أعمق من المدينة نفسها
ولد ملهم
لم يكن ميلاده حدثا عاديا
فقد جاء في ليلة انطفأت فيها المصابيح كلها
كأن المدينة قررت أن تبدأ من جديد من ظلامها
لم يعرف أحد من أين جاء الضوء الذي أطل على وجهه الصغير
ربما كان وهما وربما كان نذيرا بشيء أكبر
من أن يفهمه الناس
في تلك الأزقة الملتفة حول أسرارها
كبر ملهم بين حجارة تتكلم بصمت
وبين أصوات بعيدة
لا تعرف إن كانت أنينا أم تراتيل
عاش طفولته كمن يتعلم الإصغاء
أكثر مما يتعلم الكلام
كان يراقب المراكب في الميناء
ويحسب كم مرة يعود البحر بخيبة جديدة
كان وجهه يحمل شيئا لا يفسر شيئا من الغربة
وكأن داخله مدينة أخرى لا يسكنها أحد
وفي بيت مطل على الأزقة
كانت رفيف
تكبر ببطء كزهرة تختبئ من ضوء النهار
كانت أمها تخيط الملابس
وتغني بأصوات تشبه ميلاد الريح
ورفيف تكتب أسماء وهمية
على زجاج النافذة
كلما أمطرت
كأنها تحاول أن تخلق أشخاصا تراهم فقط
في الضباب
كان صوتها خفيفا لكنه نافذ
كأنها تقول الأشياء دون أن تقولها
حين التقى ملهم ورفيف لأول مرة
لم يكن هناك موعد ولا صدفه
بل شيء أشبه باستدعاء قديم
خرج من ذاكرة المدينة
كان ذلك في صباح مائل للبرودة
حين سقطت حقيبتها الصغيرة عند عتبة المقهى
وانحنى ليجمع ما تبعثر من أوراقها
لم يقل شيئا ولم تشكره
اكتفى كلاهما بنظرة قصيرة
حملت ما لا تحتمله الكلمات
ومنذ تلك اللحظة
بدأت المدينة تتنفس على إيقاع جديد
مرت أيام كثيرة كانا يلتقيان صدفة
أو هكذا كان يظنها الناس
لكنها لم تكن صدفة بل خيوط خفية
تشد أحدهما نحو الآخر
في السوق القديم في الميناء
في الطرق التي لا يسلكها أحد
كانت نظراتهما تكتب ما تعجز عنه اللغة
كانا يعيشان في توازي غريب
لا يلتقي تماما ولا ينفصل تماما
وكان الليل حين يهبط عليهما
يتحول إلى مساحة من الاعتراف الصامت
كل منهما يرى في الآخر وجها
يشبهه المدينة حولهما
كانت تتغير ببطء الجدران حينما تتشقق
والناس يرحلون والموسيقى تختفي
من المقاهي القديمة
وكأن شيئا ما ينهار دون صوت
وملهم
كان يشعر أنه يذوب في هذا التغير
لا يعرف إن كان يبحث عن نفسه
أم عن رفيف
أم عن معنى
كل ما يجري
أما رفيف
فكانت تكتب على دفاترها الصغيرة جملا
لا يقرؤها أحد عن الخوف عن الشغف
عن العودة عن الظلال
التي تتكاثر في الزوايا
في إحدى الليالي جلسا على حافة البحر
لا أحد حولهما سوى رائحة الملح
وأصوات الموج المتعب
شعر أنهما واحد في السكون والضجيج والغياب والوجود
أدرك حينها أن الظل الذي يسكنهما
أكبر من جسديهما
وأن الحب الذي يربطهما
أعمق من المدينة نفسها
اعضاء الغابة العربية شاهدوا ايضا
اسم الموضوع : سبعة فصول من رماد الضوء
|
المصدر : قصص من ابداع الاعضاء
