لا .. لست أنا
..
..
..
لا.. لستُ أنا
ذاكَ الذي عبرَ العيونَ بلا صدى
ولا الذي تذروهُ ريحُ العمرِ
مثلَ غصنِ الردى
أنا مَن علَّمَ أنفاسَكِ لحنَ المطر
وأوقدَ في كفّيكِ دفءَ الندى
أنا الذي أودعَ روحَهُ لديكِ
كما يودعُ الطائرُ لحنه في المدى
لا.. لستُ أنا
ذاكَ الذي تركتِهُ عندَ عتبةِ الغياب
يمضغُ صمتَهُ وحيداً
أنا الذي كنتُ أفتحُ لكِ بابَ الأياب
وأحرسُ خطاكِ من ارتجافِ المسافة
ولغة العتاب
لماذا تركتِني ..
أما كنتِ تقولينَ
إنني آخرُ مرافئ الاعجاب
أما كنتِ تهمسينَ
أن بعدي رمادٌ يذروه السحاب
لا ..لست أنا
عودي واسألي قلبكِ
من ذا يضمدُ جرحَكِ إن لم أكن
أنا
من ذا يوقظُ الفجرَ في عينيكِ
من ذا يزرعُ في أيامكِ معنى الحياة
ووهج السنا
عودي فكلُّ الطرقاتِ التي تهربينَ إليها
ستقودكِ نحوي
أنا
وكلُّ المرايا سترين فيها وجهي
رغماً عنك
أنا
لا.. لستُ أنا
ذاكَ الغريبُ الذي فقدتِهُ في الطريق
أنا الوطنُ الذي هجرتِه
فخلّف حريق
وأنتِ التي ستكتشفينَ
أن لا سماءَ بعدي
ولا اتساعَ
غير التيهِ…
والضيق
تحياتي
