-
- إنضم
- 23 فبراير 2023
-
- المشاركات
- 66,634
-
- مستوى التفاعل
- 26,449
- مجموع اﻻوسمة
- 31
سلسلة...حين تمضغ المدينة أبناءها
المقدمة......
ليست المدينة، كما يروّج لها المخططون، كيانًا من إسمنت وحديد وشوارع تُعاد طلاؤها كل ربيع.
المدينة ـ كما تظهر في عيون راكبي الحافلة ـ كائنٌ عضويّ، يحمل نبضًا لا يُقاس، وجرحًا لا يندمل.
هي ليست مكانًا نعيش فيه، بل تجربة تُعيد تشكيل وعينا، تفرض علينا نوعًا جديدًا من التنفس، يُصنّف فيه الحزن كهواء عام، والقلق كضريبة يومية لا يُعفى منها أحد.
من الحافلة، يبدأ الفهم الحقيقيّ للعلاقات الإنسانية في زمن المدينة.
فهنا، لا مكان للمسرحيات الكبرى ولا للبطولات الزائفة.
في هذا الممر الضيّق المتحرّك، تنكشف حقيقة الناس دون تنميق:
كيف يُدار الصمت؟
كيف يُحتمل القرب من أجسادٍ لا نعرفها؟
كيف يُقاوم الانتظار دون أن يتحوّل إلى خضوع؟
الحافلة ليست مشهدًا عابرًا في الحياة اليومية، بل نقطة تقاطع بين الخاص والعام، بين الجرح الفردي والسياسات الكبرى.
هي مرآة مُرعبة تُظهر ما لا نريد رؤيته:
أن أغلبنا يسير محنيّ الظهر ليس من التعب الجسدي، بل من ثقل الأسئلة التي لم يُسمح له بطرحها،
أننا نُجبر يوميًا على ارتداء وجوه لا تُشبهنا، لأن المدينة ـ برغم ازدحامها ـ لا تقبل إلا بنسخٍ محددة من الألم.
في هذا النص، لن تجد أبطالًا، بل ركّابًا.
لن تُسرد القصص بصيغة ملحمية، بل كهمسات تتسلّل من تحت المقاعد، من الأيدي المرتعشة، من العيون المعلّقة بالخارج ولا تنتظر شيئًا.
سنصغي إلى امرأةٍ تصلي بهدوء كي لا تزعج الصمت،
إلى كاتبٍ لا يبحث عن حبكة بل عن ملامح الخوف،
إلى رجلٍ لا يجلس جواره أحد… وقد تعوّد على هذا النوع من الفراغ،
وإلى مدينةٍ كاملة تمضغ أبناءها ببطء،
كأنها لا تقتلهم دفعة واحدة، بل على مراحل… حتى يظنّوا أنهم ما زالوا على قيد الحياة.
ربما تكون الحافلة هي ما تبقّى من مكانٍ للتفكير.
ففيها، حين تختلط العيون والمصائر والروائح، يُمكن للمرء أن يسأل نفسه للمرة الأولى:
هل أنا من اختار هذا الطريق؟
أم أن الطريق ـ ككل ما في هذه المدينة ـ قد كُتب لنا قبل أن نولد،
ثم أُغلق الباب… وانطلقت الحافلة.
ليست المدينة، كما يروّج لها المخططون، كيانًا من إسمنت وحديد وشوارع تُعاد طلاؤها كل ربيع.
المدينة ـ كما تظهر في عيون راكبي الحافلة ـ كائنٌ عضويّ، يحمل نبضًا لا يُقاس، وجرحًا لا يندمل.
هي ليست مكانًا نعيش فيه، بل تجربة تُعيد تشكيل وعينا، تفرض علينا نوعًا جديدًا من التنفس، يُصنّف فيه الحزن كهواء عام، والقلق كضريبة يومية لا يُعفى منها أحد.
من الحافلة، يبدأ الفهم الحقيقيّ للعلاقات الإنسانية في زمن المدينة.
فهنا، لا مكان للمسرحيات الكبرى ولا للبطولات الزائفة.
في هذا الممر الضيّق المتحرّك، تنكشف حقيقة الناس دون تنميق:
كيف يُدار الصمت؟
كيف يُحتمل القرب من أجسادٍ لا نعرفها؟
كيف يُقاوم الانتظار دون أن يتحوّل إلى خضوع؟
الحافلة ليست مشهدًا عابرًا في الحياة اليومية، بل نقطة تقاطع بين الخاص والعام، بين الجرح الفردي والسياسات الكبرى.
هي مرآة مُرعبة تُظهر ما لا نريد رؤيته:
أن أغلبنا يسير محنيّ الظهر ليس من التعب الجسدي، بل من ثقل الأسئلة التي لم يُسمح له بطرحها،
أننا نُجبر يوميًا على ارتداء وجوه لا تُشبهنا، لأن المدينة ـ برغم ازدحامها ـ لا تقبل إلا بنسخٍ محددة من الألم.
في هذا النص، لن تجد أبطالًا، بل ركّابًا.
لن تُسرد القصص بصيغة ملحمية، بل كهمسات تتسلّل من تحت المقاعد، من الأيدي المرتعشة، من العيون المعلّقة بالخارج ولا تنتظر شيئًا.
سنصغي إلى امرأةٍ تصلي بهدوء كي لا تزعج الصمت،
إلى كاتبٍ لا يبحث عن حبكة بل عن ملامح الخوف،
إلى رجلٍ لا يجلس جواره أحد… وقد تعوّد على هذا النوع من الفراغ،
وإلى مدينةٍ كاملة تمضغ أبناءها ببطء،
كأنها لا تقتلهم دفعة واحدة، بل على مراحل… حتى يظنّوا أنهم ما زالوا على قيد الحياة.
ربما تكون الحافلة هي ما تبقّى من مكانٍ للتفكير.
ففيها، حين تختلط العيون والمصائر والروائح، يُمكن للمرء أن يسأل نفسه للمرة الأولى:
هل أنا من اختار هذا الطريق؟
أم أن الطريق ـ ككل ما في هذه المدينة ـ قد كُتب لنا قبل أن نولد،
ثم أُغلق الباب… وانطلقت الحافلة.
اسم الموضوع : سلسلة...حين تمضغ المدينة أبناءها
|
المصدر : قصص من ابداع الاعضاء