تواصل معنا

تفسير ابن كثير @@@@@@@ ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) [فصلت : 26] وقوله...

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,532
مستوى التفاعل
10,724
سورة فصلت. تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) [فصلت : 26]

وقوله تعالى : ( وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه ) أي : تواصوا فيما بينهم ألا يطيعوا للقرآن ، ولا ينقادوا لأوامره.
( والغوا فيه ) أي : إذا تلي لا تسمعوا له . كما قال مجاهد : ( والغوا فيه ) يعني : بالمكاء والصفير والتخليط في المنطق على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قرأ القرآن ، قريش تفعله .

وقال الضحاك ، عن ابن عباس : ( والغوا فيه ) عيبوه .

وقال قتادة : اجحدوا به ، وأنكروه وعادوه .

( لعلكم تغلبون ) هذا حال هؤلاء الجهلة من الكفار ، ومن سلك مسلكهم عند سماع القرآن .
وقد أمر الله - سبحانه - عباده المؤمنين بخلاف ذلك فقال :
( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ) [ الأعراف : 204 ] .
 

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,532
مستوى التفاعل
10,724
سورة فصلت. تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ) [فصلت : 27]

ثم قال تعالى : منتصرا للقرآن ، ومنتقما ممن عاداه من أهل الكفران : ( فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ) أي : في مقابلة ما اعتمدوه في القرآن وعند سماعه.
( ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون ) أي : بشر أعمالهم وسيئ أفعالهم .

( ذَٰلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ ۖ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ ۖ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ) [فصلت : 28]

أي بشر أعمالهم وسيء أفعالهم.
 

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,532
مستوى التفاعل
10,724
سورة فصلت. تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
@@@@@@

( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ) [فصلت : 29]

قال سفيان الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن مالك بن الحصين الفزاري ، عن أبيه ، عن علي ، رضي الله عنه ، في قوله : ( الذين أضلانا )
قال : إبليس وابن آدم الذي قتل أخاه .
وهكذا روى حبة العرني عن علي ، مثل ذلك .

وقال السدي ، عن علي : فإبليس يدعو به كل صاحب شرك ، وابن آدم يدعو به كل صاحب كبيرة ، فإبليس - لعنه الله - هو الداعي إلى كل شر من شرك فما دونه ، وابن آدم الأول . كما ثبت في الحديث :
" ما قتلت نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها ; لأنه أول من سن القتل " .

وقوله: ( نجعلهما تحت أقدامنا ) أي : أسفل منا في العذاب ليكونا أشد عذابا منا ; ولهذا قالوا :
( ليكونا من الأسفلين ) أي : في الدرك الأسفل من النار ، كما تقدم في " الأعراف " من سؤال الأتباع من الله أن يعذب قادتهم أضعاف عذابهم ، قال :
( لكل ضعف ولكن لا تعلمون ) [ الأعراف : 38 ] أي : إنه تعالى قد أعطى كلا منهم ما يستحقه من العذاب والنكال ، بحسب عمله وإفساده ، كما قال تعالى :
( الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون ) [ النحل : 88 ] .
 

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,532
مستوى التفاعل
10,724
سورة فصلت. تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) [فصلت : 30]

قول تعالى : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ) أي : أخلصوا العمل لله ، وعملوا بطاعة الله تعالى على ما شرع الله لهم .

قال الحافظ أبو يعلى الموصلي :
حدثنا الجراح ، حدثنا سلم بن قتيبة أبو قتيبة الشعيري ، حدثنا سهيل بن أبي حزم ، حدثنا ثابت عن أنس بن مالك قال :
قرأ علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ) قد قالها ناس ثم كفر أكثرهم ، فمن قالها حتى يموت فقد استقام عليها .
وكذا رواه النسائي في تفسيره ، والبزار وابن جرير ، عن عمرو بن علي الفلاس ، عن سلم بن قتيبة ، به . وكذا رواه ابن أبي حاتم ، عن أبيه ، عن الفلاس ، به .
ثم قال ابن جرير :
حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عامر بن سعد ، عن سعيد بن نمران قال :
قرأت عند أبي بكر الصديق هذه الآية : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ) قال : هم الذين لم يشركوا بالله شيئا .
ثم روي من حديث الأسود بن هلال قال :
قال أبو بكر ، رضي الله عنه : ما تقولون في هذه الآية : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ) ؟
قال : فقالوا : ( ربنا الله ثم استقاموا ) من ذنب .
فقال : لقد حملتموها على غير المحمل.
( قالوا ربنا الله ثم استقاموا ) فلم يلتفتوا إلى إله غيره .
وكذا قال مجاهد ، وعكرمة ، والسدي ، وغير واحد .

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبو عبد الله الظهراني ، أخبرنا حفص بن عمر العدني ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة قال :
سئل ابن عباس ، رضي الله عنهما : أي آية في كتاب الله أرخص ؟
قال قوله : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ) على شهادة أن لا إله إلا الله .

وقال الزهري :
تلا عمر هذه الآية على المنبر ، ثم قال : استقاموا - والله - لله بطاعته ، ولم يروغوا روغان الثعالب .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس :
( قالوا ربنا الله ثم استقاموا ) على أداء فرائضه .
وكذا قال قتادة.
قال : وكان الحسن يقول :
اللهم أنت ربنا ، فارزقنا الاستقامة .

وقال أبو العالية : ( ثم استقاموا ) أخلصوا له العمل والدين .

وقال الإمام أحمد :
حدثنا هشيم ، حدثنا يعلى بن عطاء ، عن عبد الله بن سفيان الثقفي ، عن أبيه ; أن رجلا قال :
يا رسول الله مرني بأمر في الإسلام لا أسأل عنه أحدا بعدك .
قال : " قل آمنت بالله ، ثم استقم "
قلت : فما أتقي ؟
فأومأ إلى لسانه .
ورواه النسائي من حديث شعبة ، عن يعلى بن عطاء ، به .

ثم قال الإمام أحمد :
حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا إبراهيم بن سعد ، حدثني ابن شهاب ، عن محمد بن عبد الرحمن بن ماعز الغامدي ، عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال :
قلت : يا رسول الله ، حدثني بأمر أعتصم به .
قال : " قل ربي الله ، ثم استقم "
قلت : يا رسول الله ما أكثر ما تخاف علي ؟
فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطرف لسان نفسه ، ثم قال : " هذا " .
وهكذا رواه الترمذي وابن ماجه ، من حديث الزهري ، به .
وقال الترمذي : حسن صحيح .
وقد أخرجه مسلم في صحيحه والنسائي ، من حديث هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال :
قلت : يا رسول الله ، قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك .
قال : " قل آمنت بالله ، ثم استقم " وذكر تمام الحديث .

وقوله : ( تتنزل عليهم الملائكة ) قال مجاهد ، والسدي ، وزيد بن أسلم ، وابنه : يعني عند الموت قائلين : ( ألا تخافوا ).
قال مجاهد ، وعكرمة ، وزيد بن أسلم : أي مما تقدمون عليه من أمر الآخرة.
.
( ولا تحزنوا ) [ أي ] على ما خلفتموه من أمر الدنيا ، من ولد وأهل ومال أو دين ، فإنا نخلفكم فيه.
( وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ) فيبشرونهم بذهاب الشر وحصول الخير .

وهذا كما في حديث البراء ، رضي الله عنه :
" إن الملائكة تقول لروح المؤمن : اخرجي أيتها الروح الطيبة في الجسد الطيب كنت تعمرينه ، اخرجي إلى روح وريحان ، ورب غير غضبان " .

وقيل : إن الملائكة تتنزل عليهم يوم خروجهم من قبورهم .
حكاه ابن جرير عن ابن عباس ، والسدي .

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبو زرعة ، حدثنا عبد السلام بن مطهر ، حدثنا جعفر بن سليمان :
سمعت ثابتا قرأ سورة " حم السجدة " حتى بلغ : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ) فوقف فقال :
بلغنا أن العبد المؤمن حين يبعثه الله من قبره ، يتلقاه الملكان اللذان كانا معه في الدنيا ، فيقولان له : لا تخف ولا تحزن ، ( وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون )
قال : فيؤمن الله خوفه ، ويقر عينه فما عظيمة يخشى الناس يوم القيامة إلا هي للمؤمن قرة عين ؛ لما هداه الله ، ولما كان يعمل له في الدنيا .

وقال زيد بن أسلم :
يبشرونه عند موته ، وفي قبره ، وحين يبعث .
رواه ابن أبي حاتم .

وهذا القول يجمع الأقوال كلها ، وهو حسن جدا ، وهو الواقع .
 

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,532
مستوى التفاعل
10,724
سورة فصلت. تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ) [فصلت : 31]

وقوله : ( نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) أي : تقول الملائكة للمؤمنين عند الاحتضار : نحن كنا أولياءكم ، أي : قرناءكم في الحياة الدنيا ، نسددكم ونوفقكم ، ونحفظكم بأمر الله ، وكذلك نكون معكم في الآخرة نؤنس منكم الوحشة في القبور ، وعند النفخة في الصور ، ونؤمنكم يوم البعث والنشور ، ونجاوز بكم الصراط المستقيم ، ونوصلكم إلى جنات النعيم .
( ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ) أي : في الجنة من جميع ما تختارون مما تشتهيه النفوس ، وتقر به العيون.
( ولكم فيها ما تدعون ) أي : مهما طلبتم وجدتم ، وحضر بين أيديكم ، [ أي ] كما اخترتم ،
 

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,532
مستوى التفاعل
10,724
سورة فصلت. تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ) [فصلت : 32]
( نزلا من غفور رحيم ) أي : ضيافة وعطاء وإنعاما من غفور لذنوبكم ، رحيم بكم رءوف ، حيث غفر ، وستر ، ورحم ، ولطف .

وقد ذكر ابن أبي حاتم هاهنا حديث سوق الجنة عند قوله تعالى :
( ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم ) ، فقال :
حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين أبي سعيد ، حدثنا الأوزاعي ، حدثني حسان بن عطية ، عن سعيد بن المسيب : أنه لقي أبا هريرة [ رضي الله عنه ] فقال أبو هريرة : نسأل الله أن يجمع بيني وبينك في سوق الجنة .
فقال سعيد : أوفيها سوق ؟
قال : نعم ، أخبرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أهل الجنة إذا دخلوا فيها ، نزلوا بفضل أعمالهم ، فيؤذن لهم في مقدار يوم الجمعة في أيام الدنيا فيزورون الله ، عز وجل ، ويبرز لهم عرشه ، ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة ، وتوضع لهم منابر من نور ، ومنابر من لؤلؤ ، ومنابر من ياقوت ، ومنابر من زبرجد ، ومنابر من ذهب ، ومنابر من فضة ، ويجلس [ فيه ] أدناهم وما فيهم دنيء على كثبان المسك والكافور ، ما يرون بأن أصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلسا .
قال أبو هريرة : قلت : يا رسول الله ، وهل نرى ربنا [ يوم القيامة ] ؟
قال : " نعم هل تتمارون في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر ؟ "
قلنا : لا .
قال - صلى الله عليه وسلم - : " فكذلك لا تتمارون في رؤية ربكم تعالى ، ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره الله محاضرة ، حتى إنه ليقول للرجل منهم : يا فلان بن فلان ، أتذكر يوم عملت كذا وكذا ؟ - يذكره ببعض غدراته في الدنيا - فيقول : أي رب ، أفلم تغفر لي ؟
فيقول : بلى فبسعة مغفرتي بلغت منزلتك هذه .
قال : فبينما هم على ذلك غشيتهم سحابة من فوقهم ، فأمطرت عليهم طيبا لم يجدوا مثل ريحه شيئا قط " .
قال : ثم يقول ربنا - عز وجل - : قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة ، وخذوا ما اشتهيتم " .
قال : " فنأتي سوقا قد حفت به الملائكة ، فيها ما لم تنظر العيون إلى مثله ، ولم تسمع الآذان ، ولم يخطر على القلوب .
قال : فيحمل لنا ما اشتهينا ، ليس يباع فيه شيء ولا يشترى ، وفي ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضا " .
قال : " فيقبل الرجل ذو المنزلة الرفيعة ، فيلقى من هو دونه - وما فيهم دنيء فيروعه ما يرى عليه من اللباس ، فما ينقضي آخر حديثه حتى يتمثل عليه أحسن منه ; وذلك لأنه لا ينبغي لأحد أن يحزن فيها .
ثم ننصرف إلى منازلنا ، فيتلقانا أزواجنا فيقلن : مرحبا وأهلا بحبنا ، لقد جئت وإن بك من الجمال والطيب أفضل مما فارقتنا عليه .
فيقول : إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار - عز وجل - وبحقنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا به " .
وقد رواه الترمذي في " صفة الجنة " من جامعه ، عن محمد بن إسماعيل ، عن هشام بن عمار ، ورواه ابن ماجه عن هشام بن عمار ، به نحوه . ثم قال الترمذي : هذا حديث غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه .

وقال الإمام أحمد :
حدثنا ابن أبي عدي ، عن حميد ، عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه " .
قلنا يا رسول الله كلنا نكره الموت ؟
قال : " ليس ذلك كراهية الموت ، ولكن المؤمن إذا حضر جاءه البشير من الله بما هو صائر إليه ، فليس شيء أحب إليه من أن يكون قد لقي الله فأحب الله لقاءه "
قال : " وإن الفاجر - أو الكافر - إذا حضر جاءه بما هو صائر إليه من الشر - أو : ما يلقى من الشر - فكره لقاء الله فكره الله لقاءه " .
وهذا حديث صحيح ، وقد ورد في الصحيح من غير هذا الوجه .
 

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,532
مستوى التفاعل
10,724
سورة فصلت. تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [فصلت : 33]
: يقول تعالى : ( ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله ) أي : دعا عباد الله إليه.
( وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ) أي : وهو في نفسه مهتد بما يقوله ، فنفعه لنفسه ولغيره لازم ومتعد ، وليس هو من الذين يأمرون بالمعروف ولا يأتونه ، وينهون عن المنكر ويأتونه ، بل يأتمر بالخير ويترك الشر ، ويدعو الخلق إلى الخالق تبارك وتعالى .
وهذه عامة في كل من دعا إلى خير ، وهو في نفسه مهتد ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى الناس بذلك ، كما قال محمد بن سيرين ، والسدي ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم .

وقيل : المراد بها المؤذنون الصلحاء ، كما ثبت في صحيح مسلم :
" المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة "
وفي السنن مرفوعا :
" الإمام ضامن ، والمؤذن مؤتمن ، فأرشد الله الأئمة ، وغفر للمؤذنين " .

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا محمد بن عروبة الهروي ، حدثنا غسان قاضي هراة وقال أبو زرعة : حدثنا إبراهيم بن طهمان ، عن مطر ، عن الحسن ، عن سعد بن أبي وقاص أنه قال :
" سهام المؤذنين عند الله يوم القيامة كسهام المجاهدين ، وهو بين الأذان والإقامة كالمتشحط في سبيل الله في دمه " .

قال : وقال ابن مسعود :
" لو كنت مؤذنا ما باليت ألا أحج ولا أعتمر ولا أجاهد " .

قال : وقال عمر بن الخطاب :
لو كنت مؤذنا لكمل أمري ، وما باليت ألا أنتصب لقيام الليل ولا لصيام النهار ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
" اللهم اغفر للمؤذنين " ثلاثا ،
قال : فقلت : يا رسول الله ، تركتنا ، ونحن نجتلد على الأذان بالسيوف .
قال : " كلا يا عمر ، إنه يأتي على الناس زمان يتركون الأذان على ضعفائهم ، وتلك لحوم حرمها الله على النار ، لحوم المؤذنين " .

قال : وقالت عائشة : ولهم هذه الآية : ( ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ) قالت : فهو المؤذن إذا قال : " حي على الصلاة " فقد دعا إلى الله .
وهكذا قال ابن عمر ، وعكرمة : إنها نزلت في المؤذنين .

وقد ذكر البغوي عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - أنه قال في قوله : ( وعمل صالحا ) قال : يعني صلاة ركعتين بين الأذان والإقامة .

ثم أورد البغوي حديث " عبد الله بن المغفل " قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" بين كل أذانين صلاة " . ثم قال في الثالثة : " لمن شاء "
وقد أخرجه الجماعة في كتبهم ، من حديث عبد الله بن بريدة ، عنه وحديث الثوري ، عن زيد العمي ، عن أبي إياس معاوية بن قرة ، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال الثوري : لا أراه إلا وقد رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - :
" الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة " .
ورواه أبو داود والترمذي ، والنسائي في " اليوم والليلة " كلهم من حديث الثوري ، به . وقال الترمذي : هذا حديث حسن .
ورواه النسائي أيضا من حديث سليمان التيمي ، عن قتادة ، عن أنس ، به .
والصحيح أن الآية عامة في المؤذنين وفي غيرهم ، فأما حال نزول هذه الآية فإنه لم يكن الأذان مشروعا بالكلية ; لأنها مكية ، والأذان إنما شرع بالمدينة بعد الهجرة ، حين أريه عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري في منامه ، فقصه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمره أن يلقيه على بلال فإنه أندى صوتا ، كما هو مقرر في موضعه ، فالصحيح إذا أنها عامة ، كما قال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الحسن البصري : أنه تلا هذه الآية : ( ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ) فقال :
هذا حبيب الله ، هذا ولي الله ، هذا صفوة الله ، هذا خيرة الله ، هذا أحب أهل الأرض إلى الله ، أجاب الله في دعوته ، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته ، وعمل صالحا في إجابته ، وقال : إنني من المسلمين ، هذا خليفة الله ..
 

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,532
مستوى التفاعل
10,724
سورة فصلت. تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [فصلت : 34]

. وقوله : ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ) أي : فرق عظيم بين هذه وهذه.
( ادفع بالتي هي أحسن ) أي : من أساء إليك فادفعه عنك بالإحسان إليه ، كما قال عمر [ رضي الله عنه ]:
ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه .

وقوله : ( فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) وهو الصديق ، أي : إذا أحسنت إلى من أساء إليك قادته تلك الحسنة إليه إلى مصافاتك ومحبتك ، والحنو عليك ، حتى يصير كأنه ولي لك حميم أي : قريب إليك من الشفقة عليك والإحسان إليك .
 

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,532
مستوى التفاعل
10,724
سورة فصلت. تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [فصلت : 35]

ثم قال : ( وما يلقاها إلا الذين صبروا ) أي : وما يقبل هذه الوصية ويعمل بها إلا من صبر على ذلك ، فإنه يشق على النفوس.
( وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ) أي : ذو نصيب وافر من السعادة في الدنيا والأخرى .

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في تفسير هذه الآية :
أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب ، والحلم عند الجهل ، والعفو عند الإساءة ، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان ، وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم .
 

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,532
مستوى التفاعل
10,724
سورة فصلت. تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [فصلت : 36]

وقوله : ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله ) أي : إن شيطان الإنس ربما ينخدع بالإحسان إليه ، فأما شيطان الجن فإنه لا حيلة فيه إذا وسوس إلا الاستعاذة بخالقه الذي سلطه عليك ، فإذا استعذت بالله ولجأت إليه ، كفه عنك ورد كيده . وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا قام إلى الصلاة يقول :
" أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه " .

وقد قدمنا أن هذا المقام لا نظير له في القرآن إلا في " سورة الأعراف " عند قوله :
( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم ) [ الأعراف : 199 ، 200 ] ،
وفي سورة المؤمنين عند قوله :
( ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون ) [ المؤمنون : 96 - 98 ] .

[ لكن الذي ذكر في الأعراف أخف على النفس مما ذكر في سورة السجدة ; لأن الإعراض عن الجاهل وتركه أخف على النفس من الإحسان إلى المسيء فتتلذذ النفس من ذلك ولا انتقاد له إلا بمعالجة ويساعدها الشيطان في هذه الحال ، فتنفعل له وتستعصي على صاحبها ، فتحتاج إلى مجاهدة وقوة إيمان ; فلهذا أكد ذلك هاهنا بضمير الفصل والتعريف باللام فقال :
( فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ) ] .
 

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,532
مستوى التفاعل
10,724
سورة فصلت. تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ۚ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [فصلت : 37]

يقول تعالى منبها خلقه على قدرته العظيمة ، وأنه الذي لا نظير له وأنه على ما يشاء قادر ، ( ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر ) أي : أنه خلق الليل بظلامه ، والنهار بضيائه ، وهما متعاقبان لا يقران ، والشمس ونورها وإشراقها ، والقمر وضياءه وتقدير منازله في فلكه ، واختلاف سيره في سمائه ؛ ليعرف باختلاف سيره وسير الشمس مقادير الليل والنهار ، والجمع والشهور والأعوام ، ويتبين بذلك حلول الحقوق ، وأوقات العبادات والمعاملات .

ثم لما كان الشمس والقمر أحسن الأجرام المشاهدة في العالم العلوي والسفلي ، نبه تعالى على أنهما مخلوقان عبدان من عبيده ، تحت قهره وتسخيره ، فقال : ( لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون ) أي : ولا تشركوا به فما تنفعكم عبادتكم له مع عبادتكم لغيره ، فإنه لا يغفر أن يشرك به ; ولهذا قال :

( فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ ۩) [فصلت : 38]

( فإن استكبروا ) أي : عن إفراد العبادة له وأبوا إلا أن يشركوا معه غيره.
( فالذين عند ربك ) يعني الملائكة.
( يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون ) ، كقوله:
( فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين ) [ الأنعام : 89 ] .

وقال الحافظ أبو يعلى :
حدثنا سفيان - يعني ابن وكيع - حدثنا أبي ، عن ابن أبي ليلى ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" لا تسبوا الليل ولا النهار ، ولا الشمس ولا القمر ، ولا الرياح فإنها ترسل رحمة لقوم ، وعذابا لقوم " .
 

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,532
مستوى التفاعل
10,724
سورة فصلت. تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ۚ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۚ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [فصلت : 39]
وقوله : ( ومن آياته ) أي : على قدرته على إعادة الموتى.
( أنك ترى الأرض خاشعة ) أي : هامدة لا نبات فيها ، بل هي ميتة.
( فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت ) أي : أخرجت من جميل ألوان الزروع والثمار.
( إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير )

( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ۗ أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ۖ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [فصلت : 40]
قوله : ( إن الذين يلحدون في آياتنا ) ، قال ابن عباس : الإلحاد : وضع الكلام على غير مواضعه .

وقال قتادة وغيره : هو الكفر والعناد .

وقوله : ( لا يخفون علينا ) أي : فيه تهديد شديد ، ووعيد أكيد ، أي : إنه تعالى عالم بمن يلحد في آياته وأسمائه وصفاته ، وسيجزيه على ذلك بالعقوبة والنكال ; ولهذا قال :
( أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة ) ؟ أي : أيستوي هذا وهذا ؟
لا يستويان .

ثم قال - عز وجل - تهديدا للكفرة : ( اعملوا ما شئتم ) قال مجاهد ، والضحاك ، وعطاء الخراساني : ( اعملوا ما شئتم ) : وعيد ، أي : من خير أو شر ، إنه عليم بكم وبصير بأعمالكم ; ولهذا قال :
( إنه بما تعملون بصير ).
 

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,532
مستوى التفاعل
10,724
سورة فصلت. تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ ۖ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ) [فصلت : 41]
ثم قال : ( إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم )
قال الضحاك ، والسدي ، وقتادة : وهو القرآن.
( وإنه لكتاب عزيز ) أي : منيع الجناب ، لا يرام أن يأتي أحد بمثله.

( لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) [فصلت : 42]
( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ) أي : ليس للبطلان إليه سبيل ; لأنه منزل من رب العالمين ; ولهذا قال :
( تنزيل من حكيم حميد ) أي : حكيم في أقواله وأفعاله ، حميد بمعنى محمود ، أي : في جميع ما يأمر به وينهى عنه ، الجميع محمودة عواقبه وغاياته .
 

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,532
مستوى التفاعل
10,724
سورة فصلت. تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( مَّا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ) [فصلت : 43]
ثم قال : ( ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك ) قال قتادة ، والسدي ، وغيرهما : ما يقال لك من التكذيب إلا كما قد قيل للرسل من قبلك ، فكما قد كذبت فقد كذبوا ، وكما صبروا على أذى قومهم لهم ، فاصبر أنت على أذى قومك لك . وهذا اختيار ابن جرير ، ولم يحك هو ، ولا ابن أبي حاتم غيره .

وقوله : ( إن ربك لذو مغفرة للناس ) أي : لمن تاب إليه.
( وذو عقاب أليم ) أي : لمن استمر على كفره ، وطغيانه ، وعناده ، وشقاقه ومخالفته .

قال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال :
لما نزلت هذه الآية : ( إن ربك لذو مغفرة ) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" لولا غفر الله وتجاوزه ما هنأ أحدا العيش ، ولولا وعيده وعقابه لاتكل كل أحد " .
 

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,532
مستوى التفاعل
10,724
سورة فصلت. تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ۖ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ۗ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ۖ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُولَٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ) [فصلت : 44]

لما ذكر تعالى القرآن وفصاحته وبلاغته ، وإحكامه في لفظه ومعناه ، ومع هذا لم يؤمن به المشركون ، نبه على أن كفرهم به كفر عناد وتعنت ، كما قال :
( ولو نزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين ) [ الشعراء : 198 ، 199 ] .
وكذلك لو أنزل القرآن كله بلغة العجم ، لقالوا على وجه التعنت والعناد : ( لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي ) أي : لقالوا : هلا أنزل مفصلا بلغة العرب ، ولأنكروا ذلك وقالوا :
أعجمي وعربي ؟
أي : كيف ينزل كلام أعجمي على مخاطب عربي لا يفهمه .

هكذا روي هذا المعنى عن ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، والسدي ، وغيرهم .

وقيل : المراد بقولهم : ( لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي ) أي : هلا أنزل بعضها بالأعجمي ، وبعضها بالعربي .

هذا قول الحسن البصري ، وكان يقرؤها كذلك بلا استفهام في قوله ( أعجمي ) وهو رواية عن سعيد بن جبير وهو في [ التعنت و ] العناد أبلغ .

ثم قال تعالى : ( قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء ) أي : قل يا محمد :
هذا القرآن لمن آمن به هدى لقلبه وشفاء لما في الصدور من الشكوك والريب.
( والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر ) أي : لا يفهمون ما فيه.
( وهو عليهم عمى ) أي : لا يهتدون إلى ما فيه من البيان كما قال تعالى :
( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ) [ الإسراء : 82 ]

( أولئك ينادون من مكان بعيد ) قال مجاهد : يعني بعيدا من قلوبهم .

قال ابن جرير :
معناه : كأن من يخاطبهم يناديهم من مكان بعيد ، لا يفهمون ما يقول .

قلت : وهذا كقوله تعالى :
( ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون ) [ البقرة : 171 ] .

وقال الضحاك : ينادون يوم القيامة بأشنع أسمائهم .

وقال السدي : كان عمر بن الخطاب [ رضي الله عنه ] جالسا عند رجل من المسلمين يقضي ، إذ قال : يا لبيكاه .
فقال عمر : لم تلبي ؟ هل رأيت أحدا ، أو دعاك أحد ؟
قال : دعاني داع من وراء البحر .
فقال عمر : أولئك ينادون من مكان بعيد .
رواه ابن أبي حاتم .
 

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,532
مستوى التفاعل
10,724
سورة فصلت. تفسير ابن كثير
تقسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ ۗ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ۚ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ) [فصلت : 45]

وقوله : ( ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ) أي : كذب وأوذي.
( فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ) [ الأحقاف : 35 ] .
( ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى ) [ الشورى : 14 ] بتأخير الحساب إلى يوم المعاد.
( لقضي بينهم ) أي : لعجل لهم العذاب ، بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا
( وإنهم لفي شك منه مريب ) أي : وما كان تكذيبهم له عن بصيرة منهم لما قالوا ، بل كانوا شاكين فيما قالوا ، غير محققين لشيء كانوا فيه . هكذا وجهه ابن جرير ، وهو محتمل ، والله أعلم .

( مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ) [فصلت : 46]

يقول تعالى : ( من عمل صالحا فلنفسه ) أي : إنما يعود نفع ذلك على نفسه.
( ومن أساء فعليها ) أي : إنما يرجع وبال ذلك عليه.
( وما ربك بظلام للعبيد ) أي : لا يعاقب أحدا إلا بذنب ، ولا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه ، وإرسال الرسول إليه .
 

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,532
مستوى التفاعل
10,724
سورة فصلت. تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ ۚ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ ۚ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ) [فصلت : 47]

ثم قال : ( إليه يرد علم الساعة ) أي : لا يعلم ذلك أحد سواه ، كما قال - صلى الله عليه وسلم - وهو سيد البشر لجبريل وهو من سادات الملائكة - حين سأله عن الساعة ، فقال :
" ما المسئول عنها بأعلم من السائل ".
وكما قال تعالى : ( إلى ربك منتهاها ) [ النازعات : 44 ].
وقال ( لا يجليها لوقتها إلا هو ) [ الأعراف : 187 ] .

وقوله : ( وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ) أي : الجميع بعلمه ، لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء . وقد قال تعالى :
( وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ) [ الأنعام : 59 ].
وقال جلت عظمته : ( يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار ) [ الرعد : 8 ].
وقال ( وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير ) [ فاطر : 11 ] .

وقوله : ( ويوم يناديهم أين شركائي ) أي : يوم القيامة ينادي الله المشركين على رءوس الخلائق : أين شركائي الذين عبدتموهم معي ؟
( قالوا آذناك ) أي : أعلمناك.
( ما منا من شهيد ) أي : ليس أحد منا اليوم يشهد أن معك شريكا ،
 

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,532
مستوى التفاعل
10,724
سورة فصلت. تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَدْعُونَ مِن قَبْلُ ۖ وَظَنُّوا مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ) [فصلت : 48]

( وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل ) أي : ذهبوا فلم ينفعوهم.
( وظنوا ما لهم من محيص ) أي : وظن المشركون يوم القيامة ، وهذا بمعنى اليقين.
( ما لهم من محيص ) أي : لا محيد لهم عن عذاب الله ، كقوله تعالى :
( ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا ) [ الكهف : 53 ] .

( لَّا يَسْأَمُ الْإِنسَانُ مِن دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ) [فصلت : 49]

يقول تعالى لا يمل الإنسان من دعاء ربه بالخير وهو المال وصحة الجسم وغير ذلك وإن مسه الشر وهو البلاء أو الفقر "فيئوس قنوط" أي يقع في ذهنه أنه لا يتهيأ له بعد هذا خير.
 

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,532
مستوى التفاعل
10,724
سورة فصلت. تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَٰذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ ۚ فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ) [فصلت : 50]
( ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي ) أي : إذا أصابه خير ورزق بعد ما كان في شدة ليقولن : هذا لي ، إني كنت أستحقه عند ربي.
( وما أظن الساعة قائمة ) أي : يكفر بقيام الساعة ، أي : لأجل أنه خول نعمة يفخر ، ويبطر ، ويكفر ، كما قال تعالى :
( كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى ) [ العلق : 6 ، 7 ] .

( ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى ) أي : ولئن كان ثم معاد فليحسنن إلي ربي ، كما أحسن إلي في هذه الدار ، يتمنى على الله ، عز وجل ، مع إساءته العمل وعدم اليقين . قال تعالى :
( فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ ) يتهدد تعالى من كان هذا عمله واعتقاده بالعقاب والنكال .

( وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ) [فصلت : 51]
ثم قال : ( وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه ) أي : أعرض عن الطاعة ، واستكبر عن الانقياد لأوامر الله ، عز وجل ، كقوله تعالى :
( فتولى بركنه ) [ الذاريات : 39 ] .

( وإذا مسه الشر ) أي : الشدة.
( فذو دعاء عريض ) أي : يطيل المسألة في الشيء الواحد فالكلام العريض : ما طال لفظه وقل معناه ، والوجيز : عكسه ، وهو : ما قل ودل . وقد قال تعالى :
( وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه ) [ يونس : 12 ] .
 

جاروط

☄️شهاب الغابة..مشرف القسم الاسلامي
الاشراف
إنضم
6 يناير 2022
المشاركات
22,532
مستوى التفاعل
10,724
سورة فصلت. تفسير ابن كثير
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُم بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ) [فصلت : 52]

يقول تعالى : قل يا محمد لهؤلاء المشركين المكذبين بالقرآن : ( أرأيتم إن كان ) هذا القرآن
( من عند الله ثم كفرتم به ) أي : كيف ترون حالكم عند الذي أنزله على رسوله ؟
ولهذا قال : ( من أضل ممن هو في شقاق بعيد ) ؟ أي : في كفر وعناد ومشاقة للحق ، ومسلك بعيد من الهدى .
 

sitemap      sitemap

أعلى