تواصل معنا

ق. ق.ج صوت ليلى.. وأنا. يمكنك أن تكون أنت، أو هو، أو هي، أو هم، أو الذين. ففكرت أن أختار: من أكون؟ أنا، أو الذين، أو أحد عيالهم؟ غير أني حاولت عبثًا. فقطعًا...

يعرُب

كبار الشخصيات
عضو مميز
إنضم
10 أكتوبر 2024
المشاركات
1,216
مستوى التفاعل
39
مجموع اﻻوسمة
2
لا تُعر اهتمامًا لبيتر*
ق. ق.ج
صوت ليلى.. وأنا.
يمكنك أن تكون أنت، أو هو، أو هي، أو هم، أو الذين.
ففكرت أن أختار: من أكون؟ أنا، أو الذين، أو أحد عيالهم؟ غير أني حاولت عبثًا.
فقطعًا لم أصل إلى خيار واحد، وحتماً، ذلك إما فشل في القرار، أو ربما تشويش.
انتهيت بخيار قاطع لا رجعة فيه، وهو أن أكون الذئب. ذلك الذي كان يجري خلفه كلب الحائك.
كان لفضولي ذلك القرار، وحيرة في المثل الشهير: "لا تكن مثل كلب الحائك".
لم أذهب بعقلي نحو ما كان يفكر فيه كلب الحائك، بل أردت أن أقرأ في عقلية ذلك الذئب.
لذلك كنت ذلك الذئب، ولستُ أنا، أو هي، أو هم، أو الذين.
وحتماً، طالما أوجدنا ذئبًا، لا بدّ من ليلى.

أين ليلى؟
...

تأملات في عقلية ذئب
أسوأ ما يمكن أن يصل إليه عقل، هو أن يكتب قصة هادفة.
الحكايات تبقى مجرد حكايا تجسد الواقع بخيره وشرّه. فالحديث عن حكاية لا يلزم أن يتحدث عن هدف سامٍ أو فضيلة.
من أعظم الآيات التي أقف عندها حائرًا متأمّلًا، قوله تعالى:
(ونبلوكم بالشر والخير فتنة).

هناك سؤال: ما الهدف؟
هو سؤال يعبر عمّا كتبته في البدايات: قصة هادفة.
والحقيقة أن "هادفة" تخضع لشروط وقيم كل شخص.
فحين يقرأ شيئًا لا يخضع لشروطه وقيمه، يبدأ في سؤال: ما الهدف؟

مازلت أقول إن الحكايا مجرد قصص نستوحيها من الواقع أو الخيال، لذلك نحصل عليها بلا شرط مُسبق. نلتقطها ونجدّف بها على الصفحات، بدون أن نقع تحت تأثير ما يريده القارئ.

وهناك خلط كبير بين ما يريده القارئ، ومزاج القارئ.
أنا أميل للأخيرة.
وهو أن تضع في حساباتك، ككاتب، مزاج القارئ.
ما تقدّمه يشبه وجبة، واحرص أن تضع أنفاسك فيها كطاهٍ ماهر.

أتذكر صديقة أديبة ذات طراز متقدم في الكتابة. طلبت أن أقرأ قصتها، أظن اسمها (عنبر).
طبعًا لا أقصد اسم صديقتي، وإنما القصة. فأنا لا أتخيّل أن أصادق شخصًا اسمه عنبر، فضلًا عن أن تكون امرأة.
ما قلته بعد أن قرأت أول الأسطر، كان:
"سؤال من زبائنك؟"
تعجبت من هذا السؤال، لكنها في النهاية فهمت، بعد أن أوضحت لها أن الأسطر العشرة الأولى من قصتها، لن يصمد معها أكثر من اثنين من عشرة ممن طالعوا القصة.
كانت البداية صعبة، لذلك قلت لها: اعتبري نفسك تكتبين للنخبة.

أعترف أني لا أقرأ الأشياء الطويلة، ما لم يطلب الكاتب فيها رأيًا. عادة أفعلها، ولكن أكون صادقًا معه منذ البدايات.
إن كانت جيدة، أنهيها، وإن لم تكن، أخبره بالعثرات فيها.
الإطالة أحد العثرات مع مزاج القارئ، وأنا أقع كثيرًا في هذه العثرة.

أعود وأقول:
تجرّد من هذه الفكرة، وأقصد بها (قصة هادفة)، حتى تتمكن من كتابة قصة.
لا يلزم أن تكون أحد أطرافها.
أنت مجرد قاص، أو كاتب، أو مجرد شاهد.
لا تحاول أن تُلزم أبطال القصة بفكرك، أو ما تعتقده، أو قيمك.

واحذر من أغبى الأسئلة، وهو:
"وماذا بعد؟"
ذلك السؤال يشي بأن أفقك لم يتجاوز ما قرأت، وما كُتب لك.
لم تذهب بعيدًا مع تأملاتك، ولم تجازف بعقليتك للغوص في أعماق ما قرأت.
أحيانًا كثيرة، قد يمنحك عقلك أفقًا أبعد بكثير من المقصود، أو مما يرمي إليه الكاتب.

أتذكر في قصة كتبتها، اسمها (المسافة 13)، كانت مجموعة شخصيات في نفس الحكاية، لكنهم اجتمعوا من حكايات مختلفة.
الشاهد هو، كان سؤال:
"من يكتُبنا؟"
سؤال على لسان أبطال القصة.
إذ أن هذا السؤال يشي بأن البطل ممكن أن يكون على مزاج الكاتب.
تقول إحدى البطلات في القصة:
"هالمرة الكاتبة أنصفتني نوعًا ما، بعكس كاتب سابق كنتُ بطلة قصته، لكنه ما ترك رذيلة إلا وقد وضعني بها."

لا تكن مثل كلب الحائك
مختصر القصة، عن كلاب البلدة التي تركض خلف ذئب.
كلّها توقفت، إلا كلب الحائك.
حتى الآن الأمور طبيعية، لكن إصرار كلب الحائك أثار حيرة الذئب.
لذلك توقف الذئب، وأخذ يسأل كلب الحائك:
هل لصاحبك غنم في البلدة؟
هل يطعمونك أنت وسيدك إذا ذبحوا؟
وهل، وهل... إلخ.
كان الذئب يبحث عن مبرر، لذلك الكلب الذي لم يتوقف، رغم أنه ليس متضررًا.
هكذا يزعم الذئب.

العجيب أن صديقي سألني:
– هل اقتنع كلب الحائك بكلام الذئب؟
قلت: نعم، بعد أن عرض عليه سيجارة، وأشعلها له.

بعمر سيجارة..
"لا شيء يضاهي معانقة فتاة بسيطة، معانقة سريعة."
– ماذا تقول أيها الكلب؟
– لا شيء مهمًا. أنا أتحدث كرجل، وهذا الجانب المظلم في حياة رجل.
ألا تعرف كيف يفكر البشر، أيها الذئب البائس؟
(لا تبكِ يا ذئب)*...
هل تعرف فيرناندو؟

– يبدو أنك رضعت من كلبة.
قد أكون ذئبًا هاربًا، لكني أفهم قصدك من البكاء.
وفيرناندو؟ هؤلاء البشر أغبياء!
قتلوا "الرَّنَة"، ثم قالوا إن تناقصها بسببنا نحن الذئاب،
لكنهم لم يثبتوا يومًا، بدليل جازم، أننا من فعلها في الشمال.

– "هل تسمع قرع الطبول، فيرناندو؟
ونيران البنادق تضيء الأفق.
أتذكرها، كأنها الآن.
لم نعتقد أننا سنخسر، لكننا خسرنا، فيرناندو.
وإذا كان علي فعل الشيء نفسه، مرة أخرى سأفعل، فيرناندو."*

لا تُعر لبيتر اهتمامًا، أيها الذئب.
هل لديك سيجارة ثانية؟




(إنه يُصدر إنذارًا كاذبًا فحسب)



*الحرب الأهلية المكسيكية عام 1910، نهر ريو غراندي.

 

المواضيع المتشابهة

sitemap      sitemap

أعلى