تواصل معنا

قالت : أنت كـ نار الشتاء، نقترب منها للحصول على الدفء، ونكون دائمًا على حذر، إنها تلك المسافة التي تعني الإتزان، لكن لا تثق في مزاجي، أحيانًا يرغب في مغامرة...

يعرُب

كبار الشخصيات
عضو مميز
إنضم
10 أكتوبر 2024
المشاركات
1,212
مستوى التفاعل
39
مجموع اﻻوسمة
2
تورمالين.
Screenshot_20250720_210714.jpg



قالت :
أنت كـ نار الشتاء، نقترب منها للحصول على الدفء، ونكون دائمًا على حذر، إنها تلك المسافة التي تعني الإتزان، لكن لا تثق في مزاجي، أحيانًا يرغب في مغامرة صغيرة، لذلك قد أكون كـ فراشة تحوم حول نارك بمسافة صفر فلا ترفع سقف أطماعك، دائمًا أملك طريقًا للعودة، وأعود لتلك المسافة التي تمنحني الدفء.



 
التعديل الأخير:
اسم الموضوع : تورمالين. | المصدر : روايات بريشة الاعضاء

يعرُب

كبار الشخصيات
عضو مميز
إنضم
10 أكتوبر 2024
المشاركات
1,212
مستوى التفاعل
39
مجموع اﻻوسمة
2
تورمالين.

- 1 -

هناك دائمًا حلقة مفقودة في العلاقات العابرة، لذلك عدم وجودها يعني أن الأمور تنتهي بمجرد انتهاء الحدث، لا يمكن فهم لماذا في الغالب نترك أو نهمل هذه الحلقة؟!
ربما لأننا غير مؤمنين بوجودها أو لأن الأمر لا يستحق أو أننا نسعى أن يكون الأمر بهذا الشكل، فالحديث مع الغرباء ممتع، ولا نريد أن نفقد هذه المتعة إن كنا سنذهب بهذا الحديث نحو أماكن أقرب لنا، ويصبح الأمر عادة.

تركتني أراقب حقيبتها وذهبت تتحدث لرجل، حركة يديها تُشير أنها تعطيه تعليمات كثيرة، بتفصيل قاتلة، وملامح هادئة، كانت ترتدي الزي الرسمي لموظفة منضبطة، ما إن عادت حتى قالت أحسنت، تعجبت من استخدامها لهذا اللفظ الذي يدل على شيء من السيطرة، ربما لو قالت شكرًا سينتهي الأمر لدي، وأعود نحو الكتاب الذي كنت اقرأ فيه، كثير من المارة يحاولون التلصص على اسم الكتاب، لكن الحقيقة أنه كتاب بصفحات بيضاء، اقلبه كنوع من التأمل أو بفكرة أني سأخط هذه الصفحات يومًا بذكرياتي، كما هو الحال الآن أكتب عن ذكريات مرت بحياتي.

حينما جلست تنتظر مثلي موعد رحلتنا، قلت لها وكأني انتقم من قولها " أحسنت" هل تعلمين أن عاهرات سويسرا مميزات بلبس الزي الرسمي، وهو أكثر فتنة من غيره من الملابس؟ لم تكن لها ردة فعل سيئة، بل قالت أنها معلومة جديرة بالاهتمام، لذلك سألتها عن طبيعة عمالها، قلت بكل تأكيد لست أحد تلك السويسريات ، أنا فتاة عربية من أحد بلدات المتوسط، تقدر تقول فتاة بحر، أجيد السباحة والعب مع الأمواج، هل ترغب أن تكون بحرًا أثناء رحلتنا الطويلة؟
 
Comment

يعرُب

كبار الشخصيات
عضو مميز
إنضم
10 أكتوبر 2024
المشاركات
1,212
مستوى التفاعل
39
مجموع اﻻوسمة
2
تورمالين.

- 2 -

حديثها كان كـ صاعقة أبرقت في سمائي المظلمة، وميضها أفقدني الاتجاهات ، كان تحدٍ قاس، أو هي تحاول أن تدخل في لعبة متمرسة عليها تكسب فيها دائمًا، هكذا نحن أحيانًا نجُرّ فرائسنا نحو الساحات التي نعرف تفاصيلها بدقة، نعرف مداخلها ومخارجها، خاصة وأن رحلتنا بالقطار ستأخذ وقتًا طويلًا، من داكار إلى كيب تاون، مدة زمنية ليست بالقصيرة ورحلة مملة ومرهقة، لم أقطع هذه المسافة من قبل، ويبدو أنها قد فعلت، كل الهدوء والأجواء التي ترافقها توحي بذلك، يكفي أنها ليست غاضبة، الناس في إفريقيا دائمًا غاضبة الأماكن الحارة تجعل الناس تغضب، تجعل الإنسان بملامح دائمًا غاضبة حتى وإن كان غير ذلك.

كانت في الثلث الأخير من العشرة الرابعة من عمر الإنسان، وكأني أعقّد الرقم، لأمنح نفسي مساحة في الرقم ففي الغالب الخيارات ثلاثة مع هذا التعقيد، أما سبعة أو ثمانية أو تسعة من بعد الثلاثين، يبقى الأمر مجرد رقم لكنه يعني الكثير، لكثير من الناس، في الغالب هذا هو حال الكثير نادرًا ما تجد شخص غير مبالٍ بهذه الأعداد، برغم أنها مهمة في حياتنا فكل رقم يحمل أهميته ويحمل معه متغيرات كثيرة قد لا نشعر بها، لم تكن مبالية بظني أو على حذر في أخباري عن حقيقة الرقم، ذلك يعني أنها تتمتع بكل رقم جديد تدخل فيه بعكس القابعين في أرقام متأخرة لا يريدون الوصول للرقم الحقيقي الذي وصلوا له، أظن ذلك جزء متقدم من الذكاء أن تنتقل بانتظام نحو الأمام بدون التعثر في بعض الأرقام. لن اسألها هذا السؤال متأكد أن ستخبرني هي بنفسها عن أشياء كثيرة، قالت أنها مديرة في أحد شركات العطور في كيب تاون، ثم أخذت تذكرتي وذهبت قليلًا لتعود وهي مبتسمة، وقالت لقد نقلتك في الكبينة الملاصقة لكبينتي، كانت قد دفعت الفرق في السعر، كما قلت هي تريد أن أكون لعبتها المفضلة في رحلة تشبه العذاب.
 
Comment

يعرُب

كبار الشخصيات
عضو مميز
إنضم
10 أكتوبر 2024
المشاركات
1,212
مستوى التفاعل
39
مجموع اﻻوسمة
2
تورمالين.

- 3 -

قلت لها من الجيد أن ألتصق بك، أيضًا لم ينتج عنها أي ردة فعل تدل على أنها منزعجة، هي سيدة البرود، ربما أنها عاشت وشافت الكثير، كل ما قالته، يبدو أنك جيد حتى الآن، جيد لدرجة أن لديك تعليقًا، لا أعلم هل هو نتاج اللحظة أم من تلك التخطيطات التي تبدأ في عقلية الرجل الذي يكون مع فتاة وباله مشغول بأمر، تكون أغلب تصرفاته وتحركاته للوصول لهدفه، لا ألوم رجل على محاولاته، ولكني هناك أمر مهم أتمنى أن لا يحدث، وأتمنى أن لا أكتشفه أثناء رحلتنا الطويلة، قلت لها ما يكون؟
قالت هل ترى الرجل الجالس على الطاولة التي تفصلنا عنها طاولتين، هناك الذي يحمل جريدة وأمامه قهوة وسيجارة تكاد تذوب دون أن يستنشق منها شيء ؟ قلت ما به ؟ قالت جواربه ممزقة، وهو يخفيها خلف جزمه أنيقة وتكاد تكون أحد الماركات المشهورة لكن المسافة بعيدة قليلًا على نظري ليكون جوابي قاطع حولها.

بكل سهولة جعلت لي أمنية في هذه اللحظة، وهي أن أذهب للرجل واطلب منه أن يُريني جواربه، لا اعلم ما أنا عليه، أخذت وقتي للتلفت للرجال في صالة الانتظار لأكوّن عن أحدهم فكرة من بعض تفاصيله، لكني عجزت، عجزت تمامًا حتى مع ذلك الرجل الذي يأكل بطريقة بشعة ويلبس بشكل بشع، كنت أفكر هل جواربه من النوع المخطط، لكن كيف استطيع أن أصل لمعرفة شيء مخفي من بعض المظاهر الخارجية، هل خارجنا وما نحن عليه في الظاهر ممكن أن يتم من خلاله اكتشاف دواخلنا وما نخفيه من ملابسنا؟!

حاولت أن اختبرها في أمر آخر، قلت لها عن الفتاة التي ترتدي الجنز الممزق، وسألتها عن أمر خاص جدًا، قالت بعد تأمل قصير، ليس هناك شيء، .ثم قالت هل تستطيع أن تذهب وتسألها؟ قلت بكل تأكيد لا.

أدخلتني في حالة صمت وتأمل في الرجال والنساء والفتيات في الصالة، لكنها قطعت صمتي بعبارة " أنت ضعيف جدًا لدرجة أنك لا تدافع عن نفسك ".

قالت حدثني أيها الضعيف بشيء حزين عنك، يجتاحني كـ حزن لا يفارقني حتى تأتي بما يدهشني ويضحكني من جديد.
قلت " كنت يتيم العيد " هكذا يسموني في الحي الذي كنت أقطنه، كنت صغير جدًا وذلك ساعدني للحصول على الكثير تحت هذا اللقب، مأساة أن تكون وحيدًا بلا أب تنتظره على باب المنزل أو أم ترتب هندامك صباح العيد، لا شيء مفرح في العطايا والصدقات، تبقى هي دائمًا في نظر الغير مجرد فائض عن الحاجة لذلك هم يدفعونها لك، أكلك شربك ملبسك .. كل شيء تمتلكه لم يكن في الأصل لك، كما قلت لكِ، مجرد فائض، فحياتك قائمة على فائض الآخرين​
 
Comment

يعرُب

كبار الشخصيات
عضو مميز
إنضم
10 أكتوبر 2024
المشاركات
1,212
مستوى التفاعل
39
مجموع اﻻوسمة
2
تورمالين.

- 4 -

لا يمكن فهم حقيقة الأشياء بمجرد النظر لها، قد تخدعك الصورة أو المظهر أو الرائحة، عن حقيقة تختبئ خلف تلك الأشياء، أناقتها رسمية جدًا، كنت أفكر هل من خلالها تبحث عن هيبة أو طبيعة عملها تتطلب أن تكون بهذه الصورة الحازمة في مظهرها؟!
نحن نهاب الأشياء من خلال مظهرها، كما قلت سابقًا، لكن الحقائق لا يمكن معرفتها بهذه الطريقة، ما لم تكن قريب جدًا، لتفهم الجواب أو يصلك جواب لماذا؟

عطرها لا يمكن تحديد هويته، هل هو رجالي أم نسائي؟ ذلك العطر الذي بالكاد تصلك رائحته ما لم تركز الشّم عليه، كل شيء يوحي أنها سيدة صنعت نفسها هكذا، أو مطلوب منها أن تكون بهذه الصورة، ملامحها، حديثها، تأملاتها، صمتها، ردود فعلها، كل شيء متقن، حتى أني كنت اسأل نفسي عن حقيقة عملها الذي قالت، هل هو ذلك المنصب الذي تختفي خلفه، أو أن هناك شيء آخر؟!
كل تلك الأفكار مرّت براسي بعد أن كذبت عليها بقصتي السخيفة حول طفولتي اليتيمة، لذلك كنت أتوقع أنها ستكشفها في أقرب فرصة ممكنة.
ما يشغل بالي هو ردة فعلها هل ستكون مثل سابقاتها؟ وكأن شيئًا لم يحدث، ربما هي تريدني أن أكون هكذا وبهذا الشكل، ينتابني فضول حول حقيبتها اليدوية هناك رغبة ملحة لتفتيشها.. لا أعلم لماذا؟ ربما أني وقعت ضحية إعجاب أو رغبة في معرفة مع من تكون رفقتي.

أجتر الحيرة ، وأنا في تأملها سألتني لماذا أنت هنا ؟
قلت قضيت في جيبوتي ثلاث سنوات وأكثر أعمل في تموين السفن الدولية، كانت تجربة رائعة، برغم ماساتها ومللها الذي يتلحفني كل مساء، لكنها فرصة لتعرف العالم من خلال مقابلتهم حين يأتون لك ويمكثون بعض ساعات أو أيام في بعض الأحيان للصيانة، تم تقديم لي فرصتين عمل، أحدهما مع بعثة روسية للقطب الجنوبي لقضاء ستة أشهر هناك، لا يوجد فيها عمل كثير مجرد مراقبة الطقس وتسجيل درجات الحرارة والرياح على فترتين في اليوم ، لكن حقيقة الأمر ليست كذلك، بعد جلسة شاي مع أحد الروس اكتشفت أن الأمر كله يعود تحت وضعية " إذا حدث شيء مهم في العالم أو تقسيمات لابد أن تكون متواجد على الأرض"، يصرفون ملايين ليكونوا متواجدين مترقبين لما قد يحدث، والعمل الثاني كان نفس مجالي في موانئ جنوب إفريقيا، قدمت أوراقي لقبطان جنوب إفريقي وأتت الموافقة بعد ستة أشهر لكن لابد من المرور بـ داكار لعمل بعض الترتيبات والاختبارات وقد اجتزتها، وها أنا الآن أنطلق برفقتك، لا أعلم ماذا ينتظرني هناك.​
 
Comment

يعرُب

كبار الشخصيات
عضو مميز
إنضم
10 أكتوبر 2024
المشاركات
1,212
مستوى التفاعل
39
مجموع اﻻوسمة
2
تورمالين.

- 5 -

استفتحت حديثي بعد صمت بـ " الحياة مؤلمة " ولم أكمل وهي تنتظر، حتى قالت أكمل، قلت لا أعرف بماذا أكمل مجرد بداية حديث ناقص، ككثير من الأشياء التي في حياة الكثيرة، يعرفون البداية ويتحمسون لها لكنهم لا يُجيدون صنع النهايات.

قالت: هل حدث لك وإن كنت موجودًا وغير موجود ؟ لم تتركني أجاوب بل أكملت حديثها، قالت : كنت في أحد الأزمنة التي مررت بها أعيش بهذه الطريقة، كنت فرد من أسرة عدد الفتيات فيها كثير ، بيت كبير وعدد كبير من الإناث مع رجلين أب وأخ، اسمي سلوى لكني نادرًا ما اسمعه، بعد ما تخرجت من الجامعة، كل ما اسمعه هاتي يا بنت شيلي يا بنت حطي يا بنت .. الخ ، كنت مجرد بنت صامتة مطيعة، أظن أن الطاعة المبالغ فيها تخلق شعور الضعف بداخلك، أو أنها تمنح الآخرين مساحة من التنمر، حتى قررت ذات يوم كتابة قصة عن فتاة صامتة، ليس الآن مهما شرح لك القصة، أرسلتها للجريدة المحلية ذيلتها باسم سلوى وبعنوان مجهول، صعب الوصول له لأنه غير موجود ، عِدّة حلقات راقت لهم كثيرًا وأصبحت حديث البلدة ورغبتها في معرفة تفاصيل الحكاية، حتى توقفت عن إرسال بقية الحكاية، الجريدة بدأت تترك العمود خاليًا تنتظر أن يرسل أحد تكملة القصة، فانشغل أهل البلدة بكتابة التكملة لكنهم لا يعرفون التفاصيل، لذلك الجريدة لم تنشر أي شيء واستمرت في ترك المكان خاليًا، وأصبح الجدل في كل بيت عن حكاية الفتاة سلوى، تخيل حين يتناقش أفراد أسرتي، لم يخطر ببالهم أن أكون أنا سلوى التي تكتب الحكاية، أنا مجرد " البنت " حتى هم نسوا اسمي، أظن أني تجاهلت نفسي، لذلك تجاهلني الآخرون، كان الأمر صعبًا علي بشكل مؤلم، مؤلم جدًا لأني حتى لو أخبرتهم أنني أنا سلوى المنشودة لن يصدقني أحد منهم، لذلك استمرت الصحيفة في أن تترك المكان خاليًا كرمزية للفتاة المبدعة ونوع من الأمل أن ترسل سلوى بقية الحكاية ذات يوم. تركت الأمر على ما هو عليه، فهو دائمًا يذكرني بسلبيتي التي كنت عليها، وأصبح الآن دافع حقيقي كل ما شاهدت الصحيفة، أن استمر في الحياة وأن أكون أنا التي يجب على الآخرين أن يروها.
 
Comment

روح

💎نجمةالغابة الساطعة(مسؤلة فعاليات والمسابقات)
إنضم
3 سبتمبر 2024
المشاركات
16,568
مستوى التفاعل
4,366
مجموع اﻻوسمة
8
تورمالين.
سوف أقرؤها بكل هدوء
وأعود بـ ردٍ يليق ☕
 
Comment

يعرُب

كبار الشخصيات
عضو مميز
إنضم
10 أكتوبر 2024
المشاركات
1,212
مستوى التفاعل
39
مجموع اﻻوسمة
2
تورمالين.
IMG_٢٠٢٥٠٧٢٠_٢٣١٢١٣.jpg


- 6 -


حينما يمتزج الغنج مع الذكاء مع رشاقة جسم، تصبح الأنثى شيء لا يمكن وصفه إلا أنها حاجة تُسلبك عقلك، تُخرجك تمامًا من تركيزك وتصبح في حالة اضطراب متكرر، تحتاج مدة زمنية لتعتاد على وجودها، حتى تتأقلم على هذا الوضع الجديد، كل شيء فيها منحة سماوية أو قد تكون من الأشخاص الذين يمرون بك في الحياة ويجعلون كل شيء جميل فيها، في جيبوتي كنت أعيش في عالمي الخاص، ربما كنت متذمرًا بشكل مبالغ فيها، لذلك عشت بين أسوار عزلتي، لم أتعرف على فتيات عربيات هناك حتى أني لم أقابل غير الفتاة سمية، يبدو أنه فاتني الكثير، هذه الفتاة صنعت فكرًا آخر تمامًا عن ذلك الفكر الذي كنت قابع بداخلة، فكر يحدثك عن أنه يمكنك أن تتمتع بالشمس صباحًا في بدايات طلوعها، وأن تتجاوز مخاوفك في الغروب، الغروب الذي تعتقد أنه يوحي بالمجهول، لا أعرف ماذا أفعل لأكون رجل جيد في نظرها، لن أخوض في تجربة الكثير التي يعتقدون أن الفحولة ذلك الباب الذي ممكن أن تخترق من خلاله حواجز الأنثى القريبة منها، تلك الدوائر الخاصة بها، التي تسمح لك بالدخول فيها تشعُر بك وتشعُر بها، هنا يكون قد وصلت، لن أذكرها أنها مرتبطة أو ملتزمة مع شخص آخر لذلك لن اسألها ..
– هل أنتِ متزوجة ؟
سؤال غبي جدًا يمنعك من طرق الباب بشكل كبير، باب الأنثى من أعقد وأصعب الأبواب التي ممكن تواجهك في الحياة خاصة تلك التي تخطفك ذهنيًا، تبقى في حيرة وخوف من الفشل، فشل خاصة مع تلك التي لا تكتفي بالطرق بل بامتلاكك المفتاح، تُعقّد عليك الأمر بشكل مرهق، خاصة وإن بعضهن يستحق كل ذلك المجهود، وفتاة التورمالين تستحق بدون أدنى شك، سأخبرها بسري الصغير عن تسميتي لها بهذا الاسم، ليس الآن ولكن لاحقًا​
 
Comment

يعرُب

كبار الشخصيات
عضو مميز
إنضم
10 أكتوبر 2024
المشاركات
1,212
مستوى التفاعل
39
مجموع اﻻوسمة
2
تورمالين.

- 7 -

العاشرة.. صباحًا
هذا ما هو مقرر لانطلاق القطار نحو رحلته، وبينما أنا أتأمل في ثلاثة أماكن أتنقل ببصري لها، فتاة ذات بنطال ممزق ورجل من المتوقع جواربه ممزقة وسيدة أخوض معها بعض الحديث وتنشغل أحيانا باتصالاتها، كان الفضول يقتلني حين تبدأ حديثها مع الهاتف بالهمس، كنت أرغب في معرفة الطرف الآخر، كثير ما يراودني الفضول حول هذه المناظر مع السيدات خاصة، حينما تكون في السوق أو سيارتها أو تنتظر، وهي تتحدث في هاتفها، اسأل نفسي من هناك وخاصة إن لمحت في عينيها بريقًا، أعرف أن هناك شخص يعني لها الكثير، أما الهمس، فهذا شيء قاتل تمامًا، حتى أني أعيد ذكرياتي لأجد إن كنت في مرحلة زمنية من حياتي الطرف الآخر، وغالبًا لا أجد أي ذكرى قد أكون فيها.

وأنا ذاهب مع نفسي وخيالاتها، أُعلن في الصالة عن تأخر موعد القطار ست ساعات، كانت كـ صدمة بالنسبة لي، أيضًا تم الإعلان عن إمكانية استرجاع التذاكر مع إضافة مالية عليها من شركة السكة الحديدة، غادر الكثير، فالناس هنا تخاف السير ليلًا، الظلام يجعلك عُرضة لكل شيء، حتى نفوسنا لمّا تتسلل لها الظلمة تكون منهارة خائفة، وتكون طريدة سهل الأنقاض عليها، الزيادة المالية لم تكن مجزية ليغادروا من أجلها، إنه الخوف، لكني لم ألاحظ أي تذمر على فتاة التورمالين.

قالت قم لنأكل أي شيء، حاولت أن أدخلها في الزحام لألمسها، لكنها كانت أذكى من أن تقع فريسة حيلة، وحين استقرينا وطلبت الطعام ودفعت أنا، قالت لماذا عادة الرجال يدفعون للسيدات ؟

ثم استطردت قبل أن تجاوب، ما حصل من تأجيل مجرد حيلة غبية مكررة، حينما يكون هناك شخصية حكومية أو غني يريد أن يركب القطار وحاشيته أعدادها كبيرة يضطرون لعمل هذه الحركة حتى يحصلون على كبائن المغادرين، إنهم يستولون على كل شيء، هكذا هم الأقوياء في العالم، يحصلون على كل شيء، في وقت الضعفاء لا يحصلون على شيء البتة، بل يزداد طغيانهم بتفاخر بينهم البين من ممارسة ظلم وعبودية للآخرين بشكل أفضل؟!

سننطلق في موعدنا مع قرف كبير أثناء الطريق حسب رغبة الشخصية المهمة، نحن الآن محكومين برغباته ومزاجه، ثم قالت الآن يمكن أن تُجاوب على سؤالي، لماذا تدفعون ؟
 
Comment

يعرُب

كبار الشخصيات
عضو مميز
إنضم
10 أكتوبر 2024
المشاركات
1,212
مستوى التفاعل
39
مجموع اﻻوسمة
2
تورمالين.

- 8 -

لماذا ندفع نحن !
لا أعلم أي فلسفة حول هذا الأمر غير أني ولدت وشاهدت والدي هو من يدفع كل شيء، ندفع للصديقات للحبيبات، ندفع أحيانًا ذوقًا وأحياناً مجاملة وأحيانًا تقدير، نحن نفتح الأبواب للسيدات نقدمهن في الدخول، نُزيح لهن الكراسي، نعم نفعل كل شيء لهن، لا أعلم هل هو من باب التقدير أم أنها عادة، أو نعتقد أننا نكسب قلوبهن بهذه الطريقة، حقيقة لم أفكر يومًا بهذه الطريقة أو أن الأمر لم يخطر ببالي، هي أمور رأيناها من وعينا على الحياة وكبرت معنا، هي أشياء لا يمكن الاستفسار عنها لأننا حسيًا متبلدين عنها، في كل العالم والطفل الذكر منذ صغره وثقافة أنت الرجل يرضعها من خلال والديه، لذلك فالرجل عليه فعل كل شيء.

وأنا في الحديث ، كانت تلوح بيدها لسيدة مسنة تبيع الدخان، اشترت منها علبة وسألتني هل تدخن؟ قلت لا، رمتها نحوي وقالت احتفظ بها، وقالت هل لديك قدرة لتتجاوب معي بشكل قد يتجاوز رغباتك وخياراتك كـ تجربة نخوضها؟ قلت نعم، سارت بي نحو محل يبيع الملابس اشترت لي ملابس وطلبت مني أن أغير ملابسي كلها والبس ما اشترت، ففعلت حتى ملابسي الداخلية غيرتها بالذي اشترت، ثم سألتني ما الذي تملكه أنت الآن؟ قلت هاتف وحقيبة وملابس بداخلها وجزمة، أخذت هاتفي لتستبدله بهاتف أخرجته من حقيبتها، غير أنها وهي تفتش فيه وجدت أن آخر مكالمة، كانت بيني وبين والدتي، ابتسمت وأخرجت تنهيدة آآه يا يتيم العيد، منحتني الهاتف واحتفظت بهاتفي في حقيبتها، جردتني من نقودي، وقالت سنبيع حقيبتك وملابسك وسأحتفظ بنقودها وأنا من سيشتري لك كل شيء، في المحطة القادمة هناك وقت كافٍ لنخرج السوق نستبدال جزمتك، يجب أن أمتلك كل ما ترتدي وكل ما تملك، وهذا العطر احتفظ به لا تستخدمه إلا حين أطلب منك ذلك، كل شيء ملكي الآن فقط أنت تملك جسدك، أي شيء ترغبه من طعام أو غيره ستخبرني وأنا من سيدفع، لن تتراجع صحيح ؟ قلت لا أعلم.. لا أعلم إلى أي حد سأصمد وأنا في هذا الأمر، لكني أثق بك، أثق أنك لست محتالة لتختفي في أول محطة نقف عندها، وهذا ليس ذكاء منّي أو فراسة، كل ما في الأمر أن ثمن هاتفك الذي معي يساوي ضعفين أو ثلاثة لكل ما أخذتي منّي.

كررتها مرة أخرى .. لن تتراجع صحيح ؟
قلصت المسافة التي تفصلنا واقتربت منها، وقلت تصدقين لم أنتبه أنك تلبسين نظارة طبية، قالت لكني لا البس نظارة طبية.​
 
Comment

يعرُب

كبار الشخصيات
عضو مميز
إنضم
10 أكتوبر 2024
المشاركات
1,212
مستوى التفاعل
39
مجموع اﻻوسمة
2
تورمالين.

- 9 -

حينما تدخل في حالة شك، دائمًا تحاول أن تبحث عن اليقين فيه، لكنها قد تكون مجازفة تعمق من شكوك، أحيانًا ولا أقول دائمًا، من الأفضل تجاهل بعض الأمور التي تصادفك في الحياة، البحث بعمق قد يجعلك تقف في محطات كان من الأجدر تجاوزها والسير مغمض العينين، دون مراقبة تفاصيلها، لأنك قد تجازف مرة أخرى وتبحث في تفاصيل التفاصيل.

وقعت في فخ البحث عن الحقيقة وذهبت للمرأة التي تبيع التبغ وسألتها عن السيدة البيضاء التي اشترت منها الدخان هل تلبس نظارات؟
لكن الجواب كان صادمًا، حيث أخبرتني أني أنا من قمت بذلك ولا توجد سيدة بيضاء كانت معي، قلت ربما هي امرأة مسنة ولم تشاهد المنظر بدقة أو تريد أن تتخلص منّي بسهولة، لذلك ذهبت لبائع الملابس الذي اشترت منه الملابس الذي ارتديها، حينما قدمت له توقع أني أريد أن استبدل المقاس، لكني سألته عن السيدة البيضاء التي دفعت النقود، قال نعم يتذكرها، لكنه لا يتذكر تفاصيل النظارة، بظني كانت تراقبني وحين عدت وجلست معها حول الطاولة التي تجمعنا، سألتني الآن، هل ألبس نظارة طبية؟ قلت لا ، لكني قبل أن أذهب كنت ترتدينها.

مشكلتي الآن أكبر من نظارة، إنها المرأة بائعة التبغ، تقول لا يوجد سيدة بيضاء على هذه الطاولة، ما الذي جعلها تقول هكذا، أو هي بالفعل لا تراك، بمعنى أنك قد تكونين موجودة عند البعض وغير موجودة عند البعض، بائع الملابس يتذكرك، ستكون مأساة حقيقة لو أن من في الصالة انقسم على رؤيتك، سيكون الأمر ساخرًا بشكل حقيقي، حتى أني أفكر أني التقط صورة معك من الهاتف، لكن مخاوفي تمنعني من هكذا مخاطرة أن لا تظهري على الشاشة، كما هو حاصل في الأفلام، أو ما يحاولون دسه لنا في فكرة أن الكاميرا لا تلقط من يعيشون في العالم الآخر، بدأت اشك هل أنتِ حقيقة أم من صنع خيالي؟ هل يكفي أن أصافحك وأتحسس جسدك لأثبت أنك حقيقة؟!، أيضًا من يصنع أمرًا في مخيلته بكل تأكيد سوف يشعر به.

فتحت حقيبتها وأخرجت نظارتها ولبستها، وقالت بالفعل كنت قد ارتديتها وأنت مشغول بوضع العطر والدخان في حقيبتك، وأنكرت وجودها، حتى بدأت بالبحث عن حقيقتها خلعتها من جديد، أما امرأة التبغ، هي هنا منذ خمس سنوات ودائمًا أكرمها، وأقنعتها أني سيدة غير مرئية.
بالمال تستطيع أن تشتري كل شيء، إنه القوة الحقيقة التي تحرك العالم، تسقط الحقيقة أمام المال، أنا أتنقل في هذا المكان منذ فترة طويلة.
 
Comment

يعرُب

كبار الشخصيات
عضو مميز
إنضم
10 أكتوبر 2024
المشاركات
1,212
مستوى التفاعل
39
مجموع اﻻوسمة
2
تورمالين.

- 10 -

صحيت على ضجيج وقطار متوقف، كانت الساعة الثانية ظهرًا، كنت مرهقًا لأنام كل هذه المدة من العاشرة والنصف حتى الآن، ذهبت إلى كبينتها، كانت بشكل مختلف تمامًا عن أول لقاء، ترتدي تيشرت طويل يصل إلى فوق الركبة بقليل.
سألتها ما الذي حدث ؟ كان جوابها مختصر جدًا " لا أعلم " توقعت أنه تطلب العودة لمقصورتي، لكنها طلبت مني الدخول، طلبت منها ملابس من حقيبتي خاصة بالنوم، قالت أنت لا تملك غير الملابس التي ترتديها وزجاجة عطر وبكت دخان، حقيبتك مصادرة عندي حتى ننتهي من التجربة، أجلس وخبرني، هل هناك علاقة في نسبة الذكاء بين ارتفاع وهبوط مع لون بشرتنا؟ قلت بشكل منزعج هل من الممكن أن تركني عقلك قليلًا وتكوني امرأة سخيفة ؟! أنني مرهق ذهنيًا من الكم الهائل من المعلومات التي تتدفق منك، ضعي فاصلًا بين كل تدفق وتدفق، أحتاج شيء سخيف حتى لا تتداخل المعلومات، ثم أن رقبتي تؤلمني، قالت أجلس على الأرض سأعمل لها مساج خيف، جلست على الأرض بين رجليها وهي خلفي، كان هذه المرة عطرها مختلف عن ذلك الذي كنت بالكاد أشمه في صالة الانتظار، قلت لها عطر مختلف، قالت أنت رجل جيد في هذه الحاسة، نعم هذا حينما أتعطر لنفسي استخدمه، خاص بي فقط، لكنك تشاركني فيه الآن، لا أعلم هل أنا منزعجة أم لا، وقبل أن تستطرد، التفت لها التفافة خفيفة، قلنا شيء سخيف وسخيف جدًا، تلقيت صفعة على مؤخرة رأسي خفيفة مع شتيمة " وقح ".

قالت..
عندما كنت طالبة في الإعدادية، كنت استغل طالب مهووس بي ، لا أعلم هل كان مهووسًا بصمتي وحركتي القليلة، أم يعتقد أني جميلة الصف؟!
كان يأتي ويتحدث كثيرًا بدون توقف، يبدو من مظهره أنه من طبقة ماليًا ميسورة، فكرت أن أحتال علية بالتزام يومي قد يجعله لا يأتي ليسرد علي سخافاته، قلت له أنا أعشق ساندوتشات البوفيه الذي بجوار منزلنا لكن صاحبها يستغلني ويلزمني بشراء اثنين، فاضطر لشراء اثنين وهذا يذهب بجل مصروفي، ولأنه يعتقد أنه ذكي جدًا وشجاع جدًا وشهم جدًا، وجد الحل، أنه سيشتري مني واحد كل يوم، وهكذا كنت احضرها من المنزل وأبيع واحد، كان الأمر يدور بسرية تامة بيني وبينه، من هذه الحيلة بدأت تنطلق أفكاري التجارية، كانت لحظة وضوح في حياتي، ولحظة فارقة في أمور كثيرة أتت بعدها.

حين بدأ القطار بالحركة، صفعت رقبتي من الخلف وقالت" نعيمًا " قم أذهب لكبينتك وخذ عطرك ودخانك، ولا تدخل علي مرة أخرى إلا وقد رششت منه ثلاثًا، ودخت سيجارة واحدة فقط.
سألتها هل هذا من ضمن التجربة ؟ قالت بحزم أذهب.
 
Comment

sitemap      sitemap

أعلى