أعترف …
بأنني قد تساهلتُ في المرات الماضية، حين ظننت أن الناس يأتون بما يظهرون.
لكن الزمن علمني أن الأقنعة تُغري، وأن من يملك القدرة على التظاهر بالصدق هو نفسه من يتقن تزييف الحقيقة.
أعترف…
بأنني كنت أصدق الوجوه البريئة، وأبحث عن النية الطيبة خلف الكلمات المرتجلة، وأرى الجمال في أبسط التصرفات. لكنني أدركت الآن أن تلك الوجوه ما هي إلا مسرحية تُكتب في الظلام، وأن الخبث لا يظهر في المفاجآت، بل في الهدوء الذي يعقبها.
أعترف…
أيضًا أنني كنتُ أبحث عن الطيبة في أماكن لا تستحقها، وأرسم في ذهني صورًا من النقاء بينما أجهل أن هناك ظلالًا تسكن في الزوايا، تخبئ خلفها أكثر من حقيقتها.
في الواقع، ربما كنتُ أعيبُ على نفسي أنني لم أرَ الحقيقة سريعًا بما يكفي. فكم من مرةٍ وضعتُ ثقتي في يدٍ كانت تخفي تحت أصابعها خيوطًا من الخبث!
أعترف…
بأنني تخيلت أن الخداع لا يعشش في قلوب بعض الأشخاص، ظننتهم أنقياء لدرجة أنني أغفلت اللمسات الخفية التي كانت تسرق مع كل ابتسامة.
ولأني لم أكن مستعدًا للاعتراف بتلك الأقنعة، ضاعت مني اللحظات التي كان من الممكن أن أعيش فيها دون زيف.
وأخيرًا، أعترف بأنني تعلمتُ من الخبث أكثر مما تعلمت من البراءة.
علمني كيف أرى ما وراء الكلمات، كيف أقرأ بين السطور، وكيف أتعرف على الوجوه التي تستتر تحت ثنايا الكلمات الطيبة.