في القلوب تسكن حكايات..
لن تصل اليها الاقلام ..
ستظل طي الكتمان ..
نسترجعها و نتناول تفاصيلها..
تتسلل لخواطرنا بين تنهيدة وغصه.
حكايات خُلِقت لتبقى في القلب فقط.
ولا يشملها قانون الفضفضة
دخل أمير المؤمنين "علي بن أبي طالب" عليه السلام إلى المسجد ذات يوم فرأى صبيّ يبكي بكاءً مريراً ، وحول الصبي جماعةٌ من الرجال يحاولون إسكاته ، فلمّا رآه يبكي ، قال له: «ما بالك يا صبي؟!».
فقال الصبي: «يا مولاي ؛ إنّ هؤلاء الرجال الذين تراهم خرج أبي معهم في سفر وكان أبي صاحب أموال ، وأخذهم معه للتجارة ، فعاد هؤلاء الرجال ولم يعد أبي معهم ، فلما سألتهم عنه قالوا: مات !! ، فسألتهم عن تركته من الأموال ، فقالوا: ما خلّف شيئاً، فلما اشتكيتهم إلى القاضي استحلفهم فحلفوا له وأطلقهم!! ».
فقال "علي": "«أحكمنّ بحكم ما حكم إلا "داوود" عليه السلام»
ومن ثم دعاهم جميعاً ونظر إلى وجوههم ، وقال: «انبئوني بما فعلتم بوالد هذا الصبي».
فقالوا له بصوت واحد: «مات».
ففرّق "علي بن أبي طالب" بينهم ، وأوقف كل رجل منهم في جهة من المسجد ، ثمّ دعا بكاتبه وقال له اكتب ، ومن ثم قال للناس على حده: «إذا رأيتموني كبّرت فكبّروا معي كلكم».
ومن ثمّ دعا بواحد من المتّهمين ، وقال له: «أخبرني في أي يوم مات أبو الصبي؟».
فقال الرجل: «في يوم كذا وكذا وشهر كذا وكذا ووقت كذا وكذا».
فقال "علي": «فمن غسّله؟».
قال الرجل: «فلان».
فلما سأله عن كل هذا كبّر "علي" رضي الله عنه وكبّر الناس معه كما أمرهم! ، فأرتاب الباقون من الرجال لما رأوا وسمعوا التكبير ، ولم يشكّوا أن صاحبهم قد أخطأ بحديثه.
فأمر "علي" بسجن الرجل الذي سأله ، ومن ثم دعا بالآخر ، وقال له: «قد علِمتُ بما صنعتم به».
فقال الرجل على الفور: «يا أمير المؤمنين ما أنا إلا واحد منهم ، ولقد كنت والله كارهاً لقتله».
فأعترف الرجل ، وأقرّ بما فعله هو وأصحابه بوالد الصبي.
ولما دعاهم واحداً واحد ، أقروا بالقتل جميعا ً؛ ظناً منهم أن صاحبهم الأول قد أعترف لمّا سمعوا التكبير.
فأنكشفت الحقيقة بتلك الحيلة الذكية ، وعاقب "علي"عليه السلام المجرمين بفعلتهم الشنيعة ، وشفى غليل الصبي على والده.
السلام على امير المؤمنين علي عليه السلام
⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀⠀