-
- إنضم
- 23 فبراير 2023
-
- المشاركات
- 55,167
-
- مستوى التفاعل
- 24,866
- مجموع اﻻوسمة
- 26
كل هذا... الجوري

كلُّ هذا…
ولا زلتُ أرتّقُ روحي بإبرةٍ صدئة من صوتك،
أتلمّسُ الليلَ كأنني أبحثُ عني فيك،
أفتّشُ تحت جلدي عن ظلّك المتبقّي،
ذلك الذي لم يأخذْه الغيابُ،
ولم تسكبهُ يدُ النسيان في قعر الوقت.
كلّ هذا…
وأنا امرأةٌ لا تنام،
تطوي فراشها على رائحةٍ كانت لك،
تسند جبهتها إلى شقوقِ الذاكرة،
وتسقط... لا من وجع، بل من فراغٍ نَبَتَ على هيئةِ احتمال.
كلّ هذا…
وكنتُ أرتّب لكَ اللغةَ،
كمن يُحضّرُ عشاءً أخيرًا لحبيبٍ لا يعود،
أضعُ النقاطَ على جرحِك،
وأتركُ الفاصلةَ بيني وبينكَ… تنزف.
كلّ هذا…
وكنتَ تسكنني كفكرةٍ خام،
كاحتمالٍ لم يُصَغْ بعد،
وأنا؟
أنا لم أكن امرأة، كنتُ أرضًا تنبتُ ظلكَ كلّما مشيتَ بعيدًا.
كلّ هذا…
ولم أكتبكَ بعد،
أتهجّاكَ كلّ مساءٍ ببطءٍ فادح،
كأنّني أحاولُ فكَّ تعويذةٍ قديمة،
تقول: "من أحبّت، ضاعتْ في المرايا".
كلّ هذا…
وأنا أتدلّى من زمنٍ لا يقف،
من ساعةٍ لا تشيرُ إليك،
من لحظةٍ تمضغُ اسمَك وتبصقُهُ على قلبي.
كلّ هذا…
ولم أقل بعد إنني خفتُ،
خفتُ من أن أكون مرآتك،
أن ترى فيّ ما لا تُطيق،
أن أحبّك بعيونٍ لا تُغلق، وبقلبٍ بلا غطاء.
كلّ هذا…
وأنا المرأةُ التي أحرقتْ رسائلها في منتصفِ القصيدة،
المرأةُ التي همستْ للماء:
"خذ ملامحه وارحل"،
فانسكبَ الماءُ فوق جمرها،
وانطفأتْ… دون أن تبرد.
كلّ هذا…
ولا تزالُ ملامحُكَ تسيرُ في أحشائي كحشرةٍ صغيرة،
تنبشُ أطرافَ الروح،
وتبني عشًّا من ذكرياتٍ لا تموت.
كلّ هذا…
وأنت لا تدري،
أني كلّما حاولتُ الخروج منكَ،
وجدتني عالقةً في منتصفِ جملة،
لا هي لك، ولا لي،
ولا للقصيدة.
كلّ هذا…
وأنا أتذكّر أنني كنتُ أتنفّسكَ كما يُتنفَّسُ الحلم،
خفيفًا، مالحًا، بعيدًا،
ثم أستيقظُ…
فأجد شفتيّ مشقّقتين من الغياب.
كلّ هذا…
وأنا لا أعرف كيف أشرحُ لكَ أنكَ مررتَ بي كما يمرُّ الوقت،
لا صوتَ له،
لكنّه يسرقُ العمر.
كلّ هذا…
وها أنا،
أغلي الماءَ لرسالةٍ لن تأتي،
أمشّطُ شعري كأنّكَ ستراه،
أربطُ الوشاحَ الذي أحببتَه حول عنقي،
وأخنقُ به حنيني.
كلّ هذا…
وأنا أكتب،
ولا أبحث عن نهاية،
لأني أعرف أن النهايات تُكتَبُ للقصص،
وأنتَ…
كنتَ فصلاً هاربًا من كتابٍ لم أقرأه بعد.
..... الجوري ......
اعضاء الغابة العربية شاهدوا ايضا
اسم الموضوع : كل هذا... الجوري
|
المصدر : خواطر بريشة الاعضاء