تواصل معنا

تفسير ابن كثير @@@@@@@@ ( ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ) [الدخان : 48] ( ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم ) كقوله: ( يصب...

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
20,020
مستوى التفاعل
10,327
مجموع اﻻوسمة
12
سورة الدخان. تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ) [الدخان : 48]
( ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم )
كقوله: ( يصب من فوق رءوسهم الحميم . يصهر به ما في بطونهم والجلود ) [ الحج : 19 ، 20 ] .

وقد تقدم أن الملك يضربه بمقمعة من حديد ، تفتح دماغه ، ثم يصب الحميم على رأسه فينزل في بدنه ، فيسلت ما في بطنه من أمعائه ، حتى تمرق من كعبيه - أعاذنا الله تعالى من ذلك .

( ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) [الدخان : 49]
وقوله : ( ذق إنك أنت العزيز الكريم ) أي : قولوا له ذلك على وجه التهكم والتوبيخ .

وقال الضحاك عن ابن عباس : أي لست بعزيز ولا كريم .

وقد قال الأموي في مغازيه : حدثنا أسباط ، حدثنا أبو بكر الهذلي ، عن عكرمة قال : لقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا جهل - لعنه الله - فقال :
" إن الله تعالى أمرني أن أقول لك : ( أولى لك فأولى . ثم أولى لك فأولى ) [ القيامة : 34 ، 35 ]
قال : فنزع ثوبه من يده وقال : ما تستطيع لي أنت ولا صاحبك من شيء . ولقد علمت أني أمنع أهل البطحاء ، وأنا العزيز الكريم .
قال : فقتله الله تعالى يوم بدر وأذله وعيره بكلمته ، وأنزل : ( ذق إنك أنت العزيز الكريم )

( إِنَّ هَٰذَا مَا كُنتُم بِهِ تَمْتَرُونَ) [الدخان : 50]
وقوله : ( إن هذا ما كنتم به تمترون ) ، كقوله:
( يوم يدعون إلى نار جهنم دعا . هذه النار التي كنتم بها تكذبون أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون ) [ الطور : 13 - 15 ].
ولهذا قال هاهنا : ( إن هذا ما كنتم به تمترون )
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
20,020
مستوى التفاعل
10,327
مجموع اﻻوسمة
12
سورة الدخان. تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ) [الدخان : 51]
لما ذكر تعالى حال الأشقياء عطف بذكر [ حال ] السعداء - ولهذا سمي القرآن مثاني - فقال : ( إن المتقين ) أي : لله في الدنيا
( في مقام أمين ) أي : في الآخرة وهو الجنة ، قد أمنوا فيها من الموت والخروج ، ومن كل هم وحزن وجزع وتعب ونصب ، ومن الشيطان وكيده ، وسائر الآفات والمصائب .

( فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) [الدخان : 52]
( في جنات وعيون ) وهذا في مقابلة ما أولئك فيه من شجر الزقوم ، وشرب الحميم .

( يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ) [الدخان : 53]
وقوله تعالى : ( يلبسون من سندس وإستبرق ) وهو : رفيع الحرير ، كالقمصان ونحوها.
( وإستبرق ) وهو ما فيه بريق ولمعان وذلك كالرياش ، وما يلبس على أعالي القماش.
( متقابلين ) أي : على السرر لا يجلس أحد منهم وظهره إلى غيره .

( كَذَٰلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ) [الدخان : 54]
وقوله : ( كذلك وزوجناهم بحور عين ) أي : هذا العطاء مع ما قد منحناهم من الزوجات الحور العين الحسان اللاتي
( لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ) [ الرحمن : 56 ، 74 ]
( كأنهن الياقوت والمرجان ) [ الرحمن : 58 ]
( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) [ الرحمن : 60 ] .

قال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبي ، حدثنا نوح بن حبيب ، حدثنا نصر بن مزاحم العطار ، حدثنا عمر بن سعد ، عن رجل عن أنس - رفعه نوح - قال : لو أن حوراء بزقت في بحر لجي ، لعذب ذلك الماء لعذوبة ريقها .

( يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ) [الدخان : 55]
وقوله : ( يدعون فيها بكل فاكهة آمنين ) أي : مهما طلبوا من أنواع الثمار أحضر لهم ، وهم آمنون من انقطاعه وامتناعه ، بل يحضر إليهم كلما أرادوا .
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
20,020
مستوى التفاعل
10,327
مجموع اﻻوسمة
12
سورة الدخان. تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَىٰ ۖ وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) [الدخان : 56]
وقوله : ( لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ) هذا استثناء يؤكد النفي ، فإنه استثناء منقطع ومعناه : أنهم لا يذوقون فيها الموت أبدا ، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" يؤتى بالموت في صورة كبش أملح ، فيوقف بين الجنة والنار ثم يذبح ، ثم يقال : يا أهل الجنة خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت "
وقد تقدم الحديث في سورة مريم .

وقال عبد الرزاق :
حدثنا سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي مسلم الأغر ، عن أبي سعيد وأبي هريرة ، رضي الله عنهما ، قالا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" يقال لأهل الجنة : إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا ، وإن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدا ، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا ، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا " .
رواه مسلم عن إسحاق بن راهويه وعبد بن حميد ، كلاهما عن عبد الرزاق به .

هكذا يقول أبو إسحاق وأهل العراق " أبو مسلم الأغر " ، وأهل المدينة يقولون : " أبو عبد الله الأغر " .

وقال أبو بكر بن أبي داود السجستاني :
حدثنا أحمد بن حفص ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن طهمان ، عن الحجاج - هو ابن حجاج - عن عبادة ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" من اتقى الله دخل الجنة ، ينعم فيها ولا يبأس ، ويحيا فيها فلا يموت ، لا تبلى ثيابه ، ولا يفنى شبابه " .

وقال أبو القاسم الطبراني :
حدثنا أحمد بن يحيى ، حدثنا عمرو بن محمد الناقد ، حدثنا سليمان بن عبيد الله الرقي ، حدثنا مصعب بن إبراهيم ، حدثنا عمران بن الربيع الكوفي ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر ، رضي الله عنه ، قال : سئل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : أينام أهل الجنة ؟
فقال : " النوم أخو الموت ، وأهل الجنة لا ينامون " .

وهكذا رواه أبو بكر بن مردويه في تفسيره : حدثنا أحمد بن القاسم بن صدقة المصري ، حدثنا المقدام بن داود ، حدثنا عبد الله بن المغيرة ، حدثنا سفيان الثوري ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" النوم أخو الموت ، وأهل الجنة لا ينامون " .

وقال أبو بكر البزار في مسنده :
حدثنا الفضل بن يعقوب ، حدثنا محمد بن يوسف الفريابي ، عن سفيان ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر قال :
قيل : يا رسول الله ، هل ينام أهل الجنة ؟
قال : " لا النوم أخو الموت "
ثم قال : " لا نعلم أحدا أسنده عن ابن المنكدر ، عن جابر إلا الثوري ، ولا عن الثوري ، إلا الفريابي " هكذا قال ، وقد تقدم خلاف ذلك ، والله أعلم .

وقوله : ( ووقاهم عذاب الجحيم ) أي : مع هذا النعيم العظيم المقيم قد وقاهم ، وسلمهم ونجاهم وزحزحهم من العذاب الأليم في دركات الجحيم ، فحصل لهم المطلوب ، ونجاهم من المرهوب.
 
Comment

جاروط

مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
20,020
مستوى التفاعل
10,327
مجموع اﻻوسمة
12
سورة الدخان. تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( فَضْلًا مِّن رَّبِّكَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [الدخان : 57]
ولهذا قال : ( فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم ) أي : إنما كان هذا بفضله عليهم وإحسانه إليهم كما ثبت في الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
" اعملوا وسددوا وقاربوا ، واعلموا أن أحدا لن يدخله عمله الجنة "
قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟
قال : " ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل " .

( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) [الدخان : 58]
وقوله : ( فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون ) أي : إنما يسرنا هذا القرآن الذي أنزلناه سهلا واضحا بينا جليا بلسانك الذي هو أفصح اللغات وأجلاها وأحلاها وأعلاها.
( لعلهم يتذكرون ) أي : يتفهمون ويعملون .
ثم لما كان مع هذا البيان والوضوح ، من الناس من كفر وخالف وعاند ، قال الله تعالى لرسوله مسليا له وواعدا له بالنصر ، ومتوعدا لمن كذبه بالعطب والهلاك :

( فَارْتَقِبْ إِنَّهُم مُّرْتَقِبُونَ)؛[الدخان : 59]
( فارتقب ) أي : انتظر.
( إنهم مرتقبون ) أي : فسيعلمون لمن يكون النصر والظفر وعلو الكلمة في الدنيا والآخرة ، فإنها لك يا محمد ولإخوانك من النبيين والمرسلين ومن اتبعكم من المؤمنين ، كما قال تعالى :
( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز ) [ المجادلة : 21 ].
وقال تعالى : ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ) [ غافر : 51 ، 52 ] .

آخر تفسير سورة الدخان ، ولله الحمد والمنة ، وبه التوفيق والعصمة.
 
Comment

sitemap      sitemap

أعلى